" إذًا أنت تظنين ؟ " قال جاك بتردد فأومأت له بيلا بهدوء ثم أردفت قائلة " أظن أي لست متأكدة ، و لن أتأكد إلا إذا عُدت لذلك العالم ، سأنام الآن و أنتِ إبقى هنا حسنا ؟ " ابتسم جاك بهدوء يحاول طمأنتها ثم قال لها بينما يجلس بجوارها على السَّرير و يحكم إمساك يدها " لا تقلقي سأبقى أنتِ فقط نامي " أومأت له بخفوت ثم أغلقت عينيها مستسلمة لا للنعاس بل للتعب الذي أحاط بها من كل جانب ...
*** *** *** ***
فتحت عينها ببطء فوجدت نفسها قد عادت مرَّة أُخرى لذلك المكان المظلم ذو الجو المخيف و تحديداً تقفُ أمام تلك الزنزانة التي تحوي بداخلها الرجل ذي الضمادات التالفة , لكنه كان هادئاً بشكل غريب , لم يطلب منها المساعدة هذه المرَّة ، إقتربت من الزِّنزانة و اختلست النَّظر للداخل من القضبان الحديدية و التوتر عشعش بداخلها حالوت أن تناديه علَّهُ يُجيب لكنها خرست تماماً عندما شاهدت الدَّماء التي غلفت الضِّمادات و ارتعش جسدها . لقد مات ذلك الرَّجُل لهذا هو لا يُجيب , هل سيكون مصيرها مثله ؟!
نظرت حولها علَّها تجد شيء غير الصناديق الفارغه لكن لم تستطع ذلك ، تنهَّد بخفوت تطردُ الجزع الذي استحوذ عليها فهو لن يفيدها بشيء عليها أن تهدأ , رفعت نظرها للسقف و بدأت تنظر إليه بتمعن علَّها تجد ضالتها شيء قد يُساعدها على الخروج من هذه الدَّوامة المفرغة ، فاستطعت أن تلمح فتحة دائرية كبيرة الحجم في السقف يتسلل منها ضوء القمر ليهزم القليل من ظلام الغرفة ، لكنها بعيدة للغاية و مستحيل عليها أن تصل إليها , أكملت المشي و نظرُها ما يزالُ مسلط للأعلى ، فلمحت شيء غريب جعل شعلة أمل توقدُ بداخلها ، يبدو كفتحة تهوية , و هو أقل إرتفاعاً من الفتحة الكبيرة ، لو إستطعت الوصول إليه فقط !
عمَّت لحظات من الصمت تفكِّرُ فيها و توزع أنظارها بأنحاء الغرفة عن طريقة تستطيع من خلالها الوصول إلى الفتحة ، نظرت لتلك الصناديق التي تملؤ الغرفة فلمعت فجأة فكرة ببالها , اتجهت إلى أحد الصناديق , تنهدت بخفة ثم أنزلت مستواها للأرض و قامت بدفع الصندوق الثقيل إلى أن أوصلته لأسفل الفتحة ثم سريعاً بدأت في حمل الصناديق و الدلاء البقية و كدستها على شكل كومة ، انتهيت من صف الصناديق بعد عذاب طويل و بدأت تصعد عليها واحدة تلو الأخرى بحذر فالصناديق تهتز و تهدد بالإنهيار في أيَّةِ لحظة , بسرعة قفزت و تشبثت بطرف الفتحة فسمعت صوت من أسفلها , صوت ارتطام الصناديق الخشبية بالأرض ، يبدو أن الكومة إنهارت , إختلست نظرة سريعة إلى الأسفل فوجدت أن الكومة بالفعل إنهارت
و يا إلهي كم سيكون مؤلماً إن سقطت من هذا الإرتفاع !تعلقت بطرف الفتحة بإحكام ثم جذبت نصفها السُّفلي للأعلى بصعوبة مستعينة بكل قوة بقيت جسدها، و فجأة دبَّ الألم بذراعها المصابة و شقَّ جرحٌ نفسه بذراعها التي كانت سليمة , لم تكن تستطيع الوقوف بسبب ضيق المكان و بيوت العناكب و الفئران التي ملأت الممر الضيق وكأي شخص كان من المفترض عليها أن تشعُر بالتَّقزُّز و الإنزعاج , لكنها قد إعتادت على هذه المناظر فوالدها المحترم كان يزجُّها دائماً بقبو القصر المظلم القذر لأيام طويلة لم تكن تذوق فيهم لقمة طعام أو شُربة ماء...تنهدت بألم و استلقيت على بطنها لضيق المكان و بدأت تسحب نفسها بينما تحاول التغاضي عن شعورها بالألم جراء إحتكاك النتوءات التي تملأ الأرض بيديها و شعور الأتربة التي علقت بوجهها وجسدها بسبب العرق الذي يملؤها لحرارة الجو التي زادت فجأة
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...