تقف أمام كتاب وصفات الأعشاب الطبية و الملك يتكئ على الحائط يراقبها بكثب , يراقب كل حركة بسيطة تصدر منها " ألم تجدي شيء ؟ " سألها الملك ببرود لتجيبهُ بيلا بعد أن تنهَّدت بقلة صبر " مولاي طلبك ليس سهلاً أبداً , تريد سما يقتل الشخص بمجرد أن يدخل جوفه و هذا ليس بالأمر البسيط " أومأ الملك متفهماً ثم قال لها " لكن عندما سألتُ المستشارين قال جاك أن بيلا تستطيع صنعه بسرعة "
أغلقت بيلا عينيها تلعن جاك بداخلها ألف مرة , أكان عليه الحديث , ألم يمكنه أن يصمت فقط ؟!
" أجل مولاي أستطيع صنعه و لكن علي أن أجد الوصفة أولاً " تقلِّب بين صفحات ذلك الكتاب التي اختزنت فيه كل خبرتها بالأعشاب تبحث عن طلب الملك إلى أن وجدته , اقتربت من درج الأعشاب و منطقة عملها و أخرجت ثلاث أنواع من الأعشاب من أعلى الرَّف , سكبت القليل منهم في وعاء ثم أحضرت المدقة و خلطتهم معاً تهرسهم إلى أن تحولوا إلى سائل أخضر اللون مائل للبني , كل هذا تحت أنظار الملك , كانت هذه واحدة من الفرص لبيلا التي عليها استغلالها للتأكد من صحة أفكارها و استنتاجها عن تلك المرأة المدعوة بليليان , لكن كيف ؟! , فكرت و فكرت بينما تختلس نظرات متفحصة لتراقب الملك الذي يراقبها بدوره و هي تدَّعي العمل بتركيز , لمعت في بالها فكرة جعلت إبتسامة صغيرة ترسم على شفتيها و فجأة بينما هي تخلط الأعشاب معاً بدأت تدندن بلحن الأغنية التي كانت تعزفها ليليان على البيانو في حلمها السابق , أغنية غريبة لم تسمع مثالً قبلاً , فورما بدأت الدندنة إستقام الملك بوقفته و نظر إليها بتفاجؤ !
" كيف تعرفين هذه الأغنية ؟ " سألها الملك و التوتر واضح بمعالم وجهه فنظرت بيلا إليه ببرود بينما تجيبه ببساطة قائلة " أتصدق , لا أذكر فعلاً أين , لكن لماذا ؟ " سألته فنظر إليها بحدة لثواني إلا أنه إستطرد سريعاً و هو يقنع عقله أن ما حصل صدفة , أما بيلا فتأكد كل شكوكها , هناك بالفعل أمر مخفي عنها , تلك الأحلام حقيقية , و تلك المرأة بالتأكيد لها علاقة بالملك !
كتمت تنهيدة أرادت الهروب و أكملت عملها تحت أنظار الملك الغريبة , كانت حذرة للغاية بكل خطوة تفعلها , تارة عينيها على الوعاء الذي تمزج فيه المكونات و تارة على كتاب الوصفات المفتوح أمامها الذي دوَّنت به كل خبراتها , كان الأمر شاقاً متعباً , لم يكن صنع سم قوي كهذا سهلاً بل صعباً للغاية أخذ منها مجهودا كبيراً و حذر شديد فبأي غلطة بسيطة قد يفسُدُ كل شيء , بعد مرور وقت ليس بالطويل كانت بيلا بحذر تضيف اللَّمسة الأخيرة , رشَّة من مسحوق أسود حول لون السائل من أخضر إلى أحمر قاتم , بحذر شديد سكبت السائل الذي تكون في زجاجة صغيرة أعطاها إيَّاها الملك و أغلقتها بإحكام و بهذا تكون قد إنتهت " إنتهيت " قالت للملك بعد أن إبتعدت عن الطَّاولة و تنهَّدت براحة , نهض الملك من على الكرسي الذي كان جالساً عليه و اقترب منها ليتناول الزجاجة من بين يديها ينظر للسائل الأحمر بتركيز بينما يسألها رافعاً حاجبه بنوع من عدم الإقتناع " وكيف أعلم أنه سينجح ؟ "
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...