على عكس الهدوء الذي كسى جسد بيلا الذي بدوره إستقر ساكناً على السرير , كانت روحها بالمقابل تعاني من التعب و الإرهاق من طول المسافة التي مشتها في الغابة ذات الأشجار الطويلة الفارعة و الأغصان المتشابكة إضافة إلى الأرض الموحلة التي صعَّبت عليها المسير , فقررت أن تستريح قليلا لتلتقط أنفاسها , جلست على الأرض الرَّطبة من المطر الذي كان يهطل قبلاً و أسندت رأسها و ظهرها بجذع الشجرة خلفها بينما تفكر بعمق بما يحصل حولها , من الواضح أنها بعالم جديد مختلف , و لم يكن من الصعب عليها أن تحزر أن هذا العالم يتعلق بتلك الغابة التي تقع بالقرب من القصر الملكي , تلك الغابة التي كانت تذهب إليها منذ أن كانت طفلة مع العم إريوس و جاك و دايمن , حتى زين أخذته إليها ...
لكن كل هذا عنى لها أمر واحداً , أنها قد لا ترى إبنيها سيث و آيدن مرة أخرى , حتى دايمن , فقط التفكير بالأمر تشعر بقلبها ينقبض و بالحزن يولج عميقاً بها , و على الرغم من كل هذا نهضت من مكانها مُرغمةً نفسها على حبس دموعها و المضي قدماً , فجلوسها لن يقدم أو يؤخر شيئاً , و بينما هي تمشي نظرت إلى يدها اليمنى التي أصيبت بفعل الضباب ذو الحرارة العالية و إنكمشت معالم وجهها بألم عندما شعرت بوخز فيها , إلا أنها حاولت تجاهل الأمر و قطعت جزءً من ثوبها القصير ثم لفته حول الجرح بقوة و أكملت مسيرها في الغابة التي كانت هادئة بطريقة مريبة على غير العادة لا صوت زقزقة عصافير و لا يوجد أثر لأي نوع من الحشرات , كان السكون هو ما يعم الأجواء لكن فجأة تناءى لها صوت غناء غريب ,صوت بدا مألوفاً بالنسبة إليها !
لم يكن هناك وقت لتجيب على التساؤلات التي إقتحمت عقلها لأن قدماها سارعتا بالانطلاق و الجري نحو مصدر الصوت متجنبة بصعوبة كل أغصان الأشجار و الجذور و الوحل الذي كان في طريقها إلى أن وصلت إليه, توقفت تلتقط أنفاسها بصعوبة , تنظم ضربات قلبها الذي كان يخفق بقوة و بسرعة بينما تنظر إلى البقعة المفتوحة الخالية من الأشجار , بل كانت فقط عبارة عن مرج واسع مفروش بعشب أخضر , و لأول مرة في هذا العالم إستطاعت بيلا أن ترى السماء المتلبدة بالغيوم الرمادية التي تحجب ضوء الشمس بكل وضوح , و استطاعت أيضاً أن تلمح فتاة ذات شعر أشقر طويل تغني و تدور حول نفسها , بدت طفلة صغيرة ربما في عمر العاشرة من العمر , إقتربت بيلا من تلك الفتاة بخطوات مرتعشة , تتذكر أنها رأتها قبلاً في الغابة كانت تغني نفس الأغنية و تدور حول نفسها , تذكر أيضا أنها توقفت عن الدوران و جرت نحوها سريعاً ثم اختفت تاركةً خلفها زجاجة في داخلها سائل أسود , لكنها لم تجري نحوها هذه المرة بل عندما وقعت عيناها الخضراوان الواسعتان على بيلا توقفت عن الدوران حول نفسها و الغناء وجلست على الأرض الرطبة ببطء فتوسع ثوبها الأبيض الحريري حولها , إبتسمت بخفوت و أشارت لبيلا بيدها بأن تقترب منها ففعلت بيلا و اقتربت منها بخطوات بطيئة متوترة فلا خيار آخر لديها , قد تعرف هذه الفتاة شيئاً ما يساعدها على الخروج من هذا العالم , على الرغم من الخوف الذي شعرت به من نظرات تلك الفتاة و ابتسامتها اللطيفة التي بدت مريبة بالنسبة إليها جلست أمام الفتاة الصغيرة التي تبدو بعمر العاشرة تقريباً فقالت لها الصغيرة بحماس طفولي بينما تعرف عن نفسها " مرحبا إيزابيلا أنا سالي " نظرت بيلا بتفاجؤ إلى الطِّفلة و سألتها باستغراب " كيف تعرفين إسمي ؟ "
أنت تقرأ
نورسين
Tiểu thuyết Lịch sử( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...