سمعت صوتاً تكره و تحقد على صاحبه بشدة صادر من خلفها , ألا تستطيع البقاء وحيدة لترتاح فقط لثواني ؟! , تنهدت بهدوء لتستطيع جعل صوتها يخرج واثقاً و إرتدت قناع البرود ثم إلتفتت لترى ملامح الملك الباردة التي تفنن برسمها على وجهه كالعادة , برود جعل الحقد و الكره الذي في قلبها يزداد و يصب كالحطب على نيران قلبها ليزيد إشعالها " لم تجيبي على سؤالي إيزابيلا "
قال الملك ببرود , فدججته بيلا بنظرات حاقدة حادَّة و قالت له ببرود مشابه " ما أفعله لا دخل لك به مولاي " إبتسم الملك بهدوء و عقد يديه خلف ظهره بينما يقول لها " أصبحت وقحة للغاية إيزابيلا "
" تربيتك مولاي " أجابته بيلا بسخرية , و مع هذا كل كلمة قالتها كانت حقيقة , فهو رباها على كرهه و الخوف منه , نظر الملك إليها بهدوء و قال " جيد "
سيطر الهدوء على الأجواء للحظات إلا أن بيلا كان باستطاعتها أن تقرأ ملامح وجه الملك , فبدى لها أنه راغب بقول شيء ما إلا أنه متردد , يا ترى ما هو هذا الشيء الذي يدع الملك كارلوس العظيم متردداً !؟ , حسنا هذا السؤال لم يبق في بال بيلا طويلاً لأن الملك شمخ برأسه عالياً و سألها بشك " هل حقاً شاهدتي والدتك في رؤيا ؟ "
تنهدت بيلا و أشاحت بوجهها بعيداً عنه غير راغبة بالنظر إلى عينيه التي تمقت أنها ورثت لونهما منه و أجابته قائلة " أجل فعلت , و لا يوجد لدي أي سبب لأكذب في موضوع كهذا "
أومأ الملك متفهماً ثم صمت قليلاً يفكر بأمر ما , لكنه لم يستمر لوقت طويل , أشار الملك إلى إحدى الكراسي التي تقع في الحديقة و قال لها " أعلم أنك لا تطيقينني و تكرهينني بشدة لكن مع هذا أظن أن علينا الحديث قليلاً بما أنه بإمكاننا هذا الآن " فكرت بيلا بالأمر قليلاً , هل عليها أن تبقى مع الملك و تستمع للكلام الذي سيقوله أم تفعل مثلما فعلت في وقت سابق تبث على مسامعه بعض الكلام اللاذع ثم تغادر ؟ , بقيت متصنمة في مكانها تفكر و بعد فترة ليس بالطويلة تنهدت بخفوت و بدا على ملامحها التردد و هي تقرر أن تعطي لكلام الملك فرصة , فربما تكتشف إجابة إحدى أسئلتها التي تكدِّر صفوةَ مزاجها , اقتربت من الكرسي الخشبي و جلست بجانبه و لكنها حافظت على مسافة كبيرة بينهما و سألته ببرود
" ما الذي لديك لتقوله ؟ " ربع الملك يديه و إتَّكأ بظهره على المِقعد ثم قال لها بهدوء بينما يوزِّع نظره على منظر الطبيعة الهادئة حوله "هل رأيت وجهها أو تحدثت معها ؟ "
" تقصد أمي ؟ " سألت بيلا بغباء و استخفاف متعمد محاولة حرق أعصاب الملك و جعل مزاجه يتعكر , فهي تعلم كم يكره أن يجيب أحد على سؤاله بسؤال أخر , و بالفعل قال لها الملك بجدية بينما يحاول ضبط أعصابه و السيطرة على غضبه " إيزابيلا أنا أتحدث معك بجدية لهذا إذا كنت فعلاً رأيتها أجيبيني على أسئلتي لأتأكد "
" و أنا لست مرغمة على التأكيد لك , فأنا لست بحاجة إليك , كما تدبرت أمري سابقاً بدونك سأفعل الآن و سأجد الحقيقة التي تخفيها أنت و زوجتك عني " قالت له بيلا بحدة ليقول الملك ببرود " عن أي حقيقة تتحدثين , لقد أخبرناك الحقيقة " تنهد الملك بخفة يحاول السيطرة على أعصابه ثم أردف قائلاً لبيلا في محاولة يائسة منه ليقنعها بكلامه ، فهو يعلم جيدا أنها لا تشبهه فقط في الشكل بل في الشخصية أيضا و خاصة في العناد
أنت تقرأ
نورسين
Historical Fiction( منتهية ) كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدو...