44. من تضحيةٍ .. إلى أخرى ..

178K 8.1K 16K
                                    


كنت أسبقه بمسافة صغيرة عندما عدنا أدراجنا وفي كل مرة كنت التفت فيها نحوه أجده يلقي علي نظرة متوعدة فأسرع في خطاي أكثر ..

وصلت أخيراً حيث الأكواخ فشعرت بالراحة ، جيد .. لن يتمكن من فعل أي شيء الآن ..

هذا ما كان يشغل تفكيري عندما لمحت بطرف عيني أوليفيا التي تجلس على أحد الكراسي الموجودة أمام كوخ عائلتها ، لم تكن برفقة أي شخص وبدت شاردة الذهن لم تنتبه لوجودي ..

عندما اقتربت خُطى كريس بدت وكأنها أفاقت من أفكارها ونظرت نحونا ، بصراحة قررت تجاهل أمرها فلا طاقة لي لأحتمل ما ستقوله أو ما تخطط لفعله الآن لتستفزني ، التفتُ قليلاً و القيتُ نظرة على كريس و الذي كان قد انتبه لها ثم عاود ينظر إلي ..

سمعتها تنادي بإسمه وفي صوتها شيء من التردد ، وقفت مبتعدة عن الكرسي خطوة واحدة .. في الوقت الذي أدارني كريس نحوه وقبلني على غفلة مني يقربني إليه بقوة !!

ارتجفت يداي بشدة مفكرة بدهشة عن فعلة هذا المجنون فجأة أمامها ، وعن تجاهله لرغبتي تلك !!

ما الذي ..

كيف يكون عنيداً هكذا !! ثم .. ثم أوليفيا تحدق إلينا !

ما الذي يفكر به ؟ هل أبعده عني ؟ ولكن .. قد تشعر هي بالسعادة لرؤيتي أدفعه بعيداً عني ومن يعلم ربما تستغل الأمر لصالحها ! يا الهي .. ماذا أفعل ؟ كيف يجرؤ على إيقاعي بهذه الطريقة ؟ كيف يضعني تحت هذا الضغط ! لماذا هو بارع في استغلال كل شيء لصالحه دائماً ؟

ظننت بأنني سأحافظ على خطتي حتى أجبره على الإستسلام ليعترف ! ولكنه أفسد كل شيء .. إنه يصنع مني فتاة كل ما تجيده هو البَرقلة هنا وهناك ، فتاة تهدد وتتحدث ثم وكأن شيئاً لم يكن !

كنت مشتتة وفي الوقت آنه واثقة بطريقة ما بأن أوليفيا ستقترب نحونا لتحيل بيننا ولكن ما حدث هو ابتعاده عني ببطء لينظر إلي عن كثب ، بادلته النظرات بتوعد محاولة الحفاظ على رباطة جأشي وقد ارتفعت يدي اسندها على ذراعه ، هذا ما كان يحدث أمام أوليفيا ولكن ما أفعله في الخفاء هو الضغط على ذراعه بأظافري بقوة مفرغة نسبة ضئيلة من شعوري بالغضب ، في حين كان هادئاً جدا حتى رسم ابتسامة صغيرة ..

بل أنني رأيت أمارات من اللطف الذي جعل غضبي ينطفئ بكل سهولة ، إنه يبتسم لي ابتسامة .. جعلت ملامحي ترتخي بسرعة فيوجد وبوضوح إنعكاس مفاجئ من اللطف على محياه بل وتشجيع صريح وهو يقول بصوت خافت : هذا يكفي .. دعينا نكون واضحان أمامها ، لنبعدها عن مساحتنا الخاصة لأنني لن أطيق تدخلها أكثر ..

اتسعت عيناي اللتان تسمرتا عليه بعدم استيعاب للحظة قبل أن أخفض ناظري قليلاً هامسة : ولكنك .. تجاهلت رغبتي في ..

قاطعني متأففا بتذمر : دعي هذا الأمر جانباً مؤقتاً ..

أضاف وقد بدأت ابتسامته تحمل شيئاً من الضجر : الأمر لا شأن له بمحاولتي الإنتصار عليكِ وما شابه ، ولكن لنعترف لبعضنا على الأقل أن لا أحد منا يريد للآخر أن يبتعد عنه أو يتجنبه .. حسناً ؟ على الأقل كلانا يشعر بشيء لا يوصف عندما نقبل بعضنا يا شارلوت .. لماذا إذاً تحاولين تعقيد الأمر ! ثم انظري إلى الأمر من جانب آخر .. ملمع الشفاه خاصتك لم يذهب سُدى ..

عذراً لكبريائي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن