في بعض الأحيان يمكن أن تضيع وأنت في مكانك جالس لا تتحرك, ليس شرطا أن تترك مكانك الذي تشغله حتي تجد نفسك ضائع.
في بالك و فكرك يمكن أن تضيع, ليس صعبا!.
وهو الذي حدث معي في هذا اليوم.قالوا لي أني صغيرة في السن متناسين أن العمر ليس مقياس لتحديد الشخص, وليس معيارا أساسيا حتي تحكـــم على الناس من خلاله. في بالي لم أكن أفكـــر في هذا الموضوع الذي أصبح إرتكاز تفكيري مؤخرا!, لم أكن أعتقد أنني سوف أتغير كثيرا حتى أصبحت أشبههم. لم أعد أميز نفسي عندما أرى إنعكاسي في المرايا, و كأني أرى شخص أخر, شخص أصبح أهم تفكيره ومشاغله أن يرضيهم, لماذا؟
حتى تسرد قصة مشوقة يجب عليك أن تبداء بالنهاية وتذكر أجزاء متفرقة من المنتصف ثم تنتهي بالكشف عن الحدث الذي يربط نهايتك ببدايتك, وحبذاء لو كان هذا "الحدث" قنبلة!, صحيح؟.
كانت هذه هي المرة الأخيرة بالنسبة إلي, تخاصمت مع والدتي عنها لأني لم أعد أتحمل خيبة الأمل التي تصيبني في كل مرة. كنت أشعر وكأن جزء مني يتلاشىء في كل مرة أتعرض فيها للرفض. ولكن السبب الوحـــيد الذي يجعلني أشعر بالإشمئزاز من نفسي لم يكن رفضهم لي علي العكس, كانت الخيبة في عيون والدتي هي ما يجعلني أضعف. كنت أكره بشدة أن أتزين وأتطيب وأضع تلك الحمرة و أزين شعري البني اللون, الذي كرهت أمي فكرة تغييري له عندما كان أسود.
كنت أكره ذاك الشعور الذي يجعلني أشعر وكأنني فرس تتبختر في مزاد علني أمام البائعين حتي تحصل على أعلى سعر شراء. أكره ذلك الشعور بشدة ولكن ماذا علي أن أفعل فكما قالت أمي " هذا نصف دينك يا إبنتي!"
لم أكن من هذا النوع, لم أكن أشبههم عندما كنت أصغر في السن. أحلامي بأن أصبح شيء من لا شيء كانت تغزوا مخيلتي كل ثانية من يومي, ولكن العيش في مجتمعنا كان يقتلني. شعرت بنفسي مثل الحمامة الحبيسة في قفصها الذهبي, تختنق قليلا كل يوم ولا يفارقها ذاك الأمل بأن سجانها سوف يفرج عن أسرها في أي لحظة.
ولكن هل سوف أتحرر؟في هذه الفرصة الأخيرة قد عزمت قراري, إذا لم يكن مكتوب في قدري بأن أصبح ما تريد أمي بأن أصبح لن أنتظر. سوف أسرق مفتاح قفصي بنفسي وأحرر نفسي لأن الحياة تكاد تفارقني وأنا لم أرى منها شيئا بعد.
صبري بداء ينفد.
كان هذا العريس الذي كرهته قبل أن أعرف من هو أصلا, أتي من جهة خالي كانت أمه إحدى المرضى الذين كان خالي يعالجهم. عندما حدثتني أمي عن الموضوع ضحكت وفي نفس الوقت شعرت بهم كبير, لم أكن أظن أني أصبحت ثقلا حتى علي باقي عائلتي. ألا يفهمون أن الموضوع قسمة ونصيب وأنا نصيبي يمكن أن يكون أفضل عندما أحقق طموحي؟ ثم لا أريد أن ينتهي بي المطاف بأن أتحول إلي إحدى الفتيات اللواتي ينسون أنفسهم حتي يصبحون كمثل الشبح بدون روح. لا أريد أن أتعذب في سجن أكبر وأصعب من السجن الذي أنا فيه بالفعل!.
ولكن هذه المرة قررت الإستسلام لرغبة والدتي كل ما يهمني إرضائها في المقام الأول.
الشيء الوحيد الذي لن يعرفه أحد هو في اليوم الذي يسبق يوم عرضي هو لحظة ضعفي التي لن أجعلها تتكرر مرة أخرى. كان الجميع نيام وكنت لوحدي المستيقظة أفكر ماذا لو إنتهي الأمر بخيبة كبرى؟ هل سوف أستطيع أن أتجاوز نظرة مجتمعنا المتخلف لي؟
وفي تلك اللحظة إستغل عقلي ضعفي حتى يهاجمني بكل خيباتي, كان مثل فيلم الرعب الذي يعرض في مخيلتي ولم أستطع إطفائه ومن كثرة قوة الموقف بكيت.كرهت نفسي وشتمتها ولعنتها!
لقد تحولت وأصبحت الشيء الذي أكرهه, أصبحت مثلهم. أصبحت كمثل كل فتاة حلمها "عريس لقطة, بيت ولبس وغيره!" أصبحت شخص تافه وسطحي.لقد ضغطتني أمي حتي تحولت مثلهم, مثل بنات خالتي وعماتي وباقيهم... كرهت نفسي.
ويوم العرض قد حان وإنضمت جدتي وإحدى خالاتي للمتفرجين على الكراسي مع المزايدين. تبخترت كما طلبت والدتي وتزيفت الإبتسامة والضحك حتي ألمتني خدودي وأصبحت أتمنى أن ينتهي هذا اليوم حتى أنام وأنساه, ولكن ليس كل مانتمناه يحصل فحتى بعد رحيلهم إستمر الجميع بالحديث عنهم حتى والدي إنضم لهم. الشخص الوحيد الذي كنت أتأمله محرري أصبح مثلهم. في تلك اللحظة تماما عرفت أنني قد خسرت معركتي....
تشوقت حتى أدخل على مواقع التواصل الإجتماعي التي أصبحت مهربي حتي أعبر عن نفسي وأتلقى المديح الذي أستحقه من الغرباء. ومن أحد معجبي بالتحديد. ذاك المعجب الذي أستمد منه القوى في كل يوم....هو أيضا قد أضعفني في تلك الليلة. وكأن العالم قد إجتمع ضدي لإحباطي وأنا كنت أستسلم له فعندما تدخل على معركة تعرف فيها بخسارتك الحتمية إذا إستسلم!.
******نهاية الجزء الأول*******
أنت تقرأ
يتفكرو
Romantizmإذ كان لك في القلب ذاكرة , سوف تجد لقياها هنا. إذا كان لك وجود في اللامكان, ذلك البعد اللامتناهي بين قلب يدق وعقل ينادي إذا فمكانك هنا. روائع ما يقال و يذكر بين القلب والعقل, الحديث المحتقن بين مشاعرك و ضميرك.... مكان ذلك الحديث هنا, بين صفحات كتابي...