أفهم الأن لماذا يعشق الناس الإنضمام إلي مواقع التواصل الإجتماعي تحت أسامي وهمية...ليس خوفا من أن يتم التشهير بهم أو الترصد بهم أيضا...علي العكس تماما!.لماذا يعشق الناس وضع صور ليست بصورهم تحت أسماء ليست بأسمائهم, مع أنهم يقومون بإضافة معارفهم في الحياة الواقعية!..
هل تريد أن تعرف السبب الخفي وراء هذه الظاهرة في الأونة الأخيرة؟...
طبعا هنا سوف أتكلم عن الذين لم يستعملوا تلك الحسابات الوهمية لأغراض شريرة....ركزوا معي...
السبب بسيط جدا....لأننا نعشق تلك المحادثات مع الغرباء!...
نعم...
تلك المحادثات التي نفضي فيها بجميع أسرارنا...نتكلم عن مشاكلنا بكل حرية وبدون قيود, لأننا نعرف أن الشخص الأخر الذي يتحدث معنا الموجود على الجانب الأخر من شاشة الهاتف لن يحكم علينا بسهولة...يمكن بسبب تعاطفه لنا...تفهمه,,,أو لأنه يمر بنفس الوضع الذي نمر نحن به...
طبيعة البشر ليست دائما خبيثة, فامن بين كل عشرة أشخاص تجد ثلاتة منهم من يمتلكون القلوب البسيطة الغير قادرة على الكره, الحقد والحسد لأنهم في موضع لا يسمح لهم بذلك...تحكمهم عاطفتهم ونواياهم الحسنة....
هؤلاء هم الغرباء الذين نعشق التحدث معهم بدون قيود...
في ظل محادثة واحدة قد تجد من يواسيك, ولو بالكلمة الطيبة... التفهم العميق الذي نبحت عنه لا يمكن أن تجده لذى أصدقائك أو أهلك بل سوف تجذه لذى الغريب....
********
أجلس أمام الحاسب المحمول, أجلس في وحدتي أنتظر أي حدث قد يحصل من شأنه أن يغير من مأسات الوحدة والملل الذي أمر بها هذه الأيام...أنتظر وأنتظر حتى رأيت رسالتك..كنت من بين قائمة أصدقائي ولكن لم يسبق لنا الحديث مع بعضنا من قبل. رسالتك كانت قصيرة وبسيطة. إسمك لم يكن يمت للواقع بصلة, لكن ذلك لم يمنعني من أن أرد عليك....وهكذا بدأنا....
"السلام عليكم"
"وعليكم السلام....كيف حالك؟"
"الحمد لله. وأنت؟"
"بخير...."
ساد ذاك الصمت المحرج الذي بوجوده تشعر بمرور الوقت ببطء...لم أعرف ماذا أسألك..."ما إسمك؟" ظهر سؤالك علي شاشتي بعد أن قفدت الأمل بردك...ظننت أنها نهاية المحادثة عندما أخذت وقتا طويلا بالرد...
"سارة...وأنت؟"
"محمد....تشرفت بمعرفتك يا سارة"
"وأنا أيضا يا محمد"يا لها من محادثة مملة. قلصت نافذة المحادثة وإنشغلت بشيء أخر على الإنترنت حتى أتى ذاك السؤال الذي بدأ محادثة لن تنتهي أبدا...
"هل أنت سعيدة؟" يا له من سؤال غريب قد يسأله شخص لا تعرفه...لم أعرف كيف أجيب على هذا السؤل فإكتفيت بإرسال وجه ضاحك فقط..
بدأنا تلك المحادثة الطويلة في أخر ساعات الليل, لم أرد للوقت أن يتحرك...أردته أن يتوقف لأن أخيرا قد وجدت من يمكنه فهمي...لا تفهموني خطأ فأنا لم أعجب بمحمد على الصعيد الرومنسي ولكن أعجبت به كاشخص....متفهم...
لا أعرف حتى كيف يبدو شكله ولم أعبء بالسؤال حتى...لم يهمني شكله ولكن ما كان يهمني هو صراحته..لسبب ما أخبرته بكل شيء عنى وهو لم يتردد بالرد السريع على, الأمر الذي جعلني أشعر بالراحة...
تلك الليلة قد وجدت فيها شخصا من بين البشر, شخصا يتفهمني.. لم أريد أن أتبادل أي معلومات سواء برقم هواتف أو حتى تحديد موعد للقاء لأن ما أدى غرضه قد رحل...كانت أحد الفترات التي شعرت فيها بالراحة...شكـــرا لك يا محمد حيثما تكون...
شـــكـــرا...
*******
هذا هو التأثير الذي يخلفه....الأن هل فهمت السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة؟...لن أكذب عليكم....فذات مرة فعلت نفس الشيء....وأعجبت بهذا الشعور...
وأصبح ذاك الشخص من أقرب الناس إلي بعد مرور أعوام على أول محادثة بيننا....ولم نلتقي في أرض الواقع إطلاقا!!
أنت تقرأ
يتفكرو
Romanceإذ كان لك في القلب ذاكرة , سوف تجد لقياها هنا. إذا كان لك وجود في اللامكان, ذلك البعد اللامتناهي بين قلب يدق وعقل ينادي إذا فمكانك هنا. روائع ما يقال و يذكر بين القلب والعقل, الحديث المحتقن بين مشاعرك و ضميرك.... مكان ذلك الحديث هنا, بين صفحات كتابي...