كانت جميلة...
إلى حد أنني في كل مره أنظر إليها أتساءل أهي حقا بشرية أم سقطت من السماء؟....كنت لأصدق ذلك لولا أنني كنت في منزلها يوم ولادتها...أتراها كانت محض صدفة أم أنني كنت على موعد مع لادة من أحب.....
كنت ألعب الكرة مع أخيها حين ذلفت والدتها تحملها بين ذراعيها, لم يعبأ أخيها لذلك وإستمر باللعب في حين كنت أتحرق شوقا لرؤيتها....أذكر أنني سمحت له بالتغلب على حتى لا يطلب مني لعب مباراة ثانية. ركضت نحو الذاخل وعلي سرير جارتنا كانت ترقد حبيبتي...
وقفت أحملق في ملامحها الملائكية....حينها طلبت مني والدتها الإقتراب منها....مددت يدي لألامسها فأمسكت إصبعي بقبضتها الصغيرة...يالها من رضيعة شقية!!....
كانت تكره ألعاب الفتيات...في كل مرة يجتمع فيها صبيان الحي للعب أجدها تمسك بطرف قميصي...وحين أدنو منها تهمس لي "أريد اللعب معكم"..
فيصرخ بها أخوها وتبدأ بالنحيب...فأجدني أختلق الحجج وأعدّ الحيل حتى أقنع أخاها وباقي الصبيان بتركها تلعب معنا, تقف معي نحرس مرمانا...تقلد حركاتي, في كل مرة تركض الكرة نحونا تختبأ خلفي....أذكر أن الفوز حالفنا تلك المرة ولذة إنتصاري كانت بإبتسامة من ثغرها وثلاث كلمات زادت من نشوتي...."أنا أحبك كثيرا"
**********
كانت جميلة.....
إلي حد يجعلني أفشل في كل مرة أحاول فيها أن أشيح ببصري عنها...كانت تمتلك عيونا تجعلني أهرب...لا أناظر سواها وأستريح للقياهم.... كنت أكبرها بستة أعوام عند دخولها للثانوية...
كنت أساعد والدي في أعمال الورشة...ألمحها في الصباح تحمل حقيبتها وتشق طريقها نحو المدرسة...تلتقي نظراتنا فتبتسم لي وتلقي على التحية فتضيع مني الأحرف...أعجز عن النطق! وتهرب مني الكلمات... يتلعثم لساني في كل مرة أحاول أن أبادلها أطراف الحديث...
أجدني أقابلها برد بارد وأفر مبتعدا عنها...أبتعد بجسدي وأترك قلبي عندها!!..
يفصلنا جدار, شجرة برتقال مزروعة في حديقتهم تتسلل أغصانها وصولا إلى بيتنا...يتسلل صوت غنائها إلى غرفتي...وأحيانا صوت عراكها مع أخيها...لكن الأجمل من كل هذا هو تلك اللحظات التي تطرق فيها باب بيتنا طلبا في بعض السكر أو الزيت وما خلا ذلك...
إنني محظوظ!... يتسنى لي كي أحظى ببعض لحظات التأمل في وجهها الجميل....لن أنسى ذلك اليوم الذي قررت فيه عائلتها الإنتقال إلي بلدة أخري....كيف لي أن أبدأ صباحي بدون رؤيتها؟.... كيف لي أن لا أطرق باب بيتها متحججا بلقاء أخيها علها تفتح هي الباب وأسمع صوتها....كيف لي أن أحتمل غيابها وهي دائمة الحضور في فكري؟...
أنت تقرأ
يتفكرو
Romanceإذ كان لك في القلب ذاكرة , سوف تجد لقياها هنا. إذا كان لك وجود في اللامكان, ذلك البعد اللامتناهي بين قلب يدق وعقل ينادي إذا فمكانك هنا. روائع ما يقال و يذكر بين القلب والعقل, الحديث المحتقن بين مشاعرك و ضميرك.... مكان ذلك الحديث هنا, بين صفحات كتابي...