والآن أُقِرّ إقرار المذنب العاجز عن التوبة، نعم خنتُ زوجي، ما أقوم به ليس له أية تسمية أخرى، لم يلمسني رجل غيره، ولكن قلبي صار لغيره.
لأشهر خلتْ كنتُ أقنع نفسي دون هوادة أني لستُ بخائنة، لستُ بخائنة! لا أحد مسني أو حتى رآني، أنا فقط "أدردش" بين الحين والآخر مع هذا أو ذاك، عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر الفايبر والواتس أب، وأحيانًا قليلة عبر الاتصالات الهاتفية، ولستُ الوحيدة من تفعل ذلك، فتيات كثيرات غير متزوجات يفعلن ذات الشيء دون أدنى شعور بالذنب تجاه أُسرهم، ألأني متزوجة يعد الأمر خيانة؟ ما الفرق بين خيانة الزوج وخيانة الأب أو الأخ مثلا؟ هكذا بررتُ لنفسي التمادي في فعلتي.
ببساطة، لم أستطيع مقاومة سحر الصوت الذكوري، لا أقدر على مقاطعة أحدهم إذا ما بدأ يتغزل بصورة وهمية أرسلتها له، أو ذاب تحت وطأة دلالي الذي غالبًا ما أتصنعه رغبةً في سماع تنهيدة و آهة، فزوجي ما عاد يتأثر بعطوري وصوتي، ما عاد "راداره" يلتقط كلمات الغزل التي ألمح بها بين الحين والآخر، لجأتُ حتى للأسلوب المباشر، ولكنه يأبى أن يستوعب حاجتي للدلال والغزل فقط، لمسة او كلمة، لستُ بحاجة للمعاشرة فهي فعل بات اعتياديًّا مملا بالنسبة لي، أنا بحاجة لصوت يقطر عشقًا، لوردة عشوائية دون مناسبة، أنا بحاجة للرومانسية التي يدعي زوجي بأن المسلسلات التركية أفسدتْ عقلي بها، وبأنها مجرد تُرَّهات لا علاقة لها بالمنطق، ومن قال أن في العشق منطق؟ لماذا لا ينظر للصورة بالمقلوب؟ لماذا لا يدرك أني ما تابعتُ كثيرًا من المشاهد التي تقطر عشقًا إلا لافتقادي تحديدًا لهذا الشيء؟ حتى هدايا المناسبات بتُّ أشعر به يأتيني بها وكأنه يؤدي واجبًا، هدايا باردة، لا روح فيها.
كنتُ حائرة بين حقيقة أن يكون فعلي هو الخيانة بعينها، وبين إنكاري لهذا تحت قائمة من التبريرات، إن لم يكن خيانة لماذا أُصرُّ على إيجاد الأعذار إذًا؟ وهل للخيانة مبررات؟ أوه، أجل بالطبع، لو كان هو الخائن لاتَّهمني الجميع بالتقصير نحوه، الرجل الخائن دائمًا علامة عدم جودة الزوجة! لكن الزوجة الخائنة هي امرأة لا تستحق الحياة لأنها ترفس النعمة بقدميها!
من جديد أحاول تبرير ما أفعله، صوت بداخلي يخبرني بأن ما أقوم به هو خيانة زوجية، ثم يرد عليه صوت آخر أن: لا! ليست كذلك، فلا أحد من أولئك الذكور الذين عشقتُ أصواتهم وكلماتهم يعرف اسمي الحقيقي، ولا أحد منهم يعرف وجهي، وسُمعة زوجي لازالت طيبة الذكر.
المهم أني لم أجد ما يردعني عن تكرار فعلتي، الطريف أن بعض أولئك الذين أبادلهم أطراف الحديث متزوجون أيضًا، أحاول منهم فهم أسباب إعراضهم عن مغازلة زوجاتهم كما يفعلون معي -وهم يظنون بأني عزباء-، يقولون بأن زوجاتهم غير رومانسيات، أسألهم: وكيف ينبغي أن توضح لك أنها رومانسية؟ أو ماهي الرومانسية من وجهة نظرك؟ رغبةً مني فقط في معرفة الحلقة المفقودة بيني وبين زوجي، يا للسخرية، كل ما أرادوه من زوجاتهم قمت به، بل وبأكثر منه معه، ولكنه أبَى إلا أن يبقى محافظًا على جفافه، كجذع شجرة أكله النمل وكفتْ الأمطار عن رَيِّه، وأجد نفسي إثر مواقف كهذه لا أبحث فقط عن مبرراتهم لخيانة زوجاتهم معي؛ بل أبحث عما أبرر به لنفسي تلاعبي بهم!
ولكني مؤخرًا، وقعتُ في الكمين الذي عراني، فضح حقيقة ما أفعله، وصفعني بها، اكتشفتُ أني بالفعل خائنة؛ حدث ما حرصتُ على تجنبه؛ إذ أن أحدهم أخذ بلُبِّي، أسرني بجديته التي لا تخلو من الرقة، أحببتُ رصانته التي لم أفهم كيف سمحتْ له بالحديث مع امرأة غريبة من وراء زوجته، ألأني غريبة بالنسبة له وجد الأمر يستحق البوح؟ أتراها امرأته مقصرة في حقه حتى يلجأ لعلاقة وهمية مع امرأة غريبة؟ ها أنا أقع في فخ تبرير خيانته، فيمَا أقاضي نفسي كل ليلة، أجلد نفسي كل ليلة في صراع مع داء العشق الذي أصاب قلبي بسبب سهم حرام، أنوء تحت وطأة الشعور بالذنب، ثم استيقظ صباحًا وكأن شيئًا لم يكن، أقول في نفسي: فؤادي لغيره، ولكن جسدي بعد مازال ملكه، حتى وإن تمنيتُ أن يكون لغيره هو أيضًا، أفأُعتبر خائنة بالكامل؟ هل النوايا تكفي لمحاكمتي؟
وأتساءل: لو فعل هو مثلي، واكتفى بحب عبر لاسلكي التلفون أو الإنترنت، فهل سيعتبر نفسه خائنًا؟ هل سيجلد نفسه ليليا كما أفعل أنا؟ هل سيقدم نفسه للمحاكمة ويعترف -كما أعترف أنا الآن- بأنه جاحد لنعمته؟
ومرة أخرى، حتى وإن كانت خيانة الرجل مبررة سلفًا، قبل حتى أن يرتكبها، فهل هذا يبرر لي التأسي بالخونة منهم واعتبارهم حجة مناسبة للمضي في غيي، حتى وإن كانت خيانتي غير قابلة للتبرير أو للغفران؟
أنت تقرأ
يتفكرو
Romanceإذ كان لك في القلب ذاكرة , سوف تجد لقياها هنا. إذا كان لك وجود في اللامكان, ذلك البعد اللامتناهي بين قلب يدق وعقل ينادي إذا فمكانك هنا. روائع ما يقال و يذكر بين القلب والعقل, الحديث المحتقن بين مشاعرك و ضميرك.... مكان ذلك الحديث هنا, بين صفحات كتابي...