ان للإنسان عالمين:
عالم خارجي؛ وهو الذي يتواصل معه من خلال حواسه،
وعالم داخلي؛ وهو الذي يشعر به داخل جسده...
والإنسان في رحلته في الحياة يسعى لتحقيق الراحة في عالمه الداخلي، وهو قد يقوم بتحقيق هذا الهدف من خلال ماتنقله له حواسه مما يحدث حوله في العالم الخارجي، فالحواس هي السبيل الوحيد الذي من خلاله يتصل الإنسان بالعالم الخارجي... .
اذن، فإن الإنسان لايريد المال أو الجنس أو السلطة أو أي شئ خارجي من أجلهم بذاتهم، وانما هو يريد الأثر الذي تتركه هذه الأشياء على عالمه الداخلي،، فالإنسان يبحث في الحياة عما يحقق الراحة لعالمه الداخلي ويبتعد عما يحقق له الألم،
فمثلاً؛ هو لايخاف من فعل مايخجل من فعله؛ وانما هو يخاف من المشاعر المؤلمة التي سوف ستنتابه داخل جسده ان هو فعل ماهو يخجل من فعله... .
لما كان ذلك كذلك، فإن الأشياء التي تسبب غضب أو تعاسة أو خوف الإنسان في الخارج هي أشياء لاتسبب بذاتها الغضب أو التعاسة أو الخوف، وهي ليس لها أثر مباشر على سعادة الإنسان، وانما هي تسبب الأثر بشكل غير مباشر عبر التأثير على مشاعر الإنسان...
ولكن؛ ماذا لو تمكن الإنسان من منع هذه الأشياء من التأثير على مشاعره؟
هل سيبقى سعيداً على الرغم مما يحدث حوله في العالم الخارجي؟ نظرياً فإن اجابتي هي نعم، ولكن ان جئنا لتطبيق ذلك؛ فإن الأمر ليس من السهوله بمكان... .
تقول طبيبة النفس جون روسينبيرج، وهي التي استعرت منها مصطلح وفكرة الأمواج وأضفت عليه المزعجة، بأنه يجب أن نسمي كل مشاعر الألم التي قد نشعر بها بإسم "المشاعر غير المريحة"
، والتي تشمل الخوف والحزن والغضب والخ من المشاعر غير المريحة... هذه المشاعر هي التي قد تجعلنا نتجنب فعل مانخاف أن نفعله، فالذي يخشى من مواجهة الجمهور على سبيل المثال لايخشى من الجمهور وردة فعله، وانما يخشى من ردة فعل مشاعره على ردة فعل الجمهور... .
ان ردة فعل جسد الإنسان على مايحدث حوله في العالم الخارجي هي السبب في عافية الإنسان وارتياحه من عدمه، فالمواقف المحرجة أو المحزنة التي تحدث في العالم الخارجي حول الإنسان تضرب جسده مثل الأمواج، ولعل الموجة الأولى تكون قوية ومزعجة جداً والتي تحدث بعد اتصال الحدث بحواس الإنسان مباشرة،، وقد تستمر الموجات المزعجة تضرب جسد الإنسان كلما فكر بالموضوع ولكن بدرجة أقل الى أن تنحسر تماماً… .
ان التفكير بهذه الطريقة قد يشجع الإنسان على فعل مايخاف منه، اذ أنه سيعرف بأن الألم لن يدوم في جسده ان هو وقع، بل أن مدته قد لن تزيد عن ال٢٤ ساعة في الحالات الطبيعية،، فعلاما الخوف اذن؟ .
هذه هي الأمواج المزعجة وهذا قد يكون هو عمرها الإفتراضي الذي قد يكون قصيراً جداً ومن بعدها يبدأ الإنسان بالنسيان، فما عليه الآن سوى أن يصبر عليها قليلاً لأن مصيرها هو التوقف،،
وربما عندما تتقدم هذه الفلسفة قليلاً فسيعرف كيف يركب هذه الأمواج للتمتع بها، لأنها قد تكون حاضرة في حياة الإنسان، ومن ثم يجب عليه أن يعرف كيف يتعامل معها بدلاً من التألم منها. .
أنت تقرأ
يتفكرو
Romanceإذ كان لك في القلب ذاكرة , سوف تجد لقياها هنا. إذا كان لك وجود في اللامكان, ذلك البعد اللامتناهي بين قلب يدق وعقل ينادي إذا فمكانك هنا. روائع ما يقال و يذكر بين القلب والعقل, الحديث المحتقن بين مشاعرك و ضميرك.... مكان ذلك الحديث هنا, بين صفحات كتابي...