فصل 7

8.8K 219 2
                                    


في حديقة المنزل أطفال يلعبون وهم يهللون فرحا وسعادة كرة القدم ليحتج الأخر وهو يصرخ بغضب: لا مث تده... ده ظلم (لا مش كده..... ده ظلم.)
-أعملك إيه أنت اللي غشاش يا إياس... ضربت مي...
مي: أيوة وأخد الكورة غصب عني....
اعترض إياس قائلا بغضب: لا... عسان أنتوا ثبه بعض فهي تفوز وأنا لا (عشان انتو شبه بعض)
يوسف: لا مش كده.... ونيمو بتلعب حلو....
أتت فريدة حاملة طفلة صغيرة تبلغ من العمر سنتان والخادمة خلفها حاملة صينية عصير للصغار...
أخذ إياس الكرة من يوسف وأعطاها للصغيرة وهو يقول: خدي يا بيلي ومث تديها ليهم.....
ضحكت فريدة قائلة: أنت خسرت تاني يا إياس ...؟!!
إياس: لا مامي.... يوثف ونيمو ثبه بعض (يوسف ونيمو شبه بعض)..
فريدة: لا يا إياس أنت اللي مش بتعرف تلعب ويوسف مش غشاش... ماشي... ؟!!
أومأ برأسه ونبرة الحزن التي ظهرت في صوته وهو يقول :حاضل ....
التقط إياس الصغيرة بيري ليلعب معها بعيداً عنهم فهو يغار من يوسف الذي سرق قلب والدته فأحبته أكثر من أي أحد فيهم....
يوسف: ماما.... خلينا نروح النهاردة عند خالو...!!!
فريدة: لا... مش دلوقتي ويلا روح كمل لعب....
#######
حل المساء لينشر الظلام في الأفق معلنا وصوله ولكن لم يكن الأفق وحده من عانى الظلام بل قلوب بعض البشر التي تشبه الخفافيش وتعمل في الظلام والخفاء فقط وإن كان للخفافيش عذرهم فماذا عن قلوب البشر... ما عذرهم...
في غرفة الصالون للقصر نجد يوسف جالسا علي قدم رجل ليس عجوزا بل يبدو أنه في منتصف العشرينات أو أقل..
يوسف: خالو يعني أنت عايز إني أروح معاك... ؟؟!
-أيوة ....وكمان هتتبسط أوي هناك...!!!
أتي إياس ركضا نحو أحضان خاله وهو يقول بتذمر طفولي: آثل ليه مث حبني زي يوثف....
(آسر ليه مش بتحبني زي يوسف)...
رد عليه بكل وقاحة غافلا عنه بأنه صغير لا يحتمل الرفض أو الإهانة فدائما ما تؤثر أصغر تلك الأشياء علي الصغار وخصوصا بعضهم حساسين: عشان أنت متنفعش ...ولسه صغير وكمان أنت بتعيط كتير.... روح العب بقا بعيد...
لم يفهم الصغير ما قاله خاله غير أنه قوبل بالرفض بسبب أخاه الكبير يوسف ليتكون شرخا أخر في القلب وفي العلاقة الأخوية فوالداه يحبان يوسف كثيرا حتى والده الذي لا يمكث في المنزل يظل دائما مع يوسف وهو لا أحد يحبه..
هكذا أقنع نفسه بأنه الغير محبوب فالحب كله ذهب نحو أخاه الكبير يوسف....!!!
أتت فريدة لتحضر تلك الجلسة الثقيلة علي قلبها
فريدة بغضب: إيه اللي جابك يا آسر.... ؟!!!
آسر بتعجب :ليه هو ممنوع أجي أشوف أختي ولا إيه... ؟!
صرخت فيه بحدة قائلة: أنت عارف كويس أنا قصدي.... وبعدين مراتك لسه والدة وتعبانة فلازم تكون جمبها ولا إيه... ؟!!!
آسر: مراتي كويسة وبتسلم عليكي كمان....
فريدة: يلا يا يوسف.... روح اطلع أوضتك عشان تنام...
اعترض يوسف قائلا بضيق طفولي: لا مش دلوقتي... أنا هقعد مع خالو شوية.....!!!
صرخت به فريدة بغضب: يوسف... أنا قولت روح أوضتك...!؟
خرج الصغير غاضبا من الصالون....
التفتت فريدة نحو آسر قائلة بغضب: اطلع بره يا آسر... بررره...
آسر: ماشي.... بس هنشوف مين اللي هيترجى التاني بعدها .....
فريدة: اطلع برره ومش عايزة أشوفك هنا تاني...!!
ألقي إليها نظرة تحدي ليخرج بعدها...
ويلقي نظره نحو الدرج ليجد يوسف واقفا عليه فبدل نظراته المتحدية لنظرات حزينة أخرى مصطنعة فلامست قلب الصغير البرئ...وكونت لديه صورة أخرى متغيرة لكلا من والدته وخاله ...صورة لا تمس للواقع بصلة....
###$$###
انتهي الوقت المخصص للدراسة ليعلن أن المغادرة مسموحة للجميع.....
خرج يوسف من المدرسة ليجد خاله ينتظره في الخارج...
ركض إليه سريعا ليستقر بأحضانه فالتقطه بسعادة فهو يحبه حبا امتلاكا..فهو لا يكره بل يريده له.....حبا أنانيا..
تساءل يوسف أثناء ركوبه في السيارة مع خاله: خالو... هو احنا رايحين فين.... ؟؟!!
آسر: هنروح الملاهي... إيه رأيك بقا.... ؟؟!
هلل فرحا :هيهيه... ماشي....
آسر: بس بشرط.... إنك تكلم فريدة وتقولها إنك معايا....!
أومأ موافقا وهو علي ثقة بأن والدته ستوافق علي ذلك فهي دائما ما تنفذ له طلبه: ماشي....
اتصل آسر علي فريدة وأعطى الهاتف ليوسف ليتولى هو أولى خطوات تنفيذ رغبته....
يوسف: ألو يا ماما.... أنا يوسف....
فريدة بلهفة: يوسف.... حبيبي أنت فين.... ؟!!
يوسف: أنا مع خالو.... هروح معاه الملاهي....
فريدة بقلق: لا يا حبيبي.... ارجع وأنا هاخدك بنفسي للمكان اللي أنت عايزه....!!!
يوسف بعند :لا... أنا بحب أروح مع خالو مش معاكي... وأنا هقعد مع خالو وبعدين أرجع....!!!
حاولت الاعتراض واقناعه والعزوف عن قراره ولكن عنّد معها ظنا منه بأنها تتحداه ولا تريده بان يخرج....وبعد أن يئس من كلامها أغلق الهاتف وأعطاه لخاله الذي يعلم ما حدث تماما دون حتى أن يستمع للحوار... فابن أخته لديه نقطة العند كبيرة جدا وهو أحسن استغلالها جيداً....
آسر: ها إيه اللي حصل.... ؟!!
يوسف بتوتر: ماما... قالتلي إن أقعد معاك ومش اتأخر...!!
ابتسم آسر ابتسامة سخرية وأومأ برأسه موافقا عقله الصغير الذي لا يعمل في حالة عنده وهو نجح في استغلال ذلك....
آسر: طب يلا نروح نلعب....!!
أومأ برأسه وهو يقول بحماس: يلا....
قضي يوما ممتعا مع خاله وبعدها أخبره بانه جائع ويريد بأن يأكل...
أثناء تناول الطعام فكر آسر ربما تكون تلك فرصة سانحة لتنفيذ خطته ووضع النهاية لها.....
آسر: عارف يا يوسف... أنا رايح فين ومسافر... ؟؟؟!
حرك رأسه علامة للرفض فأكمل آسر حديثه وهو يقول بخبث: عارف أنا مسافر لأمريكا... هناك في حاجات حلوة كتير لا وكمان تروح المدرسة براحتك... واللي أنت عايزه يتنفذ من غير اعتراض.... زي فريدة هنا.. .وتلعب براحتك وتسهر كمان براحتك.... ده غير طبعا إن الأماكن هناك أحلى بكتير.... ها إيه رأيك لو تيجي معايا..... ؟؟؟!!
يوسف: بجد يا خالو.... هتاخدني معاك..... ؟؟!!
أومأ برأسه موافقا وهو يقول: أيوة...... ثم أكمل وهو يصطنع الحزن: بس فريدة مش هتوافق.... ؟!!!
عبس الصغير بملامحه: ماما ...مش هتوافق ليه.... ؟!!
آسر: عشان هي مش بتحبك....!
يوسف: طب أنا عايز أجي معاك أعمل إيه.... ؟!!
ابتسم بمكر وهو يعلمه تنفيذ خطته: أنت تعمل إنك زعلان منها ومش هتاكل أبدا لغاية ما توافق علي السفر... وكمان لازم تروح عندها وتقولها ٱنك مش هتكلمها أبداً... لغاية ما توافق.... وتروح لباباك وتقوله كده كمان وإن مامتك مش بتحبك.....
أومأ برأسه موافقا وهو عازم علي تنفيذ ما قاله خاله كله حتى يستطيع الذهاب إلي تلك الأماكن......
######
عاد إلي المنزل بصحبة خاله فركضت فريدة نحوه لتأخذه بأحضانها وهي تتحسس كل إنش به....
رآها آسر فقال بسخرية: سليم يا فريدة.... مكلتش حاجة منه .....
أزاحت الصغير خلفها واتجهت نحو أخاها وهي تصرخ بغضب: اطلع بررره يا آسر ومش عايزة أشوفك هنا تاني...
يوسف: لا يا ماما بلييز....
صرخت فريدة بالخادمة: سعدية..... تعالي خدي يوسف وطلعيه علي أوضته.....
اعترض الصغير ولكن قواها كانت أقل من قوي الخادمة وكذلك المربية فأخذ بالقوة.....
فريدة بغضب: اطلع برره.... ده ابني ومش هاسمحلك أبدا بإنك تاخده مني أبداً.... أبدا يا آسر.... واعتبر من دلوقتي إن ملكش أخت.....
آسر بتهكم: طب يا أختي..... أنا أصلا نفذت اللي أنا عايزه...
فريدة بصراخ: اطلع بررره يا آسر بررره....!!
خرج من القصر وابتسامة ساخرة احتلت شفتيه...
انهارت فريدة أرضا وهي تبكي بحرقة....
لا تصدق بان أخاها شقيقها يطمع في أخذ ابنها منها... حتى وإن كانت زوجته لن تنجب مرة أخرى بسبب النزيف الذي حدث لها وأثمن عن ذلك نزعها للرحم ...لا يعطيه الحق في أخذ ابنها من أحضانها.... .
حضر سيف من الخارج ليجدها هكذا منهارة تنتحب فاعتصر قلبه ألما فركض ناحيتها ليجثي علي ركبتيه ويرفع وجهها بيديه فيكتشف بأن عسل عينيها قد تحول للون الأحمر.. من كثرة البكاء....
سيف بقلق: مالك يا فريدة ....؟!!
رمت نفسها بأحضانه لتكمل وصلة نحيبها بداخله....
تركها لتخرج كل ما بداخلها من ألم وشحنات مكبوتة...
ظلت مدة منهارة حتى أنه ظن بأن أحد الأطفال.قد حدث له شئ ....حتى هدأت وهدأت شهقاتها....
رفع وجهها ليتساءل بقلق ؛:في إيه يا فريدة مالك.. ؟!
فريدة ومازالت دموعها تنهمر: آسر.... ع...عايز... عايز ياخد يوسف مني....!!!
سيف بتعجب: ياخده ازاي يعني.... ؟!!
فريدة: اهئ. .ياخده ويسافر....!!
سيف: اهدي طيب.... وهو ينفع يعني.... أنتي فاكراه كيس جوافة ...ده عيل.....
فريدة: آسر هياخده ....وخلى يوسف يقتنع بالسفر... ومش هيسكت غير لما يسافر....!!
سيف: لا مش هيحصل... أنا هتصرف مع يوسف لو اتكلم في الموضوع ده....!!!
فريدة: لو ابني جراله حاجة عمري ما هسامحك يا سيف.
سيف: لا مش هيحصله حاجة إن شاء الله.... قومي بقا..
ساعدها علي النهوض فلم تحتمل قدميها الوقوف فترنحت في محلها ليسندها بيده لتقف علي قدميها وبعدها انحنى ليحملها ويتجه نحو الدرج....
توردت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تقول: سيف... نزلني.. الولاد.....
سيف: الولاد نايمين وأنا الصراحة مش عارف أتلم عليكي بسببهم... وأكمل وهو يغمز لها: لا والجو ربيع... وفرصتي زي العسل.....
ضحكة خجلة انطلقت منها قبل أن تتبدل ملامح زوجها للضيق عند سماعه لصوت بكاء ابنته الصغيرة بيريهان ودخول إياس حاملا لها. ....
إياس: ماما... مث لاضية تثكت خالث... (مش راضية تسكت خالص.)
التقطتها فريدة منه ليتجه هو نحو أحضان والده واستغلال فرصة عدم وجود أخاه الكبير.....
سيف: ها..... قعدت ليه.... ؟؟!
إياس: أنا عاوز نام هنا.....
سيف : لا طبعا.... أنت كبير مش صغير.... الصغنن بس هو اللي بينام مع مامته ....!!!
إياس: لا أنا مث صغنن أنا كبيل ثح.... (لا أنا مش صغير أنا كبير صح....)... ؟!!
سيف: أيوة ....أنت كبير... ويلا روح نام في أوضتك... يلا..
ركض إياس نحو غرفته سعيدا بكلام والده وحتى إن كان من باب الكذب... فالصغار لا يفرقون.. يكفيهم كلمة تشجيعية....
اقترب سيف من فريدة واحتضن خصرها من الخلف.ليسند رأسه علي كتفها ويستنشق عبير حريرها...
فريدة : سيف... بتعمل إيه الولاد....
سيف: بيري ونامت أهي وإياس وزوغته ومي عايزة إيه بقا ....؟!!
التفتت لتنظر برماد عينيه الذي يشتعل بلهيب عشقها لتقول: مش عايزة حاجة.....
اقترب أكثر من وجهها ليلتقط منها قبلة عميقة قبل أن يحملها لفراشهما الذي احتفظ بجميع أسرارهما سويا..

سأظل لك (قلبي لك ج2) للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن