فصل 11

8.8K 237 1
                                    


جالس علي كرسيه أمام فراشها لم يحرِّك ساكنا منذ الأمس فحديث الطبيب له أصابه في مقتل....
"هي الولادة كانت صعبة طبيعي فاضطرينا نولدها قيصري... وهو الحمدلله الولد كويس لكن هي هتاخد وقت لحد ما تفوق لأنها تعبت أثناء الولادة...."
نزلت دموعه بألم تنحت وجهه وابنه الذي رفض رؤيته حتى يطمئن عليها أولا وبعدها يأخذه بأحضانه يبث إليه حنانه ليشعره بالأمان من ناحيته.....
مضت مدة ليست بالقصيرة لتفيق بعدها بتول ويعيد قلب أمجد النبض من جديد وبهدوء فحبيبه وساكنه صار بخير. والحمدلله.....
أمسك بيدها يقبلها ووضع يدها حول ذراعيها يحتضنه وهو يقول بحب: حمدلله علي السلامة يا حبيبي. .
ابتسمت بضعف قائلة: الله يسلمك يا حبيبي.... فين زياد... أمعنت النظر إليه فوجدت وجهه أصفر شاحب فقالت بقلق: أمجد... وشك أصفر كده ليه... أنت كويس...!
أنزل يديها من على وجهه ليقبلهما: أنا كويس... متقلقيش...
دخلت مني حاملة للطفل وهي تقول: لا.... هو مش كويس.. وشه أصفر عشان مكالش حاجة من امبارح....والتفتت لأمجد قائلة : والقلق علي الست الوالدة وحش عليها. ...
التفتت إليه قائلة بحزن: اخص عليك... ازاى يعني متاكلش من امبارح.....
هدهدها قائلا: اهدي يا حبيبتي..... هناكل أنا وأنتي سوا...
أومأت برأسها مبتسمة ثم التقطت صغيرها بين يديها برفق... لتقبل يديه الصغيرة بحنو ....والتفتت لأمجد قائلة: أمجد ممكن تستنى برره لحد ما أرضع زياد....
ملامحه المتعجبة والمصدومة في نفس الوقت يوحي بالضحك كما فعلت مني وهي تقول: معلش يا أمجد هي مكسوفة...دول برضو 6 سنين... فخليها لحد ما تتعود...
أومأ برأسه وقبل رأسها وكذلك فعل مع الصغير وبعدها خرج ليأتي بشئ يأكله.. أو يشربه.....
###$###
مازالت ساقطة في غيبوبتها المؤقتة... حينما دخل إليها رجل ممن خطفوها... ليتأكد من كونها حية ولم تمت بعد..
أمسك هذا الرجل بهاتفه ليضرب بعض الأرقام قبل أن يتحدث قائلا: لسه نايمة يا باشا...... حاضر لما تفوق.... لا يا باشا محدش قرب منها..... لا مفيش غيري اللي بيدخلها لما تطلب مني أشوفها فاقت ولا لأ........ حاضر يا باشا لما تفوق هبلغ حضرتك فورا....... لا احنا محضرين أكل عشان لما تفوق....... تمام في انتظار سعادتك..... مع السلامة يا باشا.......
#$######
أمسك بيدها قبل أن يجلسها بجانبه مقبلا رأسها وجانب فمها.....
مراد بعشق: وحشتيني.....
أطرقت رأسها بخجل قائلة: وأنت كمان.....
ابتسم بخبث وهو يقترب منها ليقبلها ولم يتركها إلا حينما احتاج للتنفس ليردد بكل رومانسية: بحبك.....
أطرقت رأسها وأزاحت خصلات شعرها المتمردة من عقدتها خلف أذنها ووجهها خُضّب بالحمرة حتى أصبحت تشبه ثمرة الطماطم.....
استمتع مراد بحمرة خجلها التي تظهر عندما تكون معه.... كاد ان يقترب منها لولا طرقات الباب قبل أن تدخل مي حاملة صينية العشاء....ابتسمت مي وهي تضع الأطباق علي المائدة....
مي: بقولك إيه يا مراد..... كنت عايزاك في كلمتين.لوحدنا
نهضت سمر من مكانها لتخرج. ....تأفف مراد.ليلتفت نحو مي قائلا: ها يا مي كلمتين إيه دول.... ؟!!
مي: بخصوص إياس.... هي لينا.....
قاطعها بنفاذ صبر: ملييش دعوة بإياس.... روحي اسأليه...
صدمت من كلامه وكادت أن تتحدث طالبة تفسيرا لولا أن رأته يغادر غاضبا ليخرج من الغرفة مغادرا....
قابل مراد سمر التي كانت تجلس في الخارج..
أمسكت بيده متسائلة بقلق من هيئته: مالك يا مراد..؟!
زفر بقوة ليهدأ من غضبه: لا أنا كويس يا حبيبتي.. متقلقيش... بس أنا همشي دلوقتي وهأجي بلليل إن شاء الله...!!!
أومأت برأسها تاركة يده ليغادر تحت نظراتها الحزينة...
أحبه.... هكذا اعترفت لنفسها مبتسمة وهي تراقبه يغادر...
أتت مي متسائلة بقلق: سمر.... هو حصل حاجة بينكم...
سمر: لا.. أنا المفروض أسألك ده.... ؟!!
تنهدت بحزن مجيبة إياها: دانا حتى ملحقتش أتكلم.... ولقيته راح قايم ومشي.....
أمسكت بذراعها لتقول مطمئنة: اهدي... أكيد في حاجة شغلاه... وهو هيجي بالليل أقعدي معاه براحتك...
أومأت برأسها قائلة: ربنا يسهل..... تعالي نشوف ورانا إيه..
وافقتها الأخرى لتتجهان معا نحو المطبخ....
###$####
أمسكت رأسها وهي تشعر بأن هناك حربا تقوم في داخل رأسها...تلفتت حولها جاهلة ماذا حدث لها لتأتي إلى هنا لتجد نفسها في غرفة مظلمة تماما سوى خيط من الضوء الآتي من النافذة المحددة بالحديد..وفراش مر عليه الزمن ملقية عليه... وأريكة ليست بالرديئة فقط بل شكلها يوحي بأنها من عصر الهكسوس... بهئتها البشعة....
دقائق حتى تذكرت ما حدث معها بالأمس... شهقت بقوة لتنهض فزعة متجهة نحو الباب محاولة فتحه ولكن دون جدوى.... فطرقت بقوة وهي تصرخ باكية: أنتوا ياللي هنا... حد يخرجني من هنا...... حد يساعدني....
شعرت بالباب يفتح فعادت خطوتين للخلف لتعطي الباب مجالا للانزلاق.. دخل إليها رجل طويل ذو بنية مخيفة ووجه الأسمر أعطاه منظرا مخيفا والعلامات التي علي وجهه توحي بمدى اجرامه... تلقائيا عادت للخلف وهي تنظر نحو الرجل العملاق برعب.. وهي تبتلع ريقها بصعوبة..
تحدث الرجل بصوته القوي ذو النبرة الغليظة: خليكي هادية لحد ما الباشا يجي.... وإلا أخليه يجي يلاقيكي جثة...
قالت بصوت مختنق: طب... طب أنا بعمل إيه هنا... وأنتو عايزين مني إيه.... ؟!!!
أجابها بنفس النبرة: مش احنا اللي عايزين ...الباشا هو اللي عايز... واحنا قولناله بانك فوقتي وهو في الطريق..
دخل رجل أخر لا يختلف عنه في ملامحه سوي أنه يمتلك بنية أقل طولا من الأول....
أعطى الرجل الأول صينية محملة بالطعام الشهي ومد يده نحو إبان: خدي كلي ده... لحد ما الباشا يجي... شكله متوصي بيكي ومش عايز أسمعلك صوت... فاهمة... ؟!!
أومأت بخوف دون التحدث.... فهي ليست بموقف لتعترض علي شئ....
خرج الرجلان من الغرفة وأوصدها جيداً من الخارج.. لتعود بالصينية نحو الفراش المتهالك... تجلس باكية وهي تدعو الله بأن يخرجها من هنا سالمة....
$####$###
عادت مني إلى المنزل بعدما أوصلها محمد....
دخلت المنزل لتجد مصطفى جالس يحتسي قهوته وأمامه علي الطاولة طبق مملوء ببعض الشطائر...
جلست بتعب علي الأريكة... فسألها مصطفى بضيق: إيه اللي أخرك كده.... هو في فرح بيقعد لحد الصبح...
تعجبت مني وقد ظهر هذا في نبرتها وهي تقول: فرح إيه ده... أنا كنت مع بتول بتولد....! ؛
ردد مصطفى بتعجب: وده حصل امتى....!!!؟؟
مني: امبارح في الحفلة... فخدناها على المستشفي.. والحمدلله إنها طلعت سليمة.... دي كانت تعبانة أوي يا حاج... .فأكلمت وكأنها تذكرت شئ: ليه هي إبان مقالتلكش... ؟!!!
-أنا صحيت ملقتش حد في البيت...!!!
-أمال هتروح فين من الصبح كده..... ؟!
-مش عارف... أنا فكرتها نزلت الشغل فحاولت أتصل بيها لقيت تليفونها هنا..... وأشار لمكان علي الأريكة...
فكرت منى قليلا ،لتقول: أنا هتصل بالرقم بتاع المكتب بتاعها يمكن ترد ...!!
بالفعل أمسكت الهاتف وضربت أرقاما وهي تنظر إلى أجندة.... انتظرت قليلا وكثيرا ولا يأتيها رد.....
جربت مرة أخرى ليأتيها رد ولكن ليست إبان...
منى: ألو.... إبان....
قاطعها شريف الذي رد علي الهاتف حينما سمع رنينه أثناء التوجه نحو مكتبه الذي يقع في الطابق نفسه: أنا مش إبان يا حجة....
-أمال بنتي فين....!! ؟؟
شريف: لا هي مجاتش النهاردة.... وفكرتها اجازة.... خير في حاجة.....
-لا يابني...أصل هي سابت الموبايل في البيت وفكرتها نزلت الشغل ونسيته.... تلاقيها راحت مشوار... وهي هتيجي الشغل إن شاء الله...
أغلقت المكالمة لتنظر نحو زوجها بقلق لتقول بخوف: هتكون راحت فين يعني.... ؟!
هدهدها قائلا: يمكن تلاقيها راحت مشوار هنا ولا هنا وهتيحي كمان شوية.....
رددت بدعاء نابع من القلب: يارب... طمني عليها... ؛!
###$###
أمسكت بالصغير تلاعبه وهي تبتسم بسعادة فأخيرا أتى الصغير المنتظر.... دخل أمجد نحو الغرفة حاملا صينية الطعام الذي أعدته والدته قبل الذهاب....
أمجد بمزاح: هو أنا شكلي هغير من الأستاذ زيزو...!!
ردت بحنق قائلة: ملكش دعوة بيه... أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إنك مرضتش تشيله.....
وضع الصينية علي الطاولة ليقترب منها جالسا علي الفراش قائلا بحب :أنا مكنتش عايز حاجة وقتها غير أشوف عينكي الخضرا دي.....!!
اختنق صوتها وهي تقول: طب لو كان جرالي حاجة كنت هتعمل إيه....!!!! ؟؟
مرر أصابعه علي صفحة وجهها البيضاء قائلا: حاشا لله. الله لا يحرمني منك....
أصرت الحصول علي اجابة لذا كررت سؤالها بنبرة أكثر اصرارا: جاوب علي سؤالي..... كنت هتعمل إيه لو كان جرالي حاجة... كنت هتسيب زياد لحد تاني يربيه...! ؟
ابتسم بعشق قائلا: تفتكري أخر حاجة سبتيها ممكن أفرط فيها.... عمري ما أفكر أرمي ذكرى ليكي ورا ضهري وأمشي... أنت حياتي كلها..... سعادتي في الدنيا....
ابتسمت بعشق ...فحب حياتها وعشقها لا يخيب ظنونها أبدا.... دائما ما تكون في المرتبة الاولى عنده.... هو عشقها الأول والأخير.....
أبعد شفتيه عن خاصتها بعدما صرخ الصغير مطالبا حقه في والدته....
ضحك أمجد قائلا : ابتدينا أهو.....
بادلته ضحكه وهي تقول: أنت لسه شوفت حاجة....!!
-الله يطمنك....
ضحكت وبادلها هو ضحكاتها كما يتبادلا عشقهما الذي يكون من نوع أخر ربما جنون.... فيكفي أن طرفاً رفع شعار "سأظل لك"... حتى يخرج الأخر عشقه بحرية... طالما لديه أمان بأنه لن يتركه .....
$#####$$$
جالسة علي الفراش المتهالك وعينيها التي تمطر دموعا بلا توقف تنظر إلي السماء من خلال النافذة الحديدية نحو السواد دليل علي حلول المساء كمستقبلها المجهول الذي لا تعلم عنه شئيا تدعو الله بأن ينجيها ويخرجها من هنا سالمة...
سمعت صوت خطوات قادمة ومن ثم أتبعه فتح الباب بالمفتاح ليدخل أحدهم لم تتعرف عليه بسبب الظلام.. ولكن بنيته ليست بالشاهقة كما العملاقين في الخارج
اقترب الرجل من مفتاح الانارة ليشغله....
صدمة قوية عندما تعرفت علي الرجل هي تعرفه بل تحفظه بقلبها.. لذا نهضت وهي تتجه نحوه ركضا لتستقر بأحضانه... بكت وشهقاتها تعلو وتعلو حتى صاحبت أنينا عاليا.... ظلت تبكي وشهقاتها تهدأ رويدا رويدا... وأبعدت عينيها لتنظر نحو وجهه بعينيها الحمراء من كثرة البكاء..
رددت بصوت باكٍ: إياس..... إياس... أنت ...أنت كويس..
ملامح وجهه الجامدة أوحى إليها بالخوف والقلق علي حالته....
سألته بقلق: إياس مالك.... وأنت بتعمل إيه هنا... ؟!!
رغم غضبه منها بسبب أن الخطة التي وضعها للإتيان بها إلي هنا نجحت إلا أنه لا ينكر بأنه مشتاق لها ولخضار عينيها... وطعم الكرز في شفتيها.... إلا أن قناع البرود احتل وجهه بامتياز....
-أنا.... اللي جبتك هنا.... ؟!!!
اقتربت منه تتفحصه كطفل صغير: طب هما قالولي إنك عملت حادثة... أنت كويس....
صرخ بها بغضب: أنتي غبية ولا إيه.... بقولك دي خطة عشان أجيبك لهنا....
-ليه.... ؟!!
ومن ثم وبدون سابق انذار نهض من علي الفراش متجها نحوها ورماد عينيه مشتعلا مما أصابها بالخوف والرعب..
صفعها بقوة نتج عنها سقوطها علي الأرض وخيط أحمر يمتد من جانب شفتيها.....
نزل إلى مستواها ليقبض علي شعرها بكل قوة وهو يقول: عشان ده.....
ليصفعها مرة أخرى.... بغضب ينفسه فيها...
وضعت يدها علي وجنتها تبكي بحسرة.. وخضار عيونها تحول لبركة من النيران. ....
وجاهدت بكل قوتها لتنطق: أنا عملتلك إيه..... ؟!!
صرخ بها وهو مازال ممسك بشعرها في قبضته: عشان أنتي غبية...... غبية....!!
وترك شعرها بقوة لتصطدم بالأرض وتخر جبهتها الدماء..

سأظل لك (قلبي لك ج2) للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن