فصل 10

9.1K 227 0
                                    


عاد يوسف إلي المنزل في نهاية اليوم وانه قد ملّ من المشفى .....
أوصلته إلى المنزل وظلت برفقته ولم تتركه أبداً حتى يتم شفائه .....
اقتربت منه لتعطيه دوائه. ..فتتطلع إليها بعدما شربه....
يوسف: أنتي ليه مرجعتيش مصر.... ؟؟!!! ....
-لا طبعا .....أنا كنت هتجنن بعد ما إيلينا كلمتني في الموبايل وقالتلي إن في واحد اتصل بيها وقالها إنك عملت حادثة ... !!!
يوسف: بس إياس وفريدة.....
-ولا يهمك.... أنا كلمت ماما وقولتلها إني هرجع مصر مع أصحابي...... وجايبالها هدية كمان ....
ضحك يوسف قائلا: بقي أنا بقيت هدية.... !!
اقتربت منه لتحتضنه قائلة: واحلى هدية كمان...
شدد من احتضانها وهو يربت على ظهر تلك المدللة التي لم تتركه دوما....
"بيريهان سيف منصور أو كما يلقبها الأقربون بـ بيري"
انتهت من دراسة الطب النفسي.... ذاك القسم الذي تعشقه فمنذ صغرها وهي تستمع للناس محاولة التخفيف عنهم حتى بتفكيرها المحدود أنذاك...... ذو الخمسة والعشرون عاما.... انتهت من دراستها هذا العام عائدة إلي مصر إلى حضن فريدة... عشق أبنائها......"""
*****
عاد بذاكرته إلي لقاء إيلينا والحقائق التي اكتشفها لأول مرة أو ربما كان يعرفها ولكن تفكيره الطفولي أنذاك لم يسمح له بتحليل المعلومات التي يلقونه بها لمعرفة الحقيقي منها والكَذِب....
إيلينا: ماما ....قالتلي إن هي مكانتش بتخلف بعد ما جابتني بسبب النزيف اللي حصلها.... وإن بابا كان مدمن حاجة اسمها فلوس فكان عايز ولد عشان يساندها ويورثه فعشان كده قرّب منك أنت.... لأنك ذكي ولماح وفيك كل الصفات اللي عايزها ومكانش فاضي لسه يتجوز ويخلف ويربي لكن أنت جاهز من كله . ..فخدك أنت.... وحط في دماغك فكرة السفر وحلاوتها وضحك عليك وبعدين اتفق مع المدير عشان يبلغ أهلك إن مفيش زيارات لحد آخر السنة وكمان إنك متطلعش من هنا إلا برضاك أنت.... وأنت ساعدته لما عندت عمتو فريدة لفكرة السفر.....
صدمة قوية احتلته وشعر كأنه يختنق وقلبه يتوقف عن النبض والخفقان....بماذا تهذي هذه الحمقاء التي تجلس أمامه... أي أن أهله لا يحبونه كمكما أخبره ذاك"الخاطف"الذي يسمى بخاله...... دوران شديد احتله وشعر بأن الأرض تطيح به.... فترك ابنه معها ليخرج من المكان وتحرك مغادرا.... مستقلا سيارته يقودها بسرعة جنونية وعقله لم يتوقف لحظة واحدة... لم يشعر بعدها إلا وهو يتحرك بسيارته علي جانب الطريق ويصطدم بشجرة ليفقد الوعي ليكون ناتج عن إصابته كسر في اليد وخدوش على وجهه.....
*****
في الصباح. ..
اجتمعوا على طاولة الطعام ونظرات مراد نحو إياس لا تنم علي خير.... تعجب في بداية الأمر ولكن سرعان ما تجاهل الأمر برمته ووضع السبب في أن سمر هي من تكون خلف هذا.....
فريدة بلوم لمراد: مالك بتبص لأخوك كده ليه... ؟!!
رد مراد في غضب: يعني مش عارفة إن طول ما إياس موجود هيجي خير منين....؟!!
صاحت به بغضب: أنت شكلك اتجننت... ده بدل كلمة شكرا علي اللي عمله معاك امبارح... ولولاه عمر بنت صفية ما كانت هتدخل البيت ولا تبقي مرات واحد فيكم..! ؟
مراد: طب ولما هو فسخ خطوبته مع إبان أنا مالي بالموضوع تدخلوني انا ليه بينكم.... ؟!!!
فريدة بتعجب: ومالها إبان بيك....وإيه دخلها بسمر.... ؟!!
مراد بغضب: معرفش.... كل الحكاية إن سمر راحت تعزمها علي كتب الكتاب بتقولها أنها تسيبني لأني ببساطة أبقى أخو السيد إياس.... خطيبها السابق....!!!
فريدة بغضب: وأنت كالعادة صدقتها علطول... ؟!!
نفى برأسه قائلا: لا دي كمان سمعتني تسجيل لكلامها ده...!!
وأخرج هاتفه من جيب بنطاله الجينز الأزرق ليقوم بفتحه وتشغيل التسجيل الصوتي لإبان.....
***
انتهي من حفل عقد قرانه علي محبوبته هو لا يعرف متى أو كيف أحبها فقط كل ما يعلمه أنه يحبها بل ويعشقها... هي من حارب لأجل الوصول إليها.....
أخذها داخل فيلا عمه بعدما رفضت الذهاب معه إلي أي مكان آخر... متعللة بأنها متعبة ولا تستطيع الخروج وتأجيل الموعد ليوم آخر....
اقترب منها ليلتقط أول قبلة له... كانت عميقة يبث بها مدى عشقه وهي بادلته إياها علي استحياء.... هي أيضاً تحبه تعلم ذلك ولكن تعاليم أمها لها منذ الصغر بأن إياس هو الأفضل يقف حاجزا أمام هذا الحب ليخفيه وحتى وإن كان يخرج منها ظنا بأنه حب مزيف.... بل هو حب حقيقي صادق نابع من القلب.......
ابتعد عنها لاهثا ولم يشبع بهذا القدر وحتى لا يزيد عليها خاصة بعدما توردت وجنتيها بحمرة الخجل...
احتضنها بقوة ليضع رأسه علي كتفها يشتم عبير حريرها.
ظلت فترة تبادل العشق بينهما فترة ومراد مازال يعطيها كل ما كتمه في صدره منذ مدة تصل لسنوات.... وهو يهطل عليها بكلمات الغزل وقبلات خاطفة بين الحين والآخر...
قاطعته هي حينما أتت ذكرى زيارتها لإبان.. لتمطر عيونها دموع التماسيح.... رفع مراد وجهها حينما شعر بدموعها تبلل قميصه وهي في أحضانه........
مراد بقلق: مالك يا سمر... بتعيطي ليه ...... ؟!!
مسحت دموعها بأصابعها لتقول: مراد أنا بحبك... بس خايفة... ؟!!
مراد بتعجب: خايفة من إيه ....؟!!
-منك....
نزلت كلمتها تلك رغم بساطة نطقها إلا أنها كانت بالنسبة له كالصاعقة أو دلو ماء بارد مثلج سُكِب عليه....
ردد مراد كلمتها بدون تصديق: مني أنا.... ؟!!
زادت دموعها لتصبح حقيقية هي لا تبكي حتي تستعطفه بل هي تبكي على حبها له دون البوح به برغم أنه زوجها وحلالها... ولكن تلك الأم الخبيثة.....
أومأت برأسها لتقول: أيوة منك... خصوصا بعد اللي قالتهولي إبان....!!
مراد باستنكار قائلا: إبان.... مالها إبان.... ؟!!
التقطت هاتفها من الطاولة التي أمامهما لتلعب به قبل أن تفتح تسجيلا صوتيا لها ولإبان.....
******
-لا يعني أنتي عايزة تفهميني إنك مش بتحبي إياس... ؟!
إبان: لا طبعا.... ازاي احب إياس وهو بيحب بنت عمه...
-أنتي بتقولي إيه أنتي اتجننتي.. !؟!!
-لا أنا كنت مجنونة لما وافقت أرتبط بيه... أرتبط بواحد أنا عارفة كل علاقاته مع بوسي وليو وغيرهم كتير....
-طب أنا بحب مراد.... ومش ممكن إني أسيبه... ؟!!
-تبقي هبلة لو صدقتي واحد من ولاد المنصور ...دول كلهم شبه بعض والنسل واحد.. .
صرخت بها قائلة: أنتي شكلك الغيرة عمتك.... عشان أنا هتجوز اللي بحبه... وأنتي لا... تقولي كده....
-لا أنتي اللي اتجننتي ازاي هتتجوزي واحد وأخوه بيحبك.....
*******
أمسك مراد الهاتف بقوة كاد أن يحطمه وهو يعيد علي مسامعه ما تقوله... مرارا وتكرارا....
خرج من المنزل بدون وجهة محددة وهو يغلي من الغضب كلما تذكر كلمات إبان وكل ما يجول بخاطره هو قتلها قتل تلك الغبية وكل ما يقف بينه وبين حبيبته...التي وصل إليها بعد كل تلك المدة والمشقة التي بذلها حتى تكون زوجته وحبيبته.....!!!
عاد إلي المنزل بعدها ليجد أن الساعة وصلت للثانية بعد منتصف الليل.... والجميع نيّام....
****###$
صرخ به مراد وهو يقول: إيه رأيك في الكلام ده.... عايزني أثق فيك بعد ده كله... ومش سمر اللي قالت الكلام ده دي إبان ...البنت اللي حبيتها واديتك بومبا...
ألقي إليه نظرة غاضبة محتقرا تفكيره الوضيع...والذي وصل لأن يشك في أخيه بأنه يحب زوجته ...تلك التي سعت هي وأمها لتصل إليه ولكن هو... كان رفضه قاطعاً....
خرج من المنزل ليستقل سيارته متوجها نحو وجهة واحدة.. إلي تلك.... الخائنة..
##$####
أمسكت بالحقيبة لتفتحها وتضع بها الملابس التي أخذتها من خزانة يوسف وأدم.. لتعدها للسفر...
أمسكت إيلينا بيد بيريهان التي كانت تعد الحقائب لتتوقف عما تفعله....
التفتت إليها وجدت دموعها التي تجري على وجهها بغزارة. وهي تقول: بلاش....
مسحت دموعها بيديها لتقول ؛: إيلي يا حبيبتي.. أنتي ملكيش ذنب في اللي عمله باباكي وماما لا يمكن تحملك حاجة أو تمنعك تشوفي أدم وبرضو يوسف عمره ما هيمنعك والدليل علي كده إنك واقفة في بيته أهو وخصوصا بعد ما عرف إنك هتتجوزي تاني....
إيلينا: أنا مش خايفة..... أنا مكسوفة. .....
ضحكت بيريهان قائلة: تبقي هبلة... وبعدين إيه مكسوفة دي... أنا عمري ما شوفتك مكسوفة حتى لما كنتي متجوزة يوسف.....
بادلتها إيلينا الضحك ....حتى أتى يوسف بصحبته أدم..
جرى أدم نحو أمه لتلتقطه بأحضانها.... ظلت مدة هكذا وهي تقبل كل إنش منه وكأنها تأبى خروجه.... هي أخطأت عندما وافقت على شرط يوسف مقابل أن يطلقها.ولكن هي كانت صغيرة لا تفهم شيئا ولا تستطيع أن تتحمل مسئولية الأمومة... هي أرادت فقط أن تجرب مشاعرها مع يوسف ذاك الذي آسرها منذ أول وهلة بشخصيته الجذابة وملامحه التي تتبض بالرجولة ....
أبعدته عنها وهي تقول ببكاء: هتوحشني يا أدم... I'll )miss u so much .. سأشتاق إليك كثيرا )
-وأنا will miss u ماما ......
ضحكت إيلينا ببكاء وهي توجه كلامها نحو يوسف: أنا عايزاك تخلي الولد يتكلم لغة واحدة....
أومأ برأسه صامتاً هو يتفهم حالتها تلك فقد عاشها من قبل مع فريدة وكأنه يعيش الآن في حالة كما تدين تدان...
فآسر قد فعل هذا مع أخته من قبل وهو الآن يعيش نفس الموقف مع طليقته التي تكون ابنة المدعو"خاله"..
انتهت السلامات ليأخذ ابنه من حضنها بصعوبة فهي لا تزال صغيرة على تحمل موقف كهذا.... ولكن هو لن يظل هنا دقيقة واحدة بعدما عرف مدى حقارة خاله في ابعاده عن حضن والدته..... أمسك بيد ابنه بقوة قبل أن يرفعه لا لاحتضانه بيده السليمة وكأنه يبث فيه بأن لا أحد يستطيع ابعادك عني حتى لو كان بها موتي.... ثم أعطاه لأخته لتحمله ويجر هو الحقيبة ليضعها بالسيارة بجانب حقيبة بيري... قبل أن يصعد إلي السيارة متوجها نحو المطار ...
#$#####
في قاعة ما....
وقفت بتول بجانب أمجد وهي تمسك بيده... وتتحرك بصعوبة بالغة لذا أجلسها في مكان قريب لتستطيع رؤية عقد قران أخاه .....فأجلسته هي بدورها بجانبه حتى لا يتحرك ليذهب فتراه فتاة ما او هو ينظر لفتاة أخرى غيرها....
أتت منى لتجلس بجوار بتول وهي توجه حديثها نحو أمجد: قوم يا حبيبي.سلم علي أخوك وأنا هقعد مع بتول..
اعترضت بتول قائلة: لا طبعا.... لا يمكن يتحرك من هنا..
مني باستنكار: ولما أنتي مش عايزة تسبيه لوحده.. خليتهم ليه يعملوه دلوقتي. ....؟؟!
بتول: مهو محمد هو اللي أصر إنه يعمله.. وأنا الصراحة عايزة أحضر حفلة.....
مني:طب خلاص قوم يا أمجد سلم علي أخوك عيب كده..
أومأ برأسه لينهض مغادرا قبل أن يسمع صرخة زوجته التي تصنعت الألم أولا ولكن انقلب عليها وأصبح الألم لا يقاوم فانطلقت صرخاتها تهز القاعة.وهي تعلو تدريجيا..
التف الجميع حولها ولعن محمد في نفسه بأن هذا هو المتوقع.. كم رفض أن تحضر ولكنها أخبرته بأن اخاه لن يحضر بدونها... فوافق على مضض فكيف له بأن يتزوج بدون حضور أخيه ورفيقه.....
اتصل أمجد بالاسعاف التي أتت بعد دقائق.لتقل بتول التي تركب بجوارها والدتها وزوجها الذي لم تجف دموعه...
وصلوا إلى المشفي بعد مدة ليدخولها مباشرة نحو غرفة العمليات... وقلبه ينبض بالخوف والقلق...
###$####
أعطت لوالدها الدواء قبل أن ينام وتدثره بالغطاء....كم رفض تناوله لأنه يسبب له النوم وهو لا يريد تركها لوحدها حتى تأتي مني ليطمئن عليها معها.....
جلست علي الأريكة وأمسكت بهاتفها الذي على صوت رنينه لتضئ شاشته باسم والدتها....
إبان: ألو يا ماما ....اتأخرتي كده ليه....! ؟؟؟
منى: معلش يا بنتي غصب عني..... أصل روحت مع بتول المستشفي.. ومفوقتش غير لما ولدت....!!
إبان بفرحة: بجد.... ولدت.... طب وهي عاملة إيه دلوقتي.. ؟!!
منى: الحمدلله.... بس لسه مفاقتش ....بس انا هقعد معاها للصبح....
أومأت برأسها وكأنها تراها: ماشي.... بس أبقي طمنيني عليها....
مني: طيب... يا حبيبتي... خلي بالك من نفسك...
أغلقت المكالمة مع والدتها بعدما أعطتها الأخيرة نصائح خاصة لأنها تمكث الآن لوحدها بعدما ذهب والدها في سبات عميق .....
أمسكت الهاتف لتتفحصه فمازال الوقت مبكرا علي النوم..
سمعت صوت جرس الباب يرن فاتجهت لتفتحه ...
وجدت شخصا غريبا يقف علي عاتبة الباب فتساءلت: نعم مين حضرتك.... وعايز إيه... ؟!
تنحنح الآخر ليقول: مش أنتي إبان الشافعي...! ؟؟
أومأت برأسها قائلة: أيوة أنا مين حضرتك... ؟!!
- أنا كنت عايزك تتعرفي علي واحد احنا لقيناه مرمي في الشارع وعربيته عاملة حادثة.... ولما فتحنا المحفظة بتاعته عرفنا إن اسمه إياس....ومقالش حاجة غير إبان وبس... واحنا قدرنا نوصل لهنا بعدما لقينا معلوماتك في سيارته اللي عاملة حادثة...
جحظت عيناها بقوة وهي تقول بصدمة :حضرتك قولت فين.... ؟!!!
- تحت في العربية. ....
ولم يكن ينهي الرجل الغريب جملته حتى انطلقت إبان تعدو بسرعة تأخذ درجات السلم معا... وقلبها ينبض بالخوف....
وصلت إلى أسفل بسرعة ودموعها تتسابق علي وجهها..
لم تجد شيئا بالأسفل. .....ظنت أنه بسبب دموعها لا تستطيع الرؤية جيداً فمسحتها بعنف ....ولكن مازال هناك لا شئ...
لم تشعر بعدها إلا بيد قوية تقبض علي فمها ليمنع صرخاتها من الخروج وهي تقاوم بشراسة حتى خارت قواها وفقدت الوعي نتيجة المخدر الذي اشتمته..
سقطت بين يدي الرجل الغريب قبل أن يشير لسيارة أخرى أن تأتي إليه. ....فنزل منها شخصا آخر ليساعده في ادخالها في السيارة.... لينطلقوا بها نحو مستقبل مجهول......!!

سأظل لك (قلبي لك ج2) للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن