فصل 15

9K 227 0
                                    


في غرفة الفتيات...
جلست ياسمين في مواجهة إبان تنظر نحوها بتعجب وعلي وجهها أكبر علامة استفهام يمكن أن تراها...
إبان بضيق :في إيه بقا.... بقالك نص ساعة بتبحلقي فيا.. ؟!
-استغراب..... تعجب..... وحيرة....
وعلامة 111على وجهها تعجبا: إيه دول... ؟!
-علاقتك بإياس...!!
تنهدت بحزن وقالت: حتى أنا مش فاهماها.... بحبه وبكره.. بحس بأمانه وبخاف من نظرته.... مش عايزة أشوفه وبحس إني عايشة مبسوطة أول ما أشوفه... أنا مش عارفة ولا فاهمة حاجة....
دندت ياسمين :أنا مش أنا....
ضربتها وهي تقول بغضب :أبوشكلك فصيلة...!!
ضحكت ياسمين قائلة: صدقيني لو عايزة تعيشي مبسوطة.. شوفي بتول عملت إيه واعملي زيها... ؛!
-بتول...!!!!!
ياسمين مؤكدة: أيوة بتول.... هي الوحيدة اللي فاهمة العيشة الزوجية صح....
وعلامة تعجب كبيرة على وجهها تعادل حجم علامة استفهام ياسمين وهي تقول: بتول المجنونة....!!!
ضحكت ضحكتها الرنانة قائلة: أيوة بتول المجنونة... !
أتى حازم بعد طرقه الباب لينضم لهما قائلا: إيه اللي بيضحك..!! ؟
ضحكت إبان وهي تقول: بتول المجنونة...!!
حازم: بتتريقوا عليها... أنا لا أسمح....!!
وقفت الفتاتان وهما يغنيان وصوت ضحكاتهم يملأ المكان بهجة: أنا لا أسمح... أنا لا أسمح.... أختي ترقص على المسرح....
راقبهما بغيظ فهما لا يكملان حديث لآخره.. وعند أول ثغرة تنقلب ضدك الدُفة.......
بعد معاناة أجلسهما ليكمل حديثه معهما...
جلستا تنهجان من التعب وضحكاتهم تخبو تدريجيا... حتى الهدوء التام....
حازم: احنا راجعين القاهرة بكرة....!!
أمسكت بيده إبان تترجاه :لا بلييز... خلينا شوية كمان...!
حك مكان اللكمة وهو يقول: لا كفاية كده.... أنا عندي بنت وعايزة أربيها....
ضحكت إبان بحرج قائلة: مهو كمان ساكن في القاهرة وعنده قصر كبير....!!
-طفلة تحكي عن انجازات والدها....
جملة انطلقت من ياسمين كطبيبة تبلغ المريض بنوع مرضه بعملية بحتة....
اكمل حازم بنفس النبرة: وكتلميذ أحب شرح أستاذه في مادته المفضلة فلم يعد يرى عيوبه خارج الفصل....
اغتاظت إبان فقامت مغادرة وهي تلقي كلمات مبهمة...
في حين اقترب حازم من ياسمين ليضمها بذراعه وهو يقول بحنان والد وليس أخ أصغر: والعسل ناوي على إيه... ؟؛
نظرت إليه بعينين تحمل نظرة مبهمة لم يستطع تفسيرها قائلة: عايزة أشتغل في مجال تخرجي...!!
سألها: عايزة تفتحي مكتب...!!
حركت رأسها نفيا: لا.. أشتغل في أي مكتب محاماة...
سألها بنبرة ذات مغزى: بس صعب تلاقي محامية... معظمهم هيبقوا محامين....
ربتت على يده قائلة بابتسامة مطمئنة: أنا كويسة... وسنتين حلوين عشان ننسى...
-أو نقدر نعيش في مسلسل النسيان اللي عملناه...
ألقى إليها نظرة تسبر أغوارها فأشاحت بعينيه بعيدا قبل أن تحتضنه بقوة طالبة أمان تجده بوجوده...
فشدد من احتضانها ليبث لها أمان تحتاجه دون أن تطلبه..
ياسمين: أنا كويسة....
##$##
أمسك بالصغير ليضعه في حضن جدته قبل أن يركب بجانب أخاه الذي يقود السيارة عائدة إلى القاهرة..
في المساء كانوا قد وصلوا إلى القصر...حمل ابنه يبث في نفسه أمانا للرهبة التي أصابته... 23 عاما من الغياب
من الضياع
من وحدة موحشة كانت تلتهمه تدريجيا...
من أناس حوله ملائكة ومن خلفه شياطين...
من حياة وعمر يضيعان أمام العينين دون محاولة ايقاف عجلة القيادة....
من فقدان حنان أمٍ وأمان أب.....
من عالم يعيش به وحيدا لا قريب له يداويه..
أمسك إياس بيده المرتعشة كطفل صغير يتعلم المشي لأول مرة وترك والداه له يسير وحده....
أومأ له مبتسما بامتنان ليدخلوا جميعا.... حاول التفكير في شئ يبعده عن ذاك الشعور.... فلم تحضر سوي ضحكتها الرنانة.... .ابتسامة شقت شفتيه....
تفحص القصر فكان كما تركه على حسب تذكره من ذاكرته الطفولية وكذلك الصور التي يحتفظ بها....
جلس بالقرب من فريدة ومازال يحمل الصغير....
ساعة ووصلت مي تؤامه رفيقة طفولته التي قضاها معها.
حبه الأول والأخير كما كان يسكتها بأنه لن يحب بيريهان كما يحبها بل سيظل يحبها هي فقط.... هي نيمو...سمكته المدللة ....شيكولاه المفضلة....
لم تلتف لأحد من الحاضرين بل توجهت نحو حضنه الذي اشتاقت إليه... حضنه ذاك الذي كانت تستمد منه الأمان... ذاك الحضن الذي كانت تختبئ فيه بعد حكاية مرعبة سمعتها أو فيلم رأته فأحبت أن تكمله للنهاية.... .
بكت كما لم تبكي من قبل.... بكت كطفل صغير احتضنه والده بعد غياب.... بكت كما لم تبكي من ضرب باسم لها..
كم هو موجع الغياب.... ولحظة اللقاء لا يمكن وصفها... حتى من عاشها لا يستطيع تفسير ما يشعر به.... قلوب مضطربة.. ومشاعر مختلطة..... وآآآه من الاشتياق...
ظلت مدة ليست بالقصيرة تنعم بدفء حضنه وأمانه التي كانت تستشعره في صغرها استحضرته....
دقائق وسيطرت على نفسها لنزعها من أحضان اشتاقت إليها لتلتقي بعيونه الرمادية التي تحولت لزرقاء فبدا أكثر وسامة من ذي قبل ذاك الذي يشبه توم كروز في جماله ..
ابتسم وبادلته ابتسامته وهي تقول: وحشتني....
-دي أقل كلمة ممكن أقولها عن اللي أنا حاسه....
-هتقعد... ؟!
طلب أكثر منه سؤال... تعيد الاجابة في رأسها كما تريد ويديها تتحرك بتوتر....
-هقعد....!!
-استقرار... مش سياحة...!! ؟
-استقرار....
ضحكت بقوة وهي تذهب لتحتضن أختها بقوة أقل من يوسف..... اشتاقت إليها.... ربما.... فحياتها كانت منحصرة حول رجوع الغائب....
بعد السلامات وبعض السخرية من إياس... ساد الصمت قليلا قبل أن تقطعه فريدة....
-ناوي على إيه يا يوسف..... ؟!
يوسف: في إيه..!!!
هو يعلم مقصدها وقصد الجهل... سؤالها لا إجابة له... لم يسأل نفسه هذا السؤال من قبل... فحياته كانت عبارة عن عقد يحتوي على خرزات لا شكل لها موضوعة بعشوائية تسقط كل واحدة منها في اليوم وتتوالى الخرزات يوما بعد يوم... عمر ضائع.... وحياة مملة بروتين أمّل....
انتشلته من شروده فريدة وهي تقول: هتشتغل فين.. ؟؟!
يوسف :مش عارف.... بس أكيد مش هشتغل مع حد..!!
فريدة: طب إيه رأيك تفتح مكتب.... وأهو تستغل اسم إياس....
اسم إياس... أم اسم أبيه.... أيا يكن.... لا يهم... المهم وجود حياة... عائلة ..... سعادة ربما.....
إياس: في مكتب....
قاطعته فريدة بحزم :المكتب ميكونش فيه أوض يعرف ينام فيها...
إياس :طيب.... فيه مكتب بأوضة وصالة.... أوضة مكتب ومكتب السكرتيرة ....
مي: حلو ده.... وده قريب من هنا....
-يعني... مسافة نص ساعة بالعربية....
فريدة: إيه رأيك يا يوسف....!؟!
-مش بطال يا ماما.... أهو تسلية وقت وخلاص...
إياس: طب تمام... أنا هشوف السمسار ونتفق معاه...
-ماشي.... أنا قايم أرتاح...
نهضت مي هي الأخرى قائلة: وأنا همشي أنا كمان....
سلمت على الجميع مع حضن قوي ليوسف قبل أن تتجه مغادرة نحو منزلها بصحبة إياس.....
##$###
في اسكندرية...
وقفت إبان تتأمل غروب الشمس واندماجها مع البحر في صورة أبدع الخالق في رسمها....
التفتت نحو حازم وهي تقول: حازم... أنا عايزة أركب يخت..!!
_حازم: أبقي خلى الوحش بتاعك يركبك....
إبان بغيظ: حازم... بطل غلاسة بقا... عايزة أركب يخت..
-وأنا بقولك... معنديش أعصاب....
ضربت الأرض بقدمها مغتاظة:تصدق... أنا فرحانة فيك... تستاهل الضرب اللي أخدته منه. ..
رحلت بعدها وضحكاته تتبعها .....
##$##
في اليوم التالي
استعد الجميع للمغادرة.... بحثت عنه بنظريها ..فلم تجده..
ركبوا جميعا في السيارة...
ياسمين: الحب ولع في الدرة ياسعدية....
ضحك الجميع ،فقال حازم: لا ونار شايطة كمان.
إبان بغيظ :هو أنا تسلاية الطريق ولا إيه... ؟!
دندن مصطفى: حب إيه...اللي أنت جاي تقول عليه...
ضحك الجميع وردت إبان مغتاظة: حتى أنت يا بابا..!
منى:بس ملكوش دعوة بيها.... إيه واحدة وبتحب واحد رباها... عادي يعني....
إبان: ليه وهو أنا كنت ناقصة يعني... ؟!.
حازم: يمكن الراجل شاف كده... فصمم عليكي...
إبان :لا والله.... أنا لا يمكن اصدق الكلام ده...!
-عاشق في بئر وحبيبه معه فظن أنه قصر...
حازم: أو سجين منذ الأزل فلم يعد يفرق بين النور والظلام....
إبان بغضب: بس خلاص... سكت أهو. ....
ضحكوا جميعا. ..قبل أن يسود الصمت.. يُقطع أحيانا قبل أن يسود مرة أخرى.....
وصلوا إلى المنزل في المساء... وتفرقوا كل إلى شقته وشقة حازم في الطابق العلوي....
##$$##
بعد يومين.....
في منزل أمجد... اجتمع الكل في زيارة لرؤية المريض..
حمله حده بعدما سمى وبارك له ولوالديه وأدعية تُسر لها النفس....
أمجد: حمدلله على السلامة يا حازم.....
-الله يسلمك يا أمجد... والله ليك وحشة أنت وبتول... ؛!
أتت بتول حاملة صينية الشاي وإبان خلفها تحمل طبق الفواكه وياسمين التي تحمل الأطباق الفارغة....
بتول بحزن :بقا كده يا حازم... عشرة أيام بحالهم في اسكندرية .
-والله كانت القعدة حلوة... لولاكي مكنتش نزلت...
بتول: خوفت على زيزو.. وإلا كده كنت جيت قعدت معاكم....
-تتعوض مرة تانية إن شاء الله.. يكون الأستاذ زيزو شد حيله وكمان أمجد يعرف يقعد معانا...!
-وهو أمجد قاعد في البيت لما يسافر....!!
أمجد: طب أنا ذنبي إيه... مش الشغل كده...
ربت على كتفه حازم: الله يكون في عونك...
تساءلت بتول عن سبب الجرح بجانب فم حازم: ده إيه اللي في وشك ده.يا حازم...!!؟
تحسس جانب فمه وهو ينظر نحو إبان: لا دي خناقة مع وحش كاسر...
دارت ابتسامتها عن الأعين...
وأكملت ياسمين: لقيناه فجأة كده دخل علينا وخرج زي ما دخل فجأة....
بتول: ده شكله إيه الوحش ده.... ؟!
إبان: حلو.... وظريف وكيوت... وكل حاجة حلوة....
ياسمين وهي تحرك يدها في الهواء وكأنها تعزف الكمان قائلة بحالمية: ها... وإيه كمان...؟!
إبان بغيظ: يووه وبعدين بقا... مش هي اللي طلبت أوصفه......
بتول: وهو في وحش كاسر شكله كيوت...؟!
إبان: أيوة... هو كده.... نوع جديد...!!
ياسمين: أيوة وعيونه رمادي وطويل شوية وتوم كروز في عيون الهانم...
كلمتها الأخيرة كانت تشير برأسها نحو إبان بنظرة ذات معنى.....
صرخت بتول فجأة قائلة: إياس... !!
ضحكت ياسمين: أيوة.. هو...
بتول: أنتي لسه بتحبيه...!! ؟
إبان بخجل: عادي يعني... !!
فحصتها بعيونها تحت ميكرسكوب عملاق: امممم ..وده معناه إيه بقا... تمثلية اللي كانت من 6 شهور دي...
إبان: لا... بس الوضع اتغير عادي ...!!
بتول: امممم ...مهي مراية الحب أعمى...!!
طوال الحفل لم تسلم من سخريتهم... إلى أن انتهت بسلام وعادوا للمنزل...

سأظل لك (قلبي لك ج2) للكاتبه أميرة صلاححيث تعيش القصص. اكتشف الآن