كان جواب جملتها الصمت للحظه لتسمعه يقول بعدها بينما يدها
تشتد على الهاتف
“ أين أنت يا نور تحديدا ...وأنا آتي اليك لنتحدث في التفاصيل .."
عضت شفتها وعقلها يخبرها ألا يرى والدتها اليوم ... لا تعلم لما تريد رؤية
وجهه وهي تخبره بموافقتها ..؟؟
أي مشاعر حمقاء تتلبسك يا نوران ... لقد أتاك عريس لا تحلمين به
ربما سينظر لك الحي بعد ذلك بأنك سحرت له كي توقعيه
استيقظي من أحلام المراهقه تلك.؟ باﻷشعار والحب والغرام وخذي خطوة جاده
ولكن هل لو أخبرنا القلب كل دقيقه بهذا سيستمع ...؟؟
أبدا ..
القلوب لا تخضع لصوت ... لا تخضع لقرار
هي قلوب وكفى ...!
“ نوران .."
أتاها صوته ببعض نفاذ الصبر
لتنظر حولها .. منازل الجيران والمارة المعروف معظمهم .. لا يمكن
أن يأتيها هنا ..! ..
وأيضا رغبه دفينه تحكمت بها ..
همست بتردد
“ لا يمكن أن تأتي هنا ... الجيران .."
بعد جملتها تلك كان يسألها عن مكانه ليرسل لها سيارة الا أنها بعد تردد
وافقت ولكن ستقف على أول الطريق بعيد قليلا حتى لا يلاحظ أحد
فالناس لا تترك أحد لحاله
بعد وقت كانت تجلس في السيارة وفي طريقها له ... تفرك أصابعها بتوتر
رغم عملية فاروق وشعبيته وعمله كتاجر الا أنه كما يبدو متيسر ماديا
وهذا زاد من قلقها
حينما وصلت له كان يستقبلها بوقفته المهيبه ... عباءته المفتوحه فوق
بذلته الرمادية اﻷنيقه
جسد رجولي لا يعيبه شئ .. وذقن مزينه ببعض الشعيرات البيضاء الوقورة
طردت خفقه من قلبها وهي تقف أمامه تبتعد بعينيها وتهمس بخجل
“ السلام عليكم .."
" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... "
قالها وهو يتفحصها بعينيه .. بدت اليوم مختلفه ... ثيابها أكثر أناقه
واحتضنت جسدها النحيل برقه مستفزه رغم سواد اﻷلوان ..
بدت ... بدت أكثر جمال كشكل عام وهذا ضايقه
هو يريدها كما هي .. بحالتها اﻷولى ..
تنحنح يقول بهدوء ظاهري
“ تفضلي يا نوران .. أنرت المكان بأكمله .."
تقدمت بتردد وداخلها يهمس
) لم يظهر في عينيه أي شئ لرؤيتها ... كل سواء ..)
تنهدت بحزن طفولي لتشعر به يتقدمها وهو يشير على مكان مكتبه
في المتجر الكبير لتقدم وتجلس على الكرسي بانكماش وخجل
بينما هو جلس أمامها يسألها بلباقه
“ ماذا تشربين يا نوران ...؟؟..."
هزت رأسها لتجيبه بخجل يلفها
“ لا شئ .. لا أريد شئ ..."
بينما هو أشار ﻷحد العاملين وقال بهدوء
“ سأطلب لك أنا .."
كانت تشعر بداخلها يرتعش من هذا الموقف ...
تبا .. تبدو كفتاه صغيره خجله وهي تريد أن تبدو واثقه
ولكن متى توافق ما نريد مع ما يحدث ...؟؟
رفعت عينيها ترمقه بحذر من بين أهدابها ... دقات قلبها تدق بقوة
وهي ترى وسامته الخشنه ... تلك التي تجذب العين وهي عينيها عذراء كقلبها
ككل شئ فيها ..
كطفلة صغيرة تبدأ أولى خطواتها وحدها
“ إذا يا نوران فاتحت والدتك في الموضوع ...؟؟.."
أخرجها صوته من شرودها فيه.. لتومئ برأسها ووجنتاها تتخضبان بخجل
فتنحنح يقول بجدية
“ أنا سآتي لها أفاتحها بنفسي ولكن أريد أن أخبرك شئ ... سيكون زواجنا
عقد قران... فظروفك لا تسمح بعرس وأيضا أنا تزوجت من قبل ولا أريد عرس .."
بسيطة تلك الكلمات التي تنفذ للقلب توجعه ببساطه
وجع كسر اﻷحلام ....!!
الفستان اﻷبيض أصبح حلم لن يحدث
أجابته بتحشرج وقلبها يؤلمها في تلك اللحظه
“ بالفعل لا يصح عمل عرس ووالدي متوفي منذ وقت قريب .."
تنهد براحه ليقول بصوت أجش عميق
“ حسنا إذا اتفقنا ..."
فركت أصابع يدها بتوتر .... وشعور بالجمود يتسرب لها
لماذا يتحدث بكل تلك العمليه وكأنها مهمه سيقضيها وينتهي منها
وماذا بعد يا نوران ...؟؟
متى ستتسرب الفرحه لقلبك ...؟؟
همست بتردد
“ أنا لم أتعرف على عائلتك للآن ... ألن أراهم ....؟؟..."
زفره خرجت منه ليميل قليلا ينظر لعينيها بنظرة قويه ويرد عليها
“ لماذا تتعاملين معي يا نوران وكأنني شاب صغير ما زال ينتظر والده
ووالدته يجاورونه في كل شئ .... المهم الآن أن تخرجي أنت ووالدتك
من مأزقكم وألا تحمل والدتك الهم .."
توسعت عيناها بتوجس ..... تبا .. تلك الرتابه تبتلعها .. تأخذ ما تبقى
من عمرها وهي تتقبل ما يقوله غيرها دوما دون الحق في المجادله
ولم تستطع الا أن تهمس همسه صغيرة
“ أنا لا أفهم ... ألن أتعرف عليهم .. أم أنهم ...."
قاطعها بصرامه قبل أن تدخل لاستنتاجات طويله ليس له صبر عليها
“ ستتعرفين عليهم يا نوران بالتأكيد .. ولكن كما تعلمين هما كبار في العمر
ولن يستطيعا الحضور معي ..."
غامت عيناها الناعستان بمشاعر غريبه وكأنها تحارب رمال متحركه
بينما هو شرد للحظه في عينيها
تملك عينين بهدوء الليل وعمقه ... كسله وخموله وجماله
ناعمه ناعسه تخطف النظر
تبا لم يظهر جمالهما هذا من أول مقابله ... هو لا يريدها جميله
لا يريد شئ .. لا شئ على الاطلاق
قدم العامل بالشروبات فقرب فنجانها منها ليقول
“ تفضلي يا نوران .. تناوليه ..."
وفي كل كلمة لطيفه يكمن أمر مخفي
ألم تكتف من اﻷوامر في حياتها ... ألا يكفي ...!
أومأت ببطئ لتأخذ فنجانها بينما هو يتابع بنفس نبرته
“ لا تشتري أي شئ يا نوران ... كل شئ سيكون مجهز تماما لن يحتاج
سوى تشريفك ..."
همست بتلعثم
“ ليس هناك داعي لكل ه......."
قاطعها بنبرة هادئه قوية
“ اسمعي الكلام ... كل شئ سيكون مجهز فقط خذي موعد مع والدتك
حتى آتي لها نتفق على كل شئ .."
أومأت برأسها وعيناها تهبطان لفستانها الرقيق بأسى
لقد كانت سعيدة به ومتحمسه كحماس طفلة صغيرة ليلة العيد حينما تحتضن
ثيابها الجديده في نومها
ولكن يبدو أن الحماس من المشاعر التي ستضع عليها خط بعد ذلك ..
أنت تقرأ
سلسلة قلوب شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )
Romanceتم نقلها من منتدى روايتي الثقافية للكاتبة المتميزة HAdeer Mansour