الفصل الخامس والعشرون

20.5K 437 5
                                    

ترددت نوران وهي تقف على الباب ... تتردد في الدخول
لقد أتت بناء على طلب والدتها حينما سمعاه يدخل المنزل
ولم يمر عليهما كما المعتاد فأخبرتها والدتها أن تنهض
لترى ما به زوجها ... !
أي زوج يا أمي .... ؟؟ .. فأنا في حياته غريبه ليس لها
حق في شئ ... ولا أعلم إن كنت أملك دقة واحدة من قلبه
انتبهت لوقفتها لتشحذ قوتها وتطرق الباب وتدخل
لتشعر بالصمت يغرق الغرفه ... وهو هناك يقف بصمت قاتل

نظرت لظهره المتشنج ... تلك الشحنه الصادرة منه
حزن ... قهر ... غضب ... صمت يمﻷ المكان وهو ينظر للاشئ
همست بتردد وكأنها تتعدى على خصوصيته وهي ليس من حقها
" ماذا بك يا فاروق ..؟؟..."
لم يجبها وقد اشتدت أنفاسه لتصلها زفرته المخنوقه لتعقد حاجبيها
قلقا عليه ... رغما عنها تقلق وتشعر به
وتتساءل ماذا حدث ليبدو بهذا الشكل ...؟؟
هذا العذاب البادي على جسده بأكمله حتى أنفاسه المخنوقه
لتأخذ خطوتها وتقترب ...!
رغم تحذيرات عقلها ولكن قلبها لم يستطع الصمود
لم يتحمل أكثر رؤيته بهذا الصمت الموجع لتقترب بقلبها قبل
خطواتها ... أنفاسها تزداد وهي تمد يدها تلامس ظهره المتشنج
وتهمس برقه
" ماذا حدث ... ؟؟..."
أخذ نفس مسموع ليلتفت لها بملامحه المرسومه باﻷلم
عيناه تغرقان ببحر عميق من المشاعر المتداخلة التي أوجعت قلبها
ﻷجله ...
رمشت بحيرة لتهمس بسؤالها الذي تحتاج إجابته ليرتاح قلبها
" ماذا بك ... ؟؟ .. هل تتوجع من شئ ..؟؟..."
ولكنها شعرت بسطحية سؤالها أمام صمته لتعاود السؤال بحنان
متدفق نابع منها
" هل حدث مكروه ﻷحد من عائلتك .. ؟؟.."
رفت عيناه رغما عنه لتتسع عيناها بفهم وتهمس بمؤازرة
" لا تقلق يا فاروق .. كل شئ سيكون بخير .. "
اسمه ينساب من بين شفتيها بدفئ خاص بها ... دفئ يتغلغل داخله
يبدل نيران حياته السابقه ... جمره الذي يتقلب عليه بمشاعر شتى
لدفئ ... حنان هو في أمس الحاجه له ... نيران متفردة
نيران أخرى لم يجربها من قبل ... تلك النيران المتوهجه التي تنير
الحياه وتغمرها بالدفئ

خرج صوته متحشرج ... مثقل بالهم
" لن يكون شئ بخير يا نور ... حينما تتسرب حياة من نحبهم من بين
يدينا ونحن مكبلين .. إذا لا يوجد شئ بخير ...
حينما يبكي القلب بصمت ... واﻷلم ينخر في الروح دون رحمه
إذا لا يوجد شئ بخير ..."
شهقت وعيناها تلمعان بالدموع لتهمس وهي تقترب خطوة أخرى
منه تحارب أناملها التي توجعها كي تلامس وجهه تخفف عنه
" يا الهي .. ماذا حدث لكل هذا ... ؟؟ .. أرحني يا فاروق وأخبرني.."
رفع يديه يمسح وجهه بتعب .. أنفاسه تختنق رغما عنه
حينما أخبرته والدته بتعب والده شعر بجسده يتجمد ... الشحوب يتملكه ... اﻷلم يسكن قلبه وهو يتخيل والده لم يعد موجود
ولسانه ما زال مقيد ... لم يستطع قول شئ وقد ارتسمت
الصورة أمام عينيه .. السواد يحيط به ووجع الروح يكملها .. ينهش
داخله .. يؤنبه على ابتعاده ... على محاسبته
وهل هناك أصعب من هذا الوجع
أن تريد ولا تقدر
تريد المسامحه ولا تستطيع تقديمها
همس بصوت مخنوق فاقد للروح
" أبي مريض يا نور ... المرض ينهشه وأنا لا أعلم ..ربما لن
يكون متواجد غدا ..ربما لن أراه مرة أخرى .. لن أحتضنه مرة أخرى
لقد اشتقت لحضنه يا نور .. لقد مرت سنوات منذ احتضنني ... أنا متعب يا نور .... أمووووووت .... "
لم تستطع المحاربه أكثر وهي تقترب تأخذ وجهه بين يديها .. تلامسه
بكل الحنان الذي تملكه ... تهمس له بصوتها الدافئ
المعذب ﻷجله
" كل شئ بقدر الله ... ألم تخبرني هذا من قبل ... ألم تخبرني
أن أكون قويه .... ؟؟؟ ... أن أقف وأواجه وأتحمل ... لماذا
لا تفعل هذا الآن ... ؟؟ ....."
نظر لها من هذا القرب الشديد ليهمس بروح ضائعه
" أنا أبحث عن قوتي ولا أجدها يا نور ... أشعر بيداي مقيدتان
بسلاسل غليظه تمنعني ... كل المشاعر تختلط داخلي ... تحاربني
وأحاربها حتى تعبت ... "

سلسلة  قلوب  شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن