الفصل الحادي والثلاثون

23.3K 454 5
                                    


اليوم الثاني كانت صامته بشكل غريب وقد انتهى العرس بالأمس في وقت متأخر
لينام البعض في المنزل دون القدرة على العودة لمنازلهم والبعض الآخر عاد
لتكون غادة وعائلتها من الموجودين في المنزل
ليلا نامت بتعب دون القدرة على قول شئ لصفوان وما ساعدها انشغال صفوان
مع الرجال بالأسفل لتغرق في النوم قبل صعوده..
لقد كانت مُتعبه بالأمس حتى شعرت بكل ما حدث خيالات ولكنها اليوم هادئه
صلبه .. وبأفضل حال لتتأكد أن ما حدث حقيقي وأن تلك اللزجه التي كانت ترمي
عليها الكلمات البغيضه تريد سرقة زوجها وهدم حياتها ..
ألا يكفيها حماتها لتأتي هذه ....!!

وقفت في البهو تشغل نفسها بالكرسيتالات الموضوعه في الجانب لتلمح غادة وهي تتجه
للخارج دون كلام لتوقفها بصوت قوي .. قاصف
" ألن تقولي صباح الخير لي ...."
توقفت غادة بتشنج .. تتنفس سريعا بقلق وتوتر وقد اختفت شجاعة الأمس
لتترك محلها قلق من أن يعرف والدها ما فعلت ولكن وتين لم تترك لها فرصه للرد وهي
تقول بتشدد وبنبرة قاطعه قوية
" ولكن .. أنا من ستقول لك صباح الخير ...."
ثم تابعت بنبرة أقوى وهي تقترب منها ... تنظر في عينيها بازدراء
" وأقول لك شئ آخر ... لا أريد رؤيتك مرة أخرى في منزلي ...."
ولكن صوت آخر أتى من خلفها بتساؤل غاضب جعلها تستدير لتستجمع كل قوتها
فلن تصمت بعد اليوم
" أي منزل هذا الذي تتحدثين عنه يا ابنة الراوي ...ومن التي تريدينها خارجه.؟؟...."
التفتت وتين لأم صفوان بهدوء ورأس شامخ وصدر يحمل داخله الكثير لتجيبها ببساطه
تتخللها القوة والإصرار
" أقول لهذه ..."
ثم أشارت على غادة بازدراء لتشحب غادة أكثر وينعقد لسانها وهي تدعو الله
ألا تأتي أمها في تلك اللحظه أو أي شخص كي لا ينتشر الموضوع فيعاقبها والدها
على تهورها وقلة حياءها
" هذا إن كان هذا بيتك من الأساس يا ابنة الراوي ... ولكن ماذا أقول .. هذا هو
المتوقع منك .. فيبدو أن أهلك لم يعلموكِ الأصول ...."
اتسعت عينا وتين وقد أخذت اشارة حماتها بأنها تعايرها بأنها لم يكن لها أم تخبرها
ماذا يجب أن تفعل ... ورغم أن أم صفوان لم تقصد هذا بالظبط رغم قساوتها
لتبتلع وتين دموع كادت تملأ عينيها لترد بتشنج وصوت قاسي
" أنا ابنة الأصول يا حاجه ... من بيت أصيل وعائلة أصيلة ... ابنة رجل وشقيقة
الرجال ولا أسمح لمخلوق على هذه الأرض أن يهين عائلتي ولو بالإشارة ...."
اتسعت عينا غادة وهي ترى قسوة بادية على وتين التي دوما هادئة .. رقيقه .. مجامله
ولكن الفتاه لا تظهر كل شئ مرة واحده لتتابع الموقف
زوجة عمها تقف بصلابه والأخرى تواجهها بصلابه لا تقل عنها وكل منهما لاهيه عنها
لتتسحب بخطوات مكتومه خارجة من المكان تاركه لهما المجال ... قامعه فضولها ومكتفيه
بخروجها سالمه من المكان
أطبقت أم صفوان فكيها بقوة لتعقد جبينها بغضب وترد عليها بقوة
" لو كنت ابنة أصل لما كنت تقفين تتجادلين معي هكذا الآن ..... يا زوجة ابني ...."
أمالت وتين رأسها تنظر لها بهدوء لتجيب بسلاسه مغيظه
" لقد كنت أستمع لك دوما طوال الفترة الماضيه يا حاجه .... لم أقف في وجهك يوما
أو أقل أدبي عليك رغم كرهك الظاهر لي في كل خلجه منك .. هذا لأن والدي رباني
وأحسن تربيتي ..."
" بل زادك غرورا بدلاله لك ... لم أرد يوما أن يتزوج ابني بامرأه مدللـه تتغندر هنا وهناك
وتشهر كرامتها واسم عائلتها في وجه الجميع .... أردت له امرأه مُطيعه ... لا تنتظر حب
ولا غرام ولا قلة حياء .... كما تفعلين .... أردت امرأه تنفذ كلمته دون جدال ... لقد كان
دوما كلمته سيف يمر على الجميع دون نقاش الى أن أتيت أنت .... "
اشتدت ملامح أم صفوان لترفع وتين حاجبيها بانشداه واستغراب
هل حماتها تحمل في قلبها كل هذا ناحيتها ...؟؟... يا الله .. هل لم تفعل شئ
هي أحبته فقط ... أرادت حياه هادئه مليئه بالحنان والمودة والدلال
ولكن حماتها تكره كينونتها .... تكره طبيعتها الناعمه وربما تغيظها وهي لا تقصد
اتسعت عيناها بألم وهي تستمع لحماتها تضيف
" حتى الولد لم تستطيعِ إنجابه ...."
ردت بدفاع وغضب
" تشعرينني يا حاجه أنني متزوجه من عشر سنوات .... أنا حتى لم أكمل سنه كي
تتحدثي هكذا ...."
تابعت بعينين لامعتين ... غاضبتين ... يزدهر لونهما الغريب بقوة الغضب
وشئ من السخريه في نبرتها
" وهل لهذا تريدين تزويجه يا حاجه ....؟؟..."
هزت أم صفوان رأسها لتجيبها بتكبر وفخر
" صفوان المُسلمي أي امرأه تتمناه ... وإن لم تنجبِ أنت فهناك بالتأكيد أخرى
تستطيع الإنجاب ....."
لقد كانت بصحه جيده صباحا حتى أنها تناولت فطورها بشهيه مفتوحه متناسيه كل شئ
ولكن الآن تشعر بقلبها يسقط دون قدرة على التمسك به
صفوان يتزوج أخرى ... يُحبها ... يدللها بطريقته الرزينه الخاصه ... يُحبها كما يفعل
معها ... يلمسها ... آه يا الله ... لا ... لاااااااااا
لتهتف بخشونه وقد فقدت تحكمها
" أي امرأه أنت لتريدين زواج ابنك بأخرى لتتدمر حياته وتتفكك ... ها ... لماذا تفعلين
ذلك ...؟؟.... هل رأيتيني مُت ....؟؟...."
لوت أم صفوان شفتيها برفض لما تقول لتتجه للأريكه تجلس عليها بهدوء تجيبها
بإباء أكثر من اللازم
" ولماذا تموتين ...؟؟.... من حقه الزواج بمثنى وثلاث ورُباع ... أم أنك جاهله
أيضا ... يا ربي ... هذا ما توقعته أيضا ... لا يا صغيرة ... نحن هنا لسنا في
تمثيليه عاطفيه ... نحن هنا عائلة كبيرة تحتاج لوريث وسند .... هل فهمتِ....؟؟..."
رفعت وتين رأسها بشموخ لتعقد ذراعيها بحركه داعمه لتجيبها بكبرياء
" وليست وتين الراوي من تظل مع رجل يتزوج بأخرى ..... وإن فعلها ولدك ستكون
الفاصلة بيني وبينه ...."
ضحكت أم صفوان باستهزاء وهي ترمقها من رأسها حتى أخمص قدميها لترد ببساطه
واثقه
" وأنا ابني يفعلها بإشارة واحده مني .... فلا تتشددي هكذا حتى لا تنكسر رقبتك
التي ترفعينها لسابع سماء ....."
صمتت وتين لحظه تحاول التحكم في تلك الدموع ولكنها لم تستطع ...
فرضت كل قوتها ولم تستطع أيضا لتلتمع عيناها بدموع الألم وتفتح فمها ترد
عليها بصوت بدا قوي الا أنه كان يموت
" وأنا أخبرتك ... إن فعلها ولدك ستكون الفاصلة بيني وبينه ... لست من الشارع
حتى تضعوني على الرف وتتعاملون وكأنني هواء غير مرئي .... لدي عائله تقف له
وتأخذ حقي ... "
لمعت عينا أم صفوان بقسوة لتجيب
" فكري معي قليلا .... حينما أخبره أن زوجته قليلة الحياء وترد على والدته كلمة بكلمة ... والدته التي لم يجرؤ أحد من قبل على رفع عينيه فيها .... لتأتي زوجته وتفرد جناحيها عليها
حتى لم تفرحها بحفيد يفرح قلبها .... ماذا سيقول .....؟؟...."
ارتعشت وتين لتتنفس بتتابع غاضب ... متألم ... تهمس بتقطع
" ولكن .. أنا لم أكن .. قليلة الحياء معك أبدا.... والإنجاب بيد الله ... ليس لي يد فيه ..."
وقفت أم صفوان بتشدد لترد عليها بجمود
" إذا تعاملي على قدرك ... وافهمي جيدا أن بكري لم يرفض لي طلب من قبل
حتى لو طلبت منه أن يتزوج بأخرى .... فلن يقل لأمه .. لا ....."
صدح صوت وتين ممزوج بشهقة بكاء لم تقدر على كتمه أكثر
" لن يكون رجل إذا ..."
" صفوااان ...."
قالتها أم صفوان بتشفي ليتجمد جسد وتين وهي تشعر به قريب ... قريب أكثر
من اللازم ... لتشعر بنفسها تكاد تتلاشئ ودموعها تنساب رغما عنها
رغم كبرياءها الذي تشددت به أمام حماتها ليصفعها ألم قلبها مرة تلو الأخرى
وهي تقف هكذا بلا حول ولا قوة ... تخشى الالتفات له
لتسمعه يقول بصوت قاصف مخيف
" اصعدي للأعلى يا وتين ...."
هزت رأسها برفض وما زالت لم تنظر له لتنساب المزيد من الدموع
لتهمس بخفوت مُتعَب
" أنا سأذهب لأبي ...."
ليقترب هو يضرب بعصاه الأرض بغضب أعمى ليهدر بعنف لم تُجربه منه من قبل
" قلت اصعدي لغرفتتتتتتك ......"
ما زالت تهز رأسها برفض تحتضن نفسها بقوة بينما أم صفوان تتابع ما يحدث بشماته
وتشفي في كنتها المائعه
لتشعر وتين بيده التي كمشت على ئراعها بقسوة ليديرها تواجهه ..يقول بنبرة صارمه قوية
" نفذي ما أقوله لك ...."
ورغم وجهها الغارق بالدموع الذي أجفله ولكنه لم يتراجع ليشعر بها تهمس
" لا .... أستطيع ...."
لا يعرف ماذا حدث بعدها وهي تتهاوى بين ذراعيه كالخرقة الباليه فاقدة لكل ألوان الحياه
لتلوي أم صفوان شفتيها قائلة بغضب خافت
" وها قد عدنا لدلال البنات الفارغ ..."
" أمييييييييي ..."
ارتد رأس أم صفوان على صوت ابنها المخيف لتنكمش قليلا بينما هو يتابع بقوة
فاقدة للصبر
" لا أريد سماع شئ في تلك اللحظه ...."
ليحمل وتين بعدها ويصعد بها للغرفه كي يُحضر لها الطبيبه

سلسلة  قلوب  شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن