حينما وصلت للمشفى كانت أنفاسها تختنق أكثر وأكثر قلقا
ليس قلق .... ولكنه انسحاب الروح
أن تكون والدتها في المشفى ... لهو الوجع بكل أشكاله
هل توجعت من قبل ...؟؟
في تلك اللحظه لا يمكنها مقارنة أي وجع بما تشعر به الآن ..!
يا الله ... إنها والدتها .... سندها ... صدرها الحنون
الظهر الذي تستند عليه من كل الوجع حولها ...
لا ... لا يمكن أن تخسرها هي اﻷخرى ... ؟؟
ماذا سيتبقى لها .... لماذا ستحيا من اﻷساس ...؟؟
شهقه قوية خرجت منها لتتزامن مع صوت فاروق الخشن
" نوران ...."
رفعت نظرها له .... بعينيها المبللتين بدموع ضعف ووجع
ليرتج قلبه في صدره رغما عنه...
آه من ضعفها ...!
آه من دموعها .... !
لا تعلم كيف اقترب منه وتلك الدموع تجد تلك اللحظه أنسب وقت لتنساب بفيض وهمستها المختنقه
" ماما يا فاروق ..."
لم يستطع الصمود ويده تجذب رأسها لصدره وهو يهمس بصوت
أجش يحمل بعض الحنان
" ششششش .... ستكون بخير ... "
انهارت في دموعها لتتمسك بعباءته الموضوعه على كتفيه بقوه
بينما هو يمسد رأسها المغطى بحجابها وداخله يهيج بالمشاعر
اقترابها منه الآن ..تمسكها به ..... دموعها التي أغرقت وجهها بالكامل ... كل ذلك يجعل داخله يضطرب رغما عنه .... رغما عن قسوته المفرطه ...
تلك الفتاه تجعل حياته تتخبط ....
السخريه ملأته وهو يفكر
هل هي حقا من جعلت حياته تتخبط أم هو من دخل حياتها قهرا
من أدخلها عالمه المظلم دون أي ذنب
ربما رأى فيها صورة الماضي
ربما أوجعه قوة تحملها بينما اﻷولى لم تتحمل وكانت حياتها النتيجه
ربما أعجبته حتى لو أنكر حياته بأكملها
باختصار هو يتخبط
رغم القوة يتخبط .... فإن لم يكن يتخبط لم يكن ليتزوج تلك ال سوسن
لم يكن ليدخلها حياته هي اﻷخرى
فلم تنقصه ذنوب تثقل كاهله ...!
تنهد ليشعر بها تبتعد عنه وتهمس بألم
" أين هي .... ؟؟ .... ماذا حدث .... ؟؟ ... أرجوك يا فاروق
أخبرني أنها بخير ..."
أجابها بهدوء ولطف غريب
" الطبيب طلب بعض التحاليل واﻷشعه .... هي في غرفة الكشف
اطمئني .. "
اتسعت عيناها لتبتعد فجأه وتركض في اتجاه غرفة والدتها بينما
هو يتنهد بتعب وتلك الرائحة الخفيفه تداعب أنفه
رائحتها الخفيفه ... نعومتها .. وعيناها الناعستان بضعف
كل شئ يضرب قلبه بعنف ..!
والآن شعر أنه أخطأ بإرساله سيارة لها لتحضرها ولكنه لم يرد
أن تعلم من غيره .... أراد رؤيتها بنفسه
زفر بقوة ليمد يده يبعد عباءته بعنف عن كتفيه ليظهر قميصه
اﻷبيض اﻷنيق الذي يرسم جذعه الضخم بينما وجهه جامد تماما لا يظهر شئ مما داخله ...!
" ماما .. ماذا حدث ...؟؟.."فتحت والدتها ذراعها لتقول بحنان متعب
" اهدئي يا نوران ... لا يوجد شئ يستدعي القلق .. اهدئي
يا صغيرتي .."
اقتربت منها نوران بدموع تغرق وجهها لتقول بقلق بالغ
" لن أتركك لحظه بعد الآن ... أنا آسفه لانشغالي عنك يا ماما ..
آسفه ... "
ربتت والدتها على ظهرها لتقول بقلب متعب قلقا على الحاضر والغائب
" اهدئي يا نور ..أنا بخير ..لا تقلقي حبيبتي..كل شئ سيكون بخير .... "
بينما نوران تحاول الهدوء وداخلها يقسم أنها لن تتركها لحظه أخرى
فيكفي التعب الذي لاقته في حياتها ...!
أنت تقرأ
سلسلة قلوب شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )
Romanceتم نقلها من منتدى روايتي الثقافية للكاتبة المتميزة HAdeer Mansour