الفصل التاسع والعشرون

22.3K 476 15
                                    

" نوووووووونه ......"

سمعها فاروق بملامح متفاجئه وهو يرى الشاب يحمل نوران ليدور بها
في عناق مشتاق .... بل أكثر من مشتاق في الحقيقه ...!
بينما نوران تنساب دموعها على خديها وابتسامة مرتعشه على فمها
لتغمض عينيها بشعور مختلط ... مفاجأه .... مفاجأه لم تتوقعها ....!
نظر لها فاروق بعين عاشقه .. غيورة ... وكأنه أراد هذه اللهفه
هذا الاشتياق .... هذا الانفتاح في الحب ....أخذ نفس ليهمس
" إذا هذا هو مُحمد ...."
بعد لحظات كانت نوران تقف أمام شقيقها ورغم ملامح الاشتياق ونظرات الراحه
المرسومه على وجهها الا أن تعابير لوم ظهرت أيضا على ملامحها
ليقول مُحمد بتأثر
" سأخبرك بكل شئ يا نونه أقسم لك فلا تنظري لي هكذا .... لا أحتمل..
والآن ...أين أمي ... أموت شوقا لحضنها ....."
قطع استرساله في الحديث صوت فاروق الرجولي
" حمد لله على سلامتك ...."
التفتت نوران تنتبه لفاروق وكأنها نسيته في خضم مفاجأتها لتقول بتردد
أغاظ فاروق للغايه
" هذا فاروق ... زوجي .."
ثم أشارت على محمد لتهمس
" وهذا مُحمد أخي ......"
ضيّق مُحمد عينيه الا أنه سلم عليه بهدوء فليس من حقه الآن سؤال أي
شئ وهو من ابتعد لسنوات طويله عنهم .... ليترك نونه ووالدته وحدهما يواجهان
كل شئ وهو الغبي الذي ظن أنه يستطيع أن يوفر لهما حياة أفضل بعيد عن والده
في وقت قصير .....!

بعد وقت كان يجلس أمام والدته التي غرق وجهها بالدموع ولسانها لم يتوقف
عن الحمد وجملة
" ألم أخبرك أنه سيعود يا نور ...."
ونوران كانت تنظر لها بدعم وابتسامه عذبه ليمسح مُحمد دمعات خائنه أفلتت
من عينيه بدت مناقضه لخشونته المفرطه الظاهره على هيأته
ليقول باعتذار رجولي صادق
" أنا آسف أمي ... لو ظللت أعتذر طوال حياتي لن أوفيك حقك ... لقد أخطأت
حينما تركتك ..... سامحيني ...."
احتضنته والدته لتهمس بدموع أكثر
" يكفي أنك عُدت يا مُحمد .... يكفي أنك عُدت وأنرت عيناي برؤيتك ...."
نظر فاروق لنوران لينسحب خارجا من الغرفه ليترك مُحمد ووالدته في لقائهما
بخصوصيه ... فيبدو أن الشاب يحمل في قلبه الكثير ....!
توقف بجوار الباب ليلتفت لنوران التي تبعته بتردد بادي على ملامحها أغاظه أكثر
ليقول بإصرار
" سأتركك مع شقيقك حتى تطمئني عليه وتشبعي منه وبعدها ستعودين
لبيتك ...."
زمت شفتيها لتجيب بملامح بدا عليها الرفض
" لن أستطيع ترك ماما في تلك الظروف ....."
زفر فاروق بقوة حتى كاد يطيحها من كثرة غيظه الا أنه أجاب بهدوء
مكتوم .... يحاول التحكم في نفسه أكثر
" حسنا .... فلتأت والدتك معنا ... حتى تكون تحت عينيك وتطمئني عليها ..."
رفعت عينيها للسقف بنزق وكأنها تخبره
أي ذكاء هذا الذي تمتلكه ....!!....
لتردف بتنهيدة
" ومُحمد ... هل سنتركه من جديد .... لقد عاد لتوه ....وبالتأكيد يحتاجنا بجواره .."
ضيّق فاروق عينيه لينظر لها بصمت ... طويلا ... حتى رمشت بعينيها عدة مرات
من نظراته واعتقدت أنه سيتركها الآن ويذهب وربما لن يعود ...
ولكنه قال بهدوء... بنبرة خشنه .... ثابته
" ماذا تريدين يا نوران ...؟؟..."
رمشت باضطراب وكأنها لم تتوقع هذا السؤال .....!
اسمها الذي خرج كامل من شفتيه علمت منه أنه على وشك الانفجار..
ليزداد تنفسها والصمت يلفها للحظات دون القدرة على الإجابه ليرد هو بنظرات
قوية لا تقبل الجدل
" تريدين معاقبتي بالابتعاد ... تريدين سلخ روحي عنك أليس كذلك ...؟..."
رفعت عينيها بنظرة تجابه قوته .... نظرة جريحه .... مهما بلغت قوتها الا أنها
متألمه فالذكرى تؤلم في كل لحظه لتهمس بتشدد وحرقه
" وهل كانت روحك معلقه بي لتنسلخ عني من الأساس ...؟؟..على ما أذكر أنك
لم تنظر لي على أنني روح بل خطوة في طريق الحاج فاروق الصالحي بكل مكانته العريقه وسط السوق .."
اقترب أكثر منها ليمسك ذقنها بخشونه كان يكبحها بقوة ليردف بقوة خافته
زلزلت كيانها وجعلت عيناها تتسعان
" أنت تعلمين أن روحي تعلقت بك .وأن ما تقولينه كان غمامه سوداء ووقت عصيب كنت أنت مرساة نجاتي منه .. تعلمين أنك أصبحت ممزوجه بي
بتلك المرة الوحيدة التي لمستك بها والتي أموت شوقا لتكرارها ...."
احمرّت وجنتاها بقوة أمام جرأته ونبرته الأجشه الخاصة ليتابع وهو يبعد عينيه
قسرا عن وجنتيها حتى لا يغرقهما تقبيلا... كي يشبع شوقه الهادر لها
" تعلمين وتوقنين أنك أصبحت معجونه بي .... كل شئ فيك يخصني
حتى أنفاسك الصغيرة اللاهثه تخصني ويجب أن تعلمي شئ آخر ...."

سلسلة  قلوب  شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن