الوجع .....!
هو شعور يعرفه كل قلب ولكن درجاته هي الفارق
فكيف لقلب عرف الفقدان ..
عرف الكسرة
عرف شعور الشفقه
كيف لقلب جرب هدم اﻷحلام في لحظة
جرب الصرخه الصامته
جرب الاحتياج والهوان
كيف لقلب يعاني الموت .....!
وهي بهذه اللحظه تعاني الموت بحق
زوجة من ...؟؟؟
عيناها ارتفعتا له بنظرة غريبه
طوال حياتها جربت الالم .. حياتها مع والدها كانت كلها وجع
ذل وكسرة واحتياج .. وبخل
ولكن تلك اللحظه ... ما حدث منذ أمس خط بداية عذاب جديد
عذاب لم تكن تعلم أن له وجود
نظرتها قابلها بثبات ربما لمحه .. لمحه بسيطه من تأثر
مرت بعينيه لتختفي ويرد على اﻷخرى بثبات
" تقصدين طليقتي .."
والمفاجآت تتوالى
ولزيادتها أجابته سوسن بهدوء شديد
" يمكنك إرجاعي ... وأنا أريد العودة .."
التوت شفتاه بسخرية مؤلمه ليقول بصوت هادئ
" سنرى هذا الموضوع فيما بعد .."
ثم اقترب من والدته ويده تزيح سوسن بهدوء شديد
ليقبل رأسها بجفاف ويقول
" كيف حالك يا أمي ..؟؟.."
كانت والدته تناظر تلك الشابه التي أحضرها
وجه الفتاه الشاحب ... عيناها الواسعتان اللتان تتابعان ما حولها
وتلك الدموع الحبيسه التي تمسكها بقوة تحسد عليها
وصمتها غريب
متفرجه ...!!
همست والدته بحيرة
" تزوجت حقا ..؟؟..."
ورغم قساوة ولدها الا أنه لا يكذب عليها أبدا
لذا قال بكل بساطه
" نعم هي زوجتي ... نوران ..."
ثم سألها دون أن ينظر لزوجته التي تموت خلفه
" أين الحاج ..؟؟...."
قالها بلمحة سخريه وهو يلج للبيت ووالدته تتبعه بوجه محتقن
بينما سوسن رمقتها بنظرة كارهه
لتدخل هي اﻷخرى
بينما هي وقفت لحظه
لحظه واحدة فقط شعرت معها أن روحها تنسحب منها
أنفاسها تهرب منها ولكنها قاومت
قاومت وهي تدخل وراء الجميع
هي تريد أن تفهم ..!
خطت لتسمع والدته تجيبه بنبرة لائمه شعرت بها
" فاروق توقف لتفهمني كل شئ وأترك والدك الآن.. تعلم
أنه مريض .."
تمتم بنبرة حافه وهو يعطيها ظهره
" مريض ..!...."
قسوة مشعه منه كنور الصباح ... قسوة ظهرت
دون قوة تحكم كالسابق
هدرت والدته بخفوت غاضب
" فااااروق ..!!...."
التفت لها يقف بشموخ ووجه منحوت بصلابه مخيفه
كانت تريد شرح مطول
كيف يتزوج دون إخبارهم ..؟؟
كيف يحضرها الى هنا .. بيت العائلة ...!!
بل ويخبرهم ببساطه أنها زوجته
هل جن أم ماذا ...؟؟
" فاروق أريد شرح مفصل لما تقوله ..
كيف تزوجت دون علمنا ... ؟؟ .. ومن تكون ..؟؟.."
ضيق عينيه بسخريه ليجيبها بهدوء مستفز
" ألن ننتظر الحاج حتى يأتي ويستمع للحكاية هو الآخر
تعلمين يا أمي لا أحب الكلام الكثير .."
كزت والدته على أسنانها من بكرها .
لا يريد تخطي ما حدث
لا يريد المسامحه ..
لا يعلم أننا أحيانا حينما نحمي نوجع دون قصد
أليس كل ابن آدم خطاء ....؟؟
همست بعتاب أمومي محذر
" فاااروق .."
تنهد بمسرحيه زائفه ليقول بتهكم
" هل تخشين على والدي مني يا أمي...؟؟
ألم أكن دوما الرجل المطيع ... ! ولم أعص له أمر أبدا ..
لماذا تخافين هكذا ...؟؟..."
نبرته تختلف عن مقصده
جعل والدته تزفر بتعب بينما سوسن ترمق غريمتها
بتفحص لتلتقط كل عيب
ولا تدري أن غريمتها تحارب الموت
تقاوم السقوط
تحاول تنفس الوجع
لا تعلم أنها تنظر بعينين خفتا نعاسهما لتسكنهما
وحشه .. فراغ كبير يبتلع حتى نظراتها
وهو لاهي عن هذا .. هو لا يراها ولا يشعر بها
هو في تلك اللحظه لا يرى سوى نفسه وفقط
كادت والدته تجيبه ليخرج رجل كبير في السن من غرفه في الجانب
يستند على عصاه بشموخ
رغم الارهاق البادي على ملامحه الا أنه كان صلب
وهو يقف ويقول بهدوء
" مرحبا يا فاروق أنت ومن معك ... "
بسمه ساخرة أفلتت من فاروق ليقول بتهكم
" . الحاج صالح بنفسه يخرج لنا .. مرحبا يا والدي .."
ابتسم والده له بهدوء رغم معرفته بقصد ابنه الا أنه تقبله برحابة
صدر وحكمه ونظرة ثاقبه ليلتفت للفتاه التي تقف
على بعد خطوات متشنجه وكأنها تمثال رخامي
تنظر لهم بشحوب وألم
ليقطع فاروق سؤال والده الصامت ليقول بقوة
" هل تعرفت على زوجتي يا حاج ..؟؟... أرأيت كم أنا ابن مطيع
تزوجت كما قالت لي والدتي وطبعا كل هذا بناء على تعليماتك أنت .."
رمقت سوسن حماتها بغيظ ﻷنها تريد زوجها أن يتزوج عليها
تبا ... ستظل تكرهها طوال العمر
ولكن حماتها لم تنتبه لها
بل كل انتباهها لابنها الموجوع الذي يفرغ وجعه على الجميع
بينما نوران كانت متصلبه تنتظر القادم
وقد جاء بأسوأ التوقعات
صوته صدح ليقطع قلبها ... يدهسه دون رحمه
" وبناء على تعليماتك يا أبي بأن أتزوج فتاه صغيرة ابنة عائلة
مرموقه أو ابنة أحد التجار .. أتباهى بها أمام الجميع
يما أن سوسن لم ترق لكم بعد العشرة رغم أنها اختيارك أيضا..
فقد فعلت بما أنني ابن مطيع .. تزوجت فتاه لا تملك أي
شئ مما قلت ... لا مال ولا جاه ولا عائلة ...
سيرة والدها وحدها تكفي ..."
رفعت عينيها تنظر له ودمعتان بطيئتان تهبطان على
وجنتيها ...
لقد فاق اﻷمر الوجع
إنه الموت ...!
موت بطئ وهوان
امرأه لا تملك شئ ... امرأه معدومة المزايا
في زمن أصبح كل شخص يلتقط مزايا الآخر حتى يتقرب منه
يتقرب للاستفادة
موجوع القلب حتى النهاية ...!
لعنه أصابتها ويبدو أنها لن تنفك
لقد قتلها بسكين ثلم ولم ينظر لها حتى
ألا يجب أن ينظر حتى يملي عينيه من جريمته
ألا يجب أن يرى الجثه بعد قتلها ...!
وماذا تفيد الجثه بعد القتل .....؟؟؟
بينما هو كان أناني في تلك اللحظه
لا يرى سوى نفسه وألمه
واتسعت عينا والده وهو ينظر للفتاه بتمعن
بدت مثيرة للشفقه
قال بصوت خافت صارم يوجه كلامه
" فاروق الزم حدودك ...واحترم المكان الذي تقف فيه.."
ضحكه سارخة خرجت من فاروق وجسده
الضخم ينضح قسوة ليقول بجمود
" أي حدود تلك يا حاج ..؟؟.. "
ثم قست عيناه وهو يقول
" أين كانت تلك الحدود منذ زمن ..؟؟... يوم مقتل فادية.."
لم تستطع والدته الصمود لتقترب أكثر وتقول بهدوء
" فاروق توقف عن هذا ... الحاج مريض .. خذ زوجتك
وارحل يا فاروق وبعدها نتحدث ..."
كان متشنج ... جسده متصلب .. منحوت كالصخر
بينما والده يقابله بقوة وهدوء يحسد عليه
يستند على عصاه يخفي تعبه بقوة فولاذيه .. لم يوقف ولده
بل تركه يفعل ما يريد
بينما كانت هي بعيدة عن الواقع تماما ... في مكان آخر أسود
مكان ظنت أنها خرجت منه ..!
رأته يتحرك من مكانه يقول بجمود بعد أن ألقى على
الجميع نظرة ياردة
" هيا .."
تحركن بخطوات واهنه ميته والصمت يلفها.. تخرج من هذا المكان
بأنفاس مختنقه بينما غريمتها نظرت لحماتها تقول بنبرة غاضبه
" هكذا يا حاجه ... تطلبي منه الزواج علي ... تريدين خراب بيتي..!!"
زفرت حماتها بنزق بينما زوجها تركهما ليعود لغرفته فاليوم
كان راحه ﻷنه شعر ببعض التعب
قالت بجمود
" لماذا تقفين هنا يا سوسن ..؟؟.. اصعدي شقتك فكما ترين
أنا والحاج لسنا في حالة تسمح بكثرة كلام .."
زمت سوسن شفتيها بكره لتستدير خارجه من المكان يتبعها لهيبها
بينما هي دخلت خلف زوجها تتنهد بتعب
وجدته يجلس على الفراش يستند على عصاه وجهه
مطرق بأسى
اقتربت لتقول بهدوء
" ماذا ستفعل معه يا حاج .. لقد بدى كوحش يطيح
من حوله .. وأنا من ظننت أنه هدأ بعد زواجه بسوسن
لقد كان هادئ .. ماذا حدث لينفجر هكذا ..؟؟..."
صمت الحاج صالح لحظات ليقول بعدها بحزن وصلابه
" ولدك لم يهدأ يا فاطمه ... ولدك يخبأ الوجع كي يتفجر مرة واحدة...
ورغم انفجاراته السابقه الا أنه لم يهدأ .. هو الآن يريد أن يوجع من حوله
وأنا أخشى عليه من الندم .. أخشى عليه للغايه.."
اقتربت زوجته منه تربت على كتفه تقول بهدوء حزين
" لا تجلد نفسك أكثر يا حاج ... لقد مر وقت طويل وأنت
لم تكن تعلم أن هذا سيحدث ... لقد كنت تحميه .."
قاطعها زوجها يقول بأسى
" لقد قتلت قلبه يا فاطمه .... أبدلت ابني بآخر
ليس له مرسى ...شخص آخر أصبح صمته مخيف وانفجاره
مخيف .. ولكنه دين .. ويجب أن يرد ..."
غام وجه الحاجه فاطمه بحزن على بكرها
لقد طال وجعه .. كانت تظن أن صمته نسيان
ولكنها كانت مخطأه
حتى أنه وافق والده على زواجه من سوسن
ورغم جفاءه مع سوسن الا أنها متمسكه به ولا تريد الانفصال..
وﻷول مرة لا تلومه على رفضه لشئ
فسوسن بالفعل لا يمكن الحياه معها ... كتلة حقد تمشي على قدمين ..
تنهدت لتقول برفق
" أترك حملك على الله يا حاج .. واطلب من الله أن يهديه .."
ضرب الحاج صالح بعصاه ليقول
" وما قصة زواجه هذا ..؟؟ .. لقد بدت الفتاه متفاجئه
وشاحبه تحاكي اﻷموات يا فاطمه ..."
برقت عينا الحاجه فاطمه لتقول بثبات
" سأعرف كل شئ يا صالح ... لن أتركه يدمر حياته
أكثر من هذا .. الحياه تستمر رغم كل شئ ..
الى متى سيستمر على هذا الحال ... طوال حياتي تمنيت أن أرى
أطفاله ولم يحدث ... وهو لم يعد صغير .. كي يتخبط هنا
وهناك ... "
زفرة قوية خرجت من زوجها ... هو يتمنى لو يبدأ ولده من جديد
يتمنى المسامحة منه ولكن ماذا يفعل وولده قاسي القلب .. وموجوع ..؟؟
أسند عصاه بجوار الفراش ليقول بإنهاك
" تعالي ساعديني ﻷستريح قليلا يا فاطمه وبعد ذلك
يفعل الله ما يريد ...."
تقدمت منه تساعده وهي تدعو الله من قلبها أن يهدي بكرها
ويرشده للصواب ....
أنت تقرأ
سلسلة قلوب شائكة/ الجزء الثاني ( نيران الجوى )
Romanceتم نقلها من منتدى روايتي الثقافية للكاتبة المتميزة HAdeer Mansour