البارت الحادى عشر
خرج ادم فى المساء بعد ان انتهى من دعوة عمه وظل يجول وحده فى الشوارع حتى توقف امام النيل ونزل من سيارته وجلس امام النيل وهو شاردا ويفكر فى كل كلام عمه وبدا يسترجع ما تم بينهم
فقد قال له عمه انه لا يفهم فى فن التعامل مع النساء فكيف له ان يكون مع امراة ويكون كل كلامه منصب على امراة اخرى فالمراة مراة تغار فى كل وقت ان لم تكن هى محور الحديث ممن تكون معه ايا كانت المراة طفلة او كهلة
ادم لنفسه ولكنك يا عمى لا تعلم انى لم اعرف منذ نعومة اظافرى امراة سواها فلم تبصر عينى سواها ولك ينبض قلبى الا لها فكيف لا ينطق لسانى الا عنها ولها
كما تذكر كلام عمه عندما قال / اظن انها كبرت الان وعن قريب سياتى عمها لياخذها وتكون سعيدا عنما يزاح عن كاهلك حملها وانت تسلمها له او لزوجها المنتظر
ظلت الكلمة تتردد فى صدره وكاد يصرخ مكذبا لها واخذ يقول لنفسه هل حقا كبرت قطتى وان اوان بعدها عنى ؟ هل ان اوان ان اذبح نفسى بيدى وانا اقدما لعاصم ؟ هل ان الاوان ليغدر بى زمانى ويحرمنى من نور عينى
ثم عاد وابتسم ابتسامة سخرية حزينه وقال / اه يا عمىانك تقول سابقى سعيدا وانا اتخلى عن حملها ولم تعلم انى اقتل نفسى ان تركتها تبتعد عنى
تذكر ايضا عندما طلب منه ان يعتذر لهنا عن تصرفه وهو يقول له بود / اعلم يا بنى ان نور لها اصل كريم وهى ذاتها تجبرنا على احترامها ولكنها مهما علت عندى فابنتى اقرب لى ولن اغفر لاحد ان يهينها لولا انى اعلم مدى صفو نيتك وعليك ان تعرف ان اعتذار الرجل للمراة لم يكن ابدا ضعفا ولكنه قوة الرجوله فالرجل الحق هو من يمكتص غضب المراة بحنانه لانه هو القوام عليها بعقله
عاد ادم لنفسه وتذكر كم كانت الكلمة ثقيلة على لسانه وهو ينطقها ولكنه لن يشعر ابدا باثرها كذلك ان نطقها لنوره فهناك فرق شتان بينهما
كما تذكر كلمة اللواء وهو يقول له كلانا امناك على فلذة اكبادنا ولكن ادم له قلب واحد فقط لا يتسع لغير نور حياته
اخيرا قرر الهروب من ذلك المازق المسمى هنا وعاد الى سيارته ورحل متوجها لمنزله لينام على صوت انفاس كروانه نور
.........................................................
فى ايطالياوجد الحاج على ابنه عاصم على نفس حاله من الضيق ولم يعد مهتم بعمله فقرر ان يتحدث اليه
فدخل عليه مكتبه ووجده ينهر احد العاملين معه لتقصيره فى العمل فى شىء تافه لا يحتاج لكل تلك العصبيه فاشار الحاج على للعامل ان يخرج ووقف صامتا امام ولده ليتركه يستجمع قواه ويهدا وبعدها جلس امامه وقال بكل هدوء / ارى ان عدم سفرك لنور هو السبب فى كل تلك العصبية
اراد عاصم ان يخبره ولكنه قرر السكوت لانه لا يعرف حقيقة ما يعرفه ابيه بالضبط كما خاف الا تصيبه ازمة قلبية ان لم يكن عنده علم ولكن بحزن قال / اراها فى كل منام وهى تنادينى وانا اتخلى عنها ولم اجروء على فعل اى شىء لها ولكن فى ذات الوقت اراها كبرت وتزداد ارتباطا به
تنهد الحاج على وبدا يوضح لابنه لزوم ارتباط نور بادم فقال / يا بنى الانثى فى اى زمان ومكان تظل تبحث عن الرجل . الرجل فقط ولا تريد شيئا اخر سواه فهى تريده ليكون سندها ايا كانت صفة ذلك الرجل اخيها ابيها زوجها او حتى ولدها وان وجدته طلبت منه كل شىء
والمراة يا بنى مخلوق معطاء بطبعه ولكن تعطى لمن تحب او ترتبط ايا كان نوع الحب صداقة او عاطفى او اخوى فما ان وجدت الحب باى صفة اعطت اضعاف ما تاخذ فان اعطيتها كلمة حلوة اعطتك هى حلاوة الدنيا كلها وان اعطيتها عقلك اعطتك هى عقلها ومعه قلبها وترضى بكل فخر ان تعيش هى بعقلك انت فهى تسلم نفسها لك عن طواعيه وان اعطيتها نطفه اعطتك هى رجلا
والمراة قوتها لم تكن ابدا فى قوة جسدها ولكنها تكمن فى قوة تحملها ولهذا جعلها الله هى من تحمل وتلد ولم يعطيها الجنة تحت اقدامها الا لانه يقدر قوة تحملها
اما على النقيض منا فالرجل تكمن قوته فى جسده وعقله ولهذا يستطيع الرجل ان يخوض معركة كاملة ولكنه لا يستطيع ان يربى طفلا
وتكملة على توضيحى هذا لتفهم مقصد كلامى ان المراة تبحث عن الرجل الحنون وهى بالطبع وجدت فى ادم كل هذا فكان لزاما عليها ان ترتبط به ولكن هل المراة او نور ستظل على حالها هكذا ؟ والاجابة لا فالمراة تحتاج للرجل فى كل مكان وزمان ولهذا انا اطمانك انك ان سافرت لها بعد تصفيه اعمالك وان استطعت بحبك هذا ان تملا حياتها فبالطبع ستنسى ادم
ولكن كلام الحاج على قدر ما فيه شىء من الحقيقة على قدر انه قد غفل شىء مهم يستحيل نسيانه وهى ان نور ارتبطت بادم ورات فيه كل انواع الحب والرجوله فكان هو صديقها وحبيبها وابنها وابيها فكيف لحب مثل هذا ان ينسى بسهوله بمجرد ظهور رجل اخر وهل لعاصم الفراسة لان يحل محل ادم فحقا هو يحبها حبا جما ولكنه لم يشاركها فى كل شىء كما شاركها ادم فالفرق شتان بين الطرفين
فادم رباها بالطريقة التى وجدها صحيحة وبالطريقة التى اراد ان يراها عليها وعلمها كل شىء منذ الصغر فهل من السهوله ان يمحى عاصم هذا ويبدله بما يريد ان يراها عليه ام انه يتقبلها بالصفات التى انبتها فيها ادمها وهل سيستطيع قلبه ان يتحمل هذا ام انه سيتحمل مجبرا حتى تتطبع هى بصفاته
ولكن حتى عاصم يكون قد اخطا ان اعتقد هذا فقد ترضى نور ان تتغير ظاهريا لكونها مجبرة ولكن ما بداخلها سيكون مرتبط بتوام روحها
انها معادلة صعبة حقا وسيظل التنافر بين طرفى القطب فكلاهما يريدها ولكن احد الطرفين موجب يعطى والاخر سالب لا يقدم شيئا ولكنه يامل ان يتحول لموجب فى يوم من الايام
رد عاصم بصوت متالم وحزين / اخاف ان اتى انا اليها فى الوقت الفاءت وقد انطفا اى بريق لاحساسها بى وحل محله نار متوهجة من ماسة فريدة بين يدها اتراها تختارنى ام تختار الماسة الفريدة .. اقصد ادم
لقد نطق عاصم بالوصف الدقيق لادم فهو حقا ماسة فريدة بين يديها تشتعل بنار مضيئة تنير كل ما حولها فهل ستتخلى عنه ؟