البارت الرابع والثلاثون
ادم وقلبه منفطرعليها فقد علم انها تبكى فقال بصوت قد اضناه الشوق : لما البكاء الان وانتى تعلمين انكى تالمينى
وبدا من هنا بينهم الحديث الارتجالى
تعالت شهقاتها وقالت : ان كنت تتالم حقا لاجلى ما حرمتنى من رؤياك وان كنت تقرا صوتى كما قرات صمتى الان لعلمت انى اناديك بين اللحظة والاخرى ولما حرمتنى سماع صوتك
تالم لها وعلى حاله وقال : لقد تركت لكى المجال لترى غيرى وتكونين رايك باريحية
نور بدموع : وهل انا فى حاجةلارى غيرك لاكون عنك رايى ؟ هل انا فى حاجة الى هذا بعد كل تلك السنوات وانت لا تعلم انك بالنسبة لى ليس شخص عادى بل انت لى الحياة نفسها ؟ بالله عليك هل انا بالنسبة لك مجرد انثى فى حياتك ؟
ادم بسرعة : لا يا نور انتى لستى مجرد انثى بل انتى نور حياتى ودرة قلبى بل انا انتى
قاطعته هى بشهقه وقالت : ولما لا اكون انا اكثر منك ولما تتوقعون منى دوما انى لست براشدة
ادم : من قال لكى هذا بل انتى تر بيتى وانا اعلم الناس برزانتك
قاطعته مرة اخرى وقالت : كيف تقول انك اعلم الناس بى وتنكر تصديق قلبى
ادم : لا يا نور انا لا اكذبك والا فانا اكذب نفسى قبلك ولكن حبنا يحتاج منا ان نحارب لاجله وفى الوقت ذاته لابد ان اثبت لعاصم انى لم اخذك منه جبرا ولم اتلاعب بعقلك الصغير فتركت الساحة ليتاكد من ذلك ولتتاكدى انتى ايضا منه هو نفسه ن رايتى انه الاجدر لكى فيكون اختيارك عن تجربة مع كلانا فلا تندمين
نور بدموع : الم تشتاق الى ؟
تفاجا من سؤالها فتوتر فصمت وقد اغرورقت عيناه
لاحظت صمته فقالت دون تردد : الم تشتاق الى لمسة يدى
توتر اكثر وكاد ان يجيبها الا انها انهت المكالمة وقالت : ان كنت لاتزال تشتاق الى فملى عينى برؤياك غدا فى الجامعة وانهت المكالمة دون ان تنتظر منه اى رد
بات كلاهما ليلته ساهرا يفكر فى الاخر فكانت نور تمسك هاتفها بين يديها وبين الحين والاخر تتردد فى ان تتصل به مرة اخ ى لتنام على صوته ولكنها لا تستطيع بينما هو كان ممسكا هاتفه يتامل صورتها ويزداد حسرة على بعدها
فى اليوم التالى جهزت نور نفسها وكانت جميلة جدا وذهبت الى جامعتها ظنا منها انها ستراه ولكن ما ان لم تجده الا وانهدمت امالها وظنت انها لم تعد تحتل مكانتها السابقة فى قلبه فدمعت عيناها وكرهت ذاتها وقررت الرجوع ولم تحضر محاضراتها
ذهبت الى الشركة كنوع من العناد فيه ولم تكن تعلم انها تعاند فى نفسها فهو متمكن من قلبها
ما ان وصلت الى الشركة الا ودخلت بسرعة الى مكتب عاصم فوجدته يجلس وامامه نيرمين يتناقشان فى بعض الامور الهندسية وما ان راها الا وقال لها : اهلا يا نور كيف حالك اليوم
نور باقتضاب : الحمد لله
عاصم تعالى ابدى معنا رايك الهندسى فى هذه النقطة
اقتربت منهم ونظرت الى اللوحة الموضوعة امامهم ولكنها كانت شاردة فى مكان اخر فقالت فى هدوء : نيرمين افضل منى فهى اكثر خبرة منى وتركتهم وهى لاتزال متجهمة الوجه وذهبت لمكتبها وما ان دخلت الا واغلقت باب مكتبها ووقفت خلفة وما ان وجد نفسها بمفردها الا وتركت العنن لدموعها ولا تعلم ان كانت هذه دموع كبرياء ام دموع ندم وفى الحقيقة لم تكن الا دموع اشتياق له
بعد حوالى ساعة دخل عليها عاصم وقالت : اعتذر لكى انى لم اتفرغ لكى اليوم وتكفيرا عن ذنبى سنذهب سويا للملاهى فما رايك
نظرت له مليا وهى صامته وقد تذكرت ادم مرة اخرى
عاصم طرق لها بخفة على مكتبها عندما طال صمتها وقال : ما رايك
قالت بثبات : لا اريد الملاهى يا عاصم فانا لم اعد الطفلة التى لازالت عيناك غير قادرة على استيعاب انها قد كبرت
تعجب من طريقتها وقال : ولما كل هذا فانا اردت اسعادك
نور بدموع : لم تعد المكلاهى والالعاب هى ما تسعدنى بل هناك اشياء اخرى تسعدنى
ترفق لها واقترب منها وقال : ما بك يا نور ولما هذه الدموع هل رايتيه ؟
صدمها سؤاله وما كان منها الا انها بكت اكثر
فقال بعصبية : اذا فقد رايتيه الم انبه عليك من عدم رؤيته وقد طلبت منه هذا ووعدنى انه سيبعد عنكى
نور بعصبية : اذا انت من امرته بذلك
عاصم : اذا انتى قد بحثتى عنه بالفعل ربما رايتيه ايضا اليس كذلك
نور بعصبية اكبر وقد اشتد بكاءها : ولما لا اراه الست حتى الان زوجته ؟
عاصم : لا يا نور الزواج ايجاب وقبول وان يتقدم لك ويطلبك من اهلك ولكنك اجبرتى عليه فوجب تعديل كل شىء واعادته الى مكانه الصحيح
انهارت اكثر وقالت اجبرت عليه نعم ولكنه لم يشعرنى بذلك يوما واين اهلى ليطلبنى منهم وعدم وجودهم هو من اجبرنى على الزواج بهذه الطريقة
عاصم ولكنى عدت الان وانتى من تصرين على البعد
نور : انا لم اصر على اى شىء من الاساس
صمت وقد شعر انها فى حالة لا تستدعى المجادلة فاخذ نفس عميق ثم قال : اذا مارايك ان نخرج معا لاى مكان هادىء
مسحت دموعها وابتسمت ابتسامة صافية وامات براسها بنعم
قامت من مكانها لتذهب معه وما ان خرجا من مكتبها الا ووجد نيرمين تهم بالمغادرة فقال لها ما رايك ان تاتى معنا ؟
تعجبت نور فمن اين يريجد ان ياخذها لمكان هادىء تعبير عن انشغاله عنها طوال اليوم ومن اين يطلب من نيرمين ان تاتى معهما ولكنها ابتسمت داخليا فقد شعرت انه ينقاد نحوها دون ان يدرى ولكنه يكابر
......
فى اليوم التالى استيقظت نور وكان اليوم يوم الاجازة الاسبوعية فنظرت فى ساعتها وتذكرت امسية امس فقد كان عاصم رقيقا معها ولكنه فى ذات الوقت قد انشغل عنها بنيرمين فقامت على الفور من مكانها على صوت طرقات الباب ففتحت بتكاسل فوجدت حسام بطلته العذبة وقد بدا وسيما للغاية وقال لها وهويبتسم : ايتها الكسولة لما كل هذا النوم فقد قاربنا على الظهيرة
نور : معذرة يا حسام فقد غفوت متاخرة
حسام : اممم من هو من ةاستطاع ان يشغل بال ساكنة القلوب
ضحكت على طريقته وقالت : لا شىء
حسام بنظرة خبث : اممم لا شىء ام ادم ؟
تجهم وجهها وقالت : لا بل لا شىء فانا لم اعد افكر فى ادم ولا حتى عاصم فكلا منهما سيشق طريقه بعيدا عنى
ضحك حسام وقال : ايتها الماكرة انتى تعرفين ان ادم لم ينساكى ولكنكى تترفعين
دمعت عيناها وقال : بل نسانى حتى انى ترجيته ان ياتى لاملى عينى منه ورفضنى
حسام وقد ارفق بها وقال : جهزى حالك وبدلى ملابسك وانا ساحل لكى كل امورك
نور : تتكلم بكل اريحية وكان عاصم سيتركنى اخرج معك ثم ان زوجتك اولى بيوم راحتك
حسام : بل سيتركنى انها الحرب يا ساكنة القلوب ثم انه الان مشغول فى مكتبه مع نيرمين غريمتك الجديدة
اما عن زوجتى فهى حقا مسكينه فقد اصبحتى من الان غريمتها الجديدة هههه
نور بتعجب : نيرمين ؟ ولما اتت الى هنا بل اليوم يوم عطلة
حسام وهو يغمز بعينه : استبشرى خيرا فالمريض فى طريقه للشفاء
فى خلال دقائق كانت نور جاهزة وحسام فى انتظارها فى الاسفل وما ان نزلت نور الا وطرق حسام باب مكتب عاصم ليتفاجا بهما معا
عاصم وهو مضيق العينين : الى اين يا نور وقد تجاهل حسام
حسام متصنعا عدم فهم تجاهله : نحن سنخرج الى اى مكان فقد كنت وعدتها بان عطلاتى سامضيها بصحبتها
عاصم بعصبية : لا اوافق ثم اشار الى نور وقال : اصعدى الان وبدلى يانور ملابسك فلن تخرجى مع احد سواى
حسام متصنعا التعجب : ولما لا تخرج معى الست ابن عمها مثلك ثم انت منه حكمت ان نور عليها ان ترى الدنيا بعين اخرى حتى تاخذ قرارها باريحيه وانا مثلك فى هذا ولها ان تختار بيننا
عاصم بصدمة : ماذا ؟ وبهدوء تقدم خطوات نحو الخارج واغلق البا خلفه حتى لاتسمع نيرمين اكثر من هذا ثم قال انت بالتاكيد قد فقدت عقلك وانا ليس لدى وقت لاضيعه فى سخافاتك تلك اطلعى يا نور
نور بتحد ك لما يا عاصم انت مشغول مع نور وانا اريد ان افرج عن نفسى فاتركنى
عاصم وقد وصل به الغضب لابعد الحدود فامسكها من يدها وسحبها خلفه وصعد بها لغرفتها
ما ان دخلت نور الا ونظرت له وبكت وقالت : لم اعتاد منك هذه القسوة
عاصم وقد رق لها فاقترب منها زقال : يا نور انا لا اريدك ان تتنزهى الا معى فانا اخاف عليكى
نور : ارجوك يا عاصم اتركنى فانا فى حاجة الى استنشاق الهواء الطلق وحسام لم يؤذينى وانت اعلم به منى
لم تكمل كلامها فقد اتى حسام وبغضب قال : هيا يا نور وكفاك ما فعلته يا عاصم ثم ان ضيفتك غضبت من تركك لها هكذا ويبدوا انها تلملم ادواتها وسترحل
عاصم وقد شعر بنارين نار غير ة على نور من حسام ونار ندمه على تصرفه هكذا امام نيرمين الذى لازال لم يعرف ماهيه شعوره اتجاهها وما كان منه الا انه تركهم ونزل لها
خرج حسام ونور وقد قضوا وقت لطيفا معا ثم ركب معا السيارة فى طريق عودتهم للفيلا
الا ان حسام جلس خلف المقود صامتا تعجبت نور لصمته وسالته ك الم نرحل ؟
نظر لها حسام وقال مباغتا لها : هل استوحشتيه ؟
انقبض قلبها من السؤال المباغت التى لم تعد له اى اجابه فتلجم لسانها وصمتت
حسام : مادمتى غير قادرة على الاجابة فشوقك له اعلا من ان ترفضى اذا ساجعلك ترينه
شهقت نور وبدت اطرافها ترتعد وقالت حقا يا حسام ؟
.......
طرق حسام الباب برفق ففتح ادم وما ان راها تقف امامه الا ووقف مصدوم فلم يكن يتوقع ان يراها وبرفقة حسام فظن ان خلف الامر شىء فسال بلهفة : هل ىاصابك شىء ؟ هل انتى بخير
كانت هى الاخرى متيبسة الحركة وقد تسمرت نظراتها اليه محاوله ان تتغلغل الى اعماقه لترى مدى شوقه
بدت انفاسهما مسموعه من اضطرابهم
حسام مغيرا الجو : الم تدعونا الى الداخل ؟ ام نعود من حيث اتينا
ادم وقد تنبه : عفوا يا حسام ثم تنحى جانبا واشار لهم بالدخول
دخلت نور من جواره وهى لازالت صامته ومعلقه ببصرها عليه
اغلق ادم الباب وذهب اليهم وهو يشير لهم بالجلوس ولازال ملهوفا ليعرف السبب وما ان جلست نور وحسام الا وجلس ادم الى جوار حسام وكرر سؤاله : كيف حالك يا نور هل انتى بخير ام اصابك شىء
دمعت عيونها ولم تعرف من اين تجيب وهى قد اصابها كل السوء وهى بعيدة عنه اخذت تجول بعينيها على وجهه تتامله وكانه غائب عنها منذ سنوات