البارت السادس عشر
...........
احتضنته بقلب ام حانيه وربتت على ظهرة واغمضت عينيها جاهدة ان تمنع دموعها هى الاخرى حتى لا تؤثر فيه اكثر وقالت له بهدوء / اعلم انك تعشقها واعلم ان القدر يقف حائلا بينك وبينها فبينكما هنا وعاصم
ادم رفع راسه من صدرها واعاد عليها نفس اسئلته السابقة
مدام حكمت بتردد ولم تعرف من اين تبدا الموضوع ولكن اخيرا قررت التخلى عن صمتها والتكلم فلم يبقى الا ايام قليلة وهى بالفعل تحتاج لمساندة ادم
ابتلعت ريقها واخذت تحكم اغلاق روبها فقد شعرت ببرودة جسدها ورعشته حين شرعت فى الكلام من فرط توترها وحكت ببطء وجلست اماماه وقالت / يا بنى قبل ان تاتى نور للدار كنت انت اكبر الاطفال الموجودين عندى ومن بعدك ليلى وفريدة ثم اتت نور فاصبحت هى اصغركم ولكنها اكبر من الباقيين
صمتت لحظات بينما كان ادم مركزا فى كل حرف تتفوه به
استطردت قائلة / كنت افرح وانا اراكم تكبرون امام عينى وقد اشبعتم رغبتى فى الامومة ولهذا اصبحتم كابنائى الفعليين وارتبطت بكم كما ارتبطم انتم بى والان كبرتم انتم الاربعة وتزوج منكم ثلاثة ولم يتبقى سوى نور ومنذ فترة كما حدثتك ان عمها الغى حسابها ومع ذلك لم اتوانى لحظة فى الانفاق عليها مثل الباقين ولكن قل مالى ومع ذلك حاولت جاهدة ان اتدبر الامور ولكن منذ فترة شعرت بتعب شديد وكل يوم فى زيادة وعندما توجهت للاطباء اكتشفت انى مريضة بالمرض اللعين فى الدم وفى مرحلته الاخيرة
صدم ادم اول ما سمع ذلك وهم ان يطيب خاطرها فهى حقا مثل امه لكنها اشارت له بان يصمت قائلة ارجوك لا تقاطعنى فهذه اول مرة اتشجع فيها والقى بهمى الذى يؤرقنى منذ فترة
ابتلعت ريقها واكملت / لم يعد امامى اى حل الا انى تقدمت بمذكرة للشئون الاجتماعية بما الت اليه صحتى وانى اصبحت عاجزة عن مواصلة عملى وبالفعل ردوا على وسيحضرون خلال ايام وسياخذون كل الاطفال الذين اتولى تربيتهم وسيتم توزيعهم على دور الايتام التابعة للوزارة
صدم ادم وجحظت عيناه وهب واقفا من مكانه وقال / ماذا ؟ ونورى ؟
مدام حكمت انهمرت دموعها وقالت / لم ينشغل بالى باى طفل سوى بابنتى الغالية نور فقد تربت على يدى ويدك ولم تعتاد ان تتعامل معاملة دور الايتام الاخرى وكنت فكرت فى فكرة لانقاذها ورتبت لها ولكنك هدمت كل ما رتبته لانقاذها
ادم وهو لا زال جاحظا عيناه وبلهفة سال / وما الذى كنتى ترتبين له ؟
مدام حكمت / نور الان عمرها 18 عام ويجوز قانونا تزويجها وكنت سازوجك اياها
ادم وقد تيبست اقدامه فى الارض وفرغ فاه ولم يعد قادرا على النطق
بينما نظرت له مدام حكمت وقالت / لم يكن هناك اى حل لانقاذها سوى هذا
ادم بعصبيه / ولما لم تخبرينى بكل هذا ؟ لما لم تشركينى معكى فى امورها ؟ الم تعلمى انها لى كل شىء وانا ابيها واخيها و.. صمت واختنقت الحروف فى حلقة وهربت الاوصاف من عقله وتحجرت دموعه ولم يعد قادرا على اى كلام
مدام حكمت مكملة كلامه الذى عجز ان يعترف به / وحبيبها . لماذا لم تنطق اهم صفة لك فى حياتها حتى وانت بعيد عنها
ادم جلس مكانه بياس وقد دفن وجهه بين كفيه ولم يعد قادرا على اى كلام
مدام حكمت / اعرف انك لن تخلف وعدك مع عاصم فشيمة رجولتك تابى عليك خلف وعودك ولكن كان من الجائز ان تتزوجها لتنقذها حتى يعود عاصم او نعرف له طريق للتواصل معه
ادم لا زال صامتا عاجزا عن الكلام فما هذا القدر اللعين يزوجه من نور لتحمل اسمه ويمنعه عنها فى ذات الوقت . يبعده عنها وهو من الاساس يشده اليها شدا
اخذ يتعجب من تلك الاقدار ففى يوم واحد حرمت عليه حلاله وحللت له مع التحريم فى ان واحد من تمناها طيلة حياته
كما اخذ فى ذات الوقت يؤنب نفسه داخليا لانه تسرع فى الزواج من هنا فان كان علم بموضوع نور لتزوجها فى الحال وانتهى كل شىء ولكن ما الحل الان ؟
مدام حكمت / وخلال الايام القادمة سترسل الادارة مندوبين لاستلام الاطفال بما فيهم نور وبالتالى سيقومون بتوزيعهم ولا اعرف الى اى دار سيستقر مكان نور او بمعنى ادق فى اى محافظة ثم بكت بهيستيريا وقالت / اعلم انها ستصدم وانها لن تقوى على تلك المعاملة فهى لازالت طفلة رقيقة لم تعتاد على تلك المعاملة ولكنى عاجزة عن مساعدتها والاهم انك انت ايضا لن تستطيع رؤيتها وان حاولت ستعامل معاملة المتطوعين معها وما يقهرنى اننى متاكدة انها لا تستطيع ان تواجه الحياة بمفردها فهى دوما ما كانت تفكر بعقلك انت ولا ترى الا ما تراه عيناك انت . اتذكر يوم ان حاضت لم تستطع ان تتكلم مع احد الا انت فكيف لها الان ان تعيش بدون قربك
ادم بعصبية وهو يطرق بقبضتيه على المكتب / لا لن تذهب معهم ولن تبعد عن عينى ورعايتى وستظل تحت جناحى
مدام حكمت / ليس هذا وقت كلام يا ادم فنور لها مستندات لدى والشئون يعلمون ذلك ولابد ان اسلم كل الاطفال باوراقهم لهم
ادم بنفس العصبية ولكنها ممزوجة بياس / وما العمل الان ؟
مدام حكمت / ليس فى يدى اى شىء
ظل يتحدثان لعلهم يجدون اى حل حتى حل الصباح ولازال ادم جالسا معها بياس وقد عجز عقله عن وجود اى حل واخذ يتخيلها وهى بعيدة عنه ولن يكون فى استطاعته ان يراها الا بصعوبه وكيف سيعيش بعيد عنها وكيف هى ستواجه الحياة بمفردها فهى لم تتعود على ذلك
تفاجاوا بصوت طرقات على باب المكتب وصوتها العذب من الخارج تقول / ماما حكمت انا نور ممكن ادخل
توتر ادم وارتعدت اوصاله فور ان سمع صوتها بينما توترت كذلك مدام حكمت فمسحت دموعها بسرعة ونظرت فى ساعتها فوجدتها السابعة والنصف فقد داهمهم الوقت دون ان يشعروا فاشارت لادم ان يختفى خلف الباب بينما فتحت هى نصف فتحة فوجدتها مرتدية ملابس مدرستها وعيناها حمراء من البكاء ووجهها شاحب
مدام حكمت وهى تمثل الهدوء / خيرا يا نور هل انتى ذاهبة لمدرستك الان ؟
نور / نعم ولكنى اتيت لاعطيكى هذا ومدت يدها بهاتفها واعطته لها وقالت ارجوكى اوصليه لادم فلم اعد فى حاجة اليه فانا لم اهاتف غيره ولم اسجل اسما غير اسمه على الهاتف فحتى عاصم اصبح اسمه مثل عدمه فهو لم يرد على اتصالاتى ولا فكر ان يتصل بى فلا حاجة لى باى هاتف ومن الان هنا اولى به منى
تمزق قلب ادم وهو يسمع كلامها وادمعت عيناه فقطته وابنته فقدت الثقة فى وجوده معها فقررت ان تعيش بدونه واخذ يتنفس بصعوبة فاخذ يتخيلها وهى بعيدة عنه او انه لن يراها مرة اخرى واخذ يتخيلها وهى فى دار اخرى ودنيا اخرى جديدة عليها بدونه فكم ود ان يفتح الباب وياخذها فى حضنه ويطمانها انه من المحال ان يتركها ابدا فكيف له وهو لا يطيق عدم رؤيتها والفاصل بينهما مجرد باب