البارت ال 33

1.2K 15 0
                                    

البارت الثالث والثلاثين

ما ان ذهبوا الى الفيلا الا وتقدم نحوها حسام مرحبا وما ان راى ملامحها الباكية الا وعر
ف ما الم بها فاشفق عليها وربت على كتفها وقال لاهيا الموقف لانه وجد ان عاصم مثلها مقتضب الملامح : لقد استوحشتك كثيرا ولى كلام كثير معك فهيا الان بدلى ملابسك ولنا جلسة طويلة معا ثم اشار لها لتتقدمه وحمل عنها شنطة ملابسها ونظر لها بنظرة حانية على  ان تفهم انه يريد الحديث معها فسارت معه مطاطاة الراس مستسلمة ولم تنطق بحرف بينما كان عاصم يراقبها ويتالم لاجل حالتها التى الت اليها ولكن لم يكن له اى تصرف غير هذا فهو اراد ان يحررها من تلك الحياة التى طالما اجبرت عليها ولم يكن يعلم ان حياتها مع ادم هى قمة السعادة لها
......
جلس ادم مكانه لا يحرك ساكنا وبقى يبكى بصمت فمجرد دقائق بعدت عنه فيها قد احترق شوقا اليها فما باله وقد تبتعد نهائيا
اخذ يتخيلها ويتخيل اخر يوم كانت معه فيه وتخيل استسلامها له وهو يقبلها فيشعر بالندم انه لم يتمسك بها فصرخ صرخة رجل مذبوح وقد ركل بقدمة المنضدة الموضوعه امامه ودفن وجهه بين كفيه واستسلم للبكاء بصوت مقهور

وكيف اجاهد النفس عنكى وانتى نفسى واشتياقى
وكيف الوم العين ان لمعت حنانا اخبىء ضوءها عند التلاقى
اكاد اجدد الايمان ان اهواكى سرا ويفضحنى الشوق ناقضا اتفاقى
انى لاعلم ان هواكى در فكيف انزعه من الاعماق

..........
بينما لم يكن الحال اقل منه عند عاصم فقد دخل مكتبه وفعل نفس الشىء من دفن وجهه بين كفيه وبين بكاءه فقد كان هو الاخر يشعر بالقهر لانه شعر ان نور لم تعد له وانه هو من قصر معها فكلامها قد اوجعه فقد اشعرته بصغره امامها

رحماكى ساحرة الاجفان رحماكى فالقلب رغم الصد لازال يهواك
والعين سالت على الاوجان دمعتها وهى التى ما بكت الاك
الشوق فى القلب كالعصار دمرنى والعمر يمضى وعمر الصب رؤياك
ان كان قتلك للعشاق مفخرة فبالموت ارضى اذا ما الموت ارضاك

.....
ما ان صعدت نور لحجرتها الا ومد حسام يده اليها وادار وجهها ليقابل وججه وقال لها بهدوء ارفعى عينيكى يا نورفانا اشعر بك لانى اراكم جميعا من اعلاكم لانى خارج الدائرة
رفعت عينيها وقد اغرورقت بالدموع وحاولت ان تنطق فلم تستطع وقد نوقفت الحروف فى حلقها وما كان منها الا انها قد ارتمت بصدره وانفجرت باكيه
ضمها حسام وربت عليها بحنان وتركها تبكى حتى تخرج تهدا ثم قال بهدوء لكى يشعرها انه معها ولن يجعلها تفعل اى شىء قد تندم عليه او تجبر عليه : لن اقول لكى ابنتى مثل ادم فانا اعلم ان اى كلمة قالها ادم لا تستمتعين بها الا من غيره ولكن اقول لكى اختى او ابنه عمى ايهما اردتى
ردت مسرعة قبل ان ينطق بحرف اخر قد رفعت راسها لوجهه : اختك وابنة عمك فانا اريد ان اشعر بسند الاخ وبسند العائلة التى طالما حرمت منها
ضمها مرة ثانية وربت عليها وقال : اذا اختى الصغيرة لابد لها ان تحكى معى كل شىء بون خوف او قلق وتاكدى انى ساساندك بكل قوتى المهم ان افهم ماذا تريدين انتى بالفعل
ابتعدت عنه وهى تمسح دموعها وتحركت نحو طرف السرير وجلست بينما هو تحرك خلفها وجلس امامها على اقرب كرسى لكى يستمع لها
بدت تهدا قليلا وان كانت عيونها لازالت حمراء من اثر الدموع وكذلك ارنبة انفها قد ازددت احمرارا ولكنها اعطتها جاذبية ملائكية لوجه يشع بالعذوبة والهدوء وقالت : كيف ستساعدنى يا حسام وقد اصبحت انا بين المطرقة والسندان
حسام : لما تقولين هذا بل انتى بين محبيكى
نور بياس : لا هما لم يحبانى لانهما لو احبونى ما عذبونى لان كلاهما لم يعرف ما يريحنى
حسام : لا يا نور لا تظلميهم بل كلاهما احبك حد النخاع فحاول كلا منهما ان يدافع عن حبه بطريقته  فتنازعا والنتيجة الحاسمة بيدك
نظرت له نور وقالت : اى تنازع هذا فعاصم اخذنى اجبارا وقهرا وادم استسلم فهل هذا تنازع على حب او دفاعا عن حب ام هى حرب بينهما وانا الضحية
حسام : لا يا نور هذا حب وهكذا هى الحرب فى الحب والسؤال هنا هل تشكين انتى ان كليهما يحبك ؟
اومات نور براسها وقالت بياس : لا بل انا متاكدة انا كلاهما يحبنى ولكن ما العمل هل اجبر قلبى ان يحب الاثنين ؟ وان احبهما فهل ساتزوج الاثنين ؟
حسام : بالطبع لا
نور : اذا سينجرح قلب احدهما لانى لن اكون ابدا لكلاهما او ينجرح ثلاثتنا لانى قد اترك كلاهما
حسام بخبث وهويبتسم بجانب فمه : المهم ان اختارتى انتى فمن فيهما ستختارين ؟
نور : يا حسام افهمنى انا لم اعد صغيره كما تتوهمون فعيونكم لم تتقبل ان ترانى كما انا على حقيقتى
حسام بابتسامة حانية : وما هى حقيقة اختى الصغيرة وابنة عمى ساكنة القلوب
نور : انا لم اعد صغيرة كما تتوهمون ولم يعد عقلى قاصرا على مجرد التعود على شخص او التشبث باخر لانه يذكرنى بمثيله لقد نما عقلى منذ زمن فانا تربيت على يد ادم وقد غذى عقلى بالاخلاق والافكار التى دوما ما كانت تسبق سنى فاصبحت رشيدة منذ الطفولة واعرف حقيقة مشاعرى والا فقد كان من المتوقع ان اعشق يوسف على الاقل فلقد كان يهوانى هو الاخر
ضحك عليها حسام مناغشا لها : الم اقل لكى انكى  ساكنة للقلوب ولكن تبقى قلبى انا فهل تسمح لى سيدتى ان اهواها مثلهم لعلنى احظى بما لم يحظو به
ضحكت عليه فقد فلح ان يخرجها من حزنها ولو قليلا
عاد حسام ينظر لها بنصف عين مرة اخرى وقال : بل لن احاول ان اقترب منكى والا وجدت الاسدين قد يتحدان ولو لمرة ضدى ويلتهمانى
اتسعت ابتسامتها اكثر وقالت : انك استطعت حقا ان ترسم ابتسامتى وانا ايضا افهم ما تحاول ان تفعله لاجلى واقول هذا لتفهم انى لم اعد تلك الصغيرة التى لا تفهم من حولها بل انا افهم كل شىء فانا تربية ادم يا حسام
حسام : اممم اذا فافهمى ما ساقوله لكى جيدا يا ساكنة القلوب
ضحكت قالت : هل تنازلت عن لقب اختى الصغيرة
حسام : هههه ساكنة القلوب افضل كثيرا فانتى قد سكنتى قلبى انا الاخر
نور : اممم ولكن هناك ياسمين
ضحك اكثر وقال : لقد اخطاتى بل هناك ياسمين واسدين اخرين قد يلتهمانى لاجلها وهم ادم وعاصم ابنائى وفيما يبدوا انى لم اخلق الا لاكون طعما للاسود سواء الاسدين الكبيرين ام اشبالهما
ضحكت نور من قلبها فقد انساها حسم حقا ذكرى اخر موقف حزين عاشته
حسام : الان بدا الجد يا ساكنة القلوب وعليكى ان تفهمى كلامى جيدا لانه سيكون هو مبدانا القادم لنحل تلك المعضلة
صمتت وصمت للحظات وكانه يفكر من اين يبدا ثم قال : اتعلمين يا نور انك فى حرب الان وبالطبع لابد وان تنتهى باى وسيلة ؟
قالت : اعلم ذلك ولهذا قلت انه لابد لقلب ان ينجرح
حسام : وما رايك ان فتى انتى بالحرب ودون ان ينجرح ايا منهما
نور باستفهام مصحوب بلهفة واضحة على ملامحها : كيف بالله عليك
حسام : هذا يتوقف على اجابتك على هذا السؤال ايهما تريدين انتى ؟
اجابت بسرعة دون تردد : ادم
ثم شعرت بالخجل وتراجعت نادمة على تسرعها
لاحظها حسام وقال : لا داعى للندم هنا والان يا نور فانتى من ستقودين المعركة التالية وعليكى ان تفهمى وجهتك الصحيحة حتى لا تؤذين ايهما
المهم الان افهمى ما ساشرحه لكى واحفظيه
بدت منتبهه لكلامها فقد شعرت ان عنده الحل حقا بينما اكمل هو قائلا : اسمعى يا نور انا مع تصرف عاصم مليون فى المائة وكذلك ايضا انا مع تصرف ادم
بدت قاضبة الحاجبين فقد شعرت انها لا تفهمه
بينما اكمل هو : اولا عاصم يحبك حد الجنون ولكن حبه نبع من خوفه عليكى واحساسه بالشفقة نحوك فهو كان يشعر بكونه مسئول عنكى ويعلم ان سبب بعدك هو والدتنا فكان دوما ما يحمل همك ويشعر انك ملزومة منه ولهذا عاهد ادم بهذا العهد بل واخذ هذا الاحساس ينمو ويتجذر داخله حتى تحول الى مرض فاصبح لا يفكر الا فيكى ولا يرى الا غيرك حتى  وانتى بعيدة عنه فهمتينى يا نور فلا تحاولين ان تقنعينى ان طفل عشق طفلة وظل يعشقها رغم انه لم يعش معها ولم يتعايش مع مواقفها فالحب مجموعة من الاحاسيس والمشاعر تقوى  بالمواقف يا نور وهو لم يحدث معه اى موقف يقوى حبك معه او يزيد ترابطكما بل ان ما كان يزيد عنه يوما بعد يوم هو احساسه بالذنب نحوك حتى ظن انه يهواكى ولكن احساسه هذا تحول لمرض حتى انه بعدما رآكى وقد كبرتى وازدتى جمالا واصبح يخشى عليكى ازداد شعوره بالذنب نحوك فاراد ان يظلك بجناحه ولكنه لم يستطع لانه فى ذات الوقت كان يريد الا يغضب ابى لانه يعلم انه ذراعه اليمنى ثم انه هو نفسه كان يريد النجاح ولما توسم فى ادم الامانة جدد معه العهد ولكن ما ازم الوضع داخله عندما انقطعت اخبارك عنه فكان يموت قهرا كل يوم ليس بحبك كما يتوهم هو انما من شعوره بالذنب لضياعك وما ان اطمان الى انكى بخير غار من ادم لانه شعر انه دوما ما يتقدم عليه ويحافظ عليكى فى حين ان هذا كان من المفترض ان يكون دوره هو
اصبح يحبك حقا ولكن حب من نوع اخر حب تلك التى تحتاج الى رعايته كحب الاب لابنته الوحيدة يا نور فالاب يحب ابنته ويحافظ عليها بل ويحارب اى شخص يحاول ان يؤذيها حتى ان هناك حالات من الاباء يصل بهم حبهم لابناءهم حد المرض فيحرم الاب ابنته من الزواج خوفا وغيرة عليها وكذلك الحال فى الامهات فقد تنغص على ابنها حياته لانها تشعر ان غيرها لن يسعده ابدا وقد تحرمه من الاساس من تجربة الحياة مع غيرها  كذلك يحدث من الاخ فقد تصل غيرته على اخته ان يحرمها لحظات السعادة مع خطيبها او حتى زوجته لانه لم يتخيل ان رجل اخر قد يلمسها او يقترب منها ولكن الفرق هنا ان الاب يعلم انه اب ةالاخ يعلم انه اخ ام عاصم فنسى نفسه وضل تفسير ما يشعر به نحوك
انا نفسى لم افهم هذا منذ زمن والا كنت قد افقته من مرضه مبكرا بل يبدوا انى كنت مثله فكنت دوما ما اشعر بالذنب نحوك ولكن كنت اقل منه لانه هو من بادر وتعاهد لاجلك وربما ان لم يفعل هو لفعلت انا ما فعله وكنت اشعر انه يحبك حقا ولكن اول ما بدات اشعر نحو ياسمين بالحب وتحركت مشاعرى تذوقت معنى الحب وعرفت ان الحب ابدا لا يكون الا ان كان مصحوبا بالكلام والمواقف حتى يحدث تقارب بين القلوب ففهمت وقتها ان حب عاصم لم يكن حبا بل كان مرضا
هذا شىء اما الشىء الاخر انه اغلق على نفسه فلم يكن فى استطاعته ان يرى غيرك وان راى غيرك وتحرك قلبه نحوها سيقل احساسه هذا بل على العكس سيفرح لكى ان استقريتى مع ادم ولهذا فارفقى به ان رايتيه يغار عليكى فهى غيرة اب او اخ ولكنه لا يفهم
اما عند ادم فالوضع مختلف تماما : فادم يحبك ايضا حب لا يوجد شبيه له فى تلك الايام فقد عشقك بطريقة غريبة فقد ملكتيه انتى منذ ان كنتى طفلة فعش معكى كل مراحلك الامك وسعادتك بل كانت سعادته تنمو وهو يرى انه اسعدك بشىء ومن الصعب ان يتحول حب ادم لحب اب لانكى انتى فى ذات الوقت بادلتيه هذا الحب فصار الحب فى صورته الطبيعية بين ذكر وانثى فعاش كليكما حلاوته ولكن عاصم كان بينكما فكتم ادم حبه ولكن فى ذات الوقت كنتى قد سلبتى انتى لبه لانه عاش معكى كل الاحاسيس وجمعتكما المواقف المختلفة فراكى فى عيون الاخرين وراى نفسه ايضا فى عينيكى
نور وقد دمعت عينيها وهى تتذكره وقالت : ولكنه استسلم وسلمنى لعاصم
حسام : لا يا نور ادم حكيم وقد تفهم موقف عاصم ولكنه لا يستطيع ان يواجهه بتلك الحقيقة لانه لن يجد الا النفى والتكذيب من عاصم وعلم انه يغار هو الاخر ولكن غيرته تختلف عن غيرة ادم و غيرة الرجال على انثاهم غيرة قاتلة يا ساكنة القلوب  تنهش فى صدورهم وقد تميتهم قهرا خاصة ان كانت غيرة نابعة عن عشق كعشق ادم لكى وعن عشق مثل عشق عاصم فكلاهما يغار ولكل منهما تبريره وكلاهما محقين ولهذا نا فى بداية كلامى قلت لكى ان عاصم كان محقا فى تصرفه لانه بهذا التصرف سيحقق لكى الحرية فى ان يبعدك عن ادم الذى ظن انكى اجبرتى عليه ولكى تشعرين انتى بالعائلة ولكونك سترين الدنيا بمنظور اخر فتستطيعين ان تقررى باريحية دون ضغط وفى نفس الوقت سنرى هل سيهدا عاصم بمجرد شعوره انكى اصبحتى فى كنفه تحت مسئوليته فيبدا يتحرر ويهدا الشعور بالذنب لديه
اما عن ادم فهى فرصه ليستشعر فراقك فيتمسك بكى اكثر
نور : ولكنى اريد ان افهم عاصم ان ادم لم يجبرنى على الزواج منه وان ادم ليس مجرد شخص رعانى بل هو عندى يعنى الحياة وما فيها
حسام ك لا تقلقى يا نور سيشعر بكل هذا ولكن كما قلت لكى ترفقى به وتلمسى له العذر حتى ينفك عنكى دون ان نؤذيه
اومات نور بنعم ولكنها عادت وسالت ك وهل سيطول الوضع هكذا فانا ايضا اخشى على ادم من القلق علي
حسام ك لا على العكس هذه فرصة عظيمة لثلاثتكم فانتى ايضا فى حاجة لان تديرى اموالك وتتعاملين مع وجوه جديدة وادم ايضا سيعر بفقد فياتيكى مولعا بحبك
ابتسمت نور وقالت : وما هى خطتنا الان
حسام : ساحاول ان ادخل انا فى الصورة فما دام وجب عليك مواجهة الدنيا ومشاهدة وجوه اخرى فسادخل انا لاجل اشعال نار الغيرة فيتنبه كلا الاسدين الى انكى قد تضيعين منه فنجعلهم يتخبطون فى الحظى بقلبك وفى ذات الوقت فانا ابحث عمن تشبهك حتى ادخلها معنا فى العمل لتصرف نظر عاصم عنكى
نور : عندى من تبحث عنه
حسام :  حقا ؟ اذا فالامر سينتهى بسرعة لا تقلقى
..............

أنين القلوب الجزء 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن