(1)

1.9K 56 33
                                    

بقلم : نهال عبدالواحد

دائمًا يجئ النور بعد ظلام الليل مهما كان طويلًا، وإن أشد ساعات الليل سوادًا التي يعقبها شروق الشمس وانتشار نورها.

ومنذ أزمانٍ طويلة وقد اعتاد وطننا أن يمر بظلمة الصعاب، المرار، الظلم والفوضى حتى تشتد ظلمته، وهي ليست ظلمة واحدة بل ظلماتٍ بعضها فوق بعض يكاد لا يُرى كف اليد من شدتها، وما أن تشتد وتشتد وتبلغ الأنفس الحناجر حتى تبدأ الظلمة تنقشع وتشرق شمس الأمل فتملأ بنورها الدنيا شيئًا فشيئًا ثم تنفرج الغمة وتنزاح.

ويمكث وقت النور ما شاء أن يمكث ثم يبدأ بالغروب حتى يختفي النور تمامًا ونعود من جديد لظلمةٍ حالكة.

إن الشروق والغروب سنة كونية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فلا نور ولا ظلمة إلا بإذن الله سواء في الكون وأيضًا في الأوطان.

مصر في زمن الخمسينيات والسنوات الأولى بعد ثورة يوليو 1952، بدأت تُرى ملامح الإزدهار والنهضة في شتى المجالات، بدأ المجتمع ينتعش بعد سنواتٍ عجاف من ظلم وطغيان الإحتلال والحكام .

ومن الأسكندرية عروس البحر المتوسط روحي وعشقي، وما ذنبي؟! فإن كان الإسكندر المقدوني بذاته قد سقط في عشقها متيّمًا أفلا أعشقها أنا؟!

ومن إحدى المناطق الشعبية، الأنفوشي أصل الأسكندرية حيث كانت الشوارع متسعة وأرضيتها مرصوفة بما يُشبه البلاط والبيوت من طابقين أو ثلاثة متمتعة بارتفاع سقفها العالي حتى أن حجم النافذة يعادل حجم الشرفة الآن وحجم الشرفة عملاقٌ للغاية، منقوشًا على البيوت من الخارج بطريقة جميلة ومنمّقة وعلى الشرفات والسلالم أعمدة من النحاس أو الحديد.

كم كانت رائعة!
ولازالت بعض مناطق الإسكندرية تتمتع بذلك حتى الآن.

كانت تعيش فتاة في السابعة عشر من عمرها تُدعى عديلة، وحيدة أهلها، جميلة الملامح فبشرتها قمحية تميل للبياض قليلًا، عيناها عسليتان وقصيرة القوام بعض الشيء.

كانت عديلة مدللة وكسولة وهذا شيء نادر في زمانها، فمن الصعب أن تجد فتاة في عمرها لا تجيد أعمال البيت والطبخ وكان ذلك في حد ذاته سبب يجعلها مصدرًا لحكايات النساء في مجالسهن.

ورغم ذلك كانت مخطوبة لابن عمها يوسف، حسب الحكم السائد حسب الأعراف أن البنت لإبن عمها، لكن مع حالتنا هذه فقد كان يوسف متيّمًا بابنة عمه، فقد ولدت على يديه وتربّت أمام عينيه عامًا بعد عام حتى بلغت مبلغ النساء فتقدّم لها خاطبًا.

ويوسف شابٌ في منتصف العشرينيات متوسط القامة، قمحي البشرة وله شارب أسود كثيف، شعره أسود كثيف أيضًا، كان يعمل كفنيّ حرفيّ في إحدى الشركات والتي كانت حديثة البناء.

وجاء يوم زفافهما وكان حفلًا بسيطًا فوق سطح المنزل كما هو سائدًا وقتها في الأفراح، وكان الحفل رائعًا حتى أن (عجائز الفرح) لم يجدوا ما ينتقدوه فيه.

( رواية نور)       By: NoonaAbdElWahed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن