بقلم :نهال عبدالواحد
مر بعض الوقت، وإذا بصوت طرقٍ شديد فانتفض كلًا من عزيز و الشيخ بدر، فأشار الشيخ لعزيز بيده أن يهدأ وأخذ نفسًا عميقًا واتجه في هدوءٍ نحو الباب.
وما أن فتح الباب حتى تراجع للخلف بضع خطوات ليسمح للطارقين بالدخول ولم يكن سوى ضابط إسرائيلي ومعه بعض من رجاله الذين دخلوا مسرعين محتلين المكان.
فتسآل الشيخ بجدية: ماذا هناك يا يعقوب؟!
أجاب الضابط بلهجة مصرية طليقة: جاكوب يا شيخ بدر.
صاح الشيخ باستخفاف: ترى هل جئتنا كي تحفظنا اسمك؟!
فقهقه الضابط ثم قال بخبث اليهود: جئنا لنتفقّد أحوالكم؛ أليس من دور الحكام تفقّد أحوال رعيتهم؟!
تابع الشيخ بنفس الاستخفاف والسخرية: وهل تفقدت يا ترى؟!
كانت عينا (جاكوب) هذا على عزيز منذ أن دخل، رغم أن عزيز لم يتزحزح من مكانه وبدا ثابتًا وغير آبه إلا أنه لم يفلح إطلاقًا في إخفاء نظرة الكره لذلك (الجاكوب) ؛ يمكن بالأحرى أن نقول أنه لم يحاول إخفاءها.
فكيف بالله العظيم أن يخفي أحدهم كرهه للصٍ محتال سرق أرضه وقتل أهله وهدم من البيوت والمنشآت، وما خفيَ كان أعظم!
فتسآل الضابط بغطرسة: من تكون أنت؟
فظل عزيز ناظرًا نحوه دون أن يعقب، بينما أجاب الشيخ: هو أحد أقاربنا جاء لزيارتنا.
فتابع الضابط بشك: وجهه غير مألوف لدينا، لكن كيف جاء ودخل إلى هنا دون أن يلحظه أحد؟!
فنهض عزيز واقفاً ولازال ينظر له بنفس النظرة ، ثم أجابه مقلّدًا للهجة السيناوية: وما المفترض علينا أن نفعله؟ هل كان عليّ أن أسير بطبلةٍ أطرق عليها حتى تنتبهون إليّ؟!
فاقترب الضابط من عزيز وكأنه يريد تخويفه: أراك تتحدث بطريقة غير لائقة! بل وتوحي بالعنصرية.
فضحك عزيز له بسخرية: ترى من يتحدث عن العنصرية والكره؟!
ثم قال: لكني أراك تتقن اللهجة العربية المصرية!
فابتسم الضابط بمكر: لقد وُلدت بمصر، بالتحديد في الأسكندرية، وعشت مع أهلي في الأزريطة حتى تركنا البلد ورحلنا، أي مثلي مثلك.
فجذبه عزيز من ياقة كنزته وصاح فيه: إياك وقول مثلي مثلك! فأنت لست من أبناءها! فحتى لم تكون وفيًّا لأرضها التي أنبتَّ منها وأكلتَ من خيرها ولا لماءها الذي شربت منه.
وفجأة اقترب الجنود حوله بأسلحتهم وسُمع صوت شد الأجزاء.
فأسرع الشيخ قائلًا: إهدأ يا حامد يا بني.
ثم التفت للضابط قائلًا: تراه حزينًا لما حدث.
لكن عزيز لازال واقفًا بثقة وقوة ناظرًا له بعينين قويتين كعينا الصقر، جعلت ذلك الضابط يشعر بأن هذه النظرات تخترقه وتحرقه، ثم جذب عزيز نحوه فوهة أحد المدافع التي يمسكها أحدهم ووضعها مصوبها إلى رأسه وكأنه يتحداه راسلًا له رسالة:
« إنكم لن تخيفونا»
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...