بقلم : نهال عبدالواحد
نزل عزيز من القطار وسار بضع خطوات ثم سُمع فجأة صوت غارة، فجرى الجميع نحو المخابئ وفجأة صوت أحدهم ينادي عليه: عزيز.
فالتفت ناظرًا للواقف خلفه، وكان رجلاً أربعينيًا بشرته سمراء بفعل الشمس، شعره قصير أسود إلا من بعض السوالف المفلفلة ببعض الشعر الأبيض، طويل القامة وله شارب .
تحدث الرجل: كيف حالك يا عزيز ؟ أين أنت؟
أجاب عزيز معانقًا له بحرارة: مرحبًا سيدي، أنا موجود.
أبعده الرجل قليلًا وأكمل بجدية : موجود! أين ذلك؟ في بيتكم!
فسكت عزيز وشعر ببعض الحرج، فأكمل الرجل: متى عُدت؟ ولماذا لم تقوم بتسليم نفسك لوحدتك؟
أجاب عزيز على استحياء: معذرةً سيدي لكني لا أقوى، لقد واجهت الموت وعندما عُدت لم أجد سوى السخرية والتهكم وعدم التقدير، صرت لا أستطيع مقابلة أحد ولا رؤية أحد.
فأمسكه الرجل من ياقة قميصه وقال له بشدة: وهل عندما فكرت في الحربية والتحقاقك لتكون أحد أبناء الجيش لم تكن تعلم أنك تقدم روحك وتحملها على كفيّك؟!
- أعلم كل هذا، لكن ما حدث لم يكن بالسهل أبدًا لقد حطمني وانهارت تمامًا.
- وعندما تتحدث هكذا أنت وأمثالك، كيف سنحررها؟
- أقسم لك أني متعب جدًا سيدي!
- إذن عندما تعود رجلًا مثلما كنت فأنت تعلم أين ستجدني.
وفي نفس الوقت تدخل صوت آخر: كأني قد أخطأت في العنوان!
فالتفت عزيز لمصدر الصوت فوجد مسعد ابن الشيخ بدر فعانقه وسلّم عليه بإقبال وقال: مرحبًا أخي، كيف حالك يا مسعد وحال والدك الشيخ بدر؟
فسكت مسعد ثم قال بحزنٍ كبير لدرجة أنه كاد ينفجر بالبكاء: قتلوه الأنجاس، كنت بالخارج وقتها وعندما عُدت وجدت دارنا قد هُدم وسُوي به الأرض بعد أن قتلوا أبي، لم يعد لي أحدًا متبقيًا، وكنت أريدك لتدلني كيف أتطوع فدائيًا في الجيش، ألم تحتاجوا لفدائيين؟! لقد زاد الحساب و ثقل، عندما تطوع أخي مسعود بالجيش طلب مني أبي أن أظل معه لأرعى مصالحنا وكنت أتمنى أن أتطوع معه، لكني أطعت والدي وقتها، أما الآن فقد ذهب أخي وأبي، وذهبت الأرض والديار، ولو قُدّر لي الموت إذن فأموت رافعًا رأسي.
طأطأ عزيز رأسه وتنهد بألم وقال باختناق: أنا السبب أليس كذلك؟!
أجاب مسعد: بعد أن غادرت ديارنا ظل ذلك الكلب الملقّب بيعقوب يعس ويتقصّ أخبارك حتى تأكد من شكوكه وكونك ضابطًا مصريًا، فقتل والدي لأنه آواك وهدم البيت كعادتهم، واليوم جئتك طامعًا في مساعدتك لآخذ بثأر أبي وأخي.
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...