بقلم : نهال عبدالواحد
كان يسمع أصوات عصافير وطيور بعيدة تدل أنه في الصباح، لكنه لازال مغلقًا لعينيه لا يقطع ذلك الإيقاع الواحد شيء... إلا فجأة كأنه صوت رجل يتحدث لآخر وأحد الصوتين يقترب والآخر يبعد ويبعد لدرجة أن الكلام غير واضح.
بدأ عزيز يفتح عينيه شاعرًا بألمٍ يغزو رأسه محاولًا مقاومة النوم ورؤية النور، لكنه يشعر بأنه ينام على فراش ربما يكون صلبًا بعض الشيء ومغطى بآخر.
لازالت أفكاره تذهب به في كل اتجاه فحينًا يتخيل أنه نائم في معسكر الكتيبة أو أنه في بيت أمه، وكأنه سافر بوعيه للحظات فسقط في سنةٍ من نوم للحيظاتٍ ثم يعاود مجاهدته ليفتح عينيه.
وأخيرًا قد استطاع فتحهما!
هو مكان لا يعرفه بل لم يراه من قبل، كأنها حجرة فارغة من أي أثاث، لكن تبدو جدرانها غريبة بعض الشيء ومعلّقًا بعض المعلقات المزرخشة المصنوعة من الصوف الملون بالنول اليدوي، وينام على وسادة وفراش أرضًا.
لكن مهلًا! جواره رجلٍ لا يعرفه هو شيخٌ في الستين من عمره وجهه ودود، يبدو شيخٌ بدوي من هيئته ولباسه، فالجلباب و ذلك الصديري الداكن اللون المرتديه فوقه والوشاح الأبيض المغطي رأسه ومن فوقه العقال الأسود، وتلك اللحية البيضاء الخفيفة، وجهه المائل للسمرة مع انتشار بعض التجاعيد، عيناه الغائرتين وتلك العبسة المحفورة بين حاجبيه.
ورغم أن ملامح الشيخ لا تدل على خبثٍ ولا فيها ريبة لكن عزيز انتفض فجأة محاولًا النهوض من مكانه لكنه فجأة بدأ يشعر ببعض الألم فتوقف عن الحركة متفاجئًا بذلك الألم وليس من قوته البالغة.
فنظر لوجه الرجل وأسرع قائلًا: من أنت؟
كان يسأله وعقله لازال يفكر ويسترجع سريعًا حول ما يمكن أن يكون قد حدث!
فقال الشيخ بلهجة بدوية سيناوية: حمدًا لله على سلامتك يا ولدي! أنا عمك الشيخ بدر!
فوجم فجأة وجحظت عيناه فقد تذكر كل شيء، تذكر صديقه عوض الذي كان ينتظر مولد ابنه هلال، لكن.....
ثم عاد عزيز بنظره نحو الشيخ وقال: إذن قد كانت الحرب حقيقة!
فأغمض الشيخ عينيه مومئًا برأسه بمرارة أن نعم.
فأغمض عزيز عينيه متذكرًا يومي الحرب اللذان عاشها، تذكر كل لحظة مرت عليه وكل شعورٍ به بين خوفٍ، حزنٍ وغضب، تذكر أبشع مشهد رآه و رأى عليه صديقه.....
وتذكر بعدها كيف كان يجري هربًا من تلك الدبابة التي تسرع خلفه وتقذف بداناتها نحوه ولا يدري كيف لم تصبه!
هل قائدها أحمق لتلك الدرجة ويقذف بلا وعي؟!
أم هي عناية الله له التي تبعده عن الموت وهو قريبٌ منه لتلك الدرجة فلم يصيبه إلا شظاياها التي لازال يشعر بها؟
وكأن شيء يدفع عنه ذلك ربما تكون دعوة شخصٍ يدعو له بإخلاص؛ فالدعاء كما نعلم يدفع البلاء و يسبق القدر.
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...