(28)

289 14 0
                                    

(بقلم : نهال عبدالواحد)

وبعد فترة من الاختفاء وذات يوم بينما كانت نور تخرج من عملها، تسير حتى تخرج إلى طريق الكورنيش منتظرة إحدى الحافلات، وأحيانًا في حالة اعتدال الطقس تختار السير على قدميها على طريق البحر.

تسير بمحاذاة البحر يطيّر هواء البحر شعرها ويملأ رئتيها بعبير يود البحر، مع التمتع بمشهد مراكب الصيد الراكدة فوق رمال الشاطئ أو بالقرب منه، وهيئة الشِبَاك المنشّرة أو الراكدة أرضًا، ومشهد طيور النورس التي تحوم فوق سطح الماء فتقترب وتختطف سمكة ثم تعلو بها لأعلى وأعلى، يمكنك أن تشرد في سحر هذا المشهد البديع لساعاتٍ وساعات دون أن تمل، وربما لو كنت فنانًا لأخذت أدوات فنّك وجلست لترسم من ذلك المشهد ما تشاء.

كانت نور مرتدية تنورة تحت الركبة من اللون البني الداكن وسترة من اللون البيج، وشعر مستعار طويل من اللون البني المحمر على هيئة قصة الأسد تتدلى من الأمام بعض خصل الشعر على الجانبين تخفي جزءً من حاجبيها الرفيعين ومحددة عينيها بمحدد العيون كما هو السائد وقتها، مرتدية حذاءً ذا كعبٍ وعنقٍ عاليَين من اللون البني وحقيبة بنية على كتفها.

وإذا بصوتٍ يناديها باسمها قبل أن تمر طريق البحر فالتفتت مسرعة لذلك الصوت الذي تحفظه عن ظهر قلب.

حاولت أن تبدو عادية لكنها لم تستطع إخفاء غضبها، فمدت يدها وتصافحا.

تسآل عزيز بابتسامة: كيف حالك يا نور؟

فأجابت نور بغضب لم تستطع إخفاءه: الحمد لله، أين كنت طوال تلك الفترة؟ أقصد، وأنت كيف حالك؟

فأومأ عزيز: بخير والحمد لله.

ماذا؟!

-  هل تسمحيلي أن نسير معًا حتى أذهب لخالتي عديلة، أريد مقابلتها فقد اشتقت لها كثيرًا.

فلم تجيب بكلام بل كانت موافقتها أن أشارت له سامحة بالسير جوارها، لم تنكر سعادتها الداخلية بهذه المصاحبة، لكنها لازالت غاضبة من بعده طوال تلك الفترة، كان عزيز يبدو شاردًا.

فتسآلت بغموض: ماذا بك؟

فأجاب عزيز بتنهيدة: لا شيء، مجرد إجهاد من العمل.

- لكنه كان حلمك، أي أنك تعمل عمل تحبه أم أنك نادم!

فأومأ برفض قائلًا: أبدًا، لم أندم يومًا.

لا زلت أذكرك يوم كنت تقول أريد أن أكون ضابطًا، أريد أن أكون مثل عبد الناصر.

فابتسم عزيز ابتسامة فاترة، فقالت: لقد كنت تحبه كثيرًا.

فأومأ برأسه أن نعم وتابع: أجل! بل أكثر، فقد كانت علاقة خاصة جدًا، كنت أشعره أبي، علاقة من نوع خاص، لم أكن وحدي بل معظم المصريين أيضًا، مثله لن يتكرر مرة أخرى، وهذا أفضل.

( رواية نور)       By: NoonaAbdElWahed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن