بقلم :نهال عبدالواحد
خرج عزيز ملثّمًا من دار الشيخ بدر نصّار يطوي الأرض، سلك ذلك الطريق الذي دلّه عليه الشيخ.
وكان طريقًا طويلًا شديد الوعورة، سار وسط الجبال بطريق يمكن أن نشبّهه بطريق رأس الرجاء الصالح؛ فهو ليس مختصرًا إطلاقًا، لكنه ربما يكون أكثر أمانًا من ذلك الطريق المباشر المتجه إلى ساحل العريش.
لم يكن عزيز قد استرد صحته فعلًا لكنه ما كان ليكمل في دار الشيخ بدر خاصةً بعد حملة التفتيش تلك.
كان يسير عزيز على هَدي مجموعات النجوم في السماء كما وصف له الشيخ بدر مع خبرته السابقة في معرفة الإستدلال بالنجوم أثناء السير في الصحاري ليلًا.
سار لعدة ساعات دون توقف، والغريب أنه لم يسمع إطلاقًا أي صوت لغارة أو قذف وكأنه كان يمشي في بلدة أخرى.
لكنه قد أُنهك كثيرًا من طول السير على قدميه ومن أثر جروحه التي لم تلتئم أيضًا وكأن رجلاه تجمدتا فجأة، فتوقف عن السير فلم يعد يقوى وخر فجأة جاثيًا على ركبتيه في هذا الظلام البهيم الذي لا يرى فيه حتى كف يده فاصطدمت ركبته بإحدى الصخور.
ما العمل والطريق لازال طويلًا؟
تلاقط أنفاسه بشدة متحسسًا الأرض فشعر بالأرض صخرية أي لازال وسط الجبال، لكنها لحظات ولم يدري بنفسها وسقط في بئر نومٍ عميق.
لم يشعر عزيز بنفسه إلا عندما ارتفعت الشمس إلى السماء ولفحته حرارتها، فانتفض مفزوعًا ليجد نفسه في الصحراء وسط الجبال.
تسلق عزيز الجبل ليتأكد إن كان قد اقترب لشواطئ البحر المتوسط عن بعد.
لكن يبدو أن الأمر لازال طويلًا، فهبط مجددًا من فوق سطح الجبال فالمكان غير آمن هكذا بالأعلى والأفضل والأكثر أمانًا السير في تلك الممرات وسط الجبال.
ظل يسير وكلما مر الوقت صعد فوق الجبال ليرى الطريق، وكل عدة ساعات يتناول تمرة ويشرب القليل من الماء، كان يسير بمحاذاة الجبال وأذناه ينصت بهما نحو أي صوت مدرعة أو دبابة أو ربما طائرة استطلاعية؛ حتى إذا شعر بأيٍ منهم يختبئ مسرعًا.
وهاهو الليل يهجم عليه مجددًا، كم تمنى أن يصبح فيجد نفسه قد وصل إلى شاطئ العريش!
أكمل سيره مع ذلك التعب الشديد المصاحب بخوفٍ مميت؛ خوفه أن يضل الطريق، من الهوام المختلفة في ذلك الليل البهيم من ثعابين وعقارب إن سقط نائمًا فجأة فالليلة الماضية قد سترها المولى لكن ربما لو استسلم لتعبه ونومه لا يمر الأمر على خير، بالإضافة لتحسب مرور دوريات استكشافية وهو الآن يشعر وكأنه منتهي الصلاحية ولا طاقة له حتى بالدفاع عن نفسه.
و هاهو النهار يتنفس وتتلون السماء فيفتح لونها شيئًا فشيئا، فرأى شاطئ البحر عن بعد ربما هو غير متأكد إن كان قريبًا من مكان الشيخ الهواري أم لا؟
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...