(17)

305 14 0
                                    

بقلم : نهال عبدالواحد

بعد خطاب التنحي لجمال عبد الناصر خرج الشعب في مظاهرات يطالبونه بالبقاء في الحكم؛ فلازالت علاقة الأب الروحي هي المسيطرة على المصريين، فهو ليس مجرد رئيس للدولة.

وأثبتت هزيمة ٦٧ مدى تأثير الإتحاد الإشتراكي وقتها المساند لجمال عبد الناصر والذي طغت كفة تأثيره على تأثير الجيش والذي كان مساندًا لـ(عبد الحكيم عامر) ومدعّمه.

وبعد خطاب التنحي هذا وتحمّل عبد الناصر لمسئولية الهزيمة كاملة فاستقال عبد الحكيم تاركًا منصبه وما لبث أن فارق الحياة (والتي قيل فيها الكثير).

إن هزيمة ٦٧ إن دلت على شيء فإنما دلت على مدى الفوضى السياسية التي كانت تحياها البلاد آنذاك، بعكس ما كان يروّجه الإعلام الرسمي.

والكثير من الفوضى بداخل الجيش، نظام الحكم والمقامرة على مستقبل البلاد دون نظرة متفحّصة لحال الجيش ومدى قدراته واستعداداته، خاصةً وأن ثلث الجيش تقريبًا كان خارج البلاد.

ومن أهم ما حدث عقب الحرب، إرسال الإتحاد السوفيتي خبراء روس إلى مصر لأن مصر وقتها كانت تحارب بسلاحٍ روسي، ووجدت روسيا أن تلك الهزيمة قد أضرت بسمعتها أمام أمريكا (أيام الحرب الباردة بين الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية) فأرسلت خبراءها متعللة أن المصريون لا يعرفون كيفية التعامل مع السلاح وإنما سبب الهزيمة سوء الاستخدام وليس سوء السلاح الروسي.

( كلٌ يبحث عن مصلحته!)

ألا تلاحظون معي التأثير العاطفي للحاكم عندما يهيم به شعبه؟ لا يستطيعون رؤية أخطاءه، وحتى إن رأوها فتجدهم يكذّبون أنفسهم لا يريدون التصديق ويلتمسون بدل العذر ألف.

لازال عزيز بحالة الاكتئاب والعزلة التي يحياها، حقيقةً هو رد فعل طبيعي لكل ما حدث ومرّ به (وكان ذلك حال الضباط الذين حالفهم الحظ وظلوا علي قيد الحياة بعد خوضهم لحرب ٦٧، فقد ظلوا يعانون من اضطراباتٍ ومشاكلٍ نفسية كثيرة لفترة).

بالإضافة لطبيعة شعبنا العزيز كثير الكلام، كثير الانتقاد والسخرية وهو جالسًا مكانه لا يأبه لوقع كلماته ولا تأثيرها.

فتلك الفترة الحالكة بحق كان لا يجرؤ جنديٌ أو ضابطٌ في الجيش أن يفصح عن هويته لأنه لن يسلم من جَلد الآخرين بأشد الكلمات.

وذات يوم بينما كان عزيز نائمًا إذ رأى نفسه يستيقظ من نومه في مكانٍ ليس بحجرته، لكنه كأنما رآه من قبل فيه الروح البدوية.

كان يتلفت حوله محاولًا أن يعرف أين هو؟
وقبل أن يمر وقت طويل وجد أمامه الشيخ بدر يقترب منه فنهض مسرعًا يسلم عليه مرتميًا في أحضانه معانقًا.

لكنه لاحظ جفاء الشيخ في سلامه؛ فلم يبادله العناق وظلت يداه بجانبيه.

تعجّب عزيز وابتعد قليلًا والدهشة والتساؤل يملآه.

( رواية نور)       By: NoonaAbdElWahed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن