بقلم : نهال عبدالواحد
صاح عزيز بملئ صوته مثلما يصيح في المجندين وقت التدريب، لدرجة أن ارتعد الجميع ولم يجد جمال إلا أن يتقدم مطيعًا طلبه.
فنادته عديلة: عزيز، اجلسا هنا في حجرة جمال.
فأجاب عزيز محاولًا الهدوء: أعتذر منك، لكن سنذهب إلى المقهى، أعتذر أيضًا عن صوتي العالي.
وانصرف عزيز وجمال متجهين إلى المقهى، وبسبب سوء الأحوال الجوية كان المقهي يكاد يكون فارغًا إلا من بضع أفراد بالداخل، لكن عزيز جذب كرسيين ليجلسا خارج المقهى.
فجاء الفتى العامل (القهوجي) وقال: تفضلا بالداخل فبالخارج الأمطار والبرد.
فأومأ عزيز بالرفض قائلًا بتأكيد: لكننا نريد الجلوس هنا.
جلس عزيز ثم أشار لجمال فجلس هو الآخر على مضض واضطر الفتى أن يحضر منضدة صغيرة.
ثم سألهما: ماذا أحضر لكما سيدي؟أجاب عزيز: بالنسبة إليّ قهوة مظبوط، ماذا عنك؟
موجهًا حديثه لجمال.فأجاب باقتضاب: شكرًا لا أريد.
فلم يلح عليه عزيز وأشار للفتى بالذهاب، ثم أشعل سيجارته وسط نظرات غضب تكاد تتحول إلى حقدٍ من جمال، فانتظره ربما يبدأ بالكلام أو يقول أي تعليق لكنه ظل صامتًا وقد بدى عليه التوتر والقلق لدرجة قد تفاجأ بها عزيز نفسه.
لم ينكر جمال تأثير صيحة عزيز المفزعة له، فقد فَقَدَ ثقته بنفسه فجأة.
وبعد فترة من الصمت... وقد وضع الفتى (القهوجي) صينية القهوة وقام بصبها في كوبٍ زجاجيًّ صغير، فأومأ عزيز له شاكرًا.
ثم التفت إلى جمال وتسآل بهدوء: من أين نبدأ؟
فأجاب جمال متصنعًا الثقة: أنت من تريدني!
- علمت أنك غير مرحّبٍ بي كخاطبٍ لأختك، ربما لعدم انتظار حضورك وقت مجيئي مع أهلي، فأعتذر لك مقدمًا فهو خطأ غير مقصود، أقصد غير مقصود تجاهلك.
- لكن ليس هذا هو السبب الوحيد.
- إذن تفضل واشرح لي أسباب عدم قبولك.
- أنت لا تليق بنا.
- وهذا بسبب؟
- لأني لن أزوج أختي لكافر يتبع حكومة كافرة، ووفر على نفسك أي قول لأني أحفظ كل ما ستقوله.
- أليس من يُتهم بتهمة يحتاج للدفاع عن نفسه؟!
فسأله جمال بتهكم: وماذا ستقول؟! فأنا أحفظ كل ما ستقوله عن ظهر قلب.
أجاب عزيز بصرامة: لا! إسمحلي إذن لأنك لست بحافظٍ ولا مدرك لأي شيء من الأساس، بدايةً من الذي سمح لك وأعطاك حق اتهام الآخرين بمثل هذه التهمة؟! على أي أساس تتهم الناس بالكفر؟ هل تجدهم يسجدون إلى الشمس مثلًا؟ أو ربما يعبدون النار؟ أم ترى كل مواطنٍ عاكفًا على صنمٍ يعبده ويقدسه؟!
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...