(11)

366 19 1
                                    

           بقلم : نهال عبدالواحد

أما عزيز فكان منذ أن تخرج وتسلّم مكان خدمته وهو يذهب ويعود ويشعر طوال الوقت بسعادة ليس فقط لأنه قد حقق حلمه بل أيضًا يشعر بقيمته وقيمة مهمته الجليلة.

«عينٌ باتت تحرس في سبيل الله

وبعد عدة أشهر من وجوده في سيناء ومعه من دفعته وزميل دراسته عوض والذي كان لحسن حظه في نفس موقعه لكن أصوله ليست سويسية ولا حتى من أي مدينة من مدن القناة بل هو صعيدي من جنوب مصر من محافظة أسيوط، هكذا تفعل الكليات فتجمّعنا معًا من أقاليم عديدة وها هما لازالا معًا حتى في موقع العمل.

وكان معهما أيضًا تحت قيادتهما مجنّدين من أقاليمٍ شتى، لكنهم كانوا بمثابة الإخوة لهم فلم يتصرفا أبدًا من نظرة فوقية وكانوا من مختلف أنحاء مصر.

كانوا في بعض الأحيان يجلسون جميعًا يتسامرون و يحكون عن حياتهم و نوادرهم وما إلى ذلك، كان لعوض موهبة في نظم بعض الخواطر النثرية فيجلسون جميعًا يلتفون حوله ويستمتعون إليه.

ثم يضحك الجميع ويصفق، خاصةً وأنه حديث الزواج وفي انتظار مولوده الأول، فكان ابنه هذا محور خاطراته، وتمر الأيام ولا ينتهي عوض من نظم كلامه المنثور والجميع يلتف حوله مستمعًا في تسلية.

حتى جاء شهر مايو وقبل أن ينتهي هذا الشهر وقد جاءت الأوامر بمنع الأجازات وكأن هناك رفع لدرجة الطوارئ.

كانوا يستمعون للمذياع بواسطة جهاز ترانزيستور صغير فأحيانًا ينجحون في ضبط الموجة الإذاعية.

وقد علموا بما فعله عبد الناصر من غلق مضيق تيران في وجه السفن الإسرائيلية وأيضًا طلب سحب قوات الطوارئ الدولية من سيناء وكأن ذلك هو طريقة لإعلان الحرب على إسرائيل.

كان الجو العام به شحنة من التوتر والترقب وحالة من انتظار المجهول مع بعض الغصة التي تضغط في القلب بدون سبب واضح.

وذات ليلة بينما عزيز جالسًا مع عوض والذي كان صامتًا على غير العادة كما أن ملامح وجهه وتعبيراته غير مفهومه.

فالتفت إليه عزيز متسآلًا: أراك جالسًا وحيدًا وساكتًا على غير عادتك!

فتنهد عوض بضيق وقال: إني قلقٌ بشأن زوجتي، إنه موعد ولادتها وكان ينبغي أن أكون جوارها ومرافقًا لها، لكن...

وبتر كلماته فربت عليه عزيز وتابع بنبرة مطمئنة: لا عليك يا صديقي فمؤكد الجميع سيكونون معها وحولها ولن يتركوها، وربما يجئ الفرج من حيث لا ندري ونتفاجأ بالإجازة، فمؤكد أن أمي تبكي ليلًا ونهارًا من قلقها عليّ.

فابتسم عوض بسخرية وقال: أراك متفائلًا أكثر من اللازم! هل تعتقد في وجود إجازة قريبة؟! ألم تستمع لخطاب عبد الناصر واستعداده لأي حرب ضد الصهاينة ليلقنهم درسًا لن ينسوه!

( رواية نور)       By: NoonaAbdElWahed حيث تعيش القصص. اكتشف الآن