بقلم :نهال عبدالواحد
ذهب يوسف بعديلة ومعهما أمها والجارة إلى المستشفى جميعًا، ولما وصلوا دخلت للطبيب المسئول فورًا ففحصها وتأكد من كونها حالة ولادة فأسرع وأمر بنقلها لغرفة الولادة.
نُقلت عديلة لغرفة الولادة ورغم ما تعانيه من آلام المخاض المبرحة إلا أن ذلك التخت المخصص للولادة وهيئته الغريبة عليها أثارت في نفسها الخوف.
بالإضافة لصراخ الأخريات حولها و هن أيضًا تعانين من آلام المخاض، فغرفة الولادة وقتها عبارة عن غرفة كبيرة مليئة بالأسرة بين أسرة تقليدية وخاصة بالولادة، محاطًا بكل سرير ستارة تغطيه تمامًا، لكنها تحجب الرؤية فقط في حين أن كل النساء اللائي تلدن تسمعن صراخ بعضهن.
وبعد فترة من الصراخ والآلام سُمع صوت بكاء وليد، لم يكن هو الصوت الوحيد الموجود بل هناك أصوات لأطفال أخرى متداخلة، فيصعب على الواقف بالخارج تحديد إن كان صوت ذلك الطفل يخصه أم لا.
لكن بعد لحظات خرجت الممرضة تبشر مرافقين المريضة عديلة أنها قد وضعت ذكرًا، فاستبشر الجميع فرحًا وأخيرًا جاء الذكر.
بعد ذلك خرجت عديلة من غرفة الولادة يجرونها بسريرٍ نقّال حتى وصلت لغرفة أخرى كبيرة مليئة بالأسرة لسيدات حديثة الولادة وكل منهن تحمل طفلها وحولها من مرافقيها من الأهل والأقارب.
كانت عديلة بهيئتها المنهكة من أثر آلام المخاض، وجهها شديد الشحوب وأصفر اللون، تكاد تتلاقط أنفاسها بالكاد وقد حملت طفلها محاولة إرضاعه ماسحة على رأسه برفق وتهدهده لينجح في الرضاعة.
ربت يوسف على زوجته وقبّل جبهتها قائلًا: حمدًا لله على سلامتك يا أم الأبناء!
فأجابت عديلة بإنهاك: سلمك الله يا عزيزي! ماذا تنوي أن تسميه يا أبا نور؟
فصاحت الأم بعدم رضا: لازلتِ تناديه أبا نور!
فأجاب يوسف بابتسامة: سنسميه جمال إن شاء الله.
فتابعت حميدة بسعادة: بارك الله فيه وفي أخته يا أستاذ يوسف!
وقالت الأم بفرحة: بارك الله فيه يا أبو جمال!
لكن المهم الآن علينا الخروج من هذا المكان.فأومأ يوسف رافضًا وتابع: سننتظر عندما يخبرنا الطبيب بذلك.
فصاحت الأم: لابد أن نغادر فورًا من هذا المكان، فيلزم أن نحممها ونداوم عليها بالطعام والمشروبات الساخنة حتى تتحسن صحتها ويدر لبنها، كما أني أخشى عليها وولدها الذكر من حسد أولئك النسوة المقيمات حولنا وتختلسن النظرات إلينا.
فتنهد يوسف قائلًا: حسنًا يا خالة! بمجرد أن ألمح الطبيب يمر سأطلب منه ذلك.
فزمت الأم شفتيها وتابعت: لا أدري ما فائدة الذهاب للمستشفى من أجل ولادة؟ تخترعون أشياءً جديدة!
لقد ولدتُ عديلة وكانت ولادتي الأولى وجعلتني حماتي أنهض وأعد العشاء للبيت بأكمله! يا له من دلال نسوةٍ مفرط!
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Ficción históricaملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...