(بقلم : نهال عبدالواحد)
بدأ العام الدراسي الجامعي و ذهب جمال وانتظم بكلية العلوم أما نور فكان نظام دراستها انتساب ويكفيها أن تذهب الجامعة لشراء الكتب ولحضور الإمتحانات فقط؛ فهي تعمل وفي نفس الوقت تتحمل أعباء البيت.
لم يستجد عليها سوى ذهابها الشبه يومي للجلوس أمام البحر فوق صدادات الموج في مكانٍ قريب من منزلهم.
وما أجمل هذا المكان وأروعه!
تجلس وتترك لأفكارها العنان و تشرد وتشرد، ثم تنهض وتعود للبيت، وذات مرة بينما كانت جالسةً نفس جلستها تصارع ازدحام أفكارها وهمومها التي تزداد أيامًا وتتناقص أيامًا أخرى.
وذلك اليوم تحديدًا شعرت باضطرابٍ كبير خاصةً في الآونة الأخيرة مع صراع أحلامها في منامها؛ فترى نفسها تمر بين أشخاصٍ كثيرين، تمر بين أمها، أخيها و عزيز، تشعر بصراعٍ كبير نفس شعور شخص وسط أمواجٍ عاتية في بحرٍ ثائر.
تستيقظ مفزوعة ولا تفهم شيئًا ولا تدري كيف يكون تأويله! وهل تركض خلف تأويله أم لا؟
لكنها تستيقظ منهكة وكأنها بالفعل كانت وسط أمواجٍ تتقاذفها، ذلك الشعور، آلام الجسد ودوار شديد برأسها.ترى هل تعاني من مشكلة نفسية أم هي على أعتابها؟!
جلست هذا اليوم والطقس خريفي إلى حدٍ كبير فهاهم على أعتاب فصل الشتاء، الطقس يميل إلى البرودة بعض الشيء ونسيم البحر قد تخطّى مرحلة النسيم ليصبح رياحًا منخفضة لكنها تدفع بالأمواج فيصيبها رذاذها.
وعلى بعد سنتيمتراتٍ فقط، على صدادة موجٍ مجاورة، جلس صاحب الوجه المنحوت وقد اصطبغت بشرته بسمرة وله شارب أسود، مرتديًّا زيه العسكري ونفث دخان سيجارته في ذلك الهواء.
ترى لأين ذهب شروده؟ هل هموم العمل و متاعبه؟
أم سقط عاشقًا في بحور هوى المارية؟أم ربما يشعر بحالة من اليأس والخوف المركّب من أحوال البلاد التي تنحدر منذ أعقاب حرب أكتوبر في ٧٣، وكأن الحرب عندما انتهت انتهى معها كل شيء.
ذهبت الأخلاق والقيم فهاهي في انحدار، بدأ الناس يتحولون لمستهلكين أكثر من منتجين، ضيّعوا قيمة العمل والإنتاج، صار هناك نوع من الاستسهال في الاستيراد من الخارج .
ترى الجهلاء جالسين فجأة فوق أكوام المال! فلا تدري متى اغتنوا! ولا كيف كبروا وتضخموا؟!
حالة تدق ناقوس الخطر، فما بدأ الناس بترك أخلاقهم ومبادئهم حتى ينهار كل شيء، إن كانوا قديمًا قد سقطوا في بئر الاحتلال، أما الآن فلأين يسقطون؟!
لا يدري أيٌ منهما لماذا نظر جواره فجأة؟!
التفتت نور جوارها ووجمت فجأة لا تصدق ما رأت! إنه هو! إنه عزيز! أجل! إنه هو!
أنت تقرأ
( رواية نور) By: NoonaAbdElWahed
Historical Fictionملحمة تاريخية وطنية كان ميلادها مع نور الانتصار وبعد ظلام الغارات فسُميت نور تيمنًا بإنارة النور، نشأت وكبرت وأمامها بطلٌ شجاع أحبته من كل قلبها رغم حداثة عمرها... شاءت الأقدار أن تبدلت الأحوال دمار موت بُعد و... [قد نختلف مع أنظمتنا لكن لن نختلف...