***____****____***
أعوذ بالله من طول التمني وحرمان الوصول، اللهُم إني أعوذ بك من زحام يتبعه ندم، ومن كلام يجُره الغضب، ومن اندفاع المشاعر وقلة الحيلة، اللهُم القوة إن أهلكتنا الحياة، اللهُم سعادة تملأ الفؤاد وأمان يعانق الروح وفرحة لم تكُن بالحُسبان.
***____****____***
تعالت ضحكات أمبر لتملأ ارجاء الغرفة، دارت عيني رلين بتوجس كبير ناظرة نحوه وهي تفرك يديها بتوتر ثم اخرجت نفسًا خائفًا قبل ان تخاطبه بهدوء يعكس ما بداخلها:- أمبر لقد ارتكبنا خطئًا كبيرًا بفعلتنا هذه، تعلم ان سليم سيخرج لان هذه افتراء بحقه، لا اعلم لماذا ساعدك والدي لكن اريد ان انسحب من هذا الموضوع ارجوك.
نظر اليها بطرف عينه ثم اعتدل متوجهًا نحوها، سار عدة خطوات اثارت ريبتها فجلس بجانبها واضعًا يده على كتفها بهدوءٍ شديد:- رلين عزيزتي الا تريدينها ان تعود اليكِ، الم تتصلي بي بعد يومين من خروجي من المشفى!
تساءل بتعجب مصطنع عندما شاهد التردد الكبير بعينيها:- من هي التي كانت تبكي وتتوسل اليّ ان اساعدها للتخلص من الارهابي ذاك! الم تكوني انتِ؟ الم تعطيني ذلك التسجيل الخاص بكِ وانتِ تتقنين صوتها، صحيح انه لا يوجد فرق بين صوتكِ وصوتها لكنكِ بجدارة جعلته يبدو كصوتها، انتِ بارعة منذ الصغر بهذه اللعبة لطالما كنا نخلط بينكِ وبينها.
ابتعدت عنه بضيق وهي تجيبه:- لقد جن جنوني عندما علمتُ بخبر حملها أمبر لكني جئتُ إليكَ في اليوم التالي متراجعة عن قراري اليس كذلك ارجوكَ أمبر اخرجني من هذه القصة.
سار عدة خطوات بعد ان ابتعد عنها ليمسك بقدحة مجيبًا بعدم مبالاة:- فات الاوان رلين لانسحابك انتِ من أوقدتِ نار الانتقام داخلي، فحتى الان لا اريد ان اصدق انها اصبحت تحمل بداخلها جنين من ذلك الإرهابي الكاذب.
سحبت حقيبتها بغضب وهي تشهر اصبعها السبابة امامه:- اقسم بالرب أمبر إن وضعتني بالصورة سأفضحكَ امام والدك، لا تنسى انني اعلم بعلاقتك مع آليس، انها في المشفى بسببك وانتَ تعلم ما الذي فعلتهُ معها، لو كنت رجلًا لكنت تحملت الطفل الذي اجبرتها على التخلص منه، انها بين الحياة والموت وانتَ هنا لا تهتم سوى بانتقامك.
وفي اقل من الثانية كان يقف امامها ممسكًا بذراعها غارزًا اظافره بها:- لا تدخلي رلين، لم اجبرها على اقامة علاقةً معي، وقد حذرتها منذ البداية بأن تأخذ مانعًا للحمل وان حصل ذلك عليها بالتخلص منه وقد وافقت على ذلك،
نفض يده مبتعدًا عنها:- اما انها بين الحياة والموت لا شأني لي هي التي ذهبت لطبيبٍ غير متمرس في هذه الامور .
اخذت نفسًا عميقًا تريد ان تهدئ من غضبها فحقًا انه شيطان لقد تأكدت من ذلك لتوها فتحت عينيها بعد ان أغمضتهم لتخاطبه بهدوء:- انتَ حرٌ بتصرفاتكَ أمبر مع آليس لكن حياة الفتاة في رقبتك واعلم انكَ ستحاسب على ذلك، لكني اكرر اخرجني من موضوع ريليان وزوجها فأنا لا أريد الاختلاط بهم.
قلب عينيه للداخل بمللٍ من حديثها مخاطبًا اياها:- هل انتهيتِ رلين، اذهبي واحضري ما ينقصك انتِ وديفيد فلم يتبقى وقت لزفافكم.
جزت على اسنانها بغضب لتتوجه نحو الباب تغلقه بقوة فيبدو أنّ الجدال معه عقيم، زفر أمبر جالسًا على المقعد مفكرًا في آليس التي تصارع للبقاء على قيد الحياة ليمسك بسترته متوجهًا للمشفى التي تقبع بها.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»
امسكت ريم هاتفها لتجيب كيان بتردد كبير:- صباحُ الخير كياني.
اجابتها كيان باسمه:- وصباح الخير لكِ ايضًا، كيفَ حالكِ ريم اتمنى ان تكوني بخير.
ابتسمت ريم بهدوء وهي تجيبها:- الحمد لله بخير وانتِ كيفَ حالك.
ضيقت كيان عينها وهي تجيبها:- سوف اكون بخير عندما استمع للقصة، هيّا ارسليها فأنا متحمسة للغاية
حمحمت ريم بصوتها قبل ان تجيبها بتوتر:- انظري كيان انني اعتذر وبشدةٍ ايضًا.
رفعت كيان حاجبها الايمن بسخرية:- كالعادة لم تلتزمي بما اتفقنا، مع السلامةِ ريم.
سارعت ريم بالتحدث قبل ان تنهي كيان المحادثة:- كيان انتظري سأخبركِ، ارجوكِ لا تنهي المحادثة.
زفرت كيان بهدوء ثم اجابتها:- اخبريني ما الامر لأرى حجتكِ هذه المرة.
تنهدت ريم براحةٍ كبيرة لاستجابة كيان لها:- بدايةً شكرًا لكِ لأنكِ لم تنهي معي، ثانيًا سأخبركِ بخصوص سما لقد سألتُ إبراهيم كيف اعادها الى ذمته.
انتبهت كيان بكامل تركيزها ليس بخصوص نفسها لكن تريد تحليل الامر:- وماذا قال لكِ؟!.
تحدثت ريم بعدم مبالاة:- قال انها هاتفته وعندما اجابها انفجرت باكية، و انه يصُعب عليها ان يمضي شهر رمضان وهم ليسوا معًا ثم طالبته بان يذهب ويأخذها وانا تخميني ك ريم ان إبراهيم بعدما ارسل الصور لعائلتهــ
قاطعتها كيان بعدم استيعاب وفهم:- لحظة وانتِ تخمينكِ ك ريم ! لم افهمها.
ابتسمت ريم وهي تجيبها:- يا فتاة دائمًا مستعجلة ها انا اكمل لكِ، اقصد بعد ان ارسل ابراهيم الصور لعائلتها اصبحت معاملتهم لها سيئة لقد كنت اتواصل معها عن طريق الفيس بوك الذي انشأتِ لي عليه حساب فحسابها من قبل شهر رمضان وهو مغلق.
قلبت كيان عينيها للداخل لتتحدث بسخرية كبيرة:- اوووه الحنون ذو القلبِ الرقيق جابر قلوب المطلقات وقاهر العذارى.
تنهدت ريم بقوة قبل ان تجيبها:- كياني لقد كان إبراهيم يريدُ ان يعيدها اليه بأي شكلٍ كان وقد جاء الامر منها
تساءلت كيان بتعجب وحيرة:- اذًا لماذا طلقها ما هذا الغباء، هل هو مريض؟.
اجابتها ريم وهي تعد الافطار لعمر:- هذا الذي لم افهمه، من الممكن انه مريض.
هزت كيان رأسها بضيق ثم اجابتها:- ليس ممكنًا، الان تأكدتُ انه مريض، هل يوجد احدٌ مثله شخصًا يطلق زوجته ويريد ان يعيدها بأي طريقة ويصنع مئة الف قصة وحوار ويهدد ويتوعد، أتعلمين من المريض ايضًا انها سما، هل توجد فتاةٌ بدون كرامة مثلها اعلم انه لا كرامة في الحب لكن لا يسمى هذا كرامة، هذا جنون وعته وتخلفٌ رسمي.
نظرت ريم امامها بشرود:- متأكدة من انني سأستمع منها حكايةً اخرى، لكنَّ الله وحده يعلم من هي الحكايةُ الاصح.
ابتسمت بسخرية وعدم رضا:- ريم انتِ كثيرًا تصدقينها، لا تجعليها ملاك مطهر امامكِ، هذه سارقة زوجك.
دافعت ريم عن نفسها:- اصدقها لأنني اعرف إبراهيم جيدًا واعرف ماذا يخرج منه من تصرفات واقوال افهمتني.
اجابتها كيان بقلة حيلة:- اسأل الله لهم الهداية حقًا، لكن عليكِ ان تفكري في نفسكِ ريم ، ها انتِ لدى والدتكِ وترتاحين منه ومن الضغط الذي كان عليكِ فكري بعقلانيةِ جيدًا.
ضحكت ريم بخفه ثم اجابتها:- أتعلمين انني سألتُ إبراهيم لأجلك انتِ ومن اجل روايتك.
رمشت كيان بصدمة كبيرة لتخاطبها بذهول:- اقسم انكِ فتاة لا مبالية انتِ بائعة لحقكِ.
اومأت ريم بتأكيد واضعة قطعةً من الجبن في الطبق:- اجل انني بائعة وغير مهتمةٌ ايضًا.
احنت كيان زوايا فمها بتعجب:- وااااااااو
وااااااو واااااو الاعتراف بالحق فضيلة.
ضحكت ريم وهي تؤكد لها :- اجل لا انكر ذلك.
هزت كيان رأسها بيأس:- على رأي احدهم تريدين تكسير الهاتف فوق رأسك، وعلى قول شقيقتها ام امل توفت.
تساءلت ريم بتعجب:- لماذا؟!
تحدثت باستنكار:- لماذا هل تسألين حقًا لماذا، من قال انني اتحدث معكِ او انني اسأل عن حالكِ من اجل روايتي، ريم بالله عليكِ تنحنحي وخذي خطوةً لمرة واحدة في حياتكِ، اين هي نصائحُ سنابل لك! ام انكِ تسمعين من اذنٍ وتخرجيه من اذنكِ الاخرى!.
اومأت لها مجيبة بعدم مبالاة ويأس:- اجل، فقد ذهبَ وقتُ اتخاذِ اي خطوة.
زفرت كيان بقلة حيلة:- اسأل الله لكِ الهداية
وصلاح الحال، من اجل اطفالكِ فكري هذا، انه اخر حديثي معكِ.
نظرت ريم لعمر الذي يتناول افطاره وقد جلس بجانبه علي الذي استيقظ لتوه لتتوجه نحو غرفتها:- كيان سوف اخبركِ بشيء.
اومأت كيان كأن الاخرى تراها:- بالتأكيد تفضلي.
زفرت ريم بضيق لا تعلم كيف تبدأ:- أتعلمين ليلة العيد كيف قضاها!.
اجابتها كيان بمزاح:- بصراحة لا اعلم فلم اكن معه حينها.
انفجرت ريم ضاحكة لتجيبها مكملة المزاح:- حسنًا، حسنًا ظننتكِ كنتِ معه.
ابتسمت كيان لضحكها ثم سألتها بفضول:- كيف قضاها اخبرني واتحفيني او اصدميني.
ابتسمت ريم بسخرية لاذعة مجيبةً اياها:- لقد ذهب واشترى فودكا.
عقدت بين حاجبيها بتعجب لتتساءل:- وما هذا؟ امممم لقد سمعت به لكن لا اتذكر ما هو بصراحة، ماذا تفعلين صديقتكِ ذكية بعض الشيء.
اجابتها ريم بهدوء بعدنا زفرت بثقل:- انه نوع من انواع الخمور كياني.
ابتسمت بصدمة قبل ان تخاطبها بعدم استيعاب:- تمزحين هذه المرة بالتأكيد اليس كذلك؟.
نفت ريم بقوة وهي تجيبها:- لا امزح اقسمُ لك.
تحدث كيان ومازالت بنفس صدمتها:- يا فتاة طلاقكِ اشرف لكِ وافضل، لقد ظننتُه تاب وعمل صالحًا.
تنهدت ريم بقلة حيلة:- وانا ظننت هكذا.
حاولت كيان استجماع ذاتها من تلقيها الصدمة:- ريم هذا خطأ من اجل اطفالكِ، لااا يا إلهي انه رجلٌ سكّير ايضًا فكري في الامر، ها انا كيان بشحمها ولحمها اخبركِ بان الطلاق افضل لكِ
تحدثت ريم بهدوء وصوت ضعيف ضائع:- انه منذ البداية كيان على هذا الحال.
اجابته كيان بحزن لحالها فصوت ريم يبدو متألمًا:- حسنًا لكنكِ اخبرتني انه توقف عن الشرب أليس كذلك.
اخذت ريم نفسًا عميقًا مانعة نفسها من البكاء متحدثة بشفاه مرتجفة:- كانت آخر مرة في يوم مولدها، لقد شرب اثنيهم.
رفعت كيان حاجبيها بصدمة اجل تعلم بإبراهيم لكن سما لا تعلم بها:- حتى هي ايضًا؟ أستغفرك ربي واتوبُ اليكِ، يا الله ألم يخافا الله! ألم يضعا الموت امامهم وهم يفعلا هذا الفعل؟ ألم يخافا ان يقابلا خالقهم بهذا الشيء المقرف.
ارجعت ريم رأسها للخلف ثم اغمضت عينيها بسخرية:- بالكِ كيان هل تعتقدين ان هؤلاء يفكرون في الموت!.
اجابتها بغضب مكتوم:- حسنًا، لكن الشخص يضع مخافة الله امامه ريم، يحسب للموت ألف حساب قبل ان يقوم بأي فعل يندم عليه وخاصة وهو يعلم انه فعل محرم.
ضحكت ريم بسخرية كبيرة:- استمعي اليه وهو يتحدث عن علاقته بربه.
تساءلت كيان بفضول كبير فقد شد حديث ريم فضولها:- ماذا يقول ؟! لا تخبريني ان الله راضٍ عنه.
تنهدت الاخرى قبل ان تجيبها:- يقول الحمد لله، ان الله يعطيني علامات اعرف بها ان كنتُ على صواب او خطأ، والحمد لله انا غير ظالمٌ لك فأنا رجلٌ صالح.
الى هنا وانفجرت كيان ضاحكة بقوة ثم اجابتها ساخرة:- رجلٌ صالح حقًا، اغلقي اغلقي لقد ارتفع ضغطي منه، ولا تفكري بإلهائكِ هذا انني تغاضيت عن القصة، اريدها في اقرب وقت والا اقسم انني لن احادثكِ حينها.
اجابتها ريم بطاعة تامة:- حسنًا كيان سوف ارسلها لك عندما اسردها لعليّ، هيّا اذهبي وذاكري فاختباراتكِ على الابواب.
اومأت لها كيان بهدوء :- حسنًا ، اهتمي بنفسكِ وبوالدتكِ واطفالكِ، في امان الله.
اعتدلت ريم متوجهةً للخارج بابتسامة هادئة:- ان شاء الله، وانتِ اهتمي بنفسكِ في امان الله.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»
جلست ابتهال امام خديجة التي ترفض الطعام لتخاطبها بحنان كبير:- ريليان حبيبتي ليس جيدًا ما تفعلينه بنفسكِ، انتِ لستِ بمفردكِ فهناك جنينٌ بداخلكِ ايضًا انتِ حرة بنفسكِ لكن ما ذنب الصغير هذا، اجيبي .
تكورت على نفسها منكمشةً بقوة ثم اجابتها بصوت مخنوق من كثرة البكاء:- اولًا اسمي خديجة امي لا اريد ان يحزن سليم لأنكِ ناديتني ريليان، ثم انني لستُ بجائعة اقسمُ لك
تنهدت ابتهال لعنادها فمنذ سماعها لحكم سليم ومدة سجنه لم تتوقف عن البكاء، لقد قاربت الشمس على المغيب وهي على هذا الحال.
اعتدلت خديجة بضعف وهي تشعر بالدوار يداهمها:- امي عانقيني، احتاجُ لحنانكِ.
فتحت ابتهال ذراعيها لترتمي خديجة في احضانها تبكي بقوة وهي تشدد من تمسكها بها، مسدت ابتهال على شعرها بهدوء متحدثة بلطف:- سوف ينجيه الله خديجة، لا يخب من كان الله معه، اذهبي وادعي له ف أبواب السماء مفتوحةٌ دومًا.
اجابتها وهي تمسح دموعها بعدما ابتعدت عنها:- وانا لا افعل شيئًا غير الدعاء له امي، سيخرج أليس كذلك، سيرى طفله وسنربيه سويًا وسيكون معي دائمًا،
تابعت بتساؤل:- امي هل تتغير الاقدار؟!.
ابتسمت ابتهال بثقة كبيرة في الله مجيبة اياها:- حبيبتي لم ييأس زكريّا بالرغم من دواعي اليأس ووهن عظمه لقد اشتعل رأسه شيبًا وكانت امرأته عاقرًا، لكنّه ظل يحسن الظن بربه (ولم أكن بدعائِكَ ربّ شقيًا) ألم تسمعي بنبينا أيوب! ثمانية عشر عامًا من المرض وشفاه الله بالدعاء، ألم تسمعي بإبراهيم لقد اُلقي في النار فكانت بردًا وسلامًا عليه، ألم تسمعي بيونس في ظلماتٍ ثلاث الحوت والبحر والليل و نجّاه الله بالدعاء؟
امسكت يدها ثم اكملت بثقة اكبر:- الدعاءُ يعيد ترتيبَ كلِ شيءٍ يغير القدر ايضًا ، فلا تيأسي من اللجوء إلى الله والدعاء حتى لو تأخرت الإجابة، لا تيأسي من رحمة الله مهما صَعُبَ الامر وتعسر سوف يخرج انا واثقة بالله.
مسحت خديجة دموعها بظاهر كفها ثم اعتدلت بثقل واضعة يدها على معدتها، امسكتها ابتهال بعدما شعرت الاخرى بالدوار يداهمها مرةً ثانية لتخاطبها بتوبيخ:- تناولي طعامكِ اولًا.
كادت ان تعترض لتتحدث ابتهال بصيغةٍ حازمة وغير قابلة للنقاش:- قلتُ طعامكِ اولًا هيّا امامي لتتناوليه.
تنهدت بهدوء لتسير معها نحو صينية الطعام التي احضرتها ابتهال لتبدأ بتناول عدة لُقيمات بشهية مسدودة، ابعدت الطعام عنها بضيق لتسألها ابتهال بتعجب:- ما بكِ لما لا تكملين طعامكِ.
تنهدت بثقل كبير ناظرة اليها بحزن:- ليست لدي شهية لقد تناولتُ من اجلكِ ومن اجل الطفل.
توقفت قليلًا لتكمل ببعض الحماس:- امي اريد ان اذهب للطبيبة واعرفُ جنس الجنين ثم بعد ذلك اذهب لسليم واخبره.
فكرت ابتهال مليًا بالأمر حقًا سيكون امرًا مفرحًا له لكنها اجابتها بهدوء:- أتعلمين انه رفض زيارتنا له أليس كذلك.
اجابتها بعدم اهتمام:- ليس من شأنه امي، هل يريد ان يحرمنا منه؟! لا يستطيع ، حسنًا سأحترم رأيه لكن عندما نذهب للطبيبة سأتوجه اليه مباشرة.
اومأت لها ابتهال برأسها فقد كانت تريد هي ايضًا ان تزوره لقد جاءهم المحامي واخبرهم ان سليم لا يريد زيارتهم له لأنه سيخرج في اقرب فرصة رغم مدة سجنه الطويلة كانت هذه رسالة سليم لهم اما بالحقيقة فموقفة صعبٌ للغاية.
اعتدلت في جلستها وهي تمسك بالصينية بين يديها قبل ان تخاطب خديجة بحب:- يمكنكِ الدعاء له صغيرتي، بالمناسبة لقد هاتفتني والدتكِ عندما كنتِ نائمة، اخبرتها انكِ بخير فقط نائمة.
اكملت بغصة خانقة:- الأيام القادمة ستكون مثل حصاد يوسف بعد تعبه، وراحة أيوب بعد صبره فقط علينا الثقة بالله
اومأت لها بهدوء لتتوجه نحو المرحاض بعد ان غادرت ابتهال ماسحة دمعة فرت من عينها شاهدتها خديجة قبل اغلاقها للباب.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»
ها هو يقلب صمته صافنٌ كجوادٍ ارهقه الجموح وكبت في اودية الحزن، كدمعةٍ حائرة بين الهدب والمقل، كيف يفتش عن وهمٍ في أكوام وهم!، كيف يصرخُ والصدى يصده الفراغ، منذ خروجه من عيادة الطبيب ولم يبرح مكانه ظل في المجسد يناجي ويخاطب الله بان تكون النتائج وهمية او خاطئة وليست صحيحة لا يريد ان ينظر الى النتائج مرةً اخرى، ماذا سيخبر سارة عن موته المحتم؟ عن تركه لها وسط الطريق دون سند او معيل؟ وتلك جنيته الصغيرة امل هل ان تركها وغادر ستعيدها والدته لدور العناية، حسنًا هُمام اهدأ الامر محض وهم والنتائج سليمة فقط اختلاط في النتائج، استجمع نفسه ليمسك بهاتفه فسارة منذ الصباح وهي تهاتفه لكنه لا يرد عليها، وجد رقمًا غريبًا يهاتفه ليجيبه بهدوء:- السلام عليكم تفضل من معي.
جاءه صوت سليم مخاطبًا اياه بابتسامة هادئة مثقلة بالحزن:- كيفَ حالكَ هُمام.
ابتلع ريقة بخوف كبير هل علم بمرضه؟، هل سيجعله يترك سارة لا لن يسمح له بذلك، حاول ان يكون طبيعيًا ليجيبه:- بخير سليم وانتَ كيف حالك.
ضحك سليم بخفة وهو ينظر للضابط الذي امامه:- قضبان السجن يوصلون سلامهم لك.
عقد هُمام بين حاجبيه بتعجب فسأله بهدوء:- عفوًا سليم لم افهم، عن اي قضبان تتحدث.
تنهد سليم بهدوء قبل ان يجيبه بثقل:- انني ضيف شرف في السجن لمدة خمسة وثلاثون عامًا هل رأيتَ هذا.
توقف همام عن المسير بصدمة كبيرة بينما اكمل سليم بجدية:- هُمام لا تقاطعني دعني اتحدث مرةً واحدة فليس معي وقت كثير، أنتَ أصبحتَ اخي منذ دلوفك لدوائر علاقاتي ثم تغلغُلكَ في عائلتي اريد ان اطلب منك طلبًا، امي وزوجتي وسارة امانة في عنقك لا استطيعُ تأمينهم لدى شخص آخر غيرك، اياكَ ان تسمح لزوجتي بالخروج من منزلها احضر لها المعلمات في المنزل حاول ان تجعل دراستها منزلية، سوف ارسل لكَ مع محامي بالغد تصريحًا خطيًا مني كي يقبلوا طلبك، سأخرج في اقرب وقت وكلي ثقةٌ في الله لكن لا احد يضمن غدر البشر ولا الظروف المحيطة بنا، سوف انهي المحادثة الان وحاول ان تخبر سارة بهدوء، انها رقيقة وحساسة جدًا احتويها همام ولا تقسو عليها، في امان الله
ظل همام متصنمًا في مكانه هل حقًا لتوه تلقى صدمةً اخرى يا إلهي لقد اقفل في وجهه، اعاد الاتصال مرةً اخرى لكن الرقم كان ارسال وليس استقبال، مسح وجهه بكف يده هل هذا وقته ايضًا سليم يا الله ساعدني.
ارتدى حذائه ليتوجه نحو سيارته محتلًا مقعد القيادة مفكرًا في طريقة لإخبار سارة بصدمتين تؤديان لصدمةٍ قلبية ونتيجةٍ حتمية، حرك مقود السيارة متوجهًا نحو المنزل وهو يرجو من الله ان تكون العواقب سليمة.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»
بعد ان انتهي سليم من محادثته مع همام فلقد طالب بعمل محادثة ضرورية وقد سمحوا له بذلك، توجه نحو سجادة الصلاة وقد في سجوده مناجيًا الله وهو مغمض العينين داعيًا ربه بقلب متيقن من الاستجابة راجيًا الله بكل قوته:- " ربي ها أنت ترى مكاني وتسمع كلامي وأنت أعلم من عبادك بحالي، ربي شكواي لك لا لأحدٍ من خلقك فاقبلني في رحابك في هذه الساعة المباركة، ربي إني طرقتُ بابكَ فافتح لي أبوابَ سماواتك واجرني من عظيم بلائك، اللهم يا مسخر القوي للضعيف و مسخر الجن لنبينا سليمان و مُسخر الطير والحديد لنبينا داود ومسخر النار لنبينا ابراهيم، ربي بحولك وقوتك وعزتك وقدرتك أنتَ القادر على اخراجي ونصرتي وتبرئتي انت وحدك لا شريك لكَ، وضعت ثقتي كلها بك.
توالت دموعه بصمت وهو يشعر بقهر كبير لظلمه :- يا الله اعلم إني ملتزم وتحبني لكنه ينقصني الكثير فانا لا أُصلي لك كما يليق بكَ ولا أصومُ كما كان يفعل داوود ولا أصبر إذا مرضتُ ك صبر أيوب ولا أُسبّح بحمدكَ تسبيح يونس فـ بطن الحوت ولا آخذ ديني بقوة ك يحيى ولا أغض بصري كما غض يوسف كل جوارحه ولست متسامحًا لحد القول ( اذهبوا فأنتم الطلقاء) فقط احاول ولكني مثلهم يا الله أحبك واخشاك واتقي غضبك وعذابك، فتولّني واخرجني من كربتي وبلوتي، يا رب ان في داخلي لهفة يوسف يدعوك غوثًا حين اظْلم جبُّهُ وبِداخِلي أيوب يغزل صبره منذ مسني ضر الزمان وكربه.
انهى صلاته غير آبهٍ بهمزات ولمزات المساجين ليتوجه نحو سريره ممسكًا بأنيسه ومؤنسه الوحيد، اغمض عينيه يستحضر صورة خديجته فابتسم ضاحكًا فهو يعلم حالها الآن بكل تأكيد تبكي كالأطفال خاطبه احدى الاشخاص الذين يتابعون حركاته:- هل أنتَ مجنون يا رجل هل يوجد شخص يُسجن ويبتسم.
فتح سليم عينيه بهدوء ليقابله بذات الابتسامة:- وعليكم السلام اخي تفضل.
انفجر الجميع ضاحكًا ليتحدث اخر:- هذا ما ينقصنا متدين بيننا، انظر يا هذا ان بدأتَ بالتحدث معنا بقال الله وقال الرسول ووعظنا لا تبدأ، انتَ هنا واحد من بين عشرة انزوي مع نفسك ولا تخالطنا البتة.
هز سليم رأسه بيأس قبل ان يفتح مصحفه الذي احضره له المحامي وبعض الثياب ليبدأ بالقراءة غير مهتمًا لهم فالان لا يملك القدرة على مواجهتهم فمزاجه لا يسمح بذلك.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»
رفعت خديجة يديها تدعو الله ودموعها تتسابق لا تعلم ماذا تدعو بالتحديد فقد دعته وطالبته كثيرًا:- اللهم إني أسألكَ يا من لا تراه العيون ولا تخالطه الظنون ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث والدهور ويعلم مثاقيل الجبال ومكاييل البحار وعدد قطر الأمطار، وعدد أوراق الأشجار، وعدد ما يظلم عليه الليل، ويشرق عليه النهار، ولا توارى منه سماءٌ سماء، ولا أرضٍ أرضًا، ولا جبل إلا يعلم ما في وعره، ولا بحر إلا يعلم ما في قعره، اللهم أسألك ان تعيد الي زوجي سليم وتقر عيني واين امي ابتهال به، اللهم انت اعلم بحالي لا تجعل طفلي يولد بدونه ارأف بحالي اعلم انني اذنبت في ماضي لكني تبت اليك فاستجب لي بالا ترني فيه مكروه برحمتك يا ارحم الراحمين.
حاولت ايقاف نفسها عن البكاء لكن لا فائدة فدموعها في تزايد تام غير منقطع، طرقت ابتهال الباب لتسمح لها بالدلوف وهي تعتدل متوجهة اليها بتثاقل احتضنتها ابتهال والدموع عالقة بين اهدابها ثم خاطبتها بهدوء:- والدتكِ على الهاتف خديجة تريدكِ بأمرٍ ضروري.
ابتعدت عنها وهي تمسح دموعها بكف يدها لتأخذ الهاتف منها مجيبة والدتها بصوت مهدد بالبكاء مرةً اخرى:- امي.
تنهدت جوليا براحةٍ كبيرة قبل ان تخاطبها متسائلة:- كيف انتِ الآن ريليان.
اجبرت نفسها على الابتسام لتجيبها:- انني بخير امي، فقط اشتقتُ اليكِ.
ابتعدت جوليا عن مكانها لتحدثها ببعض الهمس:- ريليان انني اعلم ما الذي حل بزوجكِ.
رمشت ريليان بتعجب لتسأل ابتهال:- هل اخبرتها بأمر سليم.
نفت اثنتاهم لتكمل والدتها:- لا لم تخبرني لكن يؤسفني القول ان والدكِ وأمبر ورلين مشتركين في ذلك.
اغمضت عينيها بألم كبير وقد اعتصر قلبها فأجابتها بدموع:- لماذا امي، ما الذي فعلته لهم أن يتركوني وشأني لقد تعبت اقسم لك.
تنهدت جوليا بحزنٍ لحالها لكنها اكملت على اية حال:- لا اعلم كيف علم والدكِ بأمر حملكِ و لقد جنت رلين بصورة لا تتصورينها لكنها اليوم هادئة على غير عادتها ذهبت لزيارة آليس في المشفى ثم عادت هادئة وهي تطلب من والدكِ التسجيل الصوتي الخاص بك.
عقدت ريليان بين حاجبيها بتعجب كبير:- تسجيل صوتي لي؟!.
علمت جوليا انها لا تعلم بالأمر لتخبرها وهي تراقب الطريق:- لقد قلدت رلين صوتكِ من قبل وهي تهاتف ديفيد وطلبت منه ان يأتــــ
سألتها خديجة بترقب:- ان يأت ماذا أمي، امي اجيبي امي اين اختفيتِ.
نظرت نحو ابتهال بضياع عندما استمعت لصفير الهاتف:- لقد اغلقت الهاتف انها تقول تسجيل صوتي لي لم افهم.
اعادت الاتصال ليأتيها الصوت المعتاد ان الرقم الذي تحاول الاتصال به مغلق حاليًا.
تمسكت بابتهال بترجي:- ارجوكِ امي اريد ان اذهب اليها لافهم الامر.
حاولت ابتهال فهم كلمات جوليا ليتضح جزءً من الصورة امامها، ربتت على كتفها متنهدة بثقل:- يبدو ان لديهم دليل قوي لزج سليم داخل السجن، لكن المحامي لم يخبرني بشيءٍ عن هذا.
ارتفع رنين المنزل لتتجه اثنتاهم اليه بسرعة وتوجس فنظرت ابتهال للقادم من خلال العين السحرية لتفتحه بسرعةٍ كبيرة ليدلف هُمام وهو يحمل بين يديه سارة الفاقدة لوعيها.
««::::::::::::::::-:::::::::::::::»»

أنت تقرأ
صراعٌ ولكن ( مكتملة)
General Fictionالحياةُ صراع ؛؛ صراعٌ مع الزمن، صراعٌ مع الضمير، صراعٌ مع الجاهلين، صراعٌ مع الظروف، صراعٌ مع العادات والتقاليد، صراعٌ مع العقل والقلب مع الأفكار وحتى المشاعر وأشد وأقوى صراع هو الذي تخوضه مع نفسك، فهو يحاول إسقاطك بكل ما أوتيت من قسوة وأنت تحاول ال...