الفصل (18)

508 47 797
                                    

***____****____***

‏"فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا".
‏لن يذهب صبركَ على مرارة ما فقدتَ وكل ما انتظرت حدوثه سدى، سيعوّضك الله عنه ويمسح على قلبك وترضى بفوات كل هذا العمر لأجل أن تحظى بمثل ما كافئك الله وقتها.

***____****____***

بعد صلاة الظهر تقريبًا دلف سليم للمنزل بعد ان أدى صلاته في المسجد وقرأ ورده وانتظر ان يخرج المصلين ليخرج بعدهم توجه نحو غرفة والدته طارقًا اياها بهدوء، فسمحت ابتهال له بذلك ليدخل نصف جسده متفحصًا الغرفة خشية وجود ريليان بداخلها كالمعتاد، تقدم منها باسمًا عندما تأكد من خلوها ليجلس امامها بهدوء وكأنه طالب يجلس امام معلمه

اغلقت ابتهال كتاب الله الذي بين يديها لترفع انظارها اليه متفحصةً ملامحه الهادئة لكن يشوبها بعض التوتر لتسأله باستفسار:- ماذا هناك سليم، هل انتَ بخير بني.

زفر الهواء واضعًا يديه على ركبتيه متحدثًا بتوتر:- أجل، أجل انني بخير لكن اريدُ ان اخبركِ بشيء توصلتُ اليه بعد تفكير كبير وعميق أمي.

ركزت جميع حواسها مستمعةً اليه بانتباه كبير لتحثه على البدء:- تفضل بني قل ما لديك.

عبث بشعره بتوتر كبير لتتحدث ابتهال باسمة:- مالي اراك مترددٌ سليم، انكَ لأول مرةٍ تكون هكذا قل ما لديك بدون مقدمات.

ضم يده على شكل قبضةٍ ليفرك الاخرى بها ليتحدث ناظرًا اليها بتردد:- كما تعلمين لقد اوشكت السنة الهجرية على الانتهاء وحتى الان لم تجدي لي فتاةً صالحة حتى انكِ لم تذكري اي فتاةٍ امامي.

ضحكت بخفة تناغشه ناظرة لملامح وجهه مستكشفة اياهم:- وما بها سمر بني، انها ابنة خالك بالإضافة الى انها جميلة ومهذبة وعلى خُلقٍ ايضًا.

رفع حاجبه الايسر بتعجب موجهًا حديثه اليها:- هل ترغين حقًا بزواج الاقارب! ان كنتِ راضيةً عن ذلك فتوكلي على الله امي ولا تترددي في طلبها.

ابتسمت في وهن وقد بدى اليأس على ملامحها التي غالبها الكِبر:- لا اريده سليم، لكني بحثت لك عن فتاةٍ كما طلبتها لكن أغلبهم ليسوا مثلها ولا يطابقونها.

لتكمل ضاحكة:- هذا غير انهم لا يريدون متشددًا ليظل يتحكم بهم و يخبرهم قال الله وقال الرسول.

ضحك باستخفافٍ من تفكير الفتيات لهذا العصر وكم اشفق عليهن، يظنون ان المتشدد ليس سهل التعامل او انه عصبي وغير متفهم ليتنهد بثقل من تفكيرهم لحظة! ثم إنه ليس متشدد ومتعصب هل اصبح من يطبق كلام الله متشدد لم يبقى سوى ان يقولوا من جماعة داعش  وانني ارهابي هذا ان لم يكونوا يقولونه فعلًا، تنهد بهدوء ليخاطبها مهندمًا لحيته بيده:- حسنًا امي لا عليكِ، يبدو انني سأكمل لكِ ما فكرت به.

خاطبته بشك مستفسرة:- ماذا؟! هل وجدت فتاةً مناسبةً لك!.

بدأت حُبيبات العرق تزين جبينه باستحياء ليتقدم بجلسته مبعدًا يديه عن ركبتيه ناظرًا للأسفل:- لا، لكنني اقول بما انكِ لم تجدي فتاة لي وبما انني استمعت لحديث ريليان واعترافها الأخرق في ذلك اليوم و..

قاطعته ضاحكةً بتعجب:- هل استمعت اليها حقًا سليم !

اومأ لها لتكمل بتساؤل:- وهل استمعت لحديثي انا وسارة معها اي اجابتنا وبقية الحديث.

نفى برأسه ليكمل:- لا فانا لم اكن اريد ان استمع من الاساس لكن هناك شيء جعلني اقف واسمع ما تقوله، غفر لي الله ذلك.

اكمل زافرًا ليتحدث ببعض التوتر والضيق:- امي دعيني اكمل ما أفكر به كي لا اتراجع عن قراري .

نظرت اليه مومأه برأسها كاتمة ضحكاتها فسليم حقًا يبدو مثل طالب سيوبخ من معلمه ليكمل ناظرًا اليها اخذًا شهيقًا عميقًا:- بدايةً لقد فكرت في طريقةٍ لمساعدتها ولم أجد سوى حل واحد وكل الطرق تؤدي اليه لكنني متردد فيه بعض الشيء.

ربتت على قدمه تحثه على الاكمال:- لا تتردد سليم اخبرني بتفكيرك ربما هو الحل السليم.

زفر بقوة لما سيقوله:- سوف اعقد عليها و او انتظري ليس هكذا سوف اق...

قاطعته باستفسار عاقدةً بين حاجبيها لما وصل لفكرها اولًا:- انتظر لحظة تريد ان تعقد على ريليان من اجل مساعدتها والوقوف في وجه عائلتها اي انه زواج صوري أليس كذلك.

هزت رأسها مستنكرةً ما يقوله لتخاطبه برفضٍ ولم تعطيه اي مجال للاعتراض او التوضيح:- سليم لستُ موافقة على ذلك، صحيح انني اريد ان تكون ريليان فردًا من افراد عائلتي لكن ليس بهذا الشكل ان الفتاة تحبك وستوهمها بشيء ستحاسب عليه، لست موافقة على قرارك.

هز رأسه بيأسٍ ليخاطبها بهدوء مبطن بضيق بتنهيدة:- امي لقد اخبرتكِ بألا تقاطعيني، لم اكمل حديثي بعد.

تحدثت بضيق منه واضعة كفها على وجنتها:- اذًا اكمل ما الذي تريد قوله اذ لم يكن زواج صوري.

ارجع رأسه للخلف زافرًا بقوه ليعيده مرةً اخرى يخاطبها:- امي سيكون زواج حقيقي امام الله اي انه استقرار وانجاب مودة ورحمة، وليس صوري كما تعتقدين فانا لا العب بمشاعر الاخرين.

نظرت اليه بشكٍ من صحة حديثه ليكمل متحدثًا بذات الهدوء وهو يشبك اصابع يديه معًا:- في البداية كنت افكر بان يكون زواج صوري من اجل مساعدتها لمواجهة عائلتها لكني نظرت في الامر جيدًا فهنالك عدة امور كان يجب عليّ اخذ عين الاعتبار بها.

وضع اصبعه السبابة على اصبعه الخنصر ليخفضه في هيئة عدٍ:- بدايةً لا يُتصور ان تكون هنا في البيت بدون اي صفةٍ تربطها بنا وانا موجود به وخاصة بعد اسلامها ف من الطبيعي انها تريد اخذ حريتيها بالتنقل فيه كما تشاء هذا شيء،

اخفض اصبعه البنصر بن خلال اصبعه السبابة بواسطة يده الاخرى:- وشيئًا اخر يمكنني تعليمها امور دقيقة في ديننا وسيسهل عليّ ذلك كثيرًا عوضًا عن اسئلتها الكثيرة والمستفسرة والتي اخشى اجابتها ف لا اعرف كيف اوضح لها واوصل لها المعلومة التي تريدها، صحيح انها اصبحت مُلمّة لبعض الأمور في الدين الإسلامي لكن تحتاج للكثير من التوجيه والتعلُم.

ليتحدث بثقل فاركًا جبينه:- لا اعلم ما الذي يحدث لي عندما يُذكر اسمها خاصة بعدما قام أمبر بإخباري انها تحبني وتصريحها الواضح بذلك لكم بعدما استمعت اليه،

اكمل عندما صوبت اليه ابتهال نظراتٍ خبيثة:- لا تنظري اليّ بنظراتكِ هذه أمي فهذا ليس حبًا ولكن يبدو انه اعجاب وانا لا انكره لكن في المقابل لا اعلم من اين جاء او كيف او متى جاء.

ختم حديثه كي لا تسأله وتستفسر لأنه لا يملك اجابة لنفسه:- في النهاية لا تقلقي سيكون زواج حقيقي امام الله وامام القانون وهذا ليس استغلالًا لكنه قرارٌ مبني على مشورة الله.

تهللت اسارير إبتهال لتتحدث بسعادة كبيرة:- هل انت جاد سليم، هل ستتزوجها حقًا زواج حقيقي وستستقر بحياتك اخيرًا.

اكد برأسه عدة مرات:- اجل امي ولم اخبرك بقراري هذا الا بعدما اديتُ صلاة الاستخارة في الامس وكررتُها فجر اليوم.

هدّأت قليلًا من سعادتها لتسأله مستفسرة بعدما تذكرت امر ديانة ريليان السابقة وما عرفته عنها:- بُني هل انت مدرك لهذه الخطوة جيدًا، اي انك تعلم انها كانت في مجتمع يسمح فيه الاختلاط والعلاقات هل فكرت في هذه النقطة ام انك نسيتها.

بهت قليلًا من هذا الامر الذي لم يتطرق اليه ولم يفكر به مطلقًا، يا الهي كيف نسي امرًا كهذا اجل انهم متعددون العلاقات ولا فرق بين فتاةٍ في عمر الثالثة عشر عن تلك الفتاة المتزوجة، ان الغالبية المطلقة تبدأ بالتحرر والاستقلال بنفسها في هذا العمر الصغير.

ربتت ابتهال على قدمه باسمةً عندما وجدته يفكر في الامر وملامحه قد شحبت كمن يقاد للموت:- انني اعلم ما الذي تفكر به حاليًا لكن لا تقلق انّ الامور بخير بني.

زفر براحةٍ كبيرة وقد اثلجت صدره بحديثها هذا لينتبه اليها عندما اكملت:- هذا ما تحدثنا به بعد اعترافها بحبك واكدت لي انه لم يقترب منها اي شاب البتة ولا حتى أمبر خطيبها السابق هذا غير الشراب المسكر خاصتهم لم تضعه في فمها.

حمد الله لهذا الامر الذي لم يفكر به فقد رأف الله به و جاء في صالحه لكن يجب موافقتها على ذلك، اعتدل في جلسته مخاطبًا ابتهال بهدوء:- حسنًا أمي، يمكنكِ اخبارها بالأمر واعطائي قرارها لكن بدون استعجال لكن في المقابل خذي بعين الاعتبار انه كلما كان القرار اسرع كان بمقدورنا مواجهة الامر بقوة وحجيةٍ اكبر، سوف اذهب الى غرفتي فلدي بعد قليل موعد وسأعود في المساء بإذن الله.

ضحكت بخفة لتوقفه مازحة لكن في نفس الوقت بجدية:- هل تعلم سليم انه اذا احبّتك امرأة هذا يعني أنه أصبح لك والدتين في هذا العالم.

ابتسم لحديثها ثم هز رأسه باستنكار:- انني ذاهب امي .

شيعته بأنظارها حتى اختفى مغلقًا الباب خلفه فاعتدلت بسعادة كبيرة لتضع كتاب الله في الدولاب الصغير لتتوجه نحو غرفة ريليان التي تقع جانبها، طرقت الباب بخفة لتستمع الى صوت سارة وهي تسمح لها بالدلوف.

فتحت الباب و الابتسامة تزين مبسمها لتسير عدة خطوات مقتربة من ريليان التي تقرأ القران وتضع سماعات الاُذن داخلهم حتى تنصت اليه لتتعلم قراءته جيدًا.

جلست بجانبها على حافة السرير لتنتبه اليها بعدما رفعت رأسها للأعلى نحوها بادلتها الابتسامة لتخاطبها الاخرى بسعادة حاولت إخفاؤها:- كيف حالكِ ابنتي.

رفعت السماعات من اذنيها بعدما اغلقت صوت القرآن لتجيبها بحب:- الحمد لله خالتي وانتِ كيف حالك.

لم تستطع ابتهال إخفاء سعادتها فملامح وجهها كلها تدل على ذلك، تقدمت سارة على اطرافها الاربعة تسير على السرير لتتوجه نحو والدتها مضيقة حدقة عينيها بتقرير:- ما كل هذه السعادة امي، من يشاهد سعادتكِ يقول انكِ زوجّتي ابنكِ وانجب لكِ حفيدًا.

ضحكت بقوة ضاربة كتفها بخفة لتؤكد لها مخاطبة:- اجل هذا هو ما اريد اخباركن به.

بهتت ملامح ريليان بصورة ملحوظة وقد بدى الحزن يكسو قلبها قبل وجهها فقد ذهب الحبيب من بين يديها، نظرت اليها ابتهال فقد شعرت بها 

لتكمل بمزاح:- لكن عليكِ اولًا الخروج فهناك شيء اريد ان اخبر ريليان به.

رفعت سارة يديها عن السرير لتقف على ركبتيها وما زالت فوقه:- حقًا؟!.

لتبعد شعرها واضعة اياه خلف كتفها:- للتذكير امي فأنا و ريليان بذات السن، اي لا تقولي لي اخرجي وهناك امور للكبار وما شابه .

ابتسمت ريليان لمزاحهم بروحٍ ضائعة لتنتبه الى ابتهال عندما وجهت لها الحديث بجديه كاملة:- اسمعيني صغيرتي الم تقولي انكِ تحبين سليم.

اصطبغ وجهها بالأحمر القاني  وشعور داخل قلبها ت لد من جديد لتنفجر سارة ضاحكه لذلك:- يا فتاة منذ متى وانتِ تخجلين، لا لم اعهدكِ هكذا ريليان لقد شككت بكِ.

القت الوسادة عليها بضيق مخفيةً خجلها لتتفاداها ساره بمهارة بينما  اكملت ابتهال بابتسامة:- حسنًا استمعا اليّ جيدًا وانتِ سارة كفاكِ مقاطعةً والا طردتكِ للخارج.

توجهت سارة نحوها تلتصق بها:- حسنًا اكملي اماه ولا تهتمي لي اي اعتبريني غير مرئية،

لتمسك ذراعها برجاء مازح وعيون جرو متشرد:- لكن لا تطرديني فانا اريد ان اعلم ما الذي ستقولينه لها.

ضحكت ابتهال بخفة لتكمل وهي تنظر لريليان التي بدأت دقات قلبها بالعلو:- اذا تقدم اليكِ سليم هل ستوافقين ام انكِ غير مستعدة للزواج الآن.

حسنًا هل ما سمعته حقيقي ام انها تحلُم وستستيقظ بعد قليل ليختفي كل شيء وكأنه لم يكن!، هل حقًا سيتقدم لها ام انها لم تسمع جيدًا يا الله انها تشعر بسعادة كبيرة، هل حقًا هذا جزاءها لأنها اسلمت هل استمع الله الى نداءها بهذه السرعة لقد كانت تتمناه قبل ان تسلم ولم يتحقق لها ذلك اما الان وبمجرد ان دعته فجرًا استجاب لها دقات قلبها وصلت لمسامعها لتخرج من شرودها على يد سارة وهي تلوح لها امام وجهها متحدثة:- حوّل ؛ من الفضاء الى ريليان، هل تسمعيننا.

اخفضت رأسها تفرك مؤخرته لتتساءل بتفكير فليس ما تسمعه حقيقي:- لم افهم خالتي جيدًا او كيف سيكون هذا أتقصدين انه سيتقدم لي من اجل حمايتي من عائلتي وابي ام ماذا؟ لأنه غير منطقي ان يطلبني وهو لم يختلط بي اليس كذلك ام انكِ من اخبرته بذلك خالتي لا افهم انني مشوشة؟! .

ارتسمت ابتسامةً هادئةً على ملامح ابتهال لتواصل حديثها:- سوف اكون معكِ صريحة ريليان، هذا القرار سليم من اتخذه بنفسه ولم اجبره البته وتفاجأت ايضًا بذلك وحتى انه سيكون زواج حقيقي تستقرين معه للابد بإذن الله هذا ان وافقت على ذلك.

ثم اكملت متنهدة توضح ما يلوج بداخلها:- في الحقيقة رفضت قراره في البداية اي انه عندما تخيلت انه زواج صوري و لكنه اوضح لي انه حقيقي لان الزواج ليس به تلاعب عزيزتي انها حياة مبينةً على اتفاق وتوافق الطرفين وسيكون مستمر للابد.

ابتسمت اليها وهي تربت على يدها بحنان وتشجيع:- عزيزتي ان كنتِ تريدين الوقت للتفكير خذي راحتكِ فلن نجبركِ على ذلك ويمكنكِ الان اداء صلاة الاستخارة حتى لا تتسرعي في قرارٍ تندمي عليه فيما بعد فكري بعقلكِ لا بقلبكِ حبيبتي لأنه سيكون قرار حتمي.

اعتدلت في جلستها بعدما ابعدت سارة عنها والتي كانت هادئة فقط توجه انظارها نحو ريليان لتسير نحو الباب موجه الحديث اليها:- سارة بإمكانكِ اخبارها كيفية صلاة الاستخارة، ولا تضغطي عليها في ذلك اتقفنا، اني ذاهبه لإعداد طعام الغذاء هيّا انتبها على نفسيكما.

اوقفتها ريليان مستفسرة بجهالة:- خالتي ماذا تعني بصلاة الاستخارة.

توقفت ابتهال عن السير بعدما كادت ان تخرج لتلتفت اليها شارحة وهي تمسك بالباب بعدما فتحته:- انظري عزيزتي هذه الصلاة يصليها المسلم عندما تُعرض له في الحياة أمورًا يحتار فيها، ويريد الأفضل والاحسن والبصيرة فيها، كالسفر أو الزواج مثلًت، فيدعو الله تعالى ويتضرّع إليه ويسأله أن يختار له الخير،
وهنا يستخير الله ويستشيره في امر هو محتار به ليساعدنا فى اتخاذ قرار في أمر ما وينير بصيرتنا ويسهل الأمر إذا كان فيه خير، أو يصرفه عنا إذا كان به شر لنا.

نظرت نحو سارة لتعيد انظارها اليها مرةً اخرى:- هناك دعاء ستلقنكِ اياه سارة ستقولينه في صلاتكِ حسنًا، لقد تأخرتُ عن اعداد الطعام سأذهب ف سليم ينتظر ان يأكل حتى يذهب لموعده.

ادارت سارة انظارها نحو الباب الذي اغلقته ابتهال خلفها لتعيدهم نحو ريليان التي تنظر اليها بوجه احمر والسعادة ظاهرة في عينيها.

بدأت الابتسامة تظهر على وجه سارة لتتقدم معانقة ريليان بسعادة كبيرة:- سوف تكونين زوجة اخي ريليان لا اصدق ان سليم طلبكِ لنفسه.

قبلتها على وجنتيها وهي تتخيل رد فعل سمر لتنفجر ضاحكة عندما خُيل اليها شكل ابنة خالتها لتبعدها ريليان عنها بتعجب:- ما الامر سارة.

فتحت ابتهال الباب بعدما استمعت لصوت ضحك سارة العالي لتنظر اليها الاخرى في محاولة للتوقف لتخاطبها باستفسار:- ما بكِ هل فك سلكٌ من اسلاك رأسكِ.

بعد ان اوقفت ساره وصلة ضحكاتها اعتدلت واقفة على قدميها وهي تكتم سعادتها لتتحدث بصدمة ممثله رد فعل سمر:- ماذا فعلت عمتي هل سيتزوج سليم بتلك الصغيرة؟!.

قالتها وهي تشير بأصبعها نحو ريليان:- انها تخاطب نفسها وهذا للعلم.

لتكمل بعد ذلك وهي تجلس على المقعد واضعةً رأسها بين كفيها:- هل سليم ذهب مني! هل فضّل فتاةً اخرى انا ابنة خاله وانا احق به، لا بد انها سحرته هذا اكيد.

توجهت سارة نحو الدولاب تخاطبه:- ابي هل رأيت عمتي كيف رفضتك انها لا تريد نسبك وقرابتك.

التفتت بنصف جسدها تخاطبهم:- هذا رد فعلها في المنزل وهي تخاطب والدها اي خالي هاشم.

خاطبتها ابتهال بضيق رغم ضحكها:- ليس الى هذا الحد سارة صحيح ان سمر تحب سليم لكنها عاقلة وليست بهذه العقلية.

ضربت بقدميها ارضًا لتخاطبها:- امي دعيني اكمل ردّاتُ فعلها.

توقفت ريليان عن الضحك عندما استمعت لجملة ابتهال بان سمر تحب سليم، صحيح ان الحديث كان امامها في ذلك اليوم لكن ان يقع على مسامعها الحقيقة هذا جعل ملامحها تبهت لتنظر اليها مستفسرة:- خالتي هل حقًا سمر تكن مشاعر له.

التفتت اليها متنهدة:- أجل هذا صحيح، لكني لا اريد ذلك ان زواج الاقارب يجلب المشاكل وخاصة بين الاخوة اكثر من الزوجين وتأبى الفتاة ان تخبر عائلتها خشية تضخم الامر انا لا اتحدث عن سليم وسمر انني اتحدث بشكل عام فكثير من المشاكل بين الاخوة تحدث بسبب ابنائهم، فالأصلح والافضل تجنبه وهاشم يعلم انني لا احبذ زواج الاقارب لكنه يقول ان سليم رجل يخشى الله ولن يحدث مشاكل بينهم.

خاطبت سارة موبخه اياها بضيق:- وانتِ كفاكُ ذنوبًا استغفري ربكِ و اذهبي لدراستكِ.

ضحكت بخفه لتشاركها ريليان الامر:- امي انني في اجازة ولست في دراسة.

حركت رأسها بقله حيلة من تصرفات ابنتها الطفولية:- اذًا راجعي حفظ القرآن ولا اريد ان استمع الى صوتك.

خاطبتها سارة متذكرة كاتمة ضحكتها:- صحيح امي الم تذهبي لتعدي الطعام لان سليم ..

قاطعتها متنهدة:- لقد ذهب ويبدو انه لم يأكل شيء قرة عيني، سأذهب لإعداده الان اما ان نتناوله او ننتظره  في المساء ريثما يأتي.

بعد ذهابها جلست سارة زافرة براحة لتنظر اليها مضيقة بندقيتها السوداويتين:- ريليان ان رفضتِ  اخي سأرتكب بكِ جريمة بخنقك بيدي هاتين، لا اريد سمر تلك صاحبة الصوت الاشبه بالغراب ان تكون زوجته انها ثعلبةٌ ماكرة.

ضربت جبهتها متذكره لتخاطبها مرةً اخرى:- لقد نسيت اخبارك انها تعلم بأمر مبيتكِ هنا ولا شك انها علمت ديانتكِ السابقة لقد واجهتني بالأمر بعد ذهابكِ وتهربت منها.

ابتلعت ريقها بخوف ناظرةً اليها بعيون مهزوزة لتعتدل سارة بهدوء:- لا تقلقلي ريليان فأنتِ الان مسلمة وهذا ما يهم وارجو ان تكوني من نصيب اخي سليم، تعالي لتتوضئي وتصلي صلاة الاستخارة.

اخرجت ريليان نفسًا عميقًا قبل ان تعتدل واقفة متوجهة نحو المرحاض وفي داخلها شعور مختلط بين الخوف والسعادة.

              ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

في احدى الشقق التي تدل على الفخامة والرقي كان هناك جسد صغير ممد على ذلك السرير الابيض بالبنفسجي نظر هُمام الى أمل التي استيقظت لينحني طابعًا قبلةً على وجنتها:- صباح الخير أميرتي.

حاولت اخراج صوتها ف مازال نفسها متقطع وحنجرتها تؤلمها:- صباح النور عمي.

نظرت الى الغرفة بعدم تصديق:- هل حقًا انا في البيت اي انني لم اكن احلم أليس كذلك.

اومأ برأسه مؤكدًا لينحني جالسًا على الارض بجانب سريرها ممسكًا بيدها:- اجل هذا صحيح لقد خرجنا من المشفى بالأمس وجئنا الى هنا، هل اشتقتِ الى غرفتكِ.

حاولت ان تعتدل لتؤلمها يدها بفعل وجود تلك الاسلاك المحاطة بها ليعتدل واقفًا يساعدها بخوف:- انتظري ف مازالت الاسلاك موصولةٌ بكِ.

رفعت يدها اليمنى التي يحيطها المحلول نحو انفها تتحسس مكانه:- وهل هذا سيبقى عمي انه يضايقني.

اومأ لها بثبات فسوف تحتاج اليه كثيرًا حتى ينتظم تنفسها:- اجل ايتها الاميرة سوف يبقى لعدة ايام حتى ينتهى اختباركِ.

جلست بمساعدته ليضع شعرها خلف اذنها عندما تحدثت:- ومتى سينتهى اختبار الله لي عمي، لقد اصبحتُ بخير بفضله.

قبّل رأسها متنهدًا بحب بعد ذلك:- بالصبر والشكر والحمد سينتهي صغيرتي، والان حان موعد تناولكِ للدواء.

تغيرت ملامح وجهها للاشمئزاز عندما تسربت رائحة الدواء بعدما احضره همام ووضعه امام فمها:- لا اريده عمي ارجوك ف رائحتُه ليست جميلة.

انتقل بأنظاره الى ملعقة الدواء ليخاطبها باسمًا:- هيّا أمل افتحي فمكِ ولا تكوني كالأطفال.

زمت فمها لتتحدث بصوت متقطع :- هل ان تناولته سوف تحضر لي سارة.

نظر اليها لعدة ثواني عندما ذكرت اسم سارة ليبتسم اليها هازًا رأسه بالإيجاب:- ان شاء الله، والان هيّا تناوليه.

اغمضت عينيها لتقرب رأسها من الدواء ليضعه همام في فمها، انكمشت على نفسها بسبب طعمه المر كمرارة العلقم لتخرج لسانها قليلًا متحدثة بصوت باكيٍ:- ان طعمه مرٌ وغير لذيذ، سامحك الله عمي.

ضحك بخفةٍ لملامحها المشمئزة ثم قرص وجنتها بهدوء:- ان الله يسامح الجميع هذا كي تشفي يا صغيرتي والان تعالي لنبدل ثيابك.

بعد مدة جلس همام على سريرها محتضنًا اياها وفي يديه قصةً يقرأ لها رفعت انظارها نحوه بعدما بدأ يصف الفتاة التي في الصورة بغير مواصفاتها:- من هذه عمي انها ليست هي، هل تريد ان اصفها لك.

أومأ لها معتذرًا:- اعتذر يبدو انني لم اراها جيدًا، وقد كبرت في السن.

ضحكت بخفة لتصفها له:- هل كبرت عمي واصبح نظرك ضعيف، انظر عمي هذه بيضاء البشرة بعينين زرقاوين وشعرها قصير باللون الزهري وطويلة.

عقد بين حاجبيه بتعجب وعدم استيعاب:- وكيف هي التي وصفتها الم تكن هذه!.

نفت برأسها لتصفها ببراءة:- لا، لقد قلت انها فتاةٌ بيضاء يتخللها بعض الاحمرار وعينين سوداويتين قصيرة ونحيلة بشعر طويل اسود وناعم اظنك هكذا قلته.

ابتلع ريقه بتوتر فهذه المواصفات هي مواصفات سارة هل حقًا قام بوصفها بدون ارادته، لكن لماذا خيلت اليه الشخصية الكرتونية بهذه الصفات، حسنًا ربما ليست هي نظر الى أمل متسائلًا:- اذًا هل يوجد فتاة بهذه الاوصاف .

ضمت اصابع يدها لتضع السبابة فوق فمها والابهام اسفل ذقنها بتفكير:- اظن انها تشبه سارة تمامًا، عمي هل رأيت شعر سارة.

هز رأسه نافيًا لتنظر اليه بحماس تريد ان تخبره لينهاها زاجرًا بلطف:- لا أمل، لا يجب عليكِ وصفها لي فهذا الشيء لا يجوز لان الله نهى عنه عزيزتي.

اخفضت ابصارها متطلعة نحو القصة الكرتونية المصورة متحدثة بهدوء:- حسنًا اكمل قراءة القصة وانتبه جيدًا عمي.

اعادت انظارها الى الاعلى نحوه:- لا تنسى لقد وعدتني ان تحضر لي سارة اليس كذلك.

اومأ برأسه بشرود ليمسك القصة بين يديه جيدًا ليكمل القراءة لها .

              ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

كالعادة كانت ريم تجلس ممسكةً بهاتفها تتحدث مع كيان فقد اصبحت عادتها هذه مؤخرًا، تفاجأت بتنقل سما حول طاولة الطعام وهي تلتقط لها صورًا  استأذنت قليلًا من كيان لتضع الهاتف جانبًا تخاطب سما بتعجب:- ماذا تفعلين سما، لماذا تلتقطين هذه الصور هل بدلتي مهنتكِ لمصّورة؟.

التفتت اليها سما بتقرير:- لا ، لقد طلب مني ابراهيم ذلك يقول إنه يريد عرضها للبيع.

اندهشت ريم من هذا الخبر ليرتفع حاجبيها للأعلى بصدمة ولم تنبس ببنت شفه، مما جعل سما تنظر اليها متسائلة بتعجب:- ما بكِ ريم منصدمة هكذا، ألم يخبركِ ابراهيم بذلك.

حركت ريم رأسها يمينًا ويسارًا نافيه بمعنى لا لتتحدث بحزن:- لا ، لم يخبرني ابدًا، سما لا تخبريه انني علمت بذلك حسنًا.

اومأت سما برأسها مؤكدة:- حسنا لكِ هذا، ولكني استعجب كيف لم يخبركِ بأمر كهذا أليس ذلك اثاث زفافكِ كيف سوف يتصرف به دون علمكِ، لقد ظننت انه اخذ رأيك قبل ان يأخذ رأيي.

ضحكت ريم بسخرية مانعة دموعها من التساقط فشعور العجز يسيطر عليها:- لا تبالي سما لقد تعودت على هذا التهميش منه، انني اكرر حديثي لا تخبريه انني علمت.

استدارت بجسدها لتتركها بعدما اخذت هاتفها كي لا تشاهد الاخرى دموعها ثم دلفت الى حجرتها مغلقة الباب خلفها، توجهت نحو السرير لتجلس عليه تبكي بقهر على حياتها هذه وعلى ذلك الزواج الذي بدأ ينهي طاقتها ويمتصها كالثقب الاسود ويقتل طموحها.

بعد ساعتين استيقظت وهي تشعر بالصداع على رنين منبه هاتفها لتذكيرها بموعد احضار أبنائها، لتجد رسائل من كيان، ضربت جبهتها بضيق من نفسها لانها نسيتها لتكتب لها رسالة انها ستحضر ابنائها وتعود تحادثها في امر ما لأنها تشعر بالاختناق.

              ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

طول اليوم كانت ريليان تفكر بهدوء في طلب سليم انها سعيدة حقًا لطلبه لكنها خائفة من ردة فعل عائلتها والتي ستكون اكبر مما فعلوا بها انها تشاهد والدها جرير يقف امام باب منزل سليم القديم من خلال نافذة المطبخ فهي تطل على الشارع العام، ان المنزل الحالي يقع خلف المنزل القديم لكن لا يتسنى للمّارة رؤيته الا ان اقترب من ذلك الرواق الصغير الذي يصل بينه وبين البيت القديم.

اغمضت عينيها متذكرةً دعاء الاستخارة والذي حفظته جيدًا لأنها ادت الصلاة حوالي ثلاث مرات خلال فترةٌ قصيرة من اليوم هي تريد سليم لكن ابتهال اخبرتها ربما ليس خيرًا لها الزواج به فالله اعلم بالخير لها من نفسها، دلكت جانبي جبهتها تتذكره لتبدأ بقوله:- " اللهم اني استخيركَ بعلمك واستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علاّم الغيوب اللهم انت كنت تعلم ان زواجي من سليم ابن ابتهال خيرٌ لي في ديني ودنياي واهلي ومالي ومعاشي وعاقبة امري فقدّره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وان كنت تعلم ان زواجي من سليم ابن ابتهال شر لي في ديني ودنياي واهلي ومالي ومعاشي وعاقبة امري فصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضّني به" .

تنهدت بعد ذلك فلقد اخبرتها ابتهال ان افضل وقت للصلاة والدعاء به هو الثلث الاخير من الليل ولكن يجوز لها ان تدعو به وهي جالسةً وكأنه دعاء عادي في اي وقت من الاوقات ما عدا بعد صلاة العصر حتي صلاة المغرب، و بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس وقبل الظهر بربع ساعة.

نظرت للساعة لتجدها الثامنة والنصف فكرت قليلًا ثم بعد ذلك ارتكزت على يديها معتدلة عن السرير حاسمةً امرها فتحت باب غرفتها لتتوجه نحو غرفة ابتهال بخطى خجلة طرقت الباب طرقةً خفيفة لتفتح لها ابتهال التي كادت على وشك الخروج، ابتسمت في توتر فاركة كفيها ببعضهم لتفهم الاخرى سبب مجيئها عادت للخلف عدة خطوات سامحةً لها بالدلوف وابتسامة حنونة ترتسم على شفتيها.

بعد وقتٍ من الصمت قطعته ابتهال متحدثة:- ارجو ان تكوني  قد فكرتِ في ذلك جيدًا ابنتي.

اومأت لها بتأكيد لترفع عينيها نحوها بوجنتين محمرتين:- اجل خالتي وانا ..

ضحكت ابتهال في نفسها بعدما توقفت عن الاكمال لترددها او لنقل لحيائها لتربت على قدمها مازحة بحزن:- حسنًا ابنتي لقد علمت جوابكِ لا تريدينه لكن صد..

اسرعت ريليان تقاطعها بنفي:- لا انني موافقة.

انفجرت ابتهال ضاحكةً ولم تستطع كتمانها اكثر من ذلك لتتحدث من بين ضحكاتها:- لقد عرفت منذ البداية لكنني كنت امازحك.

زفرت ريليان الهواء متنهدة براحةٍ كبيرة لتنتبه لابتهال بعدما اكملت:- لكن ارجو ان تكوني قد فكرتِ بعقلكِ لا بقلبكِ ابنتي وليس من الضروري ان تعطيني قراركِ اليوم ف الايام امامك طويلة.

اومأت لها بيأس لتتحدث بحزم:- اعلم خالتي لكني على يقين ان ابي سيأتي ويجدني وخاصة وانني اشاهده كل يوم يقف هو وستيف امام المنزل القديم.

نظرت اليها بتعجب وصدمة:- ماذا؟ هل والدكِ يكون امام المنزل كل يوم.

اومأت لها بتأكيد لتكمل بغصة :- والان ستجدينه يقف بسيارته امام المنزل إما بجانبه ستيف او أمبر.

سألتها مستفسرة بعدم استيعاب:- وكيف علمتِ ذلك ريليان.

اجابتها ببساطة:- من نافذة المطبخ.

اعتدلت في جلستها قلقلة لتخاطبها ببعض الخوف:- اذًا يتوجب عليَّ اخبار سليم بذلك لماذا لم تقولي ذلك منذ البداية ريليان، سامحكِ الله.

لحقتها ريليان وهي تجيبها بتوجس:- ظننته انه سيذهب ولن يعود لكنه يأتي كل يوم.

اومأت برأسها لتتجه نحو الاسفل لتجد سليم يجلس مع سارة ويبدو انه يشرح لها بعض الاشياء

رفع سليم عينيه للأعلى ليجد والدته تهبط الدرج ومن خلفها ريليان. تتبعها بعجل وهي تفرك يديها ببعضهم استغفر ربه بغضب لماذا اصبح ينظر اليها هل قل ايمانه وخوفه من الله لا انتظر سليم انت لم تنظر اليه عن قصد تنهد بضيق لتخاطبه ابتهال بهدوء مخفية توترها:- سليم اريدك في الداخل قليلًا.

اعتدل في جلسته ليقبل رأس سارة والتي كان يخبرها بطلب امل بالزيارة:- ان كنتِ تريدين الذهاب اخبريني انها مشتاقه اليكِ.

اومأت له بسعادة حامدة الله لخروجها سالمة فلقد كانت تشعر بالقلق عليها طوال الايام المنصرمة.

                ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

بعد خروج ابتهال من الداخل جلس سليم على المقعد خلف مكتبه وهو يشعر ببعض الراحة المختلطة بسعادة وترقب من ناحية سعيد لأنه سيستقر بحياته الخاصة ولأنه سيكمل نصف دينه وما يسعده حقًا ان ريليان حديثة الاسلام اي ان ذنوبها السابقة قد غفرت لها.

لقد اخبرته ابتهال بأمر موافقتها لكنه اكد عليها بأن تقوم بأداء الصلاة في الغد وهذا افضل لكليهما، والان بمقدوره مواجهة جرير بكل قوة ووجه حق، طرق طاولة مكتبه بأصابعه بتفكير فقد اخبرته بوجود جرير امام المنزل القديم بناءً على حديث ريليان اليها وانها تشعر بالخوف من ذلك.

اجل انه يعلم انه بأمر تواجده طوال اليوم امام منزله ليس اعمى كي لا يراه لكنه لم يشأ ان يخلق الذعر في نفوسهم وضع كفيه على الطاولة مستندًا عليها ليعتدل في جلسته وهو يفكر بأمر خاله فبعد الغد هو موعد قدومه عندهم وبلا شك سيقوم بفتح امر خطبته.

بعد ان بدل ثيابه توجه نحو السرير لينفث بيده ماسحًا الفراش مستعيذًا بالله من الشيطان الرجيم ليأخذ بعد ذلك وضعية النوم ناظرًا للأعلى، ارجع شعره للخلف ليثبت يديه خلف رأسه مفكرًا في حياته

لقد اجتاز اول خطوةٍ وهي موافقتها وهذا امرٌ جميل، انه يعلم علم اليقين انها اعطت الموافقة بتفكير قلبها لا عقلها لذلك اخبر والدته بأن تعيد الامر في الغد وخاصة في الثلث الاخير من الليل، فبموافقتها المبدئية هذه سيصبح الامر عليه سهلًا في مواجهة عائلتها وخاصة جرير صحيح انه صعب المراس وقد تعامل معه اكثر من مرة لكن سيواجهه بثقته بالله فكونها ستصبح زوجةً له سيكون معه قوة ورادع قوي للوقوف في وجهه والدفاع عنها.

انه مشفق على أمبر فالعشق ظاهر من بين عينيه لكنه لا يجوز الارتباط بينهم لاختلاف ديانتهم ويتمنى من الله ان يهديه لطريقه وان يرسل اليه الفتاة التي تناسبه، استدار نائمًا على نصفه الايمن ليغمض عينيه متنهدًا بثقل فالقادم كبير لكنه مليءٌ بالثقة بان الله سيقف معه.

              ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

في الصباح تأكد سليم من عدم وجود جرير او اي شخص من عائلتها كما يفعل كل يوم ليذهب نحو بيته ويحضر سيارته التي تركها في الكراج الخاص للبيت القديم، ليتوجهوا جميعًا نحو احدى البنايات الراقية طرق سليم باب الشقة ليفتح همام اليه باسمًا، بادله المصافحة ليحتضنه بحرارةٍ كبيرة لا مبرر لها:- اهلًا، اهلًا سليم تفضلوا بالدخول.

دلفت ابتهال ومن خلفها ساره وريليان بعد ابتعاد همام عن الباب بصحبة سليم للداخل ليجلسوا على الاريكة البيضاء بوسائد حمراء قانية، تفحصت سارة الشقة بعينيها لتهمس الى ريليان التي بجانبها:- انّ الشقة جميله اليس كذلك.

اومأت لها ريليان بعدم تركيز وهي تنظر الى سليم الذي كان يقف يتحدث مع همام فتنهدت بعشق لتلتفت اليها:- ألن تأتي أمل.

وكزتها في ذراعها هامسة بتذكير:- ان امل متعبة ولن تأتي يا زوجة اخي نحن من سيذهب اليها .

ابتسمت بخجل لتخاطبها بذات الهمس:- لستُ زوجة اخيكِ سارة.

رفعت سارة حاجبها بخبث:- ماذا الم تصلي اليوم صلاة الاستخارة وتعطي امي الموافقة ايضًا للمرة التي لا اعلم لها حصرًا.

امسكت بالحقيبة التي بين يديها بخجل والمتواجد داخلها العديد من الالعاب لأمل لتجيبها بتوتر:- لكننا ننتظر موافقة عائلي فسليم قال انه يجب وجود وكيل لي لانني ما زلت قاصرًا.

ارجعت سارة حجابها للخلف قليلًا لتخاطبها بهمس:- هذا صحيح يجب وجود وكيل لكِ لكني لا اعلم لماذا ف انتِ لم تبقي منهم، اذًا لماذا موافقتهم.

قاطع حديثهم سليم وهو يخاطب ابتهال:- امي ان أمل في الغرفة التي امامكِ مباشرة يمكنكم الذهاب اليها، اننا ننتظركم هنا.

اعتدلت ابتهال لتلحقها ريليان التي امسكت بيدها ليدلفا للداخل سويًا، تقدمت سارة من أمل بعدما ابعدت ريليان لتحاول ايقاظها فلقد كانت نائمة.

وبختها ريليان بحزن هامسة:- اتركيها نائمة سارة الا ترين الاسلاك المحيطة بها.

رمشت أمل بأهدابها السوداء كاشفة عن خضراء الغاب المتواجدة في عينيها لتتسع ابتسامتها بعد رؤيتها لسارة امامها، قبلتها سارر بقوة وسعادة بعدما انحنت:- اشتقت اليكِ حبيبتي.

اجابتها امل بذات السعادة وما زالت الرؤية مشوشة قليلًا:- وانا ايضًا سارة اشتقت اليكِ اكثر منك.

تقدمت ريليان منها تقبل جبينها بعدما ابعدت خصلاتها للخلف:- كيف حالكِ أملي ارى انكِ بخير يا مشاكسة.

ضحكت بسعادة لتجيبها:- انني بخير ليان الحمد لله.

نظرت الى ابتهال لتتقدم منها الاخرى ماسحة دموعها بحمد:- حمدًا لله على سلامتك ابنتي، لا تعلمين كيف قلقتُ عليكِ.

امسكت امل يدها بحب:- اشتقت اليكُ كثيرًا امي.

شدت ابتهال على يدها بحنان:- وانا كذلك ابنتي الان قد اطمأننت عليكِ.

وضعت ريليان الحقيبة التي بين يديها والمليئة بالألعاب على السرير بجانب امل لتخاطبها برقة:- هذه كلها من سليم امل.

ضحكت سارة بصوت عالٍ لتحاول كتم ضحكاتها:- امي انظري الى ريليان من الان تقمصت دور الزوجة.

نهرتها ابتهال زاجرة بضيق:- اخفضي صوتكِ سارة لستِ في بيتكِ.

وضعت يدها على فمها بندم واستغفار لتتساءل أمل بتعجب:- هل تزوج اخي سليم بليان.

التفتت ابتهال اليها باسمة للتحدث سارة وهي تساعدها على الاعتدال في جلستها:- سوف يتزوجون عزيزتي اما اليوم او الغد.

ارتسمت الابتسامة على وجه أمل ناظرة الى ريليان لتخاطب سارة باستفسار:- اي انها سترتدي فستانًا ابيض وستصبح في بيته اليس كذلك.

اومأت لها سارة بتأكيد وهي ترجع شعرها خلف اذنها بحب:- اجل عزيزتي ستصبح زوجته وتبقى في بيته.

تساءلت بتفكير ناظره اليها بعد مدة:- اي ان تزوجكِ عمي كما قال فستصبحين عندنا في البيت.

هدوء صامت غلف المكان لتقطعه ابتهال باستفسار:- ماذا قلتِ ابنتي.

التفتت اليها أمل بتساؤل:- ماذا قلت.

خاطبتها بهدوء:- هل همام قال انه سيتزوج سارة.

اكدت امل برأسها بسعادة كبيرة:- اجل لقد قال لي بالامس قبل ان انام هل انا احبها ام لا وهل سأكون سعيدة ان كانت متواجدة في البيت هنا فقلت له اجل فقال انه سيتزوجها لتكون في البيت معي.

التفتت الى سارة لتخاطبها بسعادة طفل صغير حصل على حلواه:- سوف تبقين في البيت هنا ولن اضطر للذهاب للميتم وابقى وحدي فيه سوف نكون سعداء.

ابتسمت سارة بتوتر لتخاطبها ريليان لتغير مجرى الحديث عندما شاهدت الهجل والتوتر مصحوبين بالتردد:- اخبرني امل هل تحبينني

اومأت لها بتأكيد متحدثة بطفولة:- اجل احبكِ كثيرًا لكن لا احبك قليلًا.

ضحكت بخفة مقتربة منها قارصة ارنبة انفها:- ولماذا لا تحبيني قليلًا.

اشارت الى اعلى رأسها:- لأنك تخرجين بشعركِ ولا تخبئينه كما تفعل سارة وامي ابتهال لقد اخبرتني امي انه عندما اكبر سأرتدي الحجاب وانتِ كبيرة ليان.

نظرت اليها بخجل ممزج بالحزن لتخاطبها بيقين:- سوف ارتديه أمل، لكن انت لا تعلمين شيء عني لكنني اعدكِ ان ارتديه.

بعد تبادل اطراف الحديث وقف سليم على مدخل باب غرفتها لتبتسم اليه بحب:- لقد اشتقتُ اليك سليم.

انحني مقبلًا وجنتيها بعدما دلف:- حمد لله على سلامتكِ ايتها العصفورة الصغيرة، هيّا اخبريني ما اخبار صحتكِ اخبرني العصفور انكِ لا تحبين تناول الدواء.

انقلبت ملامح وجهها للاشمئزاز التام:- انه مر وغير لذيذ.

جلس بجانب سارة باسمًا:- لكن هذا سيساعدكِ على التحسن بفضل الله.

تنهدت بقلة حيلة :- اعلم، سوف احاول تناوله مرةً اخرى.

نظر لساعته ليخاطبها بلطف وحنان:- انه موعد تناول دواء اليس كذلك أمل، لقد اخبرني همام بذلك.

رفعت كتفيها بعدم علم:- لا اعلم لكن يبدو كذلك.

ربت على كتف سارة معتدلًا:- اذًا نحن الان نستأذن من جلالتكِ اميرتي بان تسمحي لنا بالمغادرة فلدي موعدٌ بعد قليل.

ضحكت باسمة لتخاطبها :- حسنًا انني اسمح لك ايها النبيل والوسيم لكن ستعدني ان تزورني قريبًا

قبل رأسها ضاحكًا :- حسنًا اعدكِ وشكرًا للطفكِ مولاتي ونتمنى لكِ الشفاء التام.

شيعتهم بأنظارها واحدًا تلو الاخر لتنظر الى همام الذي دلف ليعطيها الدواء.

             ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

دلف سليم بعد يوم طويل ومتعب في الجامعة بسبب اختبارات الماجستير التي يقدمها الطلاب ولموعد زيارة لصديقه في الجامعة بسبب مجيئه من العمرة

استقبلته ابتهال بابتسامةٍ حنونة:- حمدًا لله على سلامتك بني.

وضع حقيبته ارضًا ليقبل يديها وجبينها:- سلمكِ الله من كل شر امي.

خاطبتها مربتة على يده:- اذهب وارتاح بني وسأكون قد دفئت لك الطعام حتى تتناوله.

نفى برأسه يمينًا ويسارًا :- لست جائعًا امي شكرًا لك.

اخرج من جيب سترته الزيتية هاتفه:- امي خذي الهاتف واخبري ريليان ان كانت تحفظ رقم احد من عائلتها لتأخذ الموافقة لأننا نحتاج لوكيل لها، ان الرقم الذي بداخله ليس رقمي حتى لا يتتبعوه وسألقي به بعدما تنتهي من حديثها.

اومأت له لتخاطبها بصوت مرتفع لأنها موجودة في المطبخ تعمل مع سارة في تنظيفه.

تقدمت منها باسمة  بخجل وهي تمسح يديها في تلك القطعة الموجودة فوق ملابسها الخاصة بالتنظيف لتنظر الى سليم الذي كان يقف بشموخ:- نعم امي.

ابتسمت في وجهها بحنان لتشير على الاريكة التي بجانبها لتتقدم الاخرى عدة خطوات جالسة بجانبها، ربتت ابتهال على يدها المبلولة بالمياه لتعطيها الهاتف متحدثة:- هل تحفظين رقم احد افراد عائلتكِ.

اومأت لها بتوجس لتكمل الاخرى:- تفضلي ابنتي يمكنك الاتصال به و اخباره بانك ستتزوجين وتحتاجين لوكيل كما اخبرناكِ في الصباح.

امسكت ريليان الهاتف بأنامل مرتعشة لتنظر اليها إبتهال بتشجيع، ضغطت ريليان على عدة ارقام لتضع الهاتف على اذنها مستمعةً الى رنين الطرف الاخر لتهمس الى ابتهال:- انني اهاتف امي.

اجل لقد اختارت امها لأنها الاقرب اليها فليست مجنونةً لتهاتف والدها حتى يأتي ويدفنها في مكانها وهي حية، ابتسمت ريليان باشتياق متحدثة بصوت باكي:- كيف حالكِ امي.

ظلت جوليا صامتةً ولم تجيبها لتكمل ريليان بتوتر ودموع: امي اريدكِ ان تحضري كوكيلة لعقد قراني.

ظلت جوليا صامتةً تريد ان تستوعب ما سمعته لتنظر الى الهاتف بعدما ابعدته عن اذنها بتعجب لتعيده مرةً اخرى في مكانه:- ريليان.

اومأت ريليان بسعادة كبيرة عندما استمعت لصوت والدتها التي اشتاقت اليه:- اجل امي انني ريليان كيف حالكِ، لقد اشتقت اليكِ

ضغطت جوليا على عينيها بهدوء:- كيف تريدين ان يكون حال ام ماتت ابنتها.

سكين وطعنتها من حديث والدتها، بدأت دموعها بالهبوط على وجنتيها بغزارة لتنهض متحدثةً ببكاء:- امي لا تقولي هكذا ارجوكِ، انني ابنتكِ جولي.

تحدثت بقسوة مصطنعة:- لا فابنتي لا تفعل هكذا، ابنتي لا تعصي عائلتها وتتمرد على دينها وتبدله وغير هذا تطلب ان اكون وكيلةً لزواجها، هذا يعني انكِ ستتزوجين بذلك المحمدي اليس كذلك.

اومأت بتأكيد وكأنها تراها:- اجل امي سوف اتزوجه.

ضغطت جوليا على يديها بغضب كبير لتجيبها نافية:- لا استطيع فانا ابنتي ماتت ولا تتصلي بهذا الرقم وانسي ان لديكِ ام وعائلة الا اذا بدلتِ رأيكُ وعدتي لصوابك.

ابتعدت عن ابتهال وسليم وسارة التي حضرت قبل قليل متوجهة نحو احدى الغرف وهي تتوسلها ببكاء:- امي ارجوكِ لا تفعلي ذلك انني اتوسل اليكِ انتُ تقتليني بحديثكُ هذا، ارجوكُ ولأول مرةٍ لبّي طلب لي، دائمًا كنتُ منبوذةً منكم  لسبب علمته مؤخرًا، لم تكونوا تحبوني وعاقبتموني لشيء ليس لي يد فيه كان والدي يفضل اخواتي عني ويعاملني بسوء وكره انني اعتذر عن كل شيء تسبت فيه لكم لكن اعذريني لا استطيع الرجوع للنصرانية انني اطلب منك امي بكل رجاء بان تكوني وكيلةً لعقد قراني و مهما قلتم لن اعود و سـأتزوجه على دين محمد ونحرم علينا الطلاق كأننا على دين المسيح.

ضحكت جوليا بحسرة لحديث ابنتها لتخاطبها بهدوء وصوت مهزوز :- ريليان، عودي لرشدكِ حبيبتي.

لتحاورها باستماته لعلها تتراجع عن فكرتها:-  هل تعلمين ان رلين متعبة وقد تحولت لشخص اخر بعد ذهابك.

توقفت ريليان عن البكاء لتخاطبها بقلق:- ما بها امي اخبريني هل هي بخير ارجوك اريحي قلبي.

زفرت بأنفاس متقطعة لتخاطبها بصوت منخفض:- انت لا تعلمين كيف تحولت لشخص اخر ريليان لم تعد رلين المرحة والطفلة والهادئة لقد انقلبت مئة وثمانون درجه بعد علمها بهروبكِ هذا غير جنون والدكِ الذي يبحث عنك، صحيح اين انت.

لم تجبها ريليان فقد كانت تبكي وهي في عالم اخر تبكي  على نصف روحها الذي انشطر، خاطبتها ببكاء وانفاس منقطعة:- امي ارجوك اخبريها بالا تغضب مني ولا تكرهني انني اعتذر منها، اعلم انني انانية وفضلت حبي عليها لكن يجب ان تلتمس لي عذرًا اليس كذلك.

ابتسمت جوليا ساخرة بمرارة:- عن اي التماس تتحدثين ريليان، صغيرتي ان كنتِ حقًا تحبين عائلتكِ فعودي لصوابكِ ورشدك، اما انا فأعتذر لا يمكنني ذلك.

خاطبتها برجاء كبير:- امي ارجوكِ من اجل سعادتي فقط اريد موافقتكِ.

كانت جوليا تحدثها بقوة مصطنعة لكن من داخلها تنزف دمًا على ابنتها وخاصة وهي تستمع لصوت بكاءها وتوسلها، اخفضت الهاتف لتضغط على رز الاغلاق عندما فتح جرير الباب ومن خلفه ستيف وبنفس الملامح الغاضبة التي تصاحبه منذ اسابيع،

جلس زافرًا بغضب كبير لتخاطبه بتوتر:- ما الامر .

ضرب الاريكة بقبضة يده:- نفس الحال مختفين ولا اثر لهم، لو انني امسكها لأتخلص منها في وقتها لكن البيت خالٍ.

هبطت رلين لتنظر الى جرير وبين يديها صورة ممزقة:- هل وجدتها ابي.

نظر اليها بحنان كبير هازًا رأسه بنفي لتهز رأسها بخفة صاعدةً للأعلى وقبل ان تختفي عن انظارهم خاطبته بهدوء:- عندما تجديها وقبل ان تتخلص منها اخبرني والدي.

هبطت دموع جوليا بعجز لحال ابنتها المتقلب فتارةً تكون شيطان متحول وتارةً تكون ملاكًا هادئًا.

            ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

خرج إبراهيم من غرفة سما لأنه تشاجر معها لأمر بسيط لا يدعو لذلك وهو انها لا تريد السفر بمال الطاولة التي سيبيعها
(عذرًا فيبدو انه يعيش مراهقةً متأخرة)

ليتوجه نحو غرفة ريم ليبيت ليليه عندها رغم انه ليس دورها، فتح الباب بملامح منزعجة لتنظر اليه ريم باستغراب وتعجب لتغلق الرقية الشرعية مخاطبة اياه:- ما بك إبراهيم، هل تشاجرت مع سما مرةً اخرى.

نظر اليها قليلًا ليتنهد بغضب:- اجل ولا تسألي لماذا.

اومأت له بطاعة تامة ليزفر بضيق:- اريد ان اخبركِ بشيء.

علقت انظارها نحوه بانتباه ليبدأ بسرد امر طاولة الطعام وعرضها للبيع.

مثلت ريم بأنها لأول مرة تسمع بمثل هذا الكلام فسألته بتعجب:- حقًا! وماذا تنوي أن تحضر بدلًا منها.

نظر لها بحيرة كبيرة فبعد ان رفضت سما السفر معه سيتوجب عليه احضار بديلًا عنها لأنه قام بعرضها للبيع:- لا اعلم حقًا، ما رأيكِ انتِ ريم .

اغمضت ريم عينيها ساخرة، هل الان اخذت رأيي حقًا جزاك الله خيرًا، فتحت عينيها لتجيبه بهدوء :- لا اعلم ابراهيم، ولكن أعتقد أنه لابد أن تحضر واحدة أخرى بدلًا منها حتى ان كانت واحدة اصغر حجمًا، فأين سنأكل.

فكر قليلًا ليتحدث بعد ذلك بإيجاز:- حسنًا سوف ارى ذلك هيّا تصبحين على خير.

تنهدت ريم بيأس بعدما اعطاها ظهره هل اتى ليخبرها بأمر الطاولة بعد ان تشاجر مع سما اي انه لو لم يتشاجر معها لم يكن سيخبرني وسأتفاجأ بذلك بعد ان تختفي الطاولة من البيت، ألم يأتي ليسأل عني وعن اولاده حتى؟ انها تعلم انه بفعلته هذه يغيظ سما ليس اكثر لكن تريد بعض الاهتمام منه لأبنائه وان يشعروا بحنانه الغير موجود.

اجابته بيأس من تغيره:- وانت من اهل الخير إبراهيم.

          ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

نظر أمبر الى الفتاة التي بجانبه والتي تبتسم اليه بحب، ابعد انظاره عنها ليمسك بكأس النبيذ بين يديه ليخاطبها بعدم مبالاة:- آليس هل هذا وقت ما تقولينه.

اومأت براسها لتحاوط قده:- اجل أمبر انه وقته، انني احبك كثيرًا من اول علاقة لنا كانت عن رغبةً مني وكنت اتمناها، ولا تعلم كيف اصبح قلبي عندما خطبت ريليان في كل مرةٍ كنت تخرج معها او تدافع عنها تكسرني بفعلته، انني احبك ف لا تركض خلفها لقد تركتك وهربت من اجل محمدي انها لا تحبك.

نظر اليها بطرف عينيه ممسكًا اياها من خصلات شعرها بقوة:- لا تذكري اسمها آليس، ألم يكن هذا اتفاقنا منذ اول علاقة.

ابتسمت بألم لتجيبه بتأكيد:- لكنني لا اريدك ان تكون حزين أمبر، انت لا ترى وجهك كيف اصبح إنساها من اجل نفسك.

ابعد يده عنها ليتحدث بكبرياء:- ومن قال انني اركض خلفها انني اذهب فقط لاسترجاع كرامتي والنيل منها ليس الا.

ابتسمت بسعادة لتعانقه بحب:- احبك امبر، احبك جدًا.

ربت على رأسها وكأنها جرو صغر لينظر للبعيد وهو يفكر في ريليان التي هربت بقلبه وتركته.

ابتعدت آليس عنه متحدثة باستفسار:- صحيح هل والداك يعلمان.

اغمض عينيه بضيق:- اجل لقد علما بالأمس، لذلك توقفت عن ملاحقتها حاليًا لقد تشاجر والدي مع جرير، هل تعلمين انني اشفق على جرير كيف لراهبٍ في عمره ومنصبه ان يحدث له هذه الفاجعة ان علم البابا فلن يكون جيد له.

امسكت يده لتتوجه نحو المقعد لتجبره على الجلوس لتلتف خلفه لتبدأ بتدليك كتفيه:- وانا اشفق على رلين، هل رأيتها.

اومأ برأسه حزنًا:- اجل انني اشفق عليها، لقد تحولت تمامًا ولم تعد بها روح اقسم انني خفت منها عندما اصبحت تمزق كل شيء لقد ظننتها جنت.

زفرت بضيق لتتوقف عما تفعله ناظرة للساعة:- عليّ المغادرة امبر، وسأعود بالغد.

اخذت سترتها لترتديها فوق ثوبها الناري القصير والذي يكشف اكثر مما يخفي لتتوجه اليه مقبلة اياه :- لا تفكر كثيرًا امبر، وارح نفسك.

اومأ لها بشرود لتتوجه نحو الباب لتجد السائق ينتظرها، اعتدل في جلسته ليتوجه نحو المرحاض يأخذ حمامًا يزيل ما كان يفعله قبل قليل.

              ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

بعد ان اغلقت جوليا الهاتف جلست ريليان على ركبتيها تبكي بقوة كبيرة ليصل صوت شهقات بكاءها للخارج.

اعتدلت ابتهال وسارة لتتوجها نحوها ليقع قلب سليم بخوف وقلق خشية حدوث شيء 

دلفت ابتهال للغرفة لتهبط الى مستواها تعانقها بحنان وهي تملس على شعرها متحدثة بهدوء:- اهدأي عزيزي لماذا كل هذا البكاء، استعيذي بالله ريليان.

عانقتها ريليان باحتياج كبير لتخاطبها بشهقات تمزق نياط القلب:- انها تقول انه لا يوجد لديها فتاة اسمها ريليان انها لا تعترف بي ابدًا انها تقول انني مت ولن تخاطبني الا اذا بدلت دين الاسلام انها غير موافقة على زواجي.

كانت تتحدث ببكاء وهستيرية كبيره من حديث والدتها الذي قتلها، شدت من احتضانها لتكمل:- امي ان اختي ليست على ما يرام ان قلبي يؤلمني كثيرًا اشعر ان روحي تسحب مني.

بدأت ابتهال تقرأ على رأسها بعض الآيات القرآنية علها تهدأ وتستكين وريليان تتحدث بصوت غير مفهوم بسبب دفن وجهها داخل احضان ابتهال، بعد مدة قصيرة هدأت شهقات ريليان لتبتعد عن احضان ابتهال بوجه احمر من كثرة البكاء لتعتدل واقفة ثم تركتهم متوجهة نحو غرفتها في الاعلى.

كادت سارة ان تلحق بها ليوقفها سليم بهدوء يخفي قلقه:- اتركيها سارة انها تحتاج للبقاء بمفردها الان، لا تزعجي خلوتها.

زفرت بقلق ليخاطب ابتهال التي جلست بضيق وحزن معًا:- كنت اعرف رد والدتها ف ليس من السهولة الموافقة على هذا الامر، وحتى ان وافقت والدتها فلن يوافق والدها اذهبا للنوم الان ولكن ارجو منكِ امي ان تتفقديها كلما سنحت لكِ الفرصة.

خاطبته سارة بتساؤل :- سليم هل هذا يعني انك لن تتزوجها أليست هذه اشارة من الله ودليل منه

اجابها بهدوء بعدما تنهد :- ان ردة فعلهم معروفة سارة، لكن طالما وافقت ريليان وشعرت بالراحة اتجاهي كمان اخبرت امي لا داعي لموافقة عائلتها ف بالتأكيد سيكون الرد بالنفي والمعارضة هل فهمت.

اومأت له بتفهم لينظر لساعته بسرعة، انحنى بجسده ليمسك بحقيبته متوجهًا نحو غرفته منبهًا والدته وسارة:- لا تنسيا تفقدها، وعندما تستيقظ اجعليها تلجأ الى الله وتحدثي معها بان تصبر وتكون اكثر يقين بالله، في النهاية ستتفهم عائلتها موقفها وتبديلها لدين الاسلامي، الامر يحتاج الى وقت ليس الا.

           ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

دلف غرفته زافرًا بضيق ليضع حقيبته بجانب المكتب بهدوء خلع سترته بألم عندما تذكر صوت بكاءها، لا يعلم ما الذي يحدث اليه دلّك منطقة قلبه وهو يشعر بالبكاء انه ك المقيد عاجز عن مساعدتها

ارجع شعره لخلف ولأول مرة يشعر بهذا الشعور كان يتمنى ان يكون مكان والدته عندما عانقتها ليخفف عنها حسنًا لن ينكر اكثر من ذلك، لقد تسربت لأعماقه واحتلت قلبه ليس مجرد اعجاب بل حبًا متغلل في الاعماق، لكن يأتي السؤال الاهم وهو متى وكيف؟! اغمض عينيه بعجز ليذهب ويصلي مناجيًا الله بان يكون معها ولا يتركها ف ما بين يديه حاليًا هو الدعاء.

                ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

بعد مرور سبعة عشر يومًا كانت الايام تسير بموجات متقلبة، ايام سعيدة بعض الشيء وايام حزينة

ريم وسما وابراهيم ايامهم تسير على ما يرام فقط ازعاج ابراهيم لريم وتجاهله الدائم لها لكنها كانت تتحدث مع كيان التي دخلت قلبها بصورةٍ محببة، وما زال ذلك الالم يعتريها لتقرر الذهاب الى الطبيب لكن بعد ترتيب ما ستقوله لإبراهيم لأنه سيقوم بفتح اذاعة مونت كارلو لها.

حتى الان جرير لم يجد سليم البته فلقد يأس من ذلك ولم يعد يذهب بل عيّن شخص بدلًا عنه، لقد قابل هاشم في ذلك اليوم عندما طرق باب منزل سليم القديم  واستفسر عن القرابة ليروي له ما الذي فعله سليم ليجن جنون هاشم وقتها، لقد اشتبك معه بسبب الكره الذي يكنه لهم لينسحب جرير من هذا الاشتباك لأنه ليس لديه مزاج لذلك.

لكن بعد ذلك اشتد غضبه وجن جنونه ليس هو فقط بل رلين معه عندما هاتفت ريليان جوليا مرتين غير المرة السابقة وطلبت منها ان تحضر كوكيلةً لعقد قرانها، هذا يعني انا ستتزوج بذلك الشخص الذي غسل عقلها لتقع جوليا في حيرةٍ من امرها بين ان تريح نفسها وتريح ابنتها وبين صراع زوجها وابنتها الاخرى

اما بالنسبة لسمر فقد وقع ما قالته سارة، فنفس ردة الفعل عندما مثلت ما ستقوم به الاخرى لتروي لوالدها هاشم ان ريليان قد قامت بالمبيت في ذلك اليوم وان هناك شيء بينها وبين سليم، فلا يتصور ان يبقى سليم معها بدون ان يكون هناك شيء، بالطبع هذا اثار جنونه بعدما اخبرته ان ابتهال وسليم يرفضان نسبه بعدما هاتف ابتهال واخبرته بأمر زواج سليم القريب من ريليان.

تنهد سليم وهو يتذكر طلب هُمام انه يريد الارتباط بسارة ليتحرى عنه قبل ان يخبر عائلته ليتفاجأ بأن لديهم خلفيةً عن هذا الموضوع يا إلهي هل هو اخر من يعلم .

حسنًا لقد تغاضى عن هذا الامر وقد جعلها تستخير لتعطيه الموافقة بعد اسبوع ليخبر همام بذلك لكن عليه ان ينتظر حتى تنهي عامها الدراسي الذي سيأتي فقد ستكون خطبة بعقد قرانٍ دون زواج ثم بعد ذلك يمكنهم الاتفاق في باقي الامور.

كاد ان يتخلص من  الرقم الثالث الذي اتصلت منه ريليان على والدتها ويتخلص منه فقد كانت الاخرى ترفض عندما تخبرها ان تكون شاهدةً ووكيلةً على عقد قرانها لتدخل ريليان في موجة من البكاء المتواصل ينتهي بلجوئها الى الله.

وصلت رسالةً نصيةً على الرقم ليفتحها سليم بتوجسٍ وترقب قرأ النص بأعين غير مصدقة ليتوجه نحو والدته ليجدها تجلس مع سارة وريليان يهاتفون أمل وقد تحسنت صحة الاخرى.

اخرج صوته بعدما اخفض بصره:- امي لقد وصلت رسالةٌ من والدة ريليان.

التفت الجميع بأنظارهم نحوه لتعتدل ريليان بأرجلٍ مرتجفة مقتربةً منه:- ماذا يوجد بها، أرجوك أخبرني.

أعطاها الهاتف لتأخذه منه بأنامل مرتعشة لتقرأ الرسالة رافعة انظارها اليه وهي ترمش بأهدابها عدة مرات غير مصدقة ما تقرأه ....

                ««:::::::::::::-::::::::::::::»»

صراعٌ ولكن ( مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن