الفصل الثاني

403 18 0
                                    


الفصل الثاني
...............
يقف أمام أشجار التفاح يتفحص أغصانها اليانعة بدقة .... زفر الهواء من رئتيه بعمق وتعب ... يجب عليه الأهتمام بنفسه بكل كبيرة وصغيرة في مزرعتهم .... مزرعتهم التي كانت في بدايتها صغيرة تقتصر على عدة فدادين تكاد لا تعد .... ثم توسعت شيئاً فشيئاً بفضل الله وبفضل صبره واعتنائه بها لتصبح مساحات واسعة لابأس بها تكفيهم وتدر عليهم بما يغنيهم عن الحاجة ... لقد اصبح يعتبرها جزء لا يتجزء من كيانه وحياته ....
لايستطيع ان يترك الأمور هنا بيد العاملين او المزارعين ..... لايزال يذكر الخسارة التي تكبدها السنة الماضية بسبب اعتماده عليهم ..... حيث اصيبت اشجار التفاح بمرض البياض الدقيقي ... كما أصيبت مناحل النحل بأمراض فايروسية كادت ان تفتك بالخلايا كلها .... احتاج لمعجزة ليستطيع السيطرة للحد دون انتشار المرض .... ورغم الجهود الحثيثة التي بذلها ... ايضا كانت الخسائر لاتقدر بثمن .... لم يدع اي فرد من عائلته يعلم بمدى حجم خسارته ... الا والدته فقط ... فهو لا يستطيع ان يخفي عنها امرا لأنها ودون الحاجة لان يتكلم كانت تعرف دواخله بمجرد ان تنظر لوجهه ... حمل العبئ على اكتافه وحده ... يبذل جهده لكي يوفر لهم كل ما يحتاجونه ... حياته كانت فقط للعمل ... عمل واهتمام بعائلته و المحيطين به ... لا شيء غير ذلك ... لاحب ... لازواج ...على الرغم من الحاح والدته وشقيقته المستمر بخصوص هذا الموضوع بالذات !!!
الزواج همسها ساخرا ... عن اي زواج يتكلمون فالتجربة البشعة التي مر بها كانت كفيله بأن تجعل منه ناسكاً و زاهداً عن تلك الفكرة ....
الزواج ليس مجرد ورقة تجمع بين رجل وأمرأة بل هو رابط مقدس .... معادلة يجب ان تكون متكافئة بين الطرفين ...اساسها الأحترام والصدق والصراحة !!
القى نظرة عابرة على ساعة معصمة وقد كانت تشير الى الثانية ظهراً .. ترى هل وصلو الان !!! لا .. لايزال الوقت مبكرا يستغرق الوصول من العاصمة الى المنطقة الشمالية ساعات اخرى خاصة ان كان السفر بالسيارة
شرد بخياله وهو يتذكر عمته سعدية واسرتها الصغيرة .... زوجها الطيب وابنتيها الصغيرتان ....ابتسم لتذكره ذلك الموقف الطريف الذي تعرض له بسببها ... تلك المراهقة الصغيرة ... عيناها كانت تنظران له ببراءة تامة ..... براءة اخترقت قلبه الثلاثيني ... ونبرة صوتها تغلغلت الى مسامعة عندما همست
- مرحبا عمي !!!
عمي !! عمي!! اراد ان ينفجر ضحكاً عندما قالتها له وبكل جدية ... لكنه تماسك واكتفى بابتسامة صغيرة لم يكن يريد احراجها فلقد تكفلا والديها بذلك!
- وليد ... وليد ..
اخرجه من افكاره صوت الطبيب البيطري عبد العزيز الذي يعمل معه منذ عدة اشهر وللحقيقة يقال ان عبد العزيز ساعدة كثيرا برعاية الأبقار والماشية حيث يشرف بنفسه على تطعيمهم والكشف الدوري عليهم بكل امانة واخلاص .... اجابه دون ان يلتفت له
- اجل دكتور عبد العزيز
قال عبد العزيز بلهجة عملية وهو يقترب منه ليقف جانبه
- كنت اود ان اخذ رايك بشأن الفيتامينات التي انوي اعطائها للابقار !
اجابه بهدوء
- افعل ما تراه مناسبا وانا سآتي لاحقا لألقي نظرة عليها .
اومأ موافقا وهو يمعن النظر بوجه وليد الغامض رغم مرور عدة اشهر على وجوده في المزرعة الا ان وليد عملي جدا في تعامله ... حتى في بعض الاحيان يشعر بالأختناق لجدية المبالغ بها ... هو يحب البساطة والتواضع ووليد لايعرف بما يصفه ربما متعجرف نوعا ما ... يحيط نفسه بهالة من الغموض والهيبة التي تجعل جميع المزارعين يحترمونه ويهابونه !
صوت وليد الجاد اخرجه من شروده
- هل هناك شيء اخر ؟!
اجابه عبد العزيز بأرتباك طفيف
- كلا كلا لاشيء
قال وليد بلامبالاة وهو يمسح قطرات العرق المتجمع عى جبينه
- حسنا سأذهب لأتجول في المزرعة قليلا ... لأتأكد مرة اخرى من خلو الأشجار من المرض المنتشر ... وبعدها سأذهب لاقضي امراً مهما ثم اعود لاتفقد الماشية !
........................
...............................
لندن مساءاً
.........
- اين ستذهب بهذا الوقت !!!
قالتها وهي تراقبه بأنتباه وبرود .... لم يلقي بالاً لها .... بل وكأنه لم يسمعها كان يقف امام المرآة يعدل ربطة عنقة بدقة ثم التقط عطره النفاذ ليضع منه بهدوء مستفز ... وضعت يدها على بطنها التي بدأت بالبروز قليلا ... ووقفت ببطء ثم اتجهت لتقف خلفه تنظر لانعكاسه بتجهم ... قالت بحدة
- توقف عن استفزازي واخبرني اين ستذهب وتتركني هكذا !!!
اجابها بسخرية ...
- كيف هكذا ؟! مابك !! انت بخير وبأحسن حال !!!
هتفت بذهول وأستنكار
- أهذا ماتراه ؟!!! اني بأحسن حال !!! هل تراني حقا بأحسن حال !!
التفت ينظر لعينيها البنيتان وجهها الطفولي الابيض الناعم ... ليجيبها بهدوء وتعمد
- لديك كل ما تحتاجين رضاب .... انا لم اقصر معك ...
قاطعته بعنف وهي تمسك ذراعه تجبره على النظر اليها لتحصل على كامل انتباهه
- تبا للمال ... انا اريدك انت همام ... احتاج لوجودك معي خاصة الان وانا احمل طفلك !!!
نظر لها ببرود وهو يفكر بسخرية وضجر ... هاقد عدنا من جديد ... رضاب ماهي الا طفلة ... لقد تزوج من طفلة متذمرة وليس من فتاة بالغة في الثالث والعشرين ... طوال النهارتتصل به ... تتدلل وتقرفه بطلباتها التافهة التي لا تنتهي ..... عندما فكر بالزوج منها اعتقد بأنه سيشكلها كالعجينة الهشة بيديه وكما يريد ..... لكنه الأن هو نادم اشد الندم .... كيف انضرب على رأسه وتزوجها ..ليته تزوج من امرأة ناضجة تفهمه وتفهم احتياجاته .... او ياليته لم يتزوج من الأساس ... مابها حياته السابقة !! كانت جميلة جداً مع وجود علاقاته المتعددة المتنوعة مع كل اولائك النساء الشهيات يختار كل يوم واحدة كما يختار الفواكه المتنوعة.تماماً ...
اجابها بلا مبالاة
- لماذا لا تريدين ان تستوعبي بأنك متزوجة من جراح وقته ليس ملكة ..انا اتعب طوال الأسبوع بالتنقل من عملية جراحية لأخرى كالآلة وعندما احضى بوقت فراغ احاول التخفيف والترفيه عن نفسي قليلا ... الا يحق لي ذلك ! الا يحق لي بعض الراحة !!
قالتها بنفاذ صبر وتذمر
- يحق لك طبعا ... لكن بجانب زوجتك !!
اجابها بمللوهو يستعد للمغادرة
- الكلام معك لا طائل منه ... ابدا لن تفهميني مهما شرحت !!
تجاهلت ما تفوه به للتو وكأنها لم تسمعه ....لتوقفه بنبرة خافته
- انت لم ترد على سؤالي ... اين ستذهب !!!
اجابها وهو ينحني ليلتقط مفاتيح سيارته
- سأخرج للسهر مع بعض الأصدقاء ... لقد اختنقت من جو المنزل والكآبة التي اعيشها بسببك !!
اجابته بعينان دامعتان وهي تتقدم منه وتضع يدها على صدرها
- انا !!!!! انا يا همام اصبحت اسبب لك الكآبة الان !!!!
التفت ناحيتها وربت على خدها بخفة قائلا بتهكم
- والاختناق ايضاً لقد نسيتي ان تذكريها!!
قالت بنبرة منكسرة ومعاتبة
- لقد تغيرت كثيراً ... لم تعد ذلك الرجل الذي تزوجته قبل عدة اشهر !!! مالذي جرى وغيرك بهذا الشكل !!
اجابها بهدوء وجدية وهو يركز على وجهها المتغضن
- عودي رضاب الناعمة الجميلة التي تزوجت منها سابقاً واتركِ تصرفاتك الطفولية !!! وانا اعود كما كنت !!!
اجابته وهي تنظر له نظرة متوسلة
- لست طفلة همام ... ارجوك اخبرتك للمرة الالف ان هذه الكلمة تجرحني ثم انا لم اتغير ابداً ... كل ما في الامر ان الحمل يسبب لي بعض التوتر فكلما اقترب موعد الولادة اصاب بالذعر ....انت ..انت ... زوجي ووالد طفلي يجب ان تقدر وضعي وتقف الى جانبي ! كما انك طبيب وتعرف جيدا ان الحمل الأول دائما يسبب ....
قاطعها بهدوء وجدية وهو مستمر بالنظر ناحيتها بعينيه الثاقبتين
- كل ما تمرين به الأن من صنع يديكِ انتِ ... لقد اخبرتك سابقاً بأني لا اريد الأطفال ... على الأقل ليس وانت لاتزالين تدرسين الطب في سنتك الأخيرة .... لولا حملك لما اضطررنا لتأجيل عامك الدراسي هذا للعام القادم .... لكن انت وكالعادة استعجلت ... كان الأولى بك ان تفكري ببناء مستقبلك ثم تتفرغي لموضوع انشاء اسرة وتحمل مسوؤلية طفل !!
قالت وهي تمد يدها لتمسد بطنها بحركة لا ارادية وكأنها تقول لطفلها لاتهتم ان لم يحبك هو انا احبك اضعافاً مضاعفة .... بينما قلبها كان يعتصر الماً بسبب بغضه الجلي على وجهه لطفله الذي لم يرى النور بعد
- لقد تم الحمل و حصل ما حصل ... لم يكن بأرادتي !!!
نظر لها ببرود وهو يهز رأسه بأستخفاف ثم خرج من الغرفة بخطواته الرزينة .... ليشاهدها تجلس على الاريكة في الصالة تتصفح المجلة وهي تضع ساقا فوق الاخرى .... من يراها يتعجب كيف لهذه المرأة الارستقراطية الفاتنة ان تكون اماً لفتاتين مملتين وتافهتين كرضاب وحبيبة ! اساساً هو اختارها زوجة له بسبب والدتها ..لقد ظن بغباء ان رضاب ستكون نسخة مصغرة من سناء الجميلة المترفعة ذات اللسان المعسول والتصرفات المدروسة ! الا ان ما وجده بها كان النقيض تماماً
حذرها بلهجة ناعمة وهادئة
- عقلي ابنتك سناء لقد بدأت تزعجني بنزقها وتصرفاتها وانا رجل لا طاقة لي على تربية طفلين !!!
قالها وخرج من المنزل دون ان يستمع لجوابها .... خرجت رضاب وهي تتمتم بكلمات غاضبة ومستاءة لتتوجه الى حيث تجلس والدتها ..... قالت بتأفأف
- أريت !!!! أريت بنفسك كيف يعاملني !!! لقد تعبت تعبت من هذه الحياة التي اعيشها معه ....
اجابتها سناء بأبتسامة ناعمة وهي تمسك يدها بحنان
- لابأس حبيبتي اي رجل بمثل مركز زوجك وهيبته يحتاج لامرأة اكثر اتزانا وثقة وانت ...
قاطعتها رضاب بغصة
- مركزه وهيبته !!! ومالذي دفعه ليوافق على الزواج مني ان كان يراني طفولية وبلهاء ولا ارتقي لمستواه المرموق !!!!
اكملت بحشرجة وهي تنظر لوالدتها بعتب
- ثم الذنب ذنبك امي .... انت اجبرتني على هذا الزواج رغم الفارق الكبير بيننا !!
اجابتها والدتها بحدة وهي تترك يدها وترجع ظهرها الى الوراء
- همام جراح ناجح .... ورجل يعتمد عليه كما ان فارق السن ليس كبيراً !!
هتفت رضاب بأستنكار
- انا لم اتكلم عن فارق السن يا امي .... انا فقط ... فقط .... لا يعجبني نظرة الاستخفاف والتعالي التي ينظرها لي ... كل يوم يعيد نفس الكلمات الجارحة .... منذ ان مر الشهر على زواجنا وهو متغير معي ... يشعرني بأنه قد مَن علي بتنازله وموافقته الزواج مني ! وقد تفاقم الامر بعد ان علم بحملي !!
اجابتها والدتها بجدية
- أتريدين الصدق !!!
نظرت لها رضاب وهي تزم شفتيها لتكمل والدتها بهدوء
-هو بالفعل يمن علينا !
هتفت رضاب بأستنكار
- امييييي ماهذا الكلام !!
اجابتها والدتها بهدوء
- اجل تلك هي الحقيقة فلولاه لما استطعت ان اتي الى لندن لاحصل على عمل كما انه اغرقك بالهدايا والمجوهرات التي لم تحلمي بها ..اتنكرين ذلك!
اجابتها رضاب بأنزعاج وقد تشنج وجهها
- انا ابدا لم افكر يوما بالمال ... ولا بالزواج....لقد كنت سعيدة مع اختي و
هتف والدتها تقاطعها بحدة
- لا تذكريني بأختك المعاقة بالله عليكِ... يكفيني تأتأتها بأخراج الحروف الذي يشعرني بالخجل امام معارفنا واصدقائنا ! تلك الغبية لا تستطيع ان تكمل جملة واحدة دون ان تتعلثم بها !
اجابتها رضاب بهدوء بينما داخلها تشعر بالشفقة والقهر على شقيقتها
- وهل كان هذا الأمر بيدها يا اماه !!! هي ارادة الله كما ان الطبيب قال ..مرضها نفسي وليس ...
قاطعتها والدتها بدهاء لتغير مجرى الحديث فهي تعرف الى اين سينتهي بهما استرسال الذكريات التي تحاول ان تتناساها قدر استطاعتها
- اتركينا من هذا الكلام الان واستمعي لنصيحتي ... لاتسألي ولا تتدخلي بعمل زوجك .... دعيه يفعل ما يشاء ... همام ليس رجل عادي انه طبيب مشهور ومعروف ... الجميع يحسده على ذكائه وجاذبيته .... كما انهم يحسدونك انت ايضا يا بلهاء ...
اجابتها رضاب بسخرية وتهكم
- على ماذا يحسدوني بالضبط !!! على حبه وحنانه ؟! ام على تدليلة المستمر لي !!
قالت والدتها بحدة وهي تنظر لأبنتها بصرامة
- اصمتِ ولا تتفوهي بهذا الكلام امام احد .... نحن بغنى عن اولئك النساء الرخيصات اللاتي لن يتوانين عن خطفه منك يا غبية !!!
قلبت رضاب شفتيها علامة على استيائها مما تقوله والدتها ... لتكمل سناء بهدوء
- تقبلي واقعك يا ابنتي وغدا سيتغير وسترين !فقط لا تستعجلي الامور !!
نظرت لها رضاب بصمت فمهما تكلمت ومهما حكت وحاولت التعبير عما في داخلها .... والدتها لن تفهمها ابدا ... منذ ذلك اليوم المشوؤم الذي جاءت به فجأة لتخبرها ان همام اخ صديقتها يبحث عن زوجة وقد تم ترشيحها لتنال هذا الشرف العظيم وهي تشعر بالاختناق .... دائما يعاملها بأستصغار ... يقارن بينها وبين الفتيات ... حتى في بعض الاحيان يقارن بينها وبين والدتها .... وهذا يغضبها جدا .... ليس فقط يغضبها بل يحبطها ايضا !!!
.....................
................................
ظهرا مخيم النازحين في أربيل
..........
الخيم منتشرة بشكل صفوف متراصة .... الجو مائل للبرودة بسبب المناخ المتقلب الذي يتميز به فصل الخريف ..... وتلك الأسر لاتزال مشتته في المخيمات التي لا تحميهم لا من الحر ولا من البرد .... ركن سيارته الجيب ثم ترجل منها بخفة ... استقبله الأطفال بحفاوة .... رغم اتساخ ملابسهم وصعوبة عيشهم الا ان الأبتسامة ولمعة البراءة والطفولة لا تفارق وجههم الصغيرة .... كانو يحبونه كثيرا ... فقد باتو يعرفونه ... كيف لا وهو يقوم بزيارتهم كل شهر يحضر لهم ما يستطيع ان يتدبره .... فواكه.. مواد غذائية ..خضروات وغيرها ...... يفعل ما يمليه عليه واجبه الوطني والانساني ... يبذل جهده لمساعدتهم ... عل ما يحضره يخفف العبئ عن كاهلهم ويرسم البسمة على وجوهم المجهدة ....
لقد استمع إلى قصصهم المؤلمة من لحظة خروجهم من بيوتهم في رحلة رافقتها مشاهد الموت والمخاطر.... وصولا إلى المعاناة الكبرى التي تمثلت في العيش بمخيمات لا تتوفر فيها أبسط مقومات الراحة .....
زيارته المتكررة اليهم لا يعرف بشأنها اي احد ... اجل فهو لم يخبر احدا عن المساعدات التي يقدمها لهم ... لا احد سوى والدته فقط ! هو لن يجاهر ويتفاخر امام الملأ بما يقدمه لهم من اشياء بسيطة وصغيرة اذا ما قورنت بحجم المأساة التي يعيشونها ! .
القى السلام على المرأة الخمسينية ام خالد التي كانت تجلس امام الخيمة تغسل الملابس لكنها ما ان رأته حتى هتفت قائلة بترحاب
- اهلا يا ولدي كيف حالك ؟!
اجابها بطيبة وهو يجلس القرفصاء امامها
- الحمدلله خالتي ... كيف حالك انت وحال العم ابي خالد ؟!
اجابته بابتسامة بشوشة رغم الالم والمعاناة الا ان ابتسامتها لم تفقد حنانها ورونقها
- نحمدلله على كل حال !!
قال وليد وهو يدير وجهه يمينا ويسارا
- اين هو ؟! لا اراه في مكانه المعتاد ؟!!
اجابته بتنهيدة حارة
- يجلس في الخيمة تستطيع الدخول فكما تعلم بعد موت ولدي ليس لنا الا الله !!!
هب واقفا وهو يقول بمزح
- لن اعاتبك على كلامك هذا الان فكما يبدو انك لا تعتبريني ولدك !!
هتفت قائلة بصدق
- لا والله انت بمثابة ولدي والله يشهد مقدار حبنا لك !!!
ابتسم وحث خطاه الى داخل الخيمة ليجد الرجل السبعيني ممدد على الفراش تقدم منه ثم جلس جانبه كان يبدو ساهما وشارداً ...
- كيف حالك ابي!!
تجاهل الرجل سؤالة وقال بشرود وهو ينظر لسقف الخيمة وكأنه يكلم نفسه
- خرجت من المدينة برفقة زوجتي وولدي خالد وزجته واولاده الأربعة بعد أن خيم الرعب على أجواء المدينة وخرج كل أهلها .. تركو بيوتهم واراضيهم ورحلو ينشدون الامان..... لم يكن لي خيار لقد وجدت نفسي أمام أمر واقع ...محاصر بين قرارين ... إما البقاء ومواجهة الموت أو الرحيل .... لم اكن اعرف اني سأفقد ولدي واحفادي بتلك الرحلة المشوؤمة !!!!
اكمل بحشرجة
- لقد خرجنا من البيت فورا وبلا شعور اتجهنا حيث يتجه بعض الهاربين من المعارك وبعد مسير قارب الساعتين استقللنا زورقا لعبور الضفة الأخرى من نهر الفرات ... لكن قبل ان نصل الى بر الامان وخارج خطوط الخطر ... القو القبض علينا ... قتلو ولدي وزوجته واولاده .... قتلوهم بلحظة !!! من انتظرته لسنوت الى ان كحلت عيني برؤيته ... ثم ربيته كالزهرة في ناقوس زجاجي اخاف عليه من الهواء اذا مسه ... قتلوه بلحظة بل بدقائق !!!! احفادي الذين لم اصدق وجودهم حولي وهو ينادوني جدي جدي ... قتلوهم ... حتى اصغرهم ذي العامين لم يفلت من براثنهم .... لم تتزحزح قلوبهم المتحجرة وهم يرون دموعه وبكاءه !!!!!!
جرت دموعة على جانبي وجهه وصوته المختنق يكمل بصعوبة بينما تجمعت العبرة بعيني وليد فهذه القصة يسمعها منه للمرة المئة او ربما اكثر ... لكنه يفضل الصمت والانصات له من جديد وكأنه يسمعه للمرة الاولى
- توسلتهم ... استحلفتهم بالله .... لكن لم ينفع ... لما لم يقتلوني معهم .... اهو عقاب ... ام هو امتحان من الله لمدى تحملي وصبري ؟!!
مسح وليد عينيه ثم ابتسم قائلا
- ابي كيف حالك الم تشتق لولدك وليد
وهنا فقط التفت الرجل ليراه ... وكانه احس بوجوده الان فقط وعاد من رحلة افكاره البعيدة ... جلس بصعوبه ليسارع وليد بأمساكه ومساعدته ... مسح دموعة بالشماغ الذي يلفهه حول رأسه قائلا بترحاب
- اهلا وليد ....متى اتيت لم اشعر بوجودك !!!
ليكمل ببشاشة وطيبة
- اجل لقد اشتقت لك كثيرا يا ولدي لكني اعلم بمسؤوليتك وانشغالك ... ونحن لا نريد ان نثقل عليك !!
اجابه بسرعة وعتاب
- تثقلون علي !!!!!!! ماهذا الكلام ابي ؟! هل يوجد اب يثقل على ابناءه !!
ابتسم الرجل المسن بأمتنان وهو يهمس قائلا
- باركك الله .... وسدد خطاك ورزقك ... وحقق لك كل ما تتمناه
ظل يتجاذب معه اطراف الكلام ... ثم خرج ليوزع ما احضره على الجميع ... تلك الساعات التي يقضيها معهم كانت تقربه منهم اكثر ... وتشحن داخله طاقة ايجابية تحثة لتقديم المزيد والمزيد للوطن ..... اقسم على انه لن يكف عن بذل كل ما يمكنه الى اخر رمق !
.......................
....................................
الطريق كان طويلا وموحشاً ... خالي تماماً من السيارات مما اثار داخلها موجة من الخوف والذعر .. ربما لم تكن لتشعر بهذه المشاعر لو لم تكن البلدة تعيش هذا الوضع المتدهور من انعدام الامن !!
المساحات الواسعة الجرداء ممتده الى مالا نهاية... اجبرت نفسها على قضاء اغلب الوقت اما بالنوم على كتف والدتها التي لم تتوقف عن التسبيح او بالتسلية ببعض الألعاب الالكترونية بهاتفها النقال ... توقفو عدة مرات لشراء الماء و لملئ خزان الوقود في السيارة ومرة للذهاب الى دورات المياه ..... عند وصولهم للمدينة كان الوقت قد شارف على الغروب ... فتحت نافذة السيارة لتستقبل النسمات الباردة وهي مغمضة العينين ... لامس الهواء وجهها بلطف ..... تجهمت ملامحها فجأة .... كلما تتذكر انها لن تعود الى العاصمة ينقبض قلبها بشدة ... كيف ستعيش في مدينة غريبة مع اناس من المفترض انهم ابناء خالها ... زفرت بضيق وارجعت ظهرها الى الوراء لتسمع صوت والدتها تهتف بحماس
- هاقد وصلنا ..
ثم قالت بسعاده وهي تشير الى بعض الامكان غافلة عن تشنج ملامح ابنتها ولا تلك الافكار التي تعصف داخلها
فهي ببساطة خائفة ومشوشة ... لم تزر منزل خالها الا لمرات معدودة وقليلة جدا ... لم تربطها بهم علاقة شخصية ومقربه ... فقط كل ماتعرفه ان لها ثلاث ابناء خال وهو وليد اكبرهم و تبارك ثم زهير اصغرهم ربما يبلغ الان السابع والعشرين !
- انظري يا غسق تلك المناظر الرائعة ... ان بلادنا حقا جميلة جدا
لتكمل بشجن وتأثر
- اااااه كنا لنعيش بها بسلام وآمان لولا ذلك اليوم المشوؤم حسبي الله على من كان السبب .
امسكت غسق يد والدتها بأبتسامة واسعة ثم قبلتها برقة وهي تقول بمرح لتغير دفة الحديث
- هل انتِ مرتاحة الأن يا امي ؟!
اجابت والدتها وجهها يتألق كطفلة صغيرة
- جدا يابنتي بارك الله بك واطال في عمري لاراكِ عروس.
همست بخجل
-امييييي السائق سيسمعك !!
قهقهت بخفة وهي تشير و تشرح لها كل ما يصادفهم من معالم سياحية عرفت بها المناطق الشمالية ... كما لفت نظرها الزي الغريب الذي كان يرتديه اغلب الرجال هناك ... والذي اخبرتها والدتها فيما بعد انه الزي الخاص بالاكراد !!
عبرو الكثير من الشوارع والممرات ثم وصلا الى منطقة واسعة اشبه ببستان كبير لم تستطع ان تتبينه بسبب الظلام الذي خيم فجأة .... لكن المنزل الذي وصلو له كان كبيرا نسبيا يتكون من طابقين ... مبني من الحجارة البيضاء ... رفعت رأسها لتنظر لطريقة بنائه بأنبهار ... الاضواء تشع حوله .... كانت تحتوي على العديد من الشبابيك والشرفات .. خرجت امرأة كبيرة في السن ربما يقارب عمرها منتصف الخمسين تلف وشاح ابيض حول رأسها
- اهلا اهلا انرتم اربيل والمحافظات الشمالية كلها
قالتها بحرارة وهي تحتضن والدتها التي بادلتها التحية بحرارة اكبر
ابتعدت عنها قليلا ووجهت انظارها لغسق التي كانت تراقب المشهد بابتسامة ناعمة تقدمت منها قائلة وهي تهم لتحتضنها بين ذراعيها المكتنزتين
- غسق طفلتي الصغيرة ماشاءلله لقد كبرتي واصبحت شابة رائعة الجمال ... لاتقولي انك لم تتعرفي علي !!
اجابتها غسق بخجل شديد وهي تبادل زوجة خالها العناق
- انت سعاد زوجة خالي اكرم رحمه الله
هتفت بسعادة وهي تبتعد عنها بينما لاتزال غسق بين ذراعيها
- احسنت حبيبتي لقد مر وقت طويل على اخر زيارة قمنا بها للعاصمة .
تنحت جانبا وهي تحثهم للدخول
- تفضلو الى الداخل هيا ..
.............
...............
ما ان دلفت الى داخل المنزل حتى انبهرت من ضخامته التي بدت اكبر من الخارج بكثير ... كان الأثاث بسيط لكن بنفس الوقت يدل على الرقي ... صالة واسعة كبيرة تحتوي على نوافذ عديدة تطل على الحديقة .. بالأضافة لوجود شرفتين ... كانتا مفتوحتان على مصرعيها بينما الستائر المخملية البيضاء تتطاير بفعل الهواء الخريفي البارد .... ارتعش جسدها قليلا .. ليس برداً بل رهبةً ... قلبها يحدثها ان خلف جدران هذا المنزل يوجد الكثير من الأسرار !!
جلست جوار والدتها على الأريكة العريضة وهي تدير عينيها يمينا ويسارا بأرتباك شديد .
دلفت الى الصالة فتاة تبدو في بداية الثلاثينيات من عمرها تمتلك وجه بشوش عينان سوداويين مع بشره مائلة للسمرة الجذابة .... شعر اسود يصل لكتفيها وجسد مكتنز قليلا لكن بأعتدال .. هتفت والدتها قائلة
- تعالي تبارك وسلمي على عمتك وابنتها
تقدمت تبارك بلهفة لتقف والدتها وتحتضها قائلة بحنان
- اهلا حبيبتي كيف حالك بنيتي !
اجابتها بصوت ناعم وهي تبادلها الابتسامة
- انا بخير عمتي كيف حالك انت
تمتمت بتنهد وهي تجلس
- بخير ...كل ما ياتي من الله خير وبركة!
التفتت تنظر لغسق بفضول لتبتسم لها ابتسامة عريضة
- مرحبا غسوقه كيف حالك
وقفت غسق وهي تفرك يديها بحرج
- اهلا تبارك كيف حالك
احتضنتها قائلة
- لقد مر سنوات عدة على رؤيتي لك كنت لاتزالين بعمر المراهقة .... صغيرة وجميلة
ثم اكملت وهي تبتعد عنها وتحثها على الجلوس
- منذ اليوم تعتبريني شقيقة لك
كان الترحاب حاراً وحميمياً ... حسناً لقد شعرت بالراحة والالفة تجاه تبارك وزوجة خالها سعاد ... تتمنى ان تشعر بهذه الألفة مع الجميع ..... اخذتها تبارك الى الغرفة المخصصة لها و لوالدتها ... والتي تقع في الطابق العلوي ... كانت غرفة جميلة وناعمة ... تحتوي على شرفة مطلة على الحديقة الجانبية حيث تسلقت نباتات خضراء رائعة الجمال تحتوي على زهور حمراء وبنفسجة ملتفه حول السور ... فبدت كانها مظلة متوهجة الالوان ... قالت تبارك بمودة
- سأتركك لترتاحي قليلا لحين موعد العشاء
شكرتها بأبتسامة وهي تفكر ... تبارك تبدو لطيفة جدا ترى لماذا ليست متزوجة لحد الان .... غريب ....غمغمت بتلك الكلمة ثم اتجهت للشرفة لتفتحها على مصرعيها ... استنشقت عبق الزهور الرائعة التي انتشر شذاها بارجاء المكان ..... اتكأت على السور بينما راحت يدها تعبث بالأوراق الملونه وهي تبتسم برقة ..... همست بشرود .... على الاقل حصلت على غرفة جميلة جدا يكفي وجود هذه اللوحة الرائعة !!
طرقات خافته على الباب اخرجها من شرودها لتلتفت وترى تلك الصغيرة التي القت السلام عليها عند وصولها بشكل مقتضب وخجول وفرت هاربة ... تقدمت غسق ناحيتها بابتسامة ناعمة وهي تقول
- اهلا حبيبة تفضلي
اجابتها بصوت يحتوي على تعلثم طفيف يكاد لا يلاحظ
- لقد .. احضر... ت .. لك بعض المنا..شف النظيفة ربما ..تحتاجيها
التقطتها من يديها وهي تقول بأمتنان
- شكرا لك حبيبة فعلا اريد ان أأخذ حماما دافئا لازيل القليل من تعب السفر الطويل !
اومأت بابتسامة خجوله قبل ان تستدير لتخرج غير ان صوت غسق اوقفها
- حبيبة !!
التفتت تنظر لها بتسائل لتكمل غسق بطيبة وصدق ... لاتعرف لما حركت حبيبة داخلها مشاعر الشفقة والرحمة ربما لانها شعرت بوحدتها رغم حب الجميع لها ... او ربما بسبب ذلك الحزن الواضح بمقلتيها البنيتان
- ارجو ان تقبلي صداقتي
اتسعت عينا حبيبة ولمعة الأمتنان تلوح بهما لتهمس بارتباك
- انا .... انا.. اتشرف بصداقتك .. غسق ..
لتكمل بلطف وابتسامة ناعمة
- شكرا لك كثيرا
اجابتها غسق بحزن
- انا التي اشكرك لقبولك صداقتي يا حبيبة ... فانا اشعر اني غريبة ووحيدة هنا !!
تقدمت منها حبيبة لتمسك يدها وتضغط عليها مشجعة وهي تقول بهمس وبتلك التأتأة الطفيفة
- لا .. تقلقي ... كل ..ا...بناء خالتي لطيفين ...وطيبين ... كما انك ستتعودين على وجودك هنا ... كما تعود..ت ... انا !!!
نظرت لها غسق بتسائل وهي تقول
- هل تعيشين معهم ؟!!!
تراجعت حبيبة الى الخلف عدة خطوات لتقول وهي تتجنب النظر اليها
- اعتقد ... اني.. سمعت خا...لتي ... تنا..ديني .. عن ..اذنك غسق ..نكمل حديثنا فيما بعد !!
تركتها وغادرت وسط ذهولها ترى مالذي جرى لها لتتغير ويشحب وجهها بهذا الشكل !!!
...........................
رصت تبارك وحبيبة الاطباق المتنوعة على المائدة .. بينما سعاد اتجهت لغرفة وليد لتتكلم معه ... كان وليد يجلس على طرف السرير يخلع حذائه بتعب ... طرقت والدته الباب بخفة ثم دلفت وهي تقول
- اخيرا عدت يا ولدي لقد تأخرت كثيرا اليوم ...
اجابها وليد وهو يعتدل بجلسته
- اجل امي لقد ذهبت للمخيم ثم بعدها عدت لأتأكد من اكمال رش المبيدات على اشجار التفاح والعنب .. وكذلك تاكدت من تطعيم واعطاء الفيتامينات للماشية ... انت تعرفين مدى الخسارة التي تكبدتها العام الماضي !! لذلك يجب ان اكون حريصاً هذا العام واشرف بنفسي على العمل .
تمتمت والدته بحنان
- اعانك الله ورزقك رزقا واسعا
آمن خلفها بخفوت لتردف بنشاط ..
- عمتك و ابنتها وصلا منذ مدة ... هيا لتسلم عليهما وتشاركنا العشاء
اومأ بقنوط وتعب وهو يقول
- دقائق والحق بك امي
قالت بأبتسامة واسعة قبل ان تتركه وتخرج
- حسنا يا ولدي لا تتأخر
....................
اخذت حماما دافئاً ومنعشا جدد النشاط بجسدها ... حمدت ربها ان الطابق العلوي يحتوي على حمام منفصل والا كيف كانت ستأخذ راحتها امام اولاد خالها !! تأفأفت هامسة ... يا الهي هذا شيء مزعج جدا !!
وقفت امام المرآة تعدل حجابها ... اختارت فستانا بسيط ازرق اللون .. انتهت من تعديل حجابها ثم مررت يدها على طول الفستان وهي تتنهد بتوتر .... اتجهت لتجلس على طرف السرير تنظر الى الارض بشرود ... دلفت والدتها قائلة بنشاط
- هيا حبيبتي العشاء سيكون جاهزا بعد قليل !!
قالت غسق بأرتبارك لم تنتبه له والدتها
- امي ... من سيشاركنا العشاء .....اقصد هل حضر الجميع ؟!
اجابتها والدتها وهي تفتح باب الدولاب تتأكد من ترتيب الملابس
- اجل لقد وصل وليد و زهير قبل قليل .. تبارك وحبيبة تعدان المائدة الان !
التفتت تنظر لأبنتها قائلة بجدية
- اسمعيني غسق مادمنا سنقضي وقتاً طويلا هنا يجب علينا ان نشاركم في الاعمال المنزلية ... وفي اعمال المزرعة ايضاً !!
قالت غسق وقد التقى حاجبها الهلاليان بتقطيبة مستاءة
- وماذا افهم انا بأعمال المزرعة امي !!
اجابتها ولدتها وهي تغلق الدولاب
- لا تقلقي حبيبتي مجرد مشاركة صغيرة بقطف التفاح والعنب .. هذا اذا سمح وليد بذلك !
قالت غسق بأستياء طفيف
- ولما لا يسمح لنا ؟!!! ربما يعتبرنا مازلنا غرباء عنهم !!
رمقتها والدتها بنظرة مستغربة ... تتعجب حدة واستياء ابنتها الذي لا مبرر له ... لتجيبها بهدوء
- كلا بالطبع انا اقصد ربما لايريد اتعابنا يا ابنتي ثم انا قلت افترضي مثلاً لو حصل ذلك .... رغم اني متأكدة من ان وليد لن يسمح لنا بذلك مطلقاً !
همست غسق بأنزعاج ويائس
- امي انا غير مطمئنة لوجودنا هنا ... ولا اعرف السبب !!
ضحكت والدتها برقة ثم قالت وهي تلف الوشاح الأسود حول رأسها
- كل ماتقوليه هي مجرد تخمينات سابقة لأوانها ... هيا انهضي حبيبتي !
اجابت غسق بأرتباك وتوسل
- اذهبِ انت فقط !!
وبنظرة جادة ونبرة صوت حمل بطياته الكثير من الصرامة قالت
- لا يجوز غسق ... يجب ان تسلمي على اولاد خالك لا تنسي اننا ضيوف
اجابتها غسق بأنزعاج وتوتر
- هل سنبدأ منذ الان بتقديم التنزلات امي ؟! نحن نملك المال و نستطيع ان نستأجر ...
قاطعتها والدتها بحدة وصرامة
- كفى غسق لا تفكري بهذا الامر ..... انا لن اترك منزل اخي تحت اي ظرف ..... ثم انت لم تتعرفي على اولاد خالك بعد .. لا تطلقي الاحكام منذ الان!!
ثم اكملت قائلة بصبر وتروي
- بالله عليك ياغسق خففي قليلا من حدة اجوبتك وتسرعك المتهور !!
قالت غسق وهي تتجاهل كلام والدتها لترفع ذقنها بتحدي وثقة
- ان لم استطيع ان اتأقلم هنا ؟!هل ستوافقين على ان نستأجر منزلا مستقلا!
هزت والدتها رأسها وهي تتنهد مستسلمة
- اعدك طفلتي ..... والأن كفى كلاماً وهيا بنا لقد تأخرنا !!
..................................
نهاية الفصل الثاني
..................

رماد الغسقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن