10

205 14 0
                                    


الفصل العاشر
.........................
راح أصبر بدونك وأرهم بلياك
وأذبح رمش عيني الجان يبجيلك
وأتحمل عذابك والبعد والشّوك
وما حط صورتك كدّامي وأشكيلك
ما أكلّك نسيتك بس جرح بالرّوح
يكسر واهسي وما يقبل أمشيلك
...............................
كانت ترتجف وتتصبب عرقاً وهي تهمس وتهلوس بكلمات غير مفهومة .... وضعت تبارك يدها على جبينها تتأكد من حرارتها ...لتشهق بقوة وهي تهب واقفة
- يا الهي ... حرارتك مرتفعة !!!
خرجت بسرعة متوجه إلى المطبخ لتحضر وعاء من الماء البارد لكي تشرع بعمل الكمادات عل حرارتها تنخفض قليلا ... شاهدت غسق تخرج من غرفتها هي الأخرى ... تقدمت غسق قائلة بنبرة قلقة بعد ان لمحت معالم الشحوب على وجه تبارك
- مابك تبارك ؟!
اجابتها بسرعة
- جئت بوقتك غسق ... انها حبيبة حرارتها مرتفعة جدا .. اذهبي اليها ريثما احضر ماء بارد لعمل كمادات لها
هزت غسق رأسها وهي تتوجه للغرفة قائلة
- يا الهي قبل قليل لم تكن تعاني من شيء !!!
دلفت للغرفة وجلست قربها وهي تبعد الشعر لملتصق بجبين حبيبة المتعرق التي كنت تنتفض كورقات الشجر بنهار خريفي بارد ... همست غسق بحنان
- ستكونين بخير عزيزتي
لم يمضي الا عدة ثوان لتدلف تبارك وهي تحمل اناء الماء بين يديها لتشرع فورا بوضع الكمادات على جبينها ... همست غسق بقلق
- مالذي جرى لها ؟!
قالت تبارك وهي تعصر لقماش لتضعه على جبين حبيبة مرة اخرى
- لا اعلم يا غسق منذ عودتنا من حفل الزفاف وهي شاحبة جدا ...استيقظت صدفة قبل قليل ووجدتها ترتجف وأسنانها تصطك !!
قطع حديثهم همس حبيبة الخافت وهي تقول بينما دموعها أخذت تتساقط ببطء
- ز.. هير .. ز...هير ... لماذا ... تر.. كتني ! عد .. الي ...!
رفعت غسق رأسها بنفس الوقت مع تبارك لتلتقي نظراتهم المصدومة بصمت ... النظرات التي تبادلاها كانت كأنها تقول " أسمعت ما سمعت ؟! " لم تتفوها بحرف واحد ابدا ... وحتى وان تكلمتا فماذا ستقولان ؟!!
هنا عرفت كلتاهما ما يجري لحبيبة بالضبط ... ظلت تبارك تضع الكمادات بصمت بينما غسق غارقة في تفكيرها تحاول استرجاع كل اللحظات التي جمعت حبيبة و زهير ... كيف لم تنتبه !!! اجل حبيبة كانت تهتم كثيرا بزهير لكنها كانت تهتم بوليد أيضا ! لالا كان اهتمامها بزهير أكثر...كما أنها كانت تتورد خجلا كلما وقفت في حضرت وجوده ! وما أدراها هي ان حبيبة تكن المشاعر لزهير ! اااه مسكينة أنت يا حبيبة كم تكبدتي من عناء !
همست تبارك بقلق
- الحرارة لم تنخفض يا غسق مالعمل ؟!
قالت غسق بعفوية
- اتصلي بوليد وهو سيتصرف !!!
اعتدلت تبارك قائلة
- اجل اجل وليد من سيحلها بالتأكيد
.....................
...............................
خلال نصف ساعة كان وليد داخل المنزل محضراً معه الطبيب الذي كان لا يزال في مقتبل العمر الظاهر انه صديق له ... جلس على طرف الفرش وبدأ بفحصها ... رفع وليد نظراته الحادة تجاه غسق وهو مقطب الحاجبين ثم اشار لها برأسه ان تخرج من الغرفة ... عبست تبادله النظرات بحقد ثم خرجت وهي تدب الارض بقوة هامسة بغيض
- يا له من بغيض ..
لماذا طردها هي دون الكل !!! تبارك هناك و الخالة سعاد ايضاً !!! اوف كريه ومتعجرف !!
وقفت في الخارج تنتظرهم وهي مكتفة ذراعيها ومقطبة جبينها كالأطفال .. ولم يمضي الا بضع دقائق ليخرج الطبيب ومعه وليد .... دلفت بسرعة الى الداخل وهي تقول باهتمام
- ماذا قال الطبيب ؟!
أجابت تبارك بتوتر ملحوظ وهي تنظر لغسق بنظرات ذات مغزى
- اعطاها العلاج و قال بأنها ربما تعرضت لضغط نفسي او اجهاد في العمل !!
قالت سعاد ببراءة تامة وهي تنظر لوجه حبيبة الشاحب والتي كانت تغط بنوم عميق
- اجل يا لوعة قلبي عليها بذلت مجهودا كبيراً هذا الأسبوع بسبب زفاف زهير وما رافقته من تجهيزات وتحضيرات متعبة !!!
قالت تبارك مغمغمة بغموض
- ربما معك حق !!
ثم أردفت بصوت هادئ
- اذهبِ للنوم أمي انا سأراقبها واهتم بها
أجابت سعاد قائلة
- لكن أخشى ان تعاودها الحمى من جديد ؟!
قالت تبارك بلطف
- لقد اعطاها الطبيب العلاج اللازم امامك يا امي ... ثم انا لن اتركها لا تقلقي .
اومأت وهي تقول
- اجل يا ابنتي لا تتركيها هي تعتبر يتيمة الأبوين يا حسرتي عليها ... بالله عليك انتبهي لها جيداً !!
اجابت تبارك مؤكدة
- لا توصيني عليها امي حبيبة هي شقيقتي !
تنهدت وهي تقف لتقول بتعب بأرهاق
- رضي الله عنك وبارك بك يا ابنتي .... ان حصل شيء نادني اوابلغي وليد فهو قد عاد الى المنزل
قالت جملتها الأخيرة وهي توجه نظرة سريعة نحو غسق التي استقبلت الخبر وهي تدعي ألامبالاة .... بينما داخلها شعرت بالراحة فهي لا تستطيع تحمل نظرت الحزن بعيني خالتها سعاد وكأنها تقول لها بصمت انت السبب بتشتت ولدي وخروجه من المنزل !
اكملت سعاد كلامها قائلة
- سأذهب لأقرأ القرآن وانتظر آذان الفجر.
راقبت خروج والدتها ثم عاودت النظر لوجه حبيبة وهي تفكر بصمت متى وكيف احبته !!! امن المعقول انها كانت تحبه قبل خطبته لسلمى !!! لكن ... لكن .. متى حصل ذلك ؟! حبيبة الصغيرة تحب زهير !!!!
همست بقلة حيلة وهي تجلس على طرف الفرش
- يا الهي ماهذه الدوامة التي لا نهاية لها !!
كيف ستعيش وتحتمل وجودهما أمامها طوال الوقت !!! يجب ان تقف الى جانبها وتساعدها لكن دون ان تشعرها بانها اكتشف الامر !
تقدمت غسق وانحنت قائلة بهمس خافت وعيناها مركزة على وجه حبيبة
- هل كنت تعلمين انها ... انها ... اقصد ... من الواضح انها تحب ...زهير !!!!
هزت تبارك رأسها وهي تفتح الوشاح الذي يغطي شعرها قائلة بهمس حزين
- ابداً اقسم لك لم عرف الا قبل قليل !!!
لتهمس غسق بشفقة حقيقية
- يا الهي ... مسكينة حبيبة ... لا شك بأنها بذلت مجهوداً نفسياً جباراً لتحتمل كل الضغوطات والأحداث التي جرت خلال الأيام السابقة !!
كانت تبارك شاردة على ملامح حبيبة الشاحبة وهي تشعر بالقهر والمرارة من اجل ابنة خالتها ... يا ليتها انتبهت وعرفت منذ البداية والله لاختارتها بنفسها زوجة لزهير ... لن تجد من تليق بأخيها الا حبيبة ... بطيبتها وأخلاقها ورقتها !!! لكن اه قد جرى ما جرى ولا ينفع عض أصابع الندم الان .... همست غسق قائلة
- وألان ... ماذا سنفعل ؟!
رفعت تبارك رأسها لتنظر لغسق قائلة
- ماذا تقصدين ؟
- اقصد بعد عودة زهير وسلمى سيكون الضغط عليها أكثر وأكثر وهي تشاهدهما معا ... أخشى ان تكتشف سلمى الأمر وانت تعرفيها جيدا ماذا يمكن ان تفعل !!
هزت تبارك رأسها وقالت
- سنقف الى جوارها ... نشعرها بأنها ليست وحيدة ... ليس أمامنا الا هذا الحل ... فنحن لن نستطيع ان نخبرها بأننا اكتشفنا حبها السري لأخي !!
ثم عاودت النظر لحبيبة هامسة بألم
- فأنت لا تعرفين حبيبة كم هي خجولة وحساسة
أومأت غسق واتجهت لسرير تبارك ثم تمددت قائلة
- حسنا ... ربما معك حق ...
لتكمل وهي تتثاءب
- وألان سأبقى معك قليلا الى ان يؤذن لصلاة الفجر ثم اذهب للنوم
.......................
............................
خرجت من الحمام وهي ترتدي غلالة نوم حريرية بيضاء اللون ... قصيرة جدا بالكاد تصل لفخذيها تغطيه بالروب الخاص به ... الا انه لم يكن يخفي شيء من مفاتنها البارزة .... شعرت بالخجل الشديد عندما لاحظت زهير ممدا على الفرش يقلب القنوت الفضائية بملل .... كان عاري الصدر لا يلبس الا شورت قصير جدا ... تقدمت تجلس على حافة الفراش ... انتبه لها واخذ يحدق بها لبعض الوقت .. ثم تنهد ونهض متجهاً اليها قائلا وهو يمسك يدها يحثها على الوقوف
- عزيزتي بالتأكيد انت الان جائعة تعالي العشاء جاهز بالصالة
هزت رأسها قائلة
- لا اشعر بالجوع زهير كل انت ان شئت!
اجابها قائلا بلامبالاة
- وانا ايضاً لا اشعر بالجوع ... تعالي لنأخذ قسطاً من الراحة فغداً يجب ان ننهض مبكراً
أومأت بخجل وذهبت الى السرير لتتمدت الى جانبه ... استدار الى الجهة اليمنى وأصبح وجهه مواجهاً لوجهها ... تجولت عيناه ببطء على مفاتنها الظاهرة بوضوح .... رفع يده ليلمس وجنتها الناعمة ... كانت سلمى تنظر له لأول مرة بخجل وارتباك شديدين زادها جمالا فوق جمالها ... ادخل يده تحت رأسها وسحبها لتنام على ذراعه .. استيقظت الرغبة داخله بدأ يتلمس جسدها بجراءة وهي لم تعترض او تمانع بل كانت هادئة تهمس بكلمات ناعمة ومبهمة لم يفهمها ... ربما مما بدا له انها كانت تعترض بأنوثة و دلال زادته رغبه !!
عندما تقرب منها ليبدأ بأخذ حقوقه الزوجية ... مشاعره كانت مجمدة راكدة ربما ما جمع بينهما هي الرغبة فقط ... اجل الرغبة فهي فعلا مثيرة لن ينكر ذلك .... خاصة وانها ترتدي هذه الملابس الفاضحة ... وهو بالنهاية رجل شأنه شأن بقية الرجال عندما يثارون وهم يرون أنثى جميلة أمامهم وليست اي أنثى انها زوجته وحلاله .. اذن فليدع المشاعر ألان او ليؤجلها ويفكر بها لاحقاً .....
بعد فترة طويلة جداً من المشاعر الحارة التي تبادلاها .. نامت سلمى بين ذراعيه منهكة القوى .. بينما زهير ضل يحدق بسقف الغرفة وتلك الوساوس المختلطة عادت لتعصف داخل صدره لتثير موجة من التساؤلات المحيرة التي لا يجد أجابه لها ... تنهد بتعب وأغمض عينيه بمحاوله منه للنوم فغدا سيسافران الى تركيا فقد حجز لهم السيد مراد أسبوعا كاملا بفندق يعد من أفخم الفنادق هناك ... أراد ان يرفض بأدب الا انه أجابه بطيبته المعتادة
- انها هدية زفافكم يا ولدي فهل سترفضها وتخجل والدك !!
.................................
..............................................
أسالك بصمت !
هل حقاً رحلت عني وتركتني في الظلام من جديد ؟!
تركتني بعد ان وجدت بك الأمان !!!
عد الي يا حلمي البعيد
عد الي حتى لو كنت مجرد سراباً خادعاً
يخدع ظمئي وجفاف روحي
أحتاجك حبيبتي
كحاجة الأرض لقطرات المطر
أحتاجك حبيبي
كحاجة الطير لأغصان الشجر
أحتاجك حبيبي
فعد لعالمي من جديد
......................
استيقظت قرابة الظهر وجسدها يؤلمها بشدة همست بوهن
- ما... لذي... جرى ؟!
هتفت سعاد بفرحة وهي تجلس جانبها فقد كانت تطل عليها كل دقيقة لتتأكد من حرارتها وتنفسها المنتظم ...
- أخيرا استيقظت صغيرتي حمد لله على سلامتك
اعتدلت حبيبة وهي تحاول الجلوس ... ساعدتها خالتها بلطف وهي تقول
- على مهلك طفلتي ...
قالت حبيبة مرة اخرى وهي تضع يدها على رأسها
- لم تردي على سؤالي خالتي ماذا حصل ؟
أجابتها وهي تعاود الجلوس قربها
- لقد أصبت البارحة بالحمى ووليد احضر لك الطبيب !!
نظرت لخالتها بعينيها الذابلتين ثم قالت بوهن وضعف
- لا أتذكر شيئاً خالتي!!
قالت سعاد بلطف وهي تمد يدها لتضع خصلة من شعر حبيبة خلف أذنها
- بالطبع لا تتذكرين لقد كنت تهذين طوال الوقت !!
شحبت ملامح حبيبة وابيضت شفتيها بينما قلبها يخفق بشدة ... تهذي !!! يا الهي ! مالذي تفوهت به وهي لا تعلم !! قالت بصوت مرتجف ومتقطع
- ب.. بماذا ..كنت .. ا..هذي ؟!
قالت خالتها ببراءة تامة وهي تقف
- كان كلاماً غير مفهوم ... وألان صغيرتي .. سأذهب واحضر لك بعض الحساء والحليب الدافئ ... لن أتأخر عليكِ
تنهدت حبيبة براحة ثم نظرت أمامها بشرود وهي تتراجع الى الوراء لتغوص بين طيات الوسائد الوثيرة بينما تجمعت بعينيها الدموع تتذكر كيف كانا سعيدين .... عندما ذهبت لتبارك له مع تبارك وغسق احست بارتعاشه هزت جسدها عندما احتضن كفها الصغير ... لأول مرة يلمسها ... لأول مرة تشعر بدفء يده ... كانت فعلا على وشك البكاء الا ان وصول أصدقاءه وهم يهتفون و ينشدون الأهازيج الشعبية جعلها تتراجع وتختبئ بعيدا تنظر له وهم يحملونه على أكتافهم بسعادة وفرحة وهو يبادلهم مزاحهم وضحكاتهم ... تمنت ان ينتهي الحفل بسرعة لتعود لوحدتها وعزلتها من جديد ... تبكي حبها الموؤد ... تبكي وتعاتب ظلم الزمن الذي لا ينفك ولا يتعب من ضربها وجلدها بأسواط الخيبة والخذلان دون رحمة او شفقة ... اخيرا وبعد وقت طويلا وقف بكل هيبة ورجولة لتحتضن سلمى ذراعه بابتسامة خلابة ... كم كانا رائعين فعلا يليقان ببعض ... مشت معه لتخرج من القاعة بكل غرور وكبرياء وكأنها تتباهى به وبوسامته .... من حقها ان تفخر ... من تتزوج رجل مثل زهير يجب ان تفخر !
نزلت دموعها وهي تعود من رحلة أفكارها لتهمس بسرها ... لقد أصبحت زوجته الان ... نامت بين أحضانه ... استنشقت عطره ... توسدت ضربات قلبه ... سرقته منها ... لقد سُرق حب حياتها والى الابد .... انسيه يا حبيبة انسيه ... لا فائدة ترجى .... لا فائدة ... ....
..........
..............................
كانت تجلس بصالة منزلهم تتلفت حولها تنظر للأثاث باشمئزاز ونفور ... لوت شفتها باستهزاء وقالت بصوت منخفض
- خورشيد دلسات اكبر تاجر للسيارات في أربيل يناسب هكذا عائلة !!! عجبي لك يا زمن لكن ماذا أقول حكم القوي على الضعيف !
مضت ثلاثة ايام منذ ان رآها هو يصر ويلح عليها ليلاً نهاراً بأن تذهب لكي تخطبها له ! اه رزكان هو ولدي الوحيد ونور عيني لا استطيع ان اراه حزيناً ابدا !
ما ان ذكرت اسمه حتى رن هاتفها .... زفرت بضيق وأخرجته من الحقيبة ثم أجابت بحدة وصوت منخفض
- مابك يا ولد !!! أصبتني بالجنون كل دقيقة تتصل !!
قال لها بلهفة
- هااااا ... ما هي الأخبار ماما ؟! هل وافقوا !!! هل رأيتها ! ماذا قالت !! وافقوا !! قولي ...
قاطعته بصرامة
- هييييييي على مهلك ... اثقل وأركز قليلا ... مابك ملهوف عليها بهذا الشكل المخزي وكأنها حورية نزلت من السماء !!
أجابها بتنهيدة عشق
- اااااه ... اااااه ... أحبها ماما ... أحبها وأريدها ... حبها اخترق قلبي كالرصاصة وعشش في عقلي ...
ثم قال لها بتوعد طفولي
- منذ الان أقولها لك ... ان لم تكن لي سأغضب كثيرا ... كثيراً جدا جدا !!
قالت بهمس وهي تضع ساق فوق الأخرى
- هي لك اطمئن والدتك عندما تقول وتعد بشيء تفعله
هتف بسعادة
- تعيش نازدار ملكة الملكات
قالت بسرعة عندما سمعت اصواتا تقترب من الصالة
- يجب ان أغلق الان ...اتصل بك فيما بعد
أغلقت الهاتف ورسمت ابتسامة على شفتيها عندما دلفت سعاد التي كانت تحمل صينية الضيافة تتبعها سعدية بهدوء ... قالت سعاد بلطف
- اهلا وسهلا بجيران العمر ... لقد انرت المنزل بزيارتك
أومأت قائلة وهي تغتصب ابتسامة متكلفة
- اهلا بك عزيزتي
ثم نظرت لسعدية وهي تقول ببشاشة
- لقد كانوا من اعز جيراننا ... كانت تربط علاقة صداقة قوية بين السيد خورشيد وبين اكرم رحمة الله .. حتى بعد ان انتقلوا من الحي ظلا محافظين على تلك الصداقة
قالت نازدار مؤكدة كلامها بابتسامة صغيرة
- اجل بالتأكيد نتشرف بصداقتكم ... لذلك جئت اليكم اليوم بطلب وارجوا ان لا تخيبوا ظني !!
هتفت سعادة بمودة
- ان شاءلله لو بمقدورنا لن نتاخر عليك ابداً
نظرت لسعدية قائلة بمكر
- الحقيقية الطلب يخص ابنتك انت ام غسق
رفعت سعدية حاجبيها بتعجب وقالت
- ابنتي !!!!
- اجل ابنتك
تنحنحت وقالت وهي تتمنى داخلها لو قطع لسانها قبل ان تنطقها لكن ماذا ستقول ولدها الحبيب يريدها ولا تستطيع ان تكسر قلبه
- يشرفني ان اطلب يد غسق لولدي رزكار ... وقبل ان تتكلمي احب ان أطمئنك .. دراستها ستكملها وجميع طلباتها مجابة فقط عليها ان تأمر ... كما ان سعاد تعرفنا حق المعرفة ومع ذلك لو أردتم السؤال عنها هذا من حقكم !!
بعد ان القت قنبلتها عم الصمت بينهم لبضعة دقائق ... ابتسمت سعاد قائلة بتردد
- نتشرف بنسبكم بالتأكيد وكما قلت نحن نعرفكم حق المعرفة لكن يجب ان نأخذ رائي الفتاة اولا ثم يجب ان تراه ويجلسان معا ليتم القبول بين الطرفين .. أليست هذا هي الأصول ؟!
ارادت نازدار ان تجيبها بحدة قائلة ليس انت من ستعلميني الأصول يا حشرة لكنها ابتلعت لسانها قائلة بهدوء
- طبعا كلامك صحيح يا ام وليد نحن فقط نريد ان نأخذ موافقة مبدئية من العروس لتتم الرؤيا الشرعية ونتقدم بشكل رسمي يليق بها
قالت سعاد بأبتسامة ودودة
- ان شاءلله نخبر الفتاة ونبلغك ردها عن قريب
ظلوا يتجاذبون أطراف الحديث بينما سعدية تشعر بمشاعر مختلطة مابين سعادة وقلق ... سعادة لاجل ابنتها فهاهي صغيرتها قد كبرت وستغادر عشها قريباً وقلق من المجهول ... فمما يبدو ان تلك العائلة غنية ومترفة جدا وهم متواضعين تخشى ان تواجه ابنتها صعوبة في التأقلم مع هكذا وضع جديد عليها !!!
.....................
............................
كانت غسق تجلس خلف مكتبها الصغير في غرفتها تقلب الكتاب بشرود وملل عندما دلفت والدتها قائلة
- غسق حبيبتي اذهبِ الى غرفة المكتب وليد ينتظرك
رفعت غسق رأسها قائلة بضيق
- اوف ماذا يريد مني ؟!
أجابت والدتها بحنان
- اعتقد بأنه يريد ان يتكلم معك بشأن رزكار !
عبست وجهها وهي تفكر بانزعاج الن يكف عن التدخل ... عندما اخبرتها والدتها عن طلب رازكار أعطت موافقتها بسرعة ودون تردد فهي قد وجدته ملائماً من حيث مكانته الاجتماعية وكذلك سنة مناسب وقريب من سنها .. بالإضافة لكونه خريج كلية الإدارة والاقتصاد ويعمل مع والده .. أليست هذه مؤهلات تتمناها اغلب الفتيات !! كما انها ستتخلص من اهم شخص ينغص عليها حياتها ويقرفها في عيشتها وهو وليد ...اخيراً ستتنفس وترتاح من تحكماته وسيطرته البغيضة ... أجابت بملل وضيق
- الم تخبريه بأني موافقة ؟!
اومأت سعدية قائلة بطيبة وهي تقترب منها
- اجل حبيبتي أخبرته لكنه قال بأنه يريد التكلم معك ..اذهب بنيتي لعله يريدك بأمر مهم
تركت الكتاب ووقفت قائلة وهي تنفث الهواء بغضب
- اذهب وأمري لله .. ولنرى الى اين سنصل مع ابن اخيك المتجهم !
..................
..........................
كان يتكأ على طرف المكتب مكتف ذراعيه .. ينظر الى النافذة بشرود بينما وجهه غامض ومظلم يشعر داخله بالقهر والخذلان بل يشعر وكأن نار مشتعلة حارقة تلتهم جوفه دون رحمة .. هذا ما كان يخشى منه .. لقد عرف واحس بأن زفاف زهير لن يمر مرور الكرام على غسق ... تباً كانت آية من الحسن والجمال ... اااه منك يا غسق من اين ظهرتي فجأة ... وكأن حياتي ينقصها التعقيد لتأتي انت وتعقديها اكثر من ذلك !!
ما ألمه حقاً وجعل قلبه ينبض بعنف وذعر لم يتخيل انه سيشعر به ابدا بحياته هي انها وافقت !!!
لم يكن يتصور ان تعطي موافقتها بهذه السرعة ... أمن المعقول انها تفعل ذلك لتغيضة وتعانده فقط لانه أبدى رائيه قائلا بأن العريس لايروق له !!!
اغمض عينيه برهة ثم فتحهما وهو يتنفس بعمق ... غسق عنيدة ومندفعة ... يجب ان يتكلم معها بهدوء ويفهمها بالتروي ان مثل هذه القرارات تحتاج الى صبر وتفكير عميق يوم واحد ليس وقت كافي لأخذ قرار مصري مثل هذا !!!
صوت دقات خافته على الباب اخرجه من تفكيره
ظل متكئاً على طرف المكتب وهو يقول
- تفضل
دلفت الى الداخل بهدوء كانت ترتدي ثوب منزلي طويل ومحتشم بصلي اللون ... تلف شعرها بحجاب ابيض ... تملمت قائلة بانزعاج دون أن تنظر له وهي تقف متسمرة جانب الباب
- نعم ... امي قالت بأنك تريد ان تكلمني !
ابتسم قائلا بجمود
- تعالي واجلسي غسق
تقدمت وجلست على الكرسي المقابل للمكتب ليكمل بجدية
- والان اخبريني هل انت فعلا موافقة على رزكار ؟!
نظرت له بثقة وقالت بثبات
- اجل وقد اخبرت امي بذلك
ثم سألت ببراءة كاذبة
- ماذا !!! الم تخبرك بموافقتي ؟!!
قطب قائلا بينما شعوره بالانزعاج منها يتصاعد
- بلا اخبرتني
هزت كتفها قائلة بلا مبالاة
- اذن لماذا استدعيتني !!!
سحب نفسا عميقا وقال لها بهدوء
- غسق .... هل انت متأكدة من قرارك ؟!
اجابت ببرود
- اجل متأكدة !
قال بصبر بينما داخله يحترق بالكامل
- مثل هذه القرارات تحتاج لتركيز ووقت اطول للتفكير ... خذي اسبوعا اخر وفكري من جديد !
اجابت بعناد وعيناها تلتمعان بقوة
- فكرت وقررت ولن اغير رأي اطمئن
ضيق عينيه وقال بشيء من الحدة
- الزواج ليس لعبة اطفال وليست ساحة لتصفية الحسابات
هبت واقفة لتهتف بصوت مرتفع قليلا
- ماذا تقصد ؟! تصفية حسابات مع من !!!
اقترب منها وقال وهو يخرج الكلمات من بين اسنانة المطبقة
- لاني قلت رأي بذلك الطفل المدلل تريدين ان تعانديني و ..
هتفت تقاطعة بتعمد
- اولا لا تتكلم عن خطيبي بهذا الشكل ... وثانياً لماذا اعاندك !!! اسمع سيد وليد انا لست طفلة صغيرة تسيرها كما تشاء انا فتاة كبيرة وراشدة ولي عقل افكر به
اجابها ساخرا بينما نيران حارقة تلتهم قلبه وجوفه بقوة
- اجل لديك عقل لكن عقل فارغ !!
قالت بصوت مستنكر ومنفعل
- لا اسمح لك ....
لتكمل وهي تكتف ذراعيها لتمنع ظهور ارتجاف جسدها
- اتعلم شيئا لست مضطرة للوقوف هنا استمع لاهاناتك و اتكلم معك ... انت لست ولي امري ... واحذرك
ثم رفعت اصبعها بوجهه بكل جراءة ووقاحة وقالت
- أحذرك اما ان تلزم حدودك معي او ان اتصل بعمي احمد ليأتي ويجد حلا معك ...
وبلحظة خاطفة امسك اصبعها وانزله بحدة قائلا بنبرة باردة وهادئة بينما عيناه مثبته على عيناها
- اولا اصبعك هذا لايرفع في وجهي ابدا ... ثانيا وهو الاهم ليس وليد من يٌهدد ابداً ... فهمتي يا ... ابنة عمتي !!
هتفت بقوة وهي تتراجع الى الوراء
- انت فعلا انسان معقد ومغرور ... وانا اكرهك بشدة ... اكرهك اكثر مما تتصور ...
لتكمل بحقد وغل
- تبا لك ماذا تظن نفسك !! ملك ونحن عبيد عندك ... تعطي اوامرك المعقدة التافهة و ...
لم يتمالك نفسه ولأول مرة يفقد أعصابه والسبب هي فتاة صغيرة لا تعي ما تقول
رفع يده ليصفعها بقوة جعلتها تبهت وتنظر له بعينان متسعتان ... ليقول لها بهمس بارد
- انت فعلا تحتاجين الى اعادة تربية ... وسأكون اكثر من سعيد ومرحب بأن احضى شرف تأديبك من جديد
جسدها كان يرتجف بشدة بينما تجمعت الدموع بعينيها وهي تهمس بكره حقيقي قبل ان تسارع بالخروج
- انا اكرهك ... اكرهك ... ليتك تموت ... لأتخلص من وجودك بحياتي !!
حدق بأثرها وقد برزت العروق الحمراء بعينيه ... قبض على يده التي صفعها بها بقوة حتى ابيضت مفاصل اصابعه ثم استدار ليستند على المكتب بيديه ... الآف الصور والمشاهد تراءت امام عينيه ... نظرتها الحاقدة الكارهة التي رمقتها به قبل ان تخرج .. كلماتها الجارحة ... عنادها ... تمردها الأرعن ... وعصيانها لأوامره ... كلها تجمعت لتطرق فوق رأسه كمطرقة حديدية مؤلمة ... تجبره على الاعتراف بأنه .. انه ... يحبها .. يحبها بجنون وتملك وغيرة ... يعترف بأن كل أفعاله السابقة وحرصه الشديد عليها وإملائها الأوامر الصارمة ما هي الا بسبب حبها المريض الذي استوطن قلبه كالآفة .. متشبثة داخله متربعة على قلبه وروحه وعقله ... لكنه يعلم ويعي جيداً بأن حبه هذا محكوم عليه بالاعدام ... هي ليست له ... ولن تكون له ابدا ... ابدا ...
دلفت تبارك قائلة وهي تحمل صينية القهوة
- تفضل اخي أعددت لك القهوة !!
تقدمت ووضعتها امامه على المكتب ثم غادرت بهدوء بينما وليد لايزال ينظر الى سطح المكتب بجمود ... ودون أدنى شعور منه ضرب صينية القهوة بقوة لتقع على الأرض محدثةً صوتاً مزعجاً ... ثم انصرف من المنزل ... دون ان يهتم لبرودة الجو خارجاً ... كل ما كان يريده هو ان يختلي بنفسه قليلا يفكر بحظه العاثر وقلبه الخائن الذي لم يجد الا غسق ليحبها و يتشبث بها !!
..................
.................................
إِنى أحبكِ رغم أَنى عاشقٌ
سَئِم الطوافَ.. وضاق بالأعْتابِ
كم طاف قلبى فى رحابكِ خاشعًا
لم تعرفى الأنقى.. من النصابِ
أسرفتُ فى حبى.. وأنت بخيلة ٌ
ضيعتِ عمرى.. واسْتبَحْتِ شَبَابى
شاخت على عينيكِ أحلامُ الصبا
وتناثرت دمعا على الأهدابِ
..................
جلس على البساط الأسفنجي في الحديقة ... ازيز الحشرات الليلية مع الضوء الخافت الذي يضيء المكان بالأضافة الى الهواء البارد الذي تخلله رائحة الشتاء المبكر ساهمت من تهدئة اعصابة ... بينما يده لاتزال متكورة بقوة ... كيف صفعها ... كيف فقد تعقله ورزانته ! لكنها هي السبب .. فهي بعنادها ولسانها الطويل استطاعت ان تثير اعصابه و جنونه ... تنهد بعمق ثم زفر الهواء الحار بتعب وهم ... كان يفكر بعمق ... يتخيل الآلاف الخيالات البائسة ... حتى انه لم يشعر بجلوس والدته الى جواره .. جفل عندما همست بحنان امومي
- مالذي يشغلك يا نور عيني ؟!
ابتسم بمرارة والتفت لينظر لوجه والدته المجعد رغم ظهور خطوط الزمن على تقاطيعها الحبيبة الا ان عينيها البندقية اللامعة لاتزال تحمل براءة طفلة صغيرة أورثتها لشقيقته تبارك .. قال بضعف وهو يعاود النظر امامه
- لاشيء امي ... لاتهتمي .
راقبته بصمت مشوب بحزن دفين .. حزن على حال ولدها الذي ذاق الامرين منذ ان توفي والده لا بل حتى قبل وفاته ... تحمل قسوة اكرم وتصرفاته الغريبة ... كان يوقظه فجرا قبل الآذان ليأمره بقسوة وصلابة بأن يذهب الى المزرعة ليس هذا وحسب بل وحراثة الارض والعمل مع المزارعين .... دون ان يشعر بالشفقة والرحمة على ولده البكري الذي كان يصمت ويكتم قهره داخله ... متحملا كل الأعباء بصلابه شديدة رغم سنوات عمره التي كانت لاتزال طور النمو ... وعندما كانت تطلب منه الترفق معه كان يقول لها بخشونه انه يعرف كيف يعامل ولده ولا يحتاج لتدخلها وانه يفعل كل هذا لمصلحته ..... اخيرا قطعت الصمت المزعج وهي تمسد ذراعه العضليه قائلة برقة
- كيف لا اهتم وانا اراك تتقلب على الجمر من اجلها !
قطب جبينه ثم قال وهو يدعي عدم الفهم بينما قلبه بدا يقرع بشدة عندما ذكرتها حتى لو تلميحا فقط
- لا افهم ما تقصدين امي !
رفعت حاجبها و أولته كامل انتباهها وهي تقول بحزم
- ولد لا تدعي البراءة انا اعرف انك .... تحب غسق !
ابتلع ريقه وهو ينظر للامام مباشرة ... ينظر للظلام ... يحدق بلاشي يدعي الهدوء بينما داخله يشعر بالخجل ... فكيف انتبهت والدته لعشقه الذي حاول بشتى الطرق كتمانه وخنقه داخل متاهات روحه .. هل كان حبه لها واضحا لتلك الدرجة ؟!! الحب لا يليق بأمثاله .. لقد عفا عليه الزمن يشعر انه اصبح عجوزاً رغم سنوات عمره التي شرفت على الست والثلاثون .. اجابها هامسا وكأنه يكلم نفسه
- غير صحيح امي انتِ واهمة انا ....
قاطعته بأصرار
- بل صحيح .... لا تحاول خداعي لن تنجح !!!
لتكمل بحنان عندما لاحظت صمته
- تزوجها يا ولدي ... تزوجها وابدأ معها بداية جديدة !!
نظر لها بيأس بدا واضحاً بعمق عينيه الداكنتين لتقول بمحاولة اخرى لاقناعة
- اذهب وكلم عمتك قبل فوات الآوان !!
اجابها بتعب وضعف لا يلقان به ابدا
- بل فات الاوان يا اماه لقد وافقت عليه
هزت رأسها بأصرار وقالت
- كلا يا ولدي لم يفت ... متأكدة لو تكلمت مع سعدية ستوفق وتقنع ابنتها في الحال !!
ليهتف بالمقابل بألم مضاعف
- بالأجبار يا امي !! تقصدين بأنها ستقنع ابنتها بالأجبار ... لتوافق على الزواج مني وهذا ما لن اقبله مطلقاً !!!
قالت والدته وهي تبتلع ريقها
- لما تستبق الأحداث تكلم معها ....
قاطعها قائلا وهو ينظر الى الأمام مرة اخرى
- لا تحاولي امي ... لا فائدة التقائنا هو شيء مستحيل
هتفت بأستنكار وهي ترجع رأسها للوراء قليلا لتنظر لجانب وجهه المتألم الذي استطاعت ان تلمح ألمه رغم الضوء الخافت في الحديقة
- لماذا مستحيل ؟!! ان كنت تقصد فرق العمر بينكما فهناك الكثير ...
نظر لوالدته مقاطعاً اياها بينما عيناه السوداء تلتمع بقوة
- ليس فارق العمر فقط امي .. هناك اختلاف التفكير ... هي شابه مرحة وجميلة ... كذلك ...
همست والدته بعطف وهي تضع يدها على كتفه و تنظر لرأس ولدها المنحني
- كذلك ماذا يا ولدي !!
تنهد بحرارة مكملا بقهر
- كذلك هي طالبة جامعية وانا بالكاد اكملت الاعدادية !! ثم انسيت اني كنت ..كنت !!!
قاطعته والدته وقد فهمت ما يريد قوله
- الأمر لم يكن بيدك يا وليد انه النصيب !!
تنهد بأنهاك وهو يمسح وجهه بيديه قائلا
- انسي يا اماه انسي
صمتت سعاد بحزن وشعورها بالعجز يتفاقم داخلها .. تشعر وكأن يديها مكبلتان ... لا تستطيع ان تساعد وتريح قلب ولدها الذي افنى حياته من اجل راحتهم واسعادهم ....دون ان يشعرهم بأنه يمن عليهم او يتعب من الحمل الثقيل الذي يحمله وحده بكل صبر وممنونية ...
رغما عنها نزلت دموعها الحارة .. فمنظر وليد كان يقطع القلب ... لأول مرة مشاعره تكون واضحة بهذا الشكل فهو لطالمها كان صلباً غامضاً شامخاً كالجبل ...
يال حضك التعس يا ولدي بين جميع الفتيات لم يهوى قلبك العنيد الا غسق ؟! تلك الصغيرة التي تربت على الدلال والغنج .. ما زاد من خيبتها وحزنها ان كلامه صحيح جدا وحقيقي ... الفرق بينهما عالي بل وشاهق العلو ...ابتلعت ريقها وقالت بصوت مرتجف
- اذن ماذا سنفعل ؟!
اختنقت انفاسه حتى ظن بأنها لن تخرج من صدره ابداً ... ليجيبها بصوت هادئ و رزين
- غدا اتصلي بهم وابلغيهم ... موافقتها .. هي تريده وانا لا استطيع ان اضغط عليها ... هذا ليس من حقي ابدا ... فليوفقها الله في حياتها ومستقبلها !!
.......................
............................
نهاية الفصل العاشر

رماد الغسقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن