17

12 3 1
                                    

إيريك

لم تتوقف هيلين عن السير في حلقة مفرغة من شدة توترها . جثمان والدتها مفقود .
لم يصدق أي منا هذا حتى قدم لنا ذاك الحارس عدة جرائد تحدثت عن الأمر إضافة لتقرير الشرطة .  كما أنني بحثت عن الأمر في محرك البحث بهاتفي  لأجد أن المقال بالفعل ، فُقد أو سُرق في اليوم التالي لدفنه مباشرةً . هذا الأمر سبب حموضة شديدة لهيلين و تقيأت عدة مرات حتى الآن

_ هل تستطيعين التوقف للحظة ؟
قلت أخيراً فتوقفت محدقة بي بعينيها المتورمتين من البكاء و قالت مؤنبة :
_ أتوقف ! أمي ليست بمكانها ! و تريدني أن أتوقف ... إن كانت والدتك لحفرت الأرض حتى باطنها لتعثر عليها
لديها وجهة نظر !

_ الدوران حول نفسكِ لن يعيدها
تتقوست شفتيها و هي تحدق بي ثم إنخفضت فجأة تحتضن ركبتيها لتدخل في نوبة بكاء جديد

_ كيف لي أن أجدها بعد ثمانية عشر عاماً !
قالت بصوتها المختنق ذاك . إلى متى ستظل على هذه الحال !

بدأت أشعر بقطرات مطر خفيف تحط على وجهي لأدرك أنها ستمطر ، انخفضت نحو هيلين و قلت لها أحاول حثها على النهوض :
_ ما رأيكِ بأن نفكر بالأمر معاً ؟ ... تعرفين أن عقلين أفضل من واحد
رفعت رأسها و أستندت على إحدى يديها حتى أنها غطت عينيها بها
_ كيف سأجدها ! لا أعرف حتى من كان موجوداً يوم جنازتها !

و ... بدأت تمطر بالفعل
_ هيلين لنتحدث بعيداً عن هنا حسناً ! ...
قلت بسرعة و سحبتها لتقف ثم جعلتها تدخل السيارة لأفعل المثل . أنا لست عدواً للماء . لكنني لا أحب أن أبلل قميصي .
حين أصبحنا في مأمن من المطر الذي أصبح يهطل بغزارة قلت متابعاً بينما أقود بحذر :
_ ... لقد مضى على الحادث ثمانية عشر عاماً . و سيكون أمر البحث صعباً
_ ماذا علي أن أفعل الآن ؟! ... أكتفي بالصمت ... مجدداً !
_ أنا لا أقول لكِ أن تصمتِ . لكن أمر البحث سيكون صعباً

صمتت قليلاً عابسة ثم غطت وجهها بيديها تتابع بكائها بحدة . و بهذا وجدت نفسي مضطراً للقيادة بصمت و حسب . لا أعرف ما يتوجب علي فعله في مثل هذه المواقف !
حين زادت شدة الأمطار أدركت أنني لن أستطيع العودة للمنزل هذه الليلة . فانعطفت بالطريق باحثاً عن أي فندق يؤينا . لا أعلم إن أدركت هيلين تغير مسارنا أم لا كونها ضمت ركبتيها لصدرها و لم تتوقف إلى أن نامت مجدداً أو فقدت الوعي .

لم أفكر بإزعاجها بأي شيء و فضلت سكونها على نوبة بكاء و عويل أخرى . توقفت عند أول نزل وجدته و حين أردتُ إيقاظها تراجعت و قررت الذهاب لحجز غرف ثم العودة إليها و حملها للداخل إن تطلب الأمر . و بهذا ...

ذهبت سريعاً أدخل النزل . كان نزلاً صغيراً و قديما من مظهره المزري و رائحة الرطوبة التي تفوح منه ،  جهة الإستقبال عند المدخل لم تكن أحسن حالاً من الخارج . أثاث قديم و حوائط مهترئة ، إضافة للقمامة المنتشرة على الأرضية . توقفت عند طاولة الإستقبال و سألت الموظفة العجوز به :
_ عذراً . أريد غرفتين فردتين .
أخرجت مفتاحاً واحداً من الدرج و قالت :
_ الغرفة رقم 14B الطابق الثالث
_ أريد غرفتين ! نحن شخصين
_ إنها آخر غرفة .
أجابت بملل . أردت جدالها كوني أعرف هذه الكذبة جيداً حتى يوفروا من الغرف و يزيد عدد النزلاء . لكنني كنت منهكاً بما يكفي حتى أدفع لها المال و أخذ المفتاح و حسب .

هيلين |Helen حيث تعيش القصص. اكتشف الآن