التَاسِع عَشر.

4.7K 427 149
                                    

"وتين."

بعد ليلة محمومة بهلاوس وأحلام غريبة استقيظت مُستنشقة هواء الصباح المُبلل ، توقفتُ أمام النافذة المُطلة على حديقة المنزل الخلفية أراقب السماء بإسترخاء.

قطع تأملي طرقُ الباب تبعهُ دخول مايا بملامح مُحببة لقلبي

" صباح الخير يا جميلة ، لديكِ ضيف. "

عقدت حاجباي بإستغراب مُتسائل

" مَن ؟ "
" شقيقكِ. "

تحول الإستغراب لصدمة لم أتحكم بها ، خرجت من الغرفة وعلى وجهي تعابير غامضة متجهة نحو غرفة الضيوف حيث يجلس مراد الذي تأهب للذهاب لعمله و أنس شقيقي الذي يؤلم قلبي.

اقتربت نحو مجلسهم ليهمهم بمراد بكلمات لم أستمع لها ناهضًا ، لم يتحرك أنس بل ظل مُطرِق الرأس حتى جلستُ بترقب حذر

" أنا آسف. "

سمعت همسه الجاف لأنظر لهُ بعدم فهم ، استرسل في الحديث و نظراتهُ وُجِهت نحوي

" أنتِ أنقى ما بي حياتنا يا وتين ، ليس ذنبك أنكِ ولدتِ ابنة لأم قذرة و أب لا مُبالي نتج عنهما ابن أشد سوئًا منهما ، أنتِ قد نجوتِ و نجحتِ في تطهير ذاتك من آثامهما و أنا لم أنجح في ذلك بل وُصمتُ بعارهم طُوال العمر. "

صمت يخفض رأسه مُجددًا

" لقد إختار كلٌ منا طريقة بإرادته ، أعلم أنكِ ستتبرئين من معرفتي ولكنني جئت كي أعتذر عن فظاظتي فـ نحن بالنهاية إخوة. "

وضعت رأسي بين كفاي بتعب فاركة عيني بعنف و تشتت

" ما ذنبنا نحن ؟ ألم يكن من حقنا أن ننشأ في بيئة سوية ؟ امرأة مهووسة بالإستقلالية وحرية المرآة و الأدهى أنها أجنبية الجنسية تتزوج من رجل عربي فشل في ترويض جموحها فـ نتج عنهما طفلان بائسان ، استغنت هي عن خدامتهما و وكلت أُناس آخرين يقومون بدورها الذي تراه إهانة في حين أنها بدأت بتحقيق ذاتها خارج جدران منزلها الخانق ، والآن نتشرد رغم نوضجنا بسببهما لمَ أنجبانا إذًا إن كانا لا يهتمان لأمرنا ؟ لمَ نتجرع مرارة فشلهما نحن! "

صرخت بقهر و تشنج عاجزة عن إستيعاب ما يحدث

" لا أشكك في عدل اللَّه ، ولكنني ألقي اللوم عليهما هما ألم يكونا مُخيران و مُنحا حق الإختيار لمَ أصروا على وجودنا؟ "

اسودت ملامحه بألم و غضب

" كي نعوث في الأرض فساد ربما. "

هززت رأسي على كم الفراغ و الحلاكة التي تركوها بداخله ، دون وعي مني همستُ بتراخي

" لمَ ألحدتَ يا أنس؟ "

قست عيناه وهم بالنهوض لأمسك بذراعه

" لا اسأل من باب التقريع ، ناقشني في أسبابك و دوافعك أنتَ تعلم أنني متحاورة جيدة. "

زفر الهواء البارد من بين شفتيه و أنا أراقبه بشرود

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن