الرَابِع وَ الثَلاثِين.

4.1K 481 161
                                    


|بعد يومان|

"وتين."

" ماذا؟ أخبريني ماذا قلتِ؟؟ "

صرخت مريم بي وهو تدور حول ذاتها بينما أنا أجلس أمام الفراش أنظر لها بنظراتٍ جامدة.

" سأوافق على الخِطبة. "

هزت رأسها برفض عدة مرات متتالية، ما بها هذه؟

" أليست تلك خيانة؟ أن ترتبطي وليد و أنتِ تُحبين غيره! "

نظرت لها بصدمة لثوانٍ و كأنها ألقت على رأسي دلوًا باردًا، و لكنها لم تكتفي اقتربت مني تهدر بذات القسوة:

" ستخبرينه أنه قبلك؟ عانقك؟ سافر معكِ لساعاتٍ طويلة؟ نام معكِ في نفس الغرفة؟ ستخبرينه بكل هذا يا وتين؟! "

قبضت على القلادة التي تلتفت حول عنقي و صوتها يخُفت:

" ستخبرينه أنكِ عندما كنتِ تفكرين بالقبول به قلادة آخر كانت تُحاوط عنقك! "

وضعت رأسي بين كفاي و كل ذرة بي تتشتت، شئت أم أبيت أنا مُحاطة بكل تفاصيله.. ذاكريات مُتعلقة به.. أيام طويلة كنت بها معه.. الأمر ليس سهلًا..

شعرت بمريم تقبض على كفي لأنظر لها نظرة خاوية، تنفست ببطيء قبل أن تهمس بصوتٍ أكثر هدوئًا:

" تريثي يا وتين هذا زواج، أي أمر لا يحمل الهزل أو التشككات إن قبلتِ الإرتباط بأحدٍ عليكِ أن تختاريه بقلبك و مشاعرك سويًا أو على الأقل لا يكون أحدهما مع شخص آخر، وليد فرصة ذهبية أعلم و لكنك تلك ليست أنتِ، حينما كنتِ تقصين عليّ مشاعرك ناحية كريس كانت عيناكِ تلمعان بوهجٍ لن تُبصري مدى لمعانه، كانت يداكِ تمتد لمُلامسة القلادة كلمها ذكرتِ اسمه.. أنت تعلمين أن كريس يخبئ أسرارًا ألا يمكن إذًا أن يتغير في يوم؟ "

أي تغير؟ أي تغير يا مريم؟ قلتُ بنبرة باردة تكاد تكون فاقدة لكلِ معاني الحياة:

" يتغير؟ يمكن بالتأكيد، لكن هل سأوقف حياتي منتظرة أن يصحو ضميره فاجأة؟ أن تخرج روحه من سُباتها؟ أن تُنار عتمتهُ؟ إلى متى يا مريم؟ إلى متى أخبريني! "

صمتت و كأنها لا تجد ردًا و أنا غوصت بأفكاري نظرًا للقلادة التي تدلت من عنقي تنظر لي ساخرة، تذكرني بمدى ضعفي على التخلص منها.. تُعيد لي ذكريات الأيام المشؤومة التي تنازلت بها عن الكثير من مبادئي، شعرت فاجأة أنها مثل حجر يجثم فوق صدري؛ لذا نهضت نحو المرآة أنظر لها نظرة أخيرة قبل أنا أخلعها.. أُقبلها.. أضمها للمرة الأخيرة.. أنا لستُ خائنة كي أوافق على رجل و في عنقي سلسال رجل آخر.. حتى و إن حمل قلبي حضوره، ما في القلوب يظل بها و إن كان عشق آثم و علاقة غير مأمولة لذا يجب أن تظل في طي الكتمان. و انتهى!

لمحت نظرات مريم من خلفي عبر المرآة.. مُحتجة.. رافضة، و في الواقع آخر إنسانة كنت أتخيل أنها تتضامن مع مشاعري هي مريم؛ لقد كانت تحبه يومًا بل تواعده.. كيف يمكنها أن تفعل هذا؟

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن