السَابِع وَ الثَلاثِين.

4.4K 499 394
                                    


"كريس."

أسبوعان مروا.
كنت أجلس يوميًا مع جدي أسأله جميع الأسئلة التي تدور بذهني وهو يُجيب عليها بصبرٍ و إهتمام.

تجنبت كل ما قد يحزنني أو يؤلمني، غير ساعيًا لإبعاد ذاتي عن الهدف الرئيسي من القدوم لهنا.

دخلت لغرفة جدي اليوم دون إستئذان و قبل أن يسأل قلت بصوتٍ قاطع:

" أريد أن أعتنق الإسلام. "

نظر لي بقليل من الدهشة رغم تيقنه من أن القرار هذا قادم، القراءة التي تعمقت بها طوال الأيام السابقة و الأسئلة التي أمطرته بها حتى أصبحت على قناعة تامة بقراري.

" ردد الشهادتين. "

همس بصوتٍ ضعيف متأثر، جلس على المقعد المقابل لفراشه و أنا أقول بعربية مُتكسرة:

" أشهد أن لا إله إلا اللَّه و أشهد أن محمدًا رسول اللَّه. "

و انتهى! لم يكن الأمر أسطوريًا أو معقدًا لكنني شعرت فاجأة أن كل التشتت الذي كنت أشعر به هدأ ولو حتى مؤقتًا، لقد نجحت أخيرًا و توصلت للصواب بعد سبعة و عشرين عامًا من الفساد و التنقل دون قناعة أو مبدأ بين ضواحي الأرض.

فتح لي جدي ذراعيه بابتسامة لم يوجهها لي قط في حياته، لم أنتظر ثوانٍ و أنا أرتمي بين ذراعيه أعانقه و عقلي يعمل بلا توقف.. لقد صرتُ مسلمًا و لم يعد الطريق بيننا مستحيلًا.

***

بعد عدة أيام عدتُ لنيويورك بديانة مختلفة عكس التي تركتها بها، مررت على مراد قبل سفري و مازالت ردة فعله محفورة في ذهني تبعها عناق دام لدقائق كثيرة.

عند وصولي للمنزل فتحت هاتفي أخيرًا و قد هالني كم المكالمات الفائتة الصادرة من مريم، ما الذي حدث؟!

اتصلت بها و قلبي ينبض بقوة وترت جسدي بأكلمه، وأنا أشعر أن ما هو آتي لن يُعجبني مُطلقًا.

" كريس. "

نبرتها خائبة.. كئيبة و فاقدة للأمل.

" ما الأمر يا مريم؟ "
" لِمَ كان هاتفك مغلق طوال كل تلك المدة؟ "

باغتنني و أنا أستشعر الغضب في صوتها، جاوبت بهدوء و أنا أعتصر قبضتي كـ محاولة لتهدئة قلقي و ترقبي.

" لقد كنت مسافرًا و عدتُ لتو، ما الأمر أخبريني!؟ "

استمعت لزفيرها و أنفاسها المتوترة وهي تُلقي قنبلتها في وجهي، كلماتها بدت كـ صفعة انهالت على وجهي تُفقدني ثباتي حتى أنني ترنحت بالفعل مُستندًا على الجدار خلفي.

" لقد خُطبت وتين. "

هل انتهى الأمر بتلك السهولة؟

***

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن