كريس.

2.1K 149 44
                                    

تركض في الحديقة خلف رقية ابنة مراد، وكأنها عادت عدة سنوات في الخلف لتصبح في عمرها.

تبتسم فيذوب قلبي، تنظر إليّ وكأنها لا ترى سواي لأشعر بثقتي تتضخم؛ ماذا أريد أكثر من أن تنظر لي امرأة مثلها بذلك الشكل؟

" هل أنت متأكد أنك أتيت لأنك اشتقت إليّ حقًا أم من أجل مراقبة زوجتك في بلدٍ آخر؟ "

صدح صوت مراد من خلفي، يستند على ظهر مقعدي بينما ينظر لي بخبثٍ مرح.

" أظنه الاختيار الثاني. "

" مُتوقع منك. "

قال بصوت منخفض وكأنه مستاء، لكنني أعلم بأنه سعيد.. سعيد للغاية من أجلي. لأنني أخيرًا تمكنت من هزيمة شياطيني، حتى وإن ظلت بعض آثارها لكنني الآن أفضل من أي وقت مضى في حياتي، حتى اللحظات السعيدة القليلة التي قضيتها برفقة أمي لا تُقارن بما أشعر به الآن؛ وأنا أستيقظ كل يوم وجسد وتين بين ذراعيّ.. ملامحها هادئة دون ذلك التوتر الضائق الذي كان يُظهر كم هي تحارب ما تشعر به تجاهي.

لا شيء في حياتي أثمن من تلك اللحظات،
عندما تبتسم إليّ أثناء شرودها، أو تقبل وجنتي وأصابعي.
مجرد وجودها حولي يشعرني أن الهواء أخَف وأن هناك أمل دائمًا.

ربما هي أعادت لي شعوري بالحياة.

" لا جديد مع بلال؟ "

زفرت بارهاق لذكر اسم أخي. هززت كتفي في حركةٍ مُبهمة.

" نحن نتحدث من الحين للآخر لكن علاقتنا لن تتحسن بتلك السرعة. هناك الكثير يقف بيننا ولا أعرف هل سنتمكن يومًا من تجاوزه أم لا. "

ربت مراد على كتفي بمواساة.

" تفائل خير، تأتي الأمر جيدة عندما لا تتوقعها."

وهو محق.

***

في غرفة الضيوف بمنزل مراد أخذت أراقب حركاتها بشغف. تجفف خصلاتها ثم تقوم بترطيب كفيها كالمعتاد.

ابتسمتُ باشراق وهي تحط بجسدها بجواري على الفراش، تستلقي بتعب لأنظر لها بشفقة مُتألمة.

" لقد أنهكتِ نفسك. "

لقد تأكدت منذ دخولنا للغرفة أن تتناول أدويتها، تحظى بتدليك لمعدتها من قِبلي بالتأكيد رغم تذمرها حياله أنا أعلم أنها تحبه ولكنها تتدلل.

تنهدت بسعادة وهي تنظر للسقف، تتحدث بحماس فأشعر بصوتها وكأنه تهويدة ناعمة تجعل كل مخاوفي وآلامي تتلاشى، ويستكينا جسدي وعقلي سويًا.

" لقد اشتقت للصغيرة رقية، رغم حضورهم للزفاف جميعًا لكنني لم أستطع قضاء وقت معها هي ووالدتها. لقد تقربنا في الفترة التي قضيتها هنا. "

وتبعثر سحر اللحظة وأنا أتذكر كم كنت وغدًا مؤذي معها.

" لقد آلمتك كثيرًا. "

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن