الوَاحِد و الثَلاثِين.

4.6K 459 239
                                    

| بعد ثلاثة أسابيع. |

"كريس."

اليوم يومي الأخير بالمصحة، أعددت أغراضي و خرجت أستنشق الهواء بحرية!

لكم شعرت أن روحي محتجزة بين جدران ذلك المكان المُوحش، لم يزرني مراد نهائيًا للتعلميات الصارمة و بذلك لبثتُ وحيدًا ترافقني بعض الكتب التي يحاولون بعث الطاقة الإيجابية بنا عن طريقها، لقد أنهيت العديد من الكتب خلال فترة مكوثي هنا رغم كرهي للقراءة و عدم إقبالي عليها و لكنني وجدتني بطريقة خفية أبحث عن شيءٍ مشترك بيننا، و إن كان بسيط مثل قرأة كتاب.

أخرجني بوق السيارة من شرودي لأذهب ناحيتها بثبات و ابتسامة متزنة، ترجل مراد معانقًا إياي مربتًا على كتفي بهمسٍ خافت قوي

" أنا فخور بكَ حقًا يا كريس، لقد فعلتها يا رجل. "

اتسعت ابتسامتي و بداخلي شعور لذيذ يتسرب رويدًا رويدًا بين أوردتي، أن أكون مصدر فخر أن أحقق إنجاز تلك الأمور لم اعتدها و وقعها غاية في الجمال حقيقًا.

جلستُ بجانب مراد في السيارة قبل أن ينطلق نحو الشقة، رأيت انعكاسي في المرآة و قد فقدت القليل من الوزن و زاد وجهي نحولًا، و لكن على وجهي تعبيرٌ راضي غير مكترث لكل ما فقدته و سأفقده؛ فـ الطريق مازال في بدايته.

" كريس. "

قال مراد أثناء ما كان بصره مُركز على الطريق، همهمت بتساؤل منتظر جملته التالية، ليقول بتردد.

" ما رأيك أن تأتِ لـ تركيا أفضل؟ أنتَ تعلم لا يمكنني ترك مايا و رُقية لوقتٍ أطول، جرب و ستغير البيئة المحيطة بك أيضًا مما سيساعدك في تحسين نفسيتك كثيرًا. "

زممت شفتيّ بتفكير قبل أن أهزُ رأسي بتعبير غامض مُجيبًا

" في الواقع أنتَ محق تمامًا، نقوم بحجز التذاكر و السفر سويًا. "

رفع قبضته المضمومة في الهواء نحوي لأرفع قبضتي أنا الآخر أضربها بخاصته.

" ها قد عدت كريس الذي أعرفه، لنذهب للعشاء إحتفالًا بموافقتك و تعافيك و لكن قبلًا نذهب للبيت لتستريح. "

أسندت رأسي على ظهر المقعد و غُرتي قد طالت قليلًا حتى غطت عيني؛ نظرًا لتركي لها أطول من باقي خصلاتي و قد بدون في تلك اللحظة كأنني خرجت من معركة للتو، ملامحي المتعبة رغم إسترخائها تُضيف لصفحة وجهي شحوبًا و إجهادًا، ستعيش و تموت شاحبًا يا كريس بعيون مرعبة أيضًا..

صفّ مراد السيارة لأخرج متجهًا نحو الصندوق أخرج منه حقائبي، شقتي!

كلما أتذكر أنني منذ أعوام تقارب العشرة و تزيد كنت غير قادر على التألقم مع إنتقالي لمدرسة أخرى تنتباني نوبة ضحك هيسترية، لقد كنت طفلًا ساذجًا يسهل إيجاد نقطة ضعفه و إيلامه بها.. واضحًا و صريحًا لدرجة مرعبة، بعدها أصبحت الحياة أكثر تفاهة بِـ عيني اعتدت التأقلم.. اعتدت الألم و الظلام و الأماكن الضيقة التي كانت تُصيبني بنوبة هلع، لقد دعست كل شيء تحت قدمي قد يجعل مني شخصًا جبانًا أو ضعيف، و رغم كل هذا يقبع بداخلي دوائر عديدة غير مُستقرة توّضح أنني أدعي و أن الضعف و الخوف جزئان لا يتجزئان مني، و هذا ما يصعب عليّ التعايش معه.

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن