"كريس."
بين طيات الذاكرة تتجمع أسوء كوابيس الإنسان و أكثرها كرهًا لقلبه ثم تختار موضع ضعف الجسد و وهنه و تُقرر الخروج بكل جروحها المتقرحة.
فقدت الرغبة على تحديد الزمان و المكان من حولي، فقط أراقب الذكريات المشوشة التي بدأت تتجمع في عقلي المظلم.
طفولتي البائسة التي قضيتها وحيدًا أتعلق بنظرة خاطفة تلقيها عليّ أمي عادت تتجسد بكل قسوة، وقد غادرتني روحي لتقبع في جسدِ الطفل الصغير المستلقي على الفراش بجوار والدته التي تنظر للسقف بملامح بائسة حُفرت بذاكرته، دائمًا ما كان يتلو المشهد في ذاكرته سحبها من خصلاتها حتى تصطدم رأسها بالأرض الصلبة دون أن تُمنح حق التأوه حتى.
مراهقتي المشردة ذات الجسد الهزيل و الشخصية المهتزة، حيث أنظر للجميع كأنهم أعلى مني شئنًا.. بالتأكيد والدتهم لا تُغتصب كل ليلة و لم يولدوا نتيجة لعلاقة غير شرعية، تحرشات زملائي و تنمرهم حول عزلتي و سلبيتي التي دائمًا ما كانت تنتهي بي مستلقي أرضًا و على جسدي كدماتٍ متفرقة في رواق المدرسة المُوحش.
لقد عشت جميع مراحل عمري وحيد، حتى التقيت بمراد و الذي بدوره كان يمتلك حياة و يقبع في بلدٍ أخرى مما جعلني أواجه شري دون درع أو بذرة صلاح قد تُنقذ عطب أيامي.
تركت العنان لهذا الخدر اللذيذ أن يجتاح جسدي مجددًا مستسلمًا للظلام الذي لم يتركني سابقًا.
***
"وتين."
دقات قلبي تكاد تصم أذاني مع هدوء الرواق المبالغ فيه، يداي الملتخطان بالدماء ترتعشان بقوة و أنا أنظر للوجوه حولي بخواء.
للمرة الثالثة يُصاب بالقرب مني، لقد كان ثاني لقاء لنا بتلقيه جرح بمدية كان موجه لي في الأصل.
لم أعد أقدر على رؤية دمائه، لم أعد أرغب برؤيته يتألم.. يكفي وجعًا.
تذكرت جلستي السابقة أمام غرفته بعدما جُرحت رأسه بفعل بلال و قد كانت دمائه مطبوعة على يدي بنفس الطريقة.
شعرت بيد تحيط بي لأرفع رأسي لصحابها الذي لم يكن سوى أنس، نكستها بمرارة دون أن أجد كلمات أوجهها له.
" سيكون بخير. "
هكذا همس أنس وهو يشدد على ضمته لكتفي، أجبته بهزة رأس بائسة.. كئيبة.. لا تذكر.
عصرت عينيّ و ساقيّ تهتزان بهيسترية تزامنًا مع خروج الطبيب من غرفة العمليات، لم أجد طاقة للنهوض و أنا ألمح الجميع يقترب منه متسائلًا حول حالته.
سمعته يهمهم بكلماتٍ وصلني القليل المفيد منها، هو بخير و سيتم نقله لغرفة أخرى يمكننا مرافقته بها.
![](https://img.wattpad.com/cover/299766192-288-k994815.jpg)
أنت تقرأ
عَتمتهُ.✓
Romance" كل ما بكَ مُنفر لدرجة فاتنة! " الغلاف من تصميمي. بدأت في الـ ٢٨ من يناير ٢٠٢٢ انتهت في الـ ١٠ من أغسطس ٢٠٢٢