الرَابِع و الأربَعون.

4.9K 474 206
                                    

"وتين."

" توقفي عن إرسال ذلك الملصق عديم الفائدة! "

بعث رسالته التي ظهرت الحدة بين حروفها لأترمي على الفراش ضاحكة بقوة.

" ما مشكلتك معه؟ الفتى لطيف للغاية. "
" إنه مستفز.. مستفز يا وتين. "

تعالت ضحكاتي و أنا أنظر لشاشة الهاتف بإستمتاع، مرت ثلاثة أشهر مروا منذ إعلان خطبتنا.. لم أظنني سأكون سعيدة بهذا القدر يومًا.

أشعر كأنني أتعرف عليه للمرة الأولى، يكون في غاية التحضر عند التعامل مع كلا من أبي و أنس متخليًا عن همجيته السابقة، و حينما ينظر لي تحمل نظراته حنانًا متدفقًا لا ينضب.

تعلمه للغة العربية و القرآن، تعلثم حروفه وهو يجاهد لنطق اسمي بإعتدال، كل تلك الأمور جعلتني أشعر و كأنه يعيد تغيير جلده، و لكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير به هو نظراته الباردة رغم كل ما تحمله عيناه من مشاعر.. ليجعل منه مزيج بين برودة الغرب و حرارة العرب اللذين لم  ينتمي إليهم يومًا.

" أأنتِ غاضبة؟ "

انتبهت أنني مازلت داخل المحادثة و لكنني صامتة، ابتسمت وأنا أبعث له برسالة ردًا على خاصته.

" لا، لستُ كذلك. و لكن الوقت تأخر هي اذهب و قم بالمراجعة، لقد أوشكت على الإنتهاء من جزء عمّ. "

في الحقيقة أنا فخورة بمحاولاته تلك، رغم عدم إتقانه للغة العربية إلا أنه كان يجاهد في الفترة السابقة ليتم حفظ جزء عمّ و ها قد اقترب من هدفه، وضع قلبًا على رسالتي لأتذكر أمرًا آخر.

" و بالمناسبة لا تتأخر غدًا أيها المهم، لن أجلس أنتظرك نصف ساعة إضافية في كل مرة. "
" أمركِ آنستي، ترغبين في شيء آخر؟ "

رغم سخرية رسالته إلا أنني ابتسمت بهدوء باعثة له بـ :

" سلامتكَ. "

الكلمة السحرية التي تُضاهي في قاموسنا الخاص أحبك، ضحكت عندما وجدته أرسل " و أنا أيضًا. " ، نحن حقًا لم نتفق حول هذا قبلًا لكن الأمر سار بشكلٍ عفوي عدة مرات متتالية حتى اعتدناها.

***

زينت كعكة الڤانيلا و أنا أدندن بخفوت أثناء وقوفي في المطبخ استمعت لجرس الباب لأترك ما في يدي متوجهة نحو الخارج.

عاجلت الخادمة بفتح الباب و أنا أقف خلفها ألوح له بطريقة جعلته يكتم ضحكته بصعوبة.

تقدمت منه ليناولي علبة الشوكولاتة التي يداوم على إحضارها كلما آتى لبيتنا بينما أظل أنا أفكر في الهدية التي أحضرها لي و التي تختلف كل مرة عن سابقتها.

تبعته لغرفة الصالون حيث يجلس والدي و أنس، العائلة الأرستقراطية في أبهى صورها!

و كالعادة بعد المصافحات و التحيات جلسنا جميعًا في مواضعنا المعتادة، أبي على الأريكة يجاوره أنس و أنا على المقعد المجاور لمقعد قصي.

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن