العَاشِر.

5.9K 550 91
                                    

"وتين."

إلتحفتُ بغطاء سميك وأنا أجلس أرضًا أمام المدفأة أراقب الحطب المُشتعل ، بعدما عانقت العجوز كريس إتجهت لي تضمني لها بحنو جعلني أرغب بالبكاء ، رحبت بنا بكل إهتمام وها نحن نجلس أمام المدفأة في إنتظار العم زوجها حتى يأتي من الحقل

" تفضلا هذا الحساء حتى أقوم بإعداد باقي الطعام. "

قالت بلهجة إنجليزية مُتكسرة لأشكرها بإمتنان ، بقي كريس على جموده منذ أن عانقته تلك السيدة والتي أجهل هويتها حتى الآن ولكنها تبدو ودودة للغاية.

" ما بكَ عزيزي؟ "

رفع كريس الشارد وجهه لهُ ثم ابتسم بإصطناع

" أنا بخير فقط رأسي يؤلمني."

تلك الخدعة القديمة لا أظنها تصدقها ولكنها ربتت على كتفه مبتسمة

" سأعد لكَ كوب من الحليب و أحضر لكَ قرصًا من المسكن إنتظر. "

إبتعدت السيدة سريعًا وقد إتضح لي كم كريس مهم بالنسبة لها ، ظل صامتًا بطريقة لم أعهدها من قبل و عينيه تبرقان بحنين لـ شيءٍ أجهل هويته و لكن تعابيره تشبه تعابير من غاص بوطنه بعد سنين من الغربة و التخبط كـ طفل صغير تائه و وجد حُضن أمه ، نفض الأفكار الغريبة عن رأسي مع قدوم السيدة زهراء

" أتعبتِ نفسكِ. "

قال مُعاتبًا لتبتسم لهُ بحلاوة

" تعبكَ راحة. "

أنا مُمتنة لكون تلك السيدة تتحدث الإنجليزية ولو كانت ركيكة فأنا أجهل اللغة التركية تمامًا ، بعد مدة سمعتُ طرقًا على الباب فـ نهضت السيدة زهراء لتفتح لتدخل زوبعة صهباء مفعمة بالحياة ، صار الجو صاخبًا مع دخولها للمنزل وحينما رأت كريس صرخت بقوة وهي تقترب كي تعانقه ، هل هذا يوم العناق العالمي!

" إشتقت لكَ كريس. "

شيعتهم بنظرات مستائة وأنا أُتابع لهيب المدفأة و قد تجاهلتني الفتاة عن عمد ، هذا مُهين في الواقع ولكنني تجاهلتها أنا الأخرى لا طاقة لي لأكون ودودة الآن.

بقوا يتبادلون أطراف الحديث وأنا صامتة

" لماذا أنتِ صامتة يا عزيزتي؟ "

أجفلني سؤال السيدة زهراء لابتسم بإرتعاش

" لا شيء لم أرد أن أقتحم حديثكم. "

نظرت لي بعتاب

" ما الذي تقولينه يا وتين ، لقد أنار المنزل بكما واللهِ. "

ابتسمت بصعوبة وأنا أشبك يداي ببعضمها ، يكفي غربة لقد أُثقل قلبي يا اللَّه.

لم أستطع أن أشاركهم الحديث مجددًا شعرتُ بأنني غريبة بين ضحكاتهم و أحاديثم التي امتزجت بالتركية والإنجليزية ، إعتدلت فاجأة لتتجه أنظار الثلاثة لي

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن