الرَابِع عشر.

4.8K 484 94
                                    

"وتين."

عاد كريس للمنزل في اليوم التالي ولكن ملامحه بدت مُجهدة وفاقدة للحياة ، حتى نظراته بدت خاوية وكأن روحهُ قُتلت.

" سأعد الطعام لك يا حبيبي. "

هز رأسه رافضًا وهو يحمل غطاء مُتجهًا نحو الأريكة ، وجه حديثه للسيدة زهراء.

" لا شهية لي أرغب فقط في النوم. "

نظرت للعم محمد بنظرات متسائلة فبادلها النظرات بحيرة ، نظرتُ لجسده المتكوم على الأريكة بحزنٍ قبل أن أنهض دون حديث مُتجهة نحو الغرفة ، جلست على الفراش أضم ساقيّ لصدري و ذلك الثُقل لا يغادر قلبي.

ضرب بلال لهُ.. بكائه أمامي وفي أحضان السيدة زهراء ، نظراته المُنكسرة و ملامحه المُجهدة ، أشياء لا تُغادر بالي وتزيد من قوة تلك القبضة التي تعتصر قلبي و غُصة مريرة عالقة بحلقي ، لمَ كل ذلك الحُزن ولأجل ماذا؟

نهضتُ من على الفراش أُحضر مُصحفي من أحد الأدراج ، فتحتهُ على سورة يس وجلستُ أتلوها بخشوع محاولة تصفية ذهني الشارد ، ما أن انتهيت من القراءة قمتُ بوضع المُصحف على الكومود بجانب الفِراش و وجدت لساني يُعاندي مُبتهلًا لأجله.

" أرح قلبه واهديه لطريقك يا اللَّه. "

***

"كريس."

لم يزر النوم جفوني مُطلقًا، كنتُ فقط مُستلقيًا أغطي وجهي استمع لصوتِ الجميع ببلادة ، لقد سئمت!..

أريد العودة لشقتي الخالية بقلبي الجاف ومشاعري القاحلة ، لا ألم لا حب لا شعور.

دفنت رأسي أكثر في الوسادة وأنا أشعر بنيران حارقة في صدري ، عدة مشاهد تزاحمت في رأسي مزيدة ألمه وقد بدأ إستيعابي للواقع ينحسر و روحي تنجذب لتلك الهوة السوداء.

***

طفل عمرهُ خمس أعوام ينزوي تحت أحد الأسرة وجسده يرتجف خوفًا ، خائف من الأشباح ولكن قطع خوفه ما هو أسوء من أشباحه ومخاوفه بأكمله.. صراخ والدته

" لن تلمسني لا ، سأقتل نفسي إن إقتربت. "

صفعة وقعت على وجنتها جعلتها تلتهب بألم حارق.

" لم أطلب رأيك من الأساس ، سأخدك غصبًا كما فعلتُ سابقًا أنتِ هُنا لستِ سوى خادمة و عاهرة تُلبي لي رغاباتي. "

اقترب ذاك الرجل من علاقة الملابس وأحضر حزامه الجلدي من حول بنطاله ، ثم اقترب يجذب خصلاتها حتى تقطعت بعضها بيده

" وإن عقلكِ صور لكِ أنكِ إنسانة لكِ حق الحياة فأنتِ مخطئة وعليَّ تأديبكِ. "

صرخت صرخة مزقت روحه الصغيرة ، كان الآخر يجلدها دون رحمة حتى أصبحت كـ الجثة الهامدة بين ذراعيه ، عندها اقترب منها بطريقة أخرى أشد قسوة و قذارة لم يستوعبها عقل ذلك الصغير المنزوي أسفل الفراش إلا بعد أعوام طويلة. 

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن