وتين.

2K 141 59
                                        

*المشاهد عشوائية لا تتبع ترتيب أو زمن مُحدد.

***


راقبته بابتسامة حالمة، جبينه معقود في تركيزٍ لذيذ أحرقَ أناملي لتمسيده، لذلك تحركت للجلوس بجانبه من مقعدي المواجه له.

ما أن شعر بوجودي بجواره حتى رفع عينيه الشاحبتين إليّ، عينان كانتا في الماضي خاويتان.. تتألمان في عذابٍ صامتٍ لم أدركه إلا مؤخرًا، عينان لم أستطع التصدي للشراسة واللين اللذان امتزجان بها.. لين يخصني وحدي، أنا وتين دونًا عن بقية البشر.

مرر أصابعه الطويلة فوق معدتي المسطحة والحنان يذوب بين عينيه وفوق شفتيه، ولكن مع ذلك ظل انعقاد جبينه قائمًا حتى وإن ارتخى قليلًا. مسدت ما بين حاجبيه بأطراف أناملي ليكون التواصل بيننا مُتبادل، لمساته تترك أثارًا مزهرة فوق موضع نمو طفلنا الصغير وأصابعي تمر فوق جبينه الذي يخفي عقله المُنشغل دائمًا بي.

" وتيني. "

همس باجهاد وهو يلقي برأسه فوق كتفي، أنفاسه الثقيلة تتخلل قماش ثوبي الخفيف وصولًا لبشرتي.

كم أحب وقع أنفاسه فوق جلدي.

ابتسمت لدلاله المعتاد لي وأنا أهمهم في إجابة.

" أنا أُحبكِ. "

لم أستطع تمالك نفسي لأضحك عاليًا حتى شعرته يبادلني الضحك حتى وإن كان أقل صخبًا من خاصتي.

" هذه المرة الخامسة لليوم. "

يمكنني التنبؤ بملامحه الآن حتى دون رؤيته، يعبس مثل طفلٍ صغير وهو يهمس باستياء مصطنع:

" لكنني أحبكِ، كيف ستعلمين دون أن أخبركِ؟ "

أحيانًا لا أصدق أننا سويًا، في شقتنا الدافئة يلمسني دون قيود ويخبرني أنه يحبني كثيرًا.. في المرات والكم.

أتخيّل حياتي إن كنت قد فقدت الأمل نحوه، إن كنت استمررت في خطبتي الغبية لوليد، وليد الذي مازال اسمه يبعث في نفسي رهبة وشعور قاتل بالذنب.

كيف كنتُ بتلك الأنانية لاقحام شخص آخر في حربي ضد كريس؟
أي طرف كان سيتدخل بيننا كانت الهزيمة رفقيته، لأن ببساطة أنا كنت متوهمة أن ما أشعر به تجاهه شيء هيّن يسهل نسيانه، ولكن مع كل يوم ودقيقة تمر وأنا أنظر إليه، أكتشف جوانب آخره لم أدركها فيه.. ألمس أحد ندوبه التي لا يراها سواي. أدرك أنني مغرمة به، بتلك البساطة وذلك التعقيد.

أنا مغرمة به كـ "كريس" الضال و كـ "قصي" الذي يخطو بخجل نحو التقوى، كالولد العابث ذو البيئة المختلفة تمامًا عني وكزوج لم أحلم بمثله قط، كأكثر شخص في العالم حطم قلبي والذي جمعه في النهاية مداويًا كل خدش أصابه.

هذا هو نحن،
كفوضى مُرتبة غير مفهومة،
كأوقاتٍ أثمن من أن نوثقها أو ننساها،
كحياةٍ تتأرجح ما بين السكون والصراخ،
كشفاهٍ تهمس بـ "أحبك" دون قيود،
كشعورٍ رائع ممزوج بالألم ليداوي كلاهما الآخر.

عَتمتهُ.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن